مجلس الأمن الدولي.. التلويح بالعقاب خبير دبلوماسي: (....) هذا فخ كبير! (....) لهذه الأسباب رفضت الحكومة الانسحاب من المناطق المتنازع عليها! (....) هذه هي شروط الحكومة للعودة للمفاوضات! تقرير: عبدالباسط إدريس قرار وشيك ومفاجئ ينتظر دولتي السودان وجنوب السودان من داخل مجلس الأمن الدولي، وربما يقول البعض إنه لم ولن يكون القرار الأول ولا الأخير ولكن المختلف فيه أنه سيصدر بناء على توصية الاتحاد الإفريقي الذي حدد فترة مهلة تمتد لثلاثة أشهر للدولتين (السودان وجنوب السودان) لتسوية القضايا العالقة بينهما، ممثلة في الحدود والمناطق المتنازع عليها، بجانب قضية النفط.. عدم التزام مندوبة الولاياتالمتحدةالأمريكية سوزان رايس وزعت على أعضاء مجلس الأمن الدولي أمس مشروع قرار يحمل في طياته مشروعاً لفرض عقوبات على دولتي السودان وجنوبه بغرض دراسته واتخاذ القرار بشأنه خلال الفترة المقبلة، وقالت سوزان رايس إن مجلس الأمن الدولي سوف ينخرط في مناقشة مشروع القرار خلال اليومين المقبلين، تمهيداً لتطبيقه حال عدم التزام السودان وجنوب السودان بقرارات الاتحاد الإفريقي الأخيرة عقب تصاعد المواجهات العسكرية بين السودان وجنوبه في منطقة هجليج. بتلك العبارات انهت سوزان رايس حديثها المقتضب للصحفيين، لتترك المجال واسعاً أمام الاحتمالات التي عبرت الحكومة السودانية في وقت سابق بلسان مبين بأن المجتمع الدولي ينظر إلى دولة الجنوب بعين الدلال وأن ما يصدر عنها من أخطاء تقابل بلغة دبلوماسية ناعمة، بينما يواجه السودان بنيران قاسية في كافة الحالات.. كثيرون ذهبوا للاطلاع والبحث عن القرارات التي صاغها مجلس السلم والامن الافريقي تحت مسمى (خارطة الطريق لحل القضايا الخلافية بين السودان وجنوب السودان)، وقطعاً تلك الخارطة هي التي حسب مجلس السلم والامن الافريقي انها ستقود للاتفاق بين البلدين، وبحسب مراقبين فإنها الأخطر لكونها تنص على ضرورة وصول البلدين لاتفاق خلال ثلاثة أشهر، وربما تأتي المرة الأولى من خلال تلك الخارطة لغة مختلفة استخدمها مجلس السلم والأمن الإفريقي هدد من خلالها الدولتين بأنه حال عدم الوصول لاتفاقيات بينهما فإنه سيتجه لمخاطبة مجلس الأمن الدولي ومطالبته بفرض عقوبات عليهما، ويبدو أن مجلس الأمن الدولي بدوره يقف منتظراً على الرصيف الضوء الأخضر الذي يمنحه شارة التحرك للتدخل المباشر في القضايا العالقة بين البلدين، سيما في ظل التوجهات التي أعلن عنها بأنه (مجلس الأمن الدولي) يتجه في الوقت الراهن لتشكيل آلية لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات المرتقبة. تصعيد عدائي وبالعودة لخارطة الطريق التي قدمها في وقت سابق مجلس السلم والأمن الإفريقي والتي تركزت على مطالبة الدولتين بالإسراع في وقف فوري لإطلاق النار بينهما في غضون ثمانٍ وأربعين ساعة، بجانب وقف التصعيد العدائي والإعلامي بين البلدين والانسحاب من كافة المناطق الحدودية المختلف حولها ومن ثم العودة للمفاوضات خلال أسبوعين بغرض الوصول لتسوية شاملة بينهما في غضون ثلاثة أشهر. بالعودة لتلك التوجيهات نجد أن السودان استبقها على لسان النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه بتأكيد رفض الحكومة السودانية الانسحاب من أية مناطق حدودية حيث قال طه في مقابلة تليفزيونية عقب تحرير مدينة هجليج (إن الحدود جميعها تحت الإدارة السودانية وستظل كذلك في نظر السودان لطالما يعتقد أنها تابعة له)، في وقت يرى فيه المراقبون أن القضية بين البلدين تستدعي تدخل المجتمع الإقليمي والدولي لمنع نشوب حرب واستقطاب في المنطقة. ويبدو واضحاً أن تصريحات النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه تمثل استراتيجية أو فلنقل رؤية متفق عليها بين مؤسسات وقيادات الحكومة السودانية، ويبدو ذلك واضحاً من خلال الحديث الذي أطلقه الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير العبيد أحمد مروح والتي أكد من خلالها أن الحكومة السودانية ليست لديها أية نية للدخول للمفاوضات مع دولة الجنوب مالم يثبت الطرف الآخر جديته، وقال مروح في حديث ل(السوداني) "لن نذهب للمفاوضات مالم يكف الطرف الآخر عن وقف العدائيات وفك الارتباط بينه والفرقتين التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي وتجريدهما من السلاح"، وبدا مروح متمسكاً بأن أي قرار لا يجبر الدولة المعتدية بالكف عن أعمالها العدائية وسحب منسوبيها من الأراضي السودانية يعتبر قراراً ناقصاً سواء صدر من مجلس الأمن أو الاتحاد الإفريقي، وعاد للتذكير بأن السودان أبلغ في وقت سابق مجلس السلم والأمن الإفريقي بذلك، ويقول إن الحكومة السودانية قدمت للمجلس شرحاً مفصلاً للتفاوض حول القضايا محل الخلاف التي امتدت لستة أشهر قبل الاتفاق وثلاث سنوات أثناء تطبيق اتفاقية السلام الشامل، وثمانية أشهر بعد انفصال الجنوب الأمر الذي قال إنه أكد لهم عدم جدية الطرف الآخر في الوصول لحلول، ومضى مروح إلى تصعيد لغة الخطاب وتصويب النيران على حكومة الجنوب والحركة الشعبية حيث قال إن الحكومة لديها اعتقاد بوجود نوايا سيئة للإضرار بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية في السودان، وقال مروح إن السودان يرحب بقرار مجلس السلم والأمن الإفريقي، ومضى يقول: "نحن أبلغنا مجلس السلم والأمن الإفريقي بأن قراراتهم لن تكون ذات قيمة مالم تلزم الطرف الآخر بوقف الاعتداء"، مذكراً بأن مجلس السلم والأمن الإفريقي كان قد انعقد بناء على طلب السودان، وذهب إلى اتجاه آخر حيث رحب بموقف الجامعة العربية بيد أنه أبدى تشككاً في موقف رئيسة الدورة الحالية لمجلس الأمن ومندوبة الولاياتالأمريكية سوزان رايس وقال إن السودان يصنف رايس بالداعم الرئيس لحركة التمرد سابقاً ودولة الجنوب الحالية، ومضى بالقول: "لدينا شكوك لأي سلوك منها تجاه السودان ولانقرأ تحركها ببراءة حول ما اسمته بدعم الاتحاد الإفريقي"، وقال إن السودان يدرك أنه في واقع مجتمع دولي لديه ماكينزماته، ومثلما لديه خصوم لديه أصدقاء أيضاً في إفريقيا والدول العربية ورغماً عن ما قال انهما لايملكان فيتو في مجلس الامن إلا أنه قال إن للسودان أصدقاء آخرين مثل الصين وروسيا. خارطة فشل يبدو أن عامل الوقت يمضي في اتجاه مغاير لواقع الأحداث بين السودان وجنوب السودان ففي الوقت الذي يصعب فيه التنبؤ بإمكانية الوصل لتهدئة من شأنها وقف التصعيد بين البلدين يبدو واضحا ان إتجاه الامور برمتها اضحى رهين بالحلول العسكرية بينهما، مما ادخل الى حلبة الصراع لاعبين آخرين من خلالهم استعاد المجتمع الدولي والإقليمي جهوده لوقف الحرب بين السودان وجنوبه التي من الممكن ان تهدد الامن والسلم الاقليمي حال التمادي فيها. الدبلوماسي الاسبق بوزارة الخارجية السودانية السفير د.محمد احمد عبد الغفار يرى أن ما قدمته المندوبة الامريكية من مشروع قرار يؤيد خارطة الطريق التي قدمها مجلس السلم والامن الافريقي ويقول انه حال عدم التزام البلدين بتلك الخارطة أو فشل تنفيذها فإن العقوبات ستطبق بيد انه عاد وقال: "لا يوجد احتمال لتطبيقها قبل ثلاثة أشهر"، ولفت السفير محمد احمد في حديثه ل(السوداني) إلى أن تصريحات سوزان رايس والتي ذهب للتأكيد بانه يفهم منها ان مشروع القرار قد تم وفقاً للمادة (41) من ميثاق الاممالمتحدة وهي التي تتحدث عن عقوبات من قبل مجلس الامن على احد الطرفين او كلا الطرفين إذا لم يلتزما بالحلول السلمية بينهما الامر الذي قال انه من شأنه ان ينقل مجلس الامن للانتقال للمادة (42) التي تتحدث عن عقوبات اوسع غير عسكرية من جانب المجتمع الدولي، ويقول إن تلك المواد كثيراً تم استخدامها من قبل المجلس تجاه السودان خلال الحقبة الماضية بخاصة تلك التي تم استخدامها عندما اتهم السودان بتدبير محاولة اغتيال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في اديس ابابا عام 1995م، ويرى محمد احمد ان المجتمع الغربي كثيراً ما يتلاعب بالالفاظ معتبراً ان اخطر ما في خارطة طريق مجلس السلم الافريقي الزامه البلدين بالانسحاب الكامل من المناطق الحدودية المختلف حولها ويؤكد بالقول ورغماً عن الوساطة الافريقية التي قال انها تنصب في إطار الدبلوماسية الوقائية التي تقع ضمن الفصل السادس لميثاق الاممالمتحدة إلا انه تساءل بالقول: "ماهي الحدود المختلف حولها التي يمكن للسودان الانسحاب منها؟"، مجيباً على سؤاله بأنها (فخ كبير)، مؤكداً أن السودان بحاجة لبحث المناطق المختلف حولها للانسحاب منها، لافتاً في ذات الوقت الى ان السودان لن يقبل بتضمين منطقة هجليج أو أي حدود تم الاتفاق عليها بموجب الحقائق التاريخية لحدود 1956 ويرى أن السودان يمكن أن يقر بأن هناك مناطق حدودية غير متفق عليها بينه ودولة الجنوب لكنه عاد وقال إنه لن ينسحب من أي منطقة شمال خط 56 مبيناً أن منطقة "أبيي" تخضع لوضع محدد.