* كان أمراً جميلاً للشمال والجنوب لو حدث هذا (....)! * (....) هكذا قررت اثيوبيا التعامل مع المتمردين في النيل الأزرق! * (...) هذه هي مجهودات ملس زناوي مع مالك عقار! * (...) لهذه الأسباب يتخوف السودان من تدخل المجتمع الدولي! كيف تنظرون لموضوع التجارة بالبشر على الحدود بين السودان وإثيوبيا؟ موضوع الاتجار بالبشر يؤثر على البلدين. الوضع الصحيح الوحيد الذي يجب أن يسود هو عبور الحدود عبر الإجراءات الرسمية المعلنة من قبل البلدين. ولكن هناك أطراف تجني أرباحاً من تهريب البشر بعد أن يبذلوا لهم وعوداً كاذبة ويقولون لهم إذا ذهبتم للسودان فإنكم ستحصلون على أجرٍ شهري يبلغ (500) دولار، وهذا مبلغ كبير بالمقاييس الأثيوبية (8000 بر إثيوبي). هذه وعود كاذبة. ونحن في الحكومة نحارب هذا السلوك، وقد أنشأنا لجنة وزارية يرأسها نائب وزير الخارجية، وتشارك فيها العديد من المؤسسات الحكومية، حتى مستوى المحليات بغرض زيادة وعي الناس وتبصيرهم بالمخاطر التي يدخلهم فيها هؤلاء التجار الذين يحرضونهم على بيع ممتلكاتهم، وترك مزارعهم، والسفر للسودان. هذه اللجنة تضطلع ببرنامج عمل ضخم. الأمر الآخر هو تحديد ومطاردة هؤلاء التجَّار الذين ينظمون عمليات التهريب وإلقاء القبض عليهم. مؤخراً قبض على (73) من هؤلاء المهربين في إقليم أمهرا. وهناك (15) آخرون في جنوب أثيوبيا أخذوا للمحكمة وحكم عليهم بالسجن عشر سنوات. الأمر الثالث يتمثل في الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام ممثلاً في التلفزيون والراديو والصحف في التعريف بهذه المشكلة. ونحن كذلك ننسق مع الحكومة السودانيِّة فهي أيضاً قلقة من هذه الظاهرة. الأمر الذي سيضمن القضاء نهائياً على هذه الظاهرة هو الاستقرار والتنمية في إثيوبيا. سمعت أن السودان واثيوبيا اتفقا على فتح قنصليتين جديدتين، ما مدى صحة ذلك؟ نعم، سنفتتح قنصليتين لإثيوبيا في القضارف والدمازين، ونأمل أن يتم ذلك في الفترة بين يوليو وسبتمبر هذا العام. وكذلك ستفتتح الحكومة السودانية قنصليتين ببحر دار وقندار. هذا أمر جيَّد ومهم. أين وصل النزاع بين السودان وإثيوبيا حول منطقة الفشقة؟ حسناً، بداية أؤكد أنه لا يوجد نزاع. أثيوبيا لم تقل في يوم من الأيام إنَّ هذه المنطقة تتبع لها، أو إنها جزء من أراضيها. السودان كذلك لم يتهم أثيوبيا بأنها تدَّعي تبعيَّة المنطقة لها. وبالتالي فإنَّ هناك تفاهماً كاملاً وواضحاً بين الحكومتين على الحدود بينهما. هناك مناطق صغيرة يوجد بها أثيوبيون، وهناك لجان فنيَّة تعمل في هذا الأمر، أكثر من (99) بالمائة من الأرض بالمنطقة لا توجد بها مشكلة. ربما تقصد بسؤالك أنَّ هناك مزارعين إثيوبيين موجودين بالمنطقة منذ فترة طويلة، وهذا أمرٌ صحيح ويحتاج نوعا من التدبير. وعليه فإنَّ قضية الحدود بالنسبة لنا قضية واضحة وهي لن تجرَّنا لأي مشكلة مع السودان. وأؤكد لك أن الحكومتين تفكران أبعد من ذلك في كيفية تعزيز التكامل بينهما من أجل فائدة البلدين، وبالتالي فإنَّ قضية ترسيم الحدود لن تقف عقبة بيننا. ولكن المزارعون الذين تحدثت عنهم يحملون السلاح مما يؤدي لوقوع حوادث؟ هذا الأمر ليس قاصراً على الإثيوبيين، وعلى كل حال فإنَّ هناك آلية مشتركة لكيفية التعامل مع هذه القضية. وهذه الآلية ليست قاصرة على المسؤلين في المستويات العليا ولكنها ممتدة حتى مستوى الولايات والمحليات، وهي نموذجٌ يحتذى به في كل الدول الإفريقية في كيفية حل مثل هذا النوع من المشاكل. وتنظم هذه الآلية أنشطة للتوعية، وللعمل الثقافي والرياضي المشترك بين البلدين، ويجتمع المسؤلون بصفة دورية. لا يجب أن يكون تصرف فردي من شخص يطلق النار سبباً في زعزعة العلاقة بين البلدين. يجب أن نحيل كل المشاكل لهذه الآلية، كل من يرتكب جرماً يجب القبض عليه وتقديمه للمحاكمة. خلاصة الأمر أن الحكومتين واعيتان بالمشاكل الحدودية وتعملان على حلها وفق أسس سليمة، وهي عموماً مشاكل محدودة وليست خلافات كبيرة. وهل تضع الآلية سقوفاً زمنية لمخاطبة هذه المشاكل؟ نعم، هم يجتمعون على المستويات العليا كل ستة أشهر، وعلى مستوى الولايات يجتمعون كل شهرين، وفي بعض الأحيان كل شهر. ولديهم خطة عمل، ففي يناير الماضي على سبيل المثال عقد اجتماع حضرهُ مائة وعشرون مسؤولاً سودانياً من مختلف الولايات الحدودية، ومن ديوان الحكم الاتحادي، ووزارة الخارجية، حيث قيمت خطة العمل، من حيث الإنجاز، ومواطن الإخفاق. ومؤخراً زرت ديوان الحكم الاتحادي حيث قدموا لي تنويراً عن ذلك الاجتماع وما تحقق. ونحن كذلك من جانبنا نفعل نفس الشيء. وبالتالي فهذه آلية في غاية الفعالية ونحن نحاول أن نقيم آلية شبيهة لها بيننا وبين كينيا، وغيرها من الدول التي نشترك معها في الحدود. وماذا عن قضية (الشفتة) التي ظلت تؤرق السودانيين؟ على كل حال هذه القضية تضخم في بعض الأحيان بصورة كبيرة، وفي أحيان أخرى تكون مشكلة حقيقية. الحكومة الإثيوبية حريصة على أن تتعامل مع هذه القضية بحذر حتى يقتنع المزارعون بترك سلاحهم والعمل في أرضهم حتى يخرجوا من دائرة الفقر. الآن يتنافس المزارعون فيما بينهم حول التنمية، وحتى لا يدمروا نجاحهم بأيديهم، ولا يفقدوا حالة السلام التي يعيشون فيها. وبالتالي فإننا هنا لا نتحدث عن ظاهرة ولكننا نتكلم عن حوادث فردية صغيرة متفرقة على الحدود, وهي بالتأكيد لن تقود لخلافات كبيرة بين البلدين لأن هناك آلية فعالة لحلها. دعنا ننتقل إلى قضية أخرى. ما هي الفوائد التي ستعود على أثيوبيا والسودان ومصر من بناء سد الألفية؟ نحن في إثيوبيا نقول إنَّ النيل يجب أن يكون جسراً لتمتين العلاقة بين الدول الثلاثة بدلاً عن مصدر للنزاع. إنه مورد يجب استغلاله للدرجة القصوى حتى تستفيد منه جميع الدول. ونحن كذلك نعتقد أنَّ مياه النيل كافية لسد احتياجات الدول الثلاث، وربما تزيد على حاجتها، وبالتالي لا يجب أن يكون هناك أي قلق. القلق ينشأ عندما تشعر إحدى الدول أنها صاحبة الحق في مياه النيل أكثر من بقية الدول. وبالعودة لسؤالك فإنَّ السودان سيستفيد كثيراً، وربما كانت فائدتهُ أكبر من إثيوبيا ومصر؛ لأنَّ السودان يمتلك أراضي شاسعة سيتوفر لها الري من المياه غير المحدودة، وبالتالي يمكن أن يزرع السودان هذه الأراضي ويسد بها الحاجة الغذائية لإثوبيا ومصر. الفائدة الأخرى هي أنَّ السودان سيضمن انسيابا منتظما للمياه يمكنه من التخطيط الجيِّد للاستفادة منها دون أن يتأثر بالتحولات الطبيعية التي قد تؤثر عليها، نهر عطبرة على سبيل المثال كان نهراً موسمياً يجري أشهرا محددة خلال السنة، ولكنه الآن يجري طوال السنة بفضل السد الذي أقمناه في (تاكزا)، مما زاد من فائدة المزارعين لأنَّ السد يحفظ المياه، ويولد الطاقة الكهربائية. الشيء الآخر هو أن هناك خزانات بنيت في السودان لتوليد الكهرباء مثل الروصيرص ومروي، ولكن هناك مشكلة التبخر بسبب تسطيح الأرض مما يتسبب في فقدان كميات كبيرة من المياه. بعض الخبراء يقولون إنَّ كميات المياه المفقودة بسبب التبخر في السودان ومصر يمكن أن تكفي حاجة إثيوبيا من المياه مائة سنة. وبالتالي فإنَّ الدول المتخوفة من نقصان المياه يجب أن تطمئن إلى أن قيام السد سيزيد من كميتها وليس العكس. الفائدة الكبرى التي سيجنيها السودان من بناء سد الألفية هي الكهرباء الرخيصة جداً. المتوسط العالمي لتكلفة إنتاج (1) ميغاواط من الكهرباء هو (2.5) مليون دولار، بينما المتوسط في إثيوبيا هو (1.5) مليون دولار، وقد وقعنا اتفاقاً مع السودان وكينيا ودول أخرى لمدَّهم بالكهرباء ولا تتعدى تكلفة (الكيلواط/ساعة) أربعة قروش. الكهرباء الرخيصة ستقلل من تكلفة الإنتاج الصناعي والزراعي وبالتالي ستزيد قدرة السودان على المنافسة. وبالتالي فإنَّ الفوائد كبيرة للغاية. التخوُّف من أن إثيوبيا ستسخدم المياه لري الأراضي هو تخوف في غير مكانه لأنَّ أراضينا الزراعية الواسعة تقع في اتجاه معاكس، وبالتالي فنحن لن نستخدم السد إلا لتوليد الكهرباء. وهل هذا هو السبب في تخوف المصريين من قيام السد؟ نعم، هذا تخوفهم الأساسي، حيث إنهم يحصلون على (59) مليارا مكعبا من المياه، ونحن نحصل على (18) مليارا، ولذلك فإنهم يتضايقون من الحديث عن إعادة توزيع أنصبة المياه، وهو مطلب كل دول حوض النيل. ولكننا متأكدون مائة بالمائة من عدم تأثر حصتهم سلباً بقيام السد، ولذلك دعمت الحكومة الإثيوبية طوعاً السودان ومصر للمشاركة في لجنة فنيَّة مكونة من الدول الثلاث (كل دولة ممثلة بثلاثة خبراء) لتقييم دراسات الجدوى التي أعددناها، ولرؤية إن كان هناك أي دولة تتأثر سلباً بمشروع السد. نحن نبذل ما في وسعنا من جهد لتبديد مخاوفهم. في فترة سابقة تخوف المصريون من اللهجة الإثيوبية، هل تبدد ذلك التخوف الآن؟ أعتقد أن هناك بعض التفهم من جانبهم الآن، وذلك أولاً بسبب التغيير السياسي الذي شهدته مصر، ولكن ثانياً التغيير الأكبر حدث في إثيوبيا، حيث إننا شرعنا في بناء السد بقدراتنا الذاتية، ولم ننتظر البنك الدولي أو أي دولة أخرى. وبالتالي فإنه ليس أمامهم شيء يفعلونه للحيلولة دون قيام السد. ما كانوا يفعلونه في السابق لن يستطيعوا فعله الآن. في الماضي حاولوا زعزعة الاستقرار في إثيوبيا من خلال دعم كل القوى المعادية لإثيوبيا، وبتحريض الدول على عدم تقديم الدعم لنا. الآن تغيرت الأمور، نحن نبني بإمكانياتنا الذاتية هذا المشروع الضخم الذي سيولد (6000) ميغاواط من الكهرباء. هذا المشروع يقع ضمن أكبر تسعة سدود في العالم، وسيكلفنا (5) مليارات دولار، سنوفرها بجهودنا الذاتية ودون قروض أو منح، المواطنون يشترون السندات الحكومية الخاصة بالمشروع، وقد عرضنا على السودان ومصر حكومة وشعباً شراء هذه السندات وسيحققون أرباحاً. الآن نجحنا في توفير السقف المالي الذي استهدفناه في السنة الأولى. ختاماً نتيح لك الفرصة أن تقول كلمة ترغب في إيصالها عبر هذه الصحيفة؟ لقد عشت في السودان منذ أكثر من عشرين عاماً مضت وخلال كفاحنا المسلح، وقد ظل السودان يساندنا على الدوام. خلال المجاعة الكبرى في 1984 جاء مئات الآلاف من الإثيوبيين للسودان وقد رحب بهم السودانيون واستضافوهم، وحتى الآن يساند السودانيون بصبرهم المدهش إخوانهم الإثيوبيين الذين يعيشون معهم. نحن نريد لهذه العلاقة أن تستمر، وكلنا تقدير لكرم الضيافة والحفاوة والمساعدة الذي غمرنا به الشعب السوداني.