أبيي... حالة ترقب تقرير: محمد المختار على مهل تنقضي اليوم المهلة التي أعلنتها دولة جنوب السودان لحكومة الخرطوم بأن تسحب قواتها من منطقة أبيي المتنازع عليها وفي حالة الرفض ستعطي الأوامر لقوات الجيش الشعبي بدخولها، وفي المقابل قالت القوات المسلحة إنها مستعدة للقيام بواجبها كاملاً في حال اختيار دولة جنوب السودان الحسم العسكري ورفضت الانصياع لكل نداءات الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بوقف العدائيات. أصل الحكاية القصة بدأت بإعلان دولة الجنوب اكتمال سحب قوات الشرطة التابعة لها من منطقة أبيي في محاولة لرمي الكرة في وجه الخرطوم وإحراجها دولياً في حالة عدم انسحابها من منطقة أبيي، إلا أن الحكومة السودانية بدورها قللت من تلك الخطوة واتهمت حكومة الجنوب بمحاولة تضليل الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، واعتبرت الخطوة جاءت في إطار المزايدة السياسية، ووضع الخرطوم في موقف محرج مع المجتمع الدولي من دون تطبيق الاتفاقيات التي جاءت في بروتكول أبيي. وفي ظل هذا الوضع المعقد والقابل للانفجار اليوم في حالة عزم الجيش الشعبي التابع لدولة الجنوب تنفيذ تهديده ودخول منطقة أبيي، يقول الخبير العسكري ومعتمد أبيي السابق اللواء معاش عبدالرحمن أرباب في حديثه ل(السوداني): إن دولة الجنوب كما هو واضح من سياساتها السابقة تخطو خطوات أكثر من ذلك، وتأخذ القانون بيدها في الوقت الذي يفترض أن يقول المجتمع الدولي كلمته، وأشار إلى أن الملف في يد مجلس الأمن الذي يسعى لتهدئة الأوضاع. وأضاف أن دولة الجنوب وأبناء أبيي فيها يحاولون بقدر الإمكان الضغط على الحركة لإيجاد موطئ قدم لهم في الملف باعتبار أن قضية أبيي تخصهم وتعتبر تحدٍ لهم. وقال إنهم يريدون وضع الحركة والمجتمع الدولي أمام خيارهم لحل المشكلة بسياسة "الأمر الواقع"، ويشير أرباب إلى أن جيش الجنوب يتخبط، مؤكداً في حال إقدامه على هذه الخطوة فإنه سيلاقي نفس مصير مايو 2011م، ومصير هجليج، وقال إن أبيي تبعد 13 كيلو متراً من "بحر العرب"، وسيجد الجنوب صعوبة في الامداد إذا أقدم على احتلالها. هدوء حذر الأوضاع بالأمس مضت آمنة بمنطقة أبيي فى ظل استعداد القوات السودانية وتأهبها لأي هجوم من جانب دولة الجنوب على المنطقة، ويقول القيادي بالمنطقة رحمة عبدالرحمن النور إن الأوضاع بالمنطقة آمنة وليس هناك ما يدعو للقلق، وأضاف في حديثه أمس ل(السوداني) أن القوات المسلحة والمجاهدين في أتم الاستعداد لأي طارئ قد يحدث في المنطقة، مؤكداً على عدم وجود أي تهديد أمني من قبل الجيش الشعبي، واعتبر النور تهديدات الجنوب تأتي للضغط على الحكومة في المفاوضات، وقال النور إن ما تحدث به لوكا بيونق لا معنى له. وحول موقف القوات الأثيوبية المتواجدة في أبيي حال تعرضها لأي هجوم من قبل الجيش الشعبي، يقول رحمة إنها موجودة في أبيي بكامل عتادها العسكري، وهي قوات أتت تحت البند السابع ولديها حق الدفاع عن نفسها متى ما تعرضت لأي هجوم، وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد قال في تصريح صحفي أمس إن أبيي حالياً غير قابلة للتهديد بالتدخل العسكري الذي ظل يردده لوكا بيونق وقادة دولة الجنوب بحسبان أن فيها قوات تابعة للاتحاد الإفريقي وإن دخول جيش الحركة الشعبية سيحول أبيي إلى منطقة نزاع مسلح وليس خلاف يمكن حله بالتفاوض. أمر مختلف وبقراءة دقيقة للعديد من خطوات جوبا تجاه الخرطوم، يأتي تهديد حكومة الجنوب باجتياح أبيي على لسان مسؤول ملف أبيي في حكومة جنوب السودان لوكا بيونق خلال حفل لمناسبة سحب قوات بلاده من أبيي حيث قال "إذا لم يسحب السودان قواته بنهاية يوم الخامس عشر من هذا الشهر، فسأطلب التدخل عسكرياً للسيطرة على أبيي"، والناظر لهذا الحديث يجد هذه المرة الأمر مختلفاً في سياق الصراع بين جوباوالخرطوم حيث كانت الأولى لا تطلق تهديداتها في الفضاء هكذا وإنما تقوم بتنفيذ خططها بصورة مفاجئة مثل ماحدث في منطقة هلجيج، إلا أن الحديث العلني هذا عن عزم سيطرة حكومة الجنوب على أبيي قد يفهم منه أنه يأتي في إطار الضغط على الخرطوم بجانب حث المجتمع الدولي على التدخل في هذا الملف الحساس خاصة وأن أبناء منطقة أبيي هم من يمسكون بأغلب مراكز صناعة القرار في العاصمة الجنوبيةجوبا و"يطبخون" السياسة في اتجاه مصالح منطقتهم في المقام الأول. وبالنظر إلى التوقيت الذي حددته جوبا فإنه يسبق المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي للجانبين لسحب قواتهما من أبيي غداً، ويبدو واضحاً أن جوبا تريد القفز على المراحل والوصول إلى محطة فرض القرارات الدولية على البلدين، بحسبان أن السودان سيكون المتأثر الأكبر منها، وأنها (جوبا) تراهن على أصدقائها في المجتمع الدولي لمساعدتها. وقد وصف المؤتمر الوطني تهديدات حكومة الجنوب باجتياح أبيي، وتصاعد نبرة العنف لدى قادتها ضد الشمال بأنها دعوة صريحة للحرب وتتطلب إدانة واضحة من المجتمع الدولي... وقال غندور إن الجنوب وجيشه هو من يقاتل الآن داخل الأراضي السودانية، واعتبر تعالي صوت (العداء) في جوبا بأنها محاولة لاستفزاز الحكومة وجرها لتصريحات غير مسؤولة مثل التي تطلقها حكومة الجنوب.