"المآلات السوداء" لقرار تعويم الجنيه السوداني! تقرير: أبوالقاسم إبراهيم فتح قرار بنك السودان المركزي القاضي بتعويم الجنيه السوداني ورفع سعر الصرف الرسمي إلى نحو خمسة جنيهات "نيران صديقة وغير صديقة" تجاه القرار الذي أجمع الخبراء الاقتصاديون الذين استطلعتهم "السوداني" بأن القرار كارثي خاصة وأن هذا الحل تم تطبيقه لعدة مرات منذ السبعينات ولم ينجح ولو لمرة واحدة، وحذر الخبراء من أن تطبيق هذا القرار من شأنه أن يعقد من الحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ويفتح جبهات يصعب على الدولة معالجتها في الوقت الراهن، فضلاً عن خلق موجة عاتية من غلاء الأسعار وظهور سوق سوداء ثالثة، ولم يستبعدوا حدوث انهيار كامل في الاقتصاد، وقالوا إن الحلول التي يمكن أن تخفف من الوضع الحالي "التعويم" بأي حال ليس منها إلا إذا كانت المالية وبنك السودان قد توصلا إلى اقتراح جديد في عالم النظرية الاقتصادية في العالم. الخبير المصرفي ومدير سوق الخرطوم للأوراق المالية السابق د. عصام الزين الماحي وصف القرار بأنه "ارشيفي فاشل ومخيب للآمال"، وقال: إنها أفكار قديمة طبقت لفترات متكررة منذ أربعبن عاماً وكل من يرجع إلى التاريخ يجد أن التطبيقات كانت مخيبة للآمال، وهي سياسة قديمة أثبتت خيبتها، وأردف هناك حلول كثيرة أخرى أقل تدميراً من الحلول التي تم إعلانها أمس الأول. وقال عصام إن الخوف كل الخوف أن يحرك الدولار الجمركي، وقتها سيكون الغلاء مقنناً وكارثياً، في ظل غياب المرونة في الصادر، عكس ماهي عليه في الواردات التي تفوق نظيرتها بكثير، وتنبأ بحدوث ازدواجية في الاعتمادات بالسعر الرسمي والموازي مما يخلق تشوهات كبيرة في أسعار السلع، مؤكداً على أن التعويم لا يمكن أن يطبق في بلد فيها مشاكل في الإنتاج والتصدير والتسويق وفي كل شيء إنتاجي، مما يؤثر القرار بشكل كبير على الاستثمار المباشر وغير المباشر، علاوة على معدلات التضخم -الذي وصفه بالسرطان الاقتصادي- إلى أرقام قياسية غير معهودة، وأضاف: القرار لا يتوافق مع المرحلة الحالية ولا الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد من حالة الاستعداد والتعبئة والتهيؤ لأي حصار اقتصادي جديد. وحذر عصام من أن عودة أسعار الدولار في السوق الموازي سترتفع بصورة لا يمكن تصورها عندما يكتشف التجار بأن المركزي ليس لديه القدرة على مجاراة السوق الموازي، وأن الطلب أكبر من العرض، عندها ستكون المشكلة أكبر وأعمق وأسوأ، مشيراً إلى أن القرار جاء بتطبيقات فاشلة جاءت بها مجموعة من الأرشيف في زمن غير مناسب. وقال أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية د. مالك نصر مالك: إن الاقتصاد فقد البترول والزراعة، ولا يوجد إنتاج يغطي احتياجات البلاد من الغذاء، وأصبح كل شيء يستورد تقريباً، خاصة وأن البلد متهيئة لحرب ومحاربة من الخارج، ولخص كلامه في جملة واحدة (أقولها صراحة لا يوجد حل سريع). وأكد الخبير الاقتصادي د. فيصل عوض، أن نتائج القرار ستكون كارثية وسياسة التعويم كانت السبب الأساسي في انهيار الاقتصاد البريطاني والجنيه الاسترليني في السبعينات، وأن والاقتصاد السوداني "سوف يدمر" بهذا الإجراء، وقال إنه لا يجد حلاً غير رفع كافة الرسوم الإنتاجية من أجل تشجيع الإنتاج للصادر، وأشار إلى أن حديث وزير المالية في الأيام الماضية بأنه حصل على مورد غير موفق، لأن القروض لا تعتبر مورداً، ولأن الموارد مثل الذهب والحديد وغيره، وحذر من الاعتماد على القروض لأنها تعتبر كارثة أخرى تضاعف الديون الخارجية. وأكد د. فيصل أن الحديث عن توفر كميات كبيرة من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي لا يسنده دليل، وشدد على أن وزارة المالية والمركزي لا يمتلكان السيولة الكافية للتحكم في مجريات السوق الموازي، والقدرة على توفير السلع الأساسية ودعمها، مشيراً إلى أن المركزي لن يستطيع أن يصل بهذه الخطوة إلى نهاية إيجابية، لأنها تتطلب شرطين، الأول أن تكون هناك فوائض كبيرة من النقد الأجنبي لامتصاص السيولة من السوق والشراء بأسعار أعلى من سعر السوق الموازي، ولكن الذي سيحدث هو أن المركزي سيتجه إلى طباعة كميات إضافية من الجنيه السوداني، وبالتالي ارتفاع جديد في معدلات التضخم، فضلاً عن الزيادة في أسعار السلع وزيادة الضغوط على المواطنين، أما الشرط الثاني القدرة على دعم السلع الأساسية للمواطن مؤكداً على أن القرارغير موفق.