قرأت بالأمس أن الجمعية السودانية لحماية المستهلك تحتج على ارتفاع الأسعار كعادتها ولكن هذه المرة تطالب بالاعتصام أمام مجلس الوزراء ورفع مذكرة للمجلس تطالب بإيجاد حل لمشكلة الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والخدمات التى طحنت المواطن طحنا. وقبل رفع المذكرة يستحسن أن نساهم معها ببعض الأفكار فالشاهد أننا ظللنا نسمع كثيرا منذ أكثر ثلاثين عاما عن أسباب سطحية لزيادة الأسعار منها جشع التجار ومنها المؤامرات الداخلية والخارجية ومنها الاحتكار كما ظلت الحكومات المتعاقبة تقول منذ التطبيق الاشتراكي للاقتصاد حتى اليوم، يلقون التهم على شماعة الآخرين ولم يتحدث أحد عن جشع الحكومات ولا السياسات والقرارات الاقتصادية الخاطئة والمفاجئة فى كثير من الأحيان. لنأخذ أمثلة بسيطة كارتفاع أسعار أساسية كالسكر والأسمنت فالشاهد أن الجهات الحكومية سواء كانت محلية أو مركزية تأخذ ما يقرب من نصف القيمة رسوم وضرائب ومن ثم ينعكس ذلك على بقية السلع تماما فارتفاع أسعار البترول يؤثر حتما فى زيادة تكلفة الإنتاج والنقل وهكذا تدور حلقة خبيثة قوامها ارتفاع الأسعار. ولو كانت تذهب تلك الضرائب والرسوم لدعم الإنتاج لزادت الإنتاجية وحدث فائض كبير فى السلع التى يمكن تصديرها ومن ثم نكوّن احتياطات كافية من العملات الأجنبية ونثبت أسعارها. ولكن بسبب عدم حدوث ذلك وبسبب الإهدار الكبير للموارد خاصة عائدات البترول فى العشر سنوات الأخيرة وعدم توجيه تلك الموارد البترولية لدعم القطاعات الإنتاجية الحيوية من زراعية وصناعية وغيرها ضعف بل تدهور الإنتاج والإنتاجية بشكل غير مسبوق وصرنا نستورد أكثر مما نصدر ونستهلك أكثر مما ننتج وللأسف نستورد ما نستهلكه فارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه الذى تدهور سعره بشكل مأساوي مما ساهم فى ارتفاع تكاليف الإنتاج ومن ثم ارتفاع الأسعار. القضية الأساسية فى ارتفاع الأسعار هو ضعف الإنتاج والإنتاجية وفى ارتفاع سعر العملات الأجنبية وفى الصرف الحكومي الهائل غير الضروري فإذا لم تتغير هذه المعادلة فانتظروا المزيد من ارتفاع الأسعار لا ينفع معها اعتصام ولا مذكرات، القضية أن نقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة. إنه الإصلاح الاقتصادي والسياسي الحقيقي وبدونهما لن أندهش إذا تدهورت أوضاعنا الاقتصادية والمعيشية وعلينا أن نختار. الثورة السورية مستمرة مازال النظام السوري رغم كل المحاولات الدولية سادر فى غيه يقتل وينسف ويبدو أن أي حديث له عن الإصلاح الشكلي أو انتخابات مزورة لن تفيده فالأفضل أن يتعظ بما حدث للنظام الليبي وزعيمه القذافي فالثورة السورية مستمرة رغم القهر وحتما ستنتصر مهما طال الليل فالشعب السوري قد خرج من القمقم ولن يرجع إلا بسقوط النظام. لن يفيد النظام البعثي أن ينسب الثورة الى تنظيم القاعدة فهذه مجرد ادعاءات وأوهام، عليه أن يواجه الحقيقة ويرحل قبل فوات الأوان.. لن تنفعه الدبابات ولا الصواريخ ولا الدعم الروسي ولاغيره..