أستاذنا الدكتور البونى بكونه مزارعا حديثا بمشروع الجزيرة والمناقل يفهم الكثير عن المستجدات المحلية/ الاقليمية والعالمية والمشاكل الناتجة عن تلك المستجدات وظهور اشياء ربما لم تكن في الحسبان زمن الاباء والأجداد في حياة الناس التقليدية وممارساتهم اليومية والسنوية وسبل كسب العيش. مشروع الجزيرة كما تعلم ثم انشاؤه بعد اكتمال بناء خزان سنار في منتصف عقد العشرينات من القرن الماضى في اراضى منبسطة بولاية الجزيرة كانت تستغل بالزراعة المطرية في معظم مساحتها واعتمد انشاء مشروع الجزيرة بتوفر تلك الاراضى الطبيعية الخصبة الواسعة وانحدارها التدريجى المريح من الجنوب الى الشمال مما ساعد على التصميم الهندسى البديع لترعه وقنواته لتغطية مساحة المشروع كلها ولاحقا في العهد الوطني اضيفت المناقل له ليكتمل انشاء مشروع الجزيرة والمناقل. الهدف الاساسي لقيام مشروع الجزيرة في العهد الاستعمارى هو الزراعة وانتاج القطن لمصانع لانكشير البريطانية وصمم المشروع على اساس الاستفادة من مياه الامطار التي كانت بمعدلات اكثر من الان في بدايات الموسم الخريفى والصيفى ثم الاعتماد الكلى على مياه الرى من الخزان لاستكمال المواسم الزراعية بعد الرى الجزئى بواسطة مياه الأمطار. لم يكن محصول القمح من محاصيل الدورة الزراعية بمشروع الجزيرة الا بعد ادخاله في الدورة في اطار سياسات التكثيف الزراعى وسياسات احلال الواردات بالانتاج المحلى متى ما كان ذلك ممكنا ومتاحا. مستجدات اليوم بمشروع الجزيرة والمناقل 1- تغييرات في الدورة الزراعية ودخول عدة محاصيل في تلك الدورات والمحاصيل المختلفة باختلافاتها في احتياجاتها بما في ذلك مقنناتها المائية وتواريخ زراعتها الخ. 2- توفر تقانات زراعية جديدة بما فيها وسائل حديثة 3- تزايد الاحتياجات الاساسية للمواطنين بما في ذلك المزارعين وضرورات التكيف مع الاوضاع الجديدة في كل الاتجاهات. 4- التغيرات المناخية في المنطقة والاختلافات التي طرأت على الظروف الطبيعية بما في ذلك كميات ومعدلات الامطار ودرجات الحرارة وعناصر المناخ الأخرى حيث اصبحت المواسم الاخيرة تشهد انخفاضا في كميات الامطار وتغييرا في معدلاتها وتأخيرا في الهطول وما يلى ذلك من تغييرات بآثارها السالبة على نظام الري الذي صمم المشروع على أساس الاستفادة من بداية زراعة محاصيل المشروع الصيفية من الأمطار ثم لاحقا الاعتماد الكلي على مياه الري من الترع والقنوات كما أشرنا اليها ماجعل المشروع يعتمد اكثر على مياه الري من القنوات والترع في موسم الدميرة وهى تحمل كميات كبيرة من الطمي الذي اصبح يترسب موسما بعد اخر حتي تغيرت سعات تلك القنوات والترع والطمي والحشائش المعمرة والموسمية مما ضاعف التكاليف أيضا فبرزت مشكلة ري المشروع بصورة كبيرة مع مرور الزمن وتقادم الأيام مع ضعف الموارد المالية الكافية لصيانة تلك البنيات التحتية للرى والأخطاء الفنية في نظام تلك القنوات والترع أن اصبحت بعضها مجرد حفر كما اشار اليها السيد الدكتور حسين ادم، مشكلة الرى أصبحت مشكلة مقلقة ومهددة لمستقبل مشروع الجزيرة والمناقل مما يستدعى تحركات كبيرة كبيرة من السادة مهندسي الرى لاقالة عثرات مشروع الجزيرة بصورة مستدامة وفق الظروف. لقد اطلعت من خلال كلمة استاذي الدكتور البونى على اقتراح دكتور حسن ادم وسيادته خبير ري لايشق له غبار باستحداث دورة زراعية جديدة تبدأ في مارس وتنتهى بنهاية يونيو أو كما سماها زراعة شتوية لتكون في رايه حلا مستداما لمشكلة الري بمشروع الجزيرة. هذا الحل تواجهه عدة مصاعب عملية منها: 1- احتياجنا لبعض الزمن لاجراء ابحاث علمية لمحاصيل هذه الفترة من كل النواحى. 2- تقليل وتخفيض الكثافة المحصولية لارض المشروع لاكثر من 50%. 3- عدم كفاية المياه المتاحة للمشروع في الفترة المحددة لزراعة المحاصيل. 4- تركيز النشاط الزراعى بالمشروع في فترة قصيرة من الموسم الزراعى بدلا من الاستغلال الامثل للموارد الارضية للمشروع بإحدى الوسائل العالمية والنظم الزراعية الحديثة. 5- أخرى متفرقة في النهاية هذا رأى ورؤية لخبير مختص فليكن رأيه بديلا من البدائل العالمية لمعالجة مشكلة الري بمشروع الجزيرة.. ولدي مقترح أقدمه في هذا الخصوص وهو أن نسعى لادخال وسائل ري حديثة كالري المحوري بمشروع الجزيرة والمناقل على أن تتكفل الدولة بتكاليف هذه الوسائل الحديثة للري كجزء من مشروعات اعادة التعمير التي درجت الحكومة على تنفيذها. المشكلة كلها نحيلها للسادة الخبراء من مهندسي الري بالسودان لايجاد بدائل عملية وبأقل التكلفة لتجاوز مشكلة الري التي اصبحت مزمنة بالمشاريع المروية عموما. محمد عثمان سيراب مهندس زراعي بالمعاش