الخطأ الذي لازم المؤتمر الوطني في تشكيل الحكومة تتفاقم آثاره الآن. لقد وعدتنا قيادة الحزب بحكومة الكفاءات أو الحكومة الفعالة الرشيقة التي أعلنتها بعد (الورقة الداخلية) التي أجازها المكتب القيادي. بل هنالك وعود شفاهية وإعلامية منذ التاسع من يوليو 2011 ومن قبل ذلك عندما أعلن الأستاذ علي عثمان (الجمهورية الثانية) وهي الدولة المدنية ... دولة المؤسسات والشورى والإستقامة ..! الخطأ جعل الحكومة الآن لا تستطيع شراء الإصلاحات الإقتصادية من الشعب السوداني إلا بالإيفاء بالوعود خلال يومين وذلك لأن التمادي في الحكومة المترهلة الشرهة للموارد والمخصصات سيفسر تفسيرا سيئا من الشعب وسيؤدي إلى السخط والتبرم في قواعد المؤتمر الوطني ناهيك عن القواعد الشعبية الحرة. قد لا يتظاهر الناس بسبب البنزين بالذات ولكن مع موسم الصيف وتزايد أزمات المياه والكهرباء بسبب أو للآخر تتجمع سحابات السخط وتلقحها صورة الحكومة المترهلة الأكولة والوعود التي أكملت سنة دون الإيفاء بها...! القضية ليست معارضة أو قوى سياسية ... البوعزيزي يا سادتي كان عضوا في التجمع الدستوري الحاكم – عضوا مغمورا من أجل إطعام اخوانه الستة ولمن يكن ناشطا معارضا. وخالد سعيد لم يكن شيوعيا ولا اخ مسلم ... وكذلك عوضية رحمة الله عليها وآخرين ... القضية تتلخص في مقدار الثقة بين الحكومة والشعب في (التوجهات الإصلاحية المعلنة) ... وهذا ما ظللنا نردده دوما (مقالات فبراير 2011 ومذكرتنا الإصلاحية - سيدي الرئيس أصلح ولا ترحل) وهو أن الأسلم للحكومة والحزب الحاكم دراسة إصلاحات محددة وبرمجتها على جدول زمني معلن ومتفق عليه مع القوى السياسية والكيانات الأهلية والنخب المستنيرة التي ترغب في ذلك. وعندها .. عندما تفاجيء الحكومة هذه الضرورة الملحة لإجراءات إسعافية إقتصادية عاجلة لن تضطر للإسراع بالحزمة الإصلاحية لأنها حزمة موثوق فيها وحائزة على رضى الجماهير وتفهم القوى السياسية الرشيدة الواعية ... هذه الحزمة الإصلاحية وتطبيقها الصارم وفق الجدول الزمني كان سيمنح الحكومة شيكا على بياض لإتخاذ القرارات الإقتصادية ولكن الحكومة الآن ملزمة بتوريد القرارات الإصلاحية (كاش) قبل الزيادات وإلا فإن قواعد المؤتمر الوطني ذاتها ستحتج والبرلمان سيتمنع ويشترط هذه الصفقة والذي سيجعل شكل الحكومة سخيفا وانها مضطرة للوفاء بوعودها ومجبرة على الإصلاح ..! ليت شعري ... لو أعلنت الحكومة في فبراير 2011 أنها بصدد إعادة هيكلة الحكومة وتعديل القوانين وتقوية العمل الحزبي السياسي وإعداد الدستور وغير ذلك من الإصلاحات خلال ستة أشهر ... تخيلوا لو حدثت توترات الحدود والحكومة جادة في (الجدول) ونفذت جزءا منه وإستأذنت الشعب والبرلمان على تمديده ستة أشهر أخرى بسبب حروب النيل الأزرق وجنوب كردفان التي عصفت بدولاب العمل وأربكت اداء الدولة ... تخيلوا لو حدثت أزمة هجليلج وما تبعها من وعكة إقتصادية ... وطلبت الحكومة هذه الإجراءات الإقتصادية وكانت أصلا قد (شفطت) ثلث الدهون من الحكومة وشرعت في الثلث الثاني هل سنحاسبها بالثالث أم نرضى ونمهلها ... سنفعل ذلك وسنقول .. ربما تحتاج الموازنات الجهوية في الحكومة لتفكيك دون خسائر وربما هنالك مفاتيح وملفات لا يمكن إنتقالها بسهولة ... سيكون من السهل إقناع الجماهير ولكن للأسف عام كامل بعد الإنفصال وخسارة نفط الجنوب وشح العملات الصعبة ... عام كامل والحكومة مترهلة وأكولة والوعود يكذبها الواقع اللئيم. أنا ضد التغيير الجذري المفاجيء وأتمنى الدخول في إصلاحات شاملة للتعافي السياسي والإقتصادي وأراهن مجددا على فكرة (الجدول) فقط مع (قسط كبير) قبل الزيادات ... وتقسيط الباقي في مواعيد محددة أكرر ... في مواعيد محددة ... وان يكون هو ذاته إجراءات محددة ومعروفة ومدروسة وليس (وعودا ضبابية) على طريقة بشار الأسد ... الوصلتو التوج ..!