تبدأ اليوم انتخابات الرئاسة المصرية وقد دخلت سفينة الدولة المصرية يوم الخميس الماضي في مثلث برمودا السياسي فهل تغرق في مصير محتوم مما حدث أم تنجو بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة لا تعرف التزوير الخشن أو الناعم ، فالشاهد أن القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية رغم ما فيه من وجاهة بحكم أن ثمة أخطاء واضحة اعتورت انتخابات مجلس الشعب وقانون العزل السياسي إلا أن الخوف كل الخوف أن يؤدي ذلك إلى فوضى عارمة إذا تم تزوير انتخابات الرئاسة بشكل فاضح وعليه نتمنى أن تأتي إجراءاتها شفافة ونزيهة و نتيجتها صادقة تعكس رأي الشعب المصري وإرادته الحرة دون تشويه وتزوير فاضح أو تدخلات خارجية أو داخلية من عناصر نظام مبارك النظامية والمدنية ورجال أعماله الفاسدين أوبلطجيته.. هذا هو الحل الوحيد والممكن الذي يكرس الاستقرار والحكم الرشيد ودولة القانون والدولة المدنية الديمقراطية لا الدولة العسكرية ولا دولة رجال الدين أو الدولة العلمانية. قلت يوم الخميس الماضي أني أفضل د. محمد مرسي مرشح الإخوان على مرشح فلول نظام مبارك ممثلاً في السيد شفيق لأسباب ذكرتها وأرجو وأتمنى للسيد مرسي الفوز لكن يتعين علي من منطلق الموضوعية أن أذكره وتنظيمه وحزبه أنهم أرتكبوا أخطاءً كثيرة منذ قيام الثورة المصرية أولها أنهم صرحوا بأنهم لن يرشحوا أكثر من 30% من عضوية مجلس الشعب والشورى ولم يلتزموا بذلك وثانيها أنهم لم يقبلوا بصياغة الدستور قبل الانتخابات وكان الأوفق أن يتواضعوا مع القوى السياسية المصرية على الدستور أولاً قبل الانتخابات فلما ضمنوا أغلبية المجلسين حاولوا فرض جمعية تأسيسية لوضع الدستور لم تكن مقبولة لبقية القوى المصرية التي انسحبت. وفشلت الجمعية وأصابها الشلل فاضطروا لقبولها بالشكل الذي ظهر مؤخراً بعد تدخل المجلس العسكري وحتى هذه تم حلها بعد قرار المحكمة الدستورية وتعيين المجلس العسكري لرئيس جديد بدلاً عن السيد الكتاتني. والخطأ الآخر أنهم ترشحوا لرئاسة الجمهورية بشخصين ليضمنوا قبول أحدهم.. هذه وغيرها عكست تخوفاً من القوى المصرية الأخرى خاصة الثوار وكذلك المجلس العسكري والمجتمع المدني المصري من مثقفين ونقابيين وإعلاميين وفنانين وأدباء وممثلين وغيرهم وهؤلاء لهم تأثير كبير في المجتمع المصري، هذا غير قوى دولية وإقليمية مؤثرة.. مجمل القول أن الإخوان المسلمين المصريين أخافوا الجميع بسيطرتهم على مفاصل السلطة ما أعاد إلى الأذهان سيطرة الحزب الوطني على مصر أو تجارب إخوانية وإسلامية مماثلة كالسودان وإيران وطالبان وكان الأوفق لإخوان مصر أن يتريثوا كثيراً ويتعاملوا بحكمة وكياسة وخبرة مع الوضعية السياسية المصرية ذات الخصوصية بالغة التعقيد، ولكنهم اندفعوا بعدم خبرة أو تعالٍ بسبب فوزهم في انتخابات المجلسين أو ربما استدرجوا بعناية من جهات ذات خبرة لمواقع مكشوفة سياسية وإعلامية لإجهاض وصولهم للرئاسة واستمرار سيطرتهم على مجلسي الشعب والشورى. ورغم ذلك فاني أتمنى أن يفوز مرشح الإخوان السيد مرسي ليستفيدوا من أخطائهم ومن تجارب الآخرين الناجحة والفاشلة فهم على الأقل ساهموا في الثورة المصرية والربيع العربي بشكل فاعل ويستحقوا أن يجربوا ولكن عليهم أن يعلموا أنهم ليسوا بأغلبية في مصر فحظهم في انتخابات الرئاسة الجولة الأولى كان 25% فقط من الناخبين وأقل من 10% ممن يحق لهم التصويت وليس كما ظنوا في انتخابات البرلمان أنهم أغلبية كاسحة أو أن الشعب أعطاهم صكاً على بياض ليفرضوا رؤاهم الأحادية.. حركة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها على يد الشهيد حسن البنا لعبت أدواراً إيجابية وبعضها سلبي ولها نجاحاتها وإخفاقاتها داخل مصر وخارجها كحركة اجتهاد بشري في عملية البعث والإحياء الإسلامي فيجب ألا تحتكر الدين وتتعالى باسمه ويجب أن تستمع للرأي الآخر ونصائح الحادبين على الإسلام وعلى أوطانهم..