أكتب من نيروبي من القاعة الرئيسية للفندق الليبي (لايكو) الذي يشبه برج الفاتح (سابقا) في الخرطوم. بالرغم من (كوارث) القذافي إلا أنه خلّف تركة ممتازة لحكومة الثوار ولكن بكل تأكيد هنالك أموال كثيرة سرقها منسوبو النظام السابق وهم يشيدون هذه الإمبراطورية العقارية، ذات الإنجازات شاهدتها في يوغندا ورواندا وبورندي وعدد من الدول الإفريقية وهي وحدها تمثل (اللغة العربية) في تلك الأصقاع النائية إذ يتم رفع الأسماء العربية عاليا ... من لافتات الفندق المضاءة إلى أسماء القاعات والمباني من الطرائف أن نائب الرئيس الكيني كان ضيف الشرف وما أن جلس في كرسيه وبدأت الجلسة إلا وسقط قائم طويل يحمل الستائر على طول الحائط الزجاجي، ولسوء الحظ كان إلى جوار القائم صحفيتان من كينيا فصاحت إحداهما في رعب ولكن سرعان ما استقرت الامور. واطلق بعضهم دعابة قائلا (الشباب وصلوا!) وهو يقصد الإرهابيين الذين يستهدفون كينيا هذه الأيام ... نائب الرئيس ثبت في الموقف وكان مهذبا وراقيا ... وختم كلمته بضرورة توفير السلامة للصحفيين ... حضرت ذهني عدة تساؤلات عن جدوى دخول كينيا في المستنقع الصومالي ... الآن نيروبي تعاني من هجمات الشباب وهذا يؤثر على السياحة التي تمثل مصدر دخل للدولة والافراد. السمنار مخصص لإصلاح قوانين الإعلام وورقتي عن (تنازع القوانين) وذلك عندما تكون هنالك قوانين إعلام ولكن هنالك قوانين أخرى مختصة ... ما هو المطلوب؟! وهي مشكلة عامة لا تخص السودان ولكن السودان (شايلين حالو!) لأسباب كثيرة ومن ضمنها أن هنالك إرادة غربية لإدانة السودان وغض الطرف عن دول أخرى لا تمتلك قوانين إعلام من الأساس ولا توجد فيها جهات رسمية أو نقابية موحدة تنظم (مهنة الصحافة) ويحاكم الصحافيون بموجب القانون العسكري وليس حتى القانون الجنائي الذي يجعل الدولة طرفا من أطراف النزاع ويسمح للمتهم بتوكيل محامي وربما (هيئة دفاع) من أربعين محامي وتصبح القضية قضية رأي عام مما يشكل ضغطا رهيبا على الحكومة..! تنازع القوانين يتم حله بأساليب شتى .... وذلك بالقضاء عندما تقرر المحكمة العليا أو الدستورية (حسب النظام القضائي لكل بلد) عدم تطبيق مادة بعينها على الصحف وهذا هو عين ما حدث في السودان عندما إنتصر القضاء للصحافة وقضى ببطلان تطبيق المادة 130 إجراءات جنائية على الصحف. الطريق الثاني هو النص في المواد المتداخلة من القوانين الأخرى على نطاق عمل محدد لا يشمل المؤسسات الصحفية أو بصورة عامة لا يشمل المؤسسات والأفراد الذين يحكمهم قانون خاص. الطريق الثالث إستنساخ النص والجريمة والعقوبة (بعد المعالجة) في قانون الإعلام وبذلك يلغى عمليا سريان المواد الأخرى من من القوانين الأخرى .... حتى قانون الأجراءات الجنائية ينحسر عمله ولا ينتهي وذلك لأن إجراءات الإستدعاء والقبض (صوري أو حقيقي) قد تم ترحيلها لقانون الإعلام. هذا الحل مرفوض من بعض الناشطين الحقوقيين لأنه يحيل قانون الإعلام إلى قانون (عقوبات) وهو من المفترض أن يكون قانون (حماية) و (حصانات) للصحافيين والمؤسسات الإعلامية. وهذا الحل مرفوض أيضا من بعض الحكومات التي تريد أن تتعامل مع (المهددات الأمنية) عبر الأجهزة الأمنية مباشرة دون واسطة سواء مجلس صحافة أو قضاء طبيعي لأن مفهوم (الهيبة) يختصر لها طريقا طويلا من الإجراءات كما أن سلطانها بالتعليمات المباشرة يجعل تدخلها سريعا وفعّالا بدلا عن اللجوء كل مرة إلى (خارطة طريق) من الإجراءات والترتيبات القانونية لتفعل ما