أولاً: أتمنى أن يصل مقالي هذا إلى الرئيس المصري محمد مرسي وقيادة جماعة الأخوان المسلمين المصريين الذين فازوا بثقة أكبر كتلة تصويتية في مصر سواء في مجلسي الشعب والشورى أو رئاسة الجمهورية كخيار أفضل من غيرهم خاصة منسوبي النظام السابق كما حدث في انتخابات الإعادة فهذا فوز مستحق لحركة إسلامية عبر انتخابات حرة وشفافة ونزيهة حيث نشأت وعملت من أجل الأحياء الإسلامي منذ ثمانين عاماً على يد الشهيد حسن البنا وكانت امتداداً طبيعياً لحركة الأحياء النهضوي الإسلامي منذ القرن التاسع عشر التي كان من روادها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد أحمد المهدي في السودان بعد طول انحطاط المسلمين وصارت فيها الامبراطورية العثمانية رجل أوروبا المريض خسر فيها العالم كثيراً جراء ذلك. وكحركة اجتهاد بشري لا تخلو من أخطاء وسلبيات مثلما كانت لها إنجازات وإيجابيات عظيمة. ثانيا: اهتمامي بحركة الأخوان المصريين ومتابعتي لهم منذ نعومة أظفاري عام 1958 وكان عمري حينها عشرة أعوام على يد خالي المرحوم عبد الله الحسن فى مدينة كسلا بشرق السودان ثم انضمامي رسمياً لحركة الأخوان السودانية منذ مرحلة الدراسة الثانوية عام 1965 ناشطاً في قواعدها ومكاتبها الطالبية التنفيذية والشورية في المرحلتين الثانوية والجامعية و دعوياً وسياسياً بل وعسكرياً و صحفياً بعدها داخل وخارج السودان وفي أخطر مراحلها ومنعطفاتها حتى انقلابها عام 1989 حيث اختلفت معها وفصلت من جماعة الأخوان عام 1994 بسبب صحيفتي (السوداني الدولية) على خلفية خلاف ليس حول المبدأ الأحيائي النهضوي الإسلامي الوسطى الديمقراطي الذي مازلت أؤمن به بل خلاف حول المنهج والوسائل حيث كنت ضد منهجها الجديد بعد الإنقاذ ولا زلت في قضايا الحريات السياسية خاصة الصحفية والاعتقالات وتأييدي للوفاق والمصالحة الوطنية السودانية وضد سياساتها الاقتصادية وعلاقاتها الخارجية وقصتي في السودان معروفة للكافة وليس نيتي هنا أن أنكأ الجراح بقدر ما أريد أن أقول للأخوان المصريين أني أريد أن أناصحهم كحق أصيل من منطلق أن منشأئي منذ منتصف القرن الماضي ومسيرة حياتي الفكرية والسياسية هي من مدرسة الأخوان الإسلامية مصرية كانت أم سودانية خاصة منافحتي ضد إعدامات النظام الناصري الديكتاتوري للعلماء وغيرهم أمثال الشهداء عبد القادر عودة وسيد قطب تجعلني لا أنطلق من موقف عدائي للأخوان المصريين بل من منطلق المناصحة والاستفادة معاً من التجارب السالبة فمصر تهمنا جميعاً فما حدث ويحدث فيها منذ آلاف السنين يتأثر به السودان والعكس صحيح تتأثر مصر فقد كاد الأخوان المصريون يفقدون فرصة الفوز لخوف الناخب المصري من تجربة الأخوان السودانيين بعد انقلابهم العسكري وما أطلقوا عليه نهج التمكين وإقصاء وتهميش الآخرين باسم الدولة الدينية فلا تتكرر في مصر كما سمعناهم في القنوات الفضائية. لذلك أدعم الرئيس القادم من مدرسة الأخوان المصريين قبل وبعد فوزه وقد وقفت معه وناصرته إعلامياً حتى فاز وكل تمنياتي أن يصدق بالعمل فلا يقع في محظور الآية (لم تقولون ما لا تفعلون), عليه أن يكون دائماً رئيساً لكل المصريين وليس لفئة كما قال ويستفيد من التجارب الناجحة مثل أردوقان التركي.. نعم أريده أن يكون أردوقان مصر.. أريده أن يكوّن حكومة قومية بحق تقوم أساساً على الكفاءة والأمانة وليس على المحاصصة الحزبية والطائفية الضيقة فيعيد لمصر مكانتها التي أضاعها الحكم السلطوي ستين عاماً فلو كانت مصر ديمقراطية حرة لكانت أقوى اقتصادياً من اليابان وغيرها بما حباها الله بحضارة قديمة و بإمكانات بشرية وثروات ظاهرة وكامنة وموقع جيو استراتيجي لكن أنهكتها الديكتاتوريات العسكرية والعنتريات الثورية والمغامرات الفاشلة والمنهج الاشتراكي السطحي الشعاراتي القائم على دولة الاستخبارات على مواطنيها والعرب فحولت شعارات الوحدة إلى تمزق والحرية إلى سجن كبير للمواطنين والاشتراكية إلى فقر. فليسير الرئيس مرسي على طريق الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة بمرجعية الدين ولكن بجوهره الوسطي الصحيح الذى يقوم على الحرية والعدل والمساواة والأمانة والكفاءة..وفقه الله ونواصل الحديث عن الأخوان المصريين.