ولاية النيل الأبيض موعودة يوم الأربعاء القادم بافتتاح أكبر مصنع للسكر في السودان والمنطقة الافريقية والعربية، بعد تعثر تمويلي وتقني أجل الافتتاح ثلاث مرات أولاها في 11/11/2011م، وآخرها التأجيل المفاجئ والمضروب له 5/4/2012م، والذي كان مفترضا أن يحضره (39) محافظ بنك مركزي من الدول العربية والإسلامية، بسبب عدم فك شفرة برمجة التشغيل، واستقال على إثرها وزير الصناعة المهندس عثمان عبدالوهاب، إلا أن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير رفض الاستقالة، وشكل لجنة تحقيق حول الأمر برمته. وأكملت إدارة شركة سكر النيل الأبيض المحدودة كافة الترتيبات للافتتاح وبدء التشغيل التجريبي لمشروع سكر النيل الأبيض المصصم بطاقة (450) الف طن سكر في الموسم الواحد، وهو مشروع به من التجارب والعبر والعظات، التي إن أحسن التعامل معها، لانطلق السودان بلا تردد الى عالم صناعي رحب، خاصة إذا استفاد الناس من الأخطاء التي صاحبت الممارسة العملية في خطوات تنفيذ المشروع، علماً أن التعلم من الأخطاء هو الأبهظ ثمناً لكنه سيكون راسخا رسوخ الجبال لا ينساه من عاصره، إن كان الهدف الأساسي هو النهوض بالبلد اقتصادياً وصناعياً. قبل أسبوع واحد من الافتتاح استلم رئيس الجمهورية التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق حول أسباب تأجيل افتتاح المصنع، وما رشح عنه أن هناك مخالفات وتجاوزات وراءها رؤوس نافذة، ولم يتخذ رئيس الجمهورية أي إجراء بناءً على التقرير حتى كتابة هذه السطور، وربما أجل تلك القرارات والإجراءات لإعلانها يوم الافتتاح الذي يتم على يده، ويجب ألا يبقى التقرير طي الكتمان كما تقارير تحقيقات قضايا كثيرة سابقة. لا يستطيع أحد رأى ذلك المشروع إنكار أن هناك جهداً كبيراً بذل، وأصحاب عقول وخبرات فكرت وقدرت، وأموال كثيرة صرفت، وأحيت منطقة جدباء تعرف بالعطشانة، لتكون منطقة عامرة بالخضرة والماء، وحراك المصانع والعمل والعمالة، وهؤلاء يستحقون الإشادة، والتحفيز، وذلك لا يعني بحال من الأحوال التهاون، وعدم معاقبة من أسهم تثبيط همم المثابرين الكادحين الصابرين من أجل رفعة هذا الوطن ولو كانوا من الرؤوس الكبار. بحسب مواسم صناعة السكر في السودان فإن الموسم انقضى، ودخل فصل الخريف وبات الناس منشغلين بالزراعة الصيفية، ولذلك لا أجد منطقاً جوهرياً لإقامة حفل افتتاح الآن، وكان الأوفق والأنسب أن يكون الافتتاح في الموسم الجديد في اكتوبر أو نوفمبر القادم، واعتماد التشغيل الحالي تشغيلاً تجريبياً (وتسليك للمصنع)، ولا أدري هل وراء الاستعجال لافتتاحه رسائل أخرى تريد الحكومة إرسالها؟!