أتيحت لنا فرصة أن نزور ولاية كسلا ومدينة كسلا بالذات.. وكانت زيارة ميمونة وموفقة حيث كنت برفقة الدكتور عبدالعظيم المهل والأخ أحمد الهندي في مهمة تدريبية أقامتها ولاية كسلا، وزارة المالية بالتعاون مع مؤسسة ظلال للاستشارات والتدريب مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، حيث شرف افتتاح الدورة السيد الوالي محمد يوسف آدم مما يؤكد اهتمامه بالتدريب وبناء القدرات وكان خلاصة حديثه حول ضرورة أن يعمم التدريب وبناء القدرات ليشمل أوسع قاعدة من العاملين وأن يتنزل إلى العاملين في المحليات وألا يكون قاصراً على العاملين برئاسة الولاية أو بعض الوزارات ولعمري هذا فهم جيد ومتطور لمغزى بناء القدرات وأثر ذلك على مجمل الأداء والإنجاز. كذلك خاطب الورشة الخاصة بشرح أبعاد البرنامج الثلاثي لإعادة الاستقرار الاقتصادي ودور ولاية كسلا الأخ محمد عثمان عباس وزير مالية كسلا "السابق" الذي كان وراء إقامة وإنجاح الورشة وأجمل ما قاله من حديث إن هذه الورشة وفكرة بناء قدرات العاملين في الحقل المالي هي جزء من خطة الولاية التي وفرت مبالغ مقدرة لموازنة التدريب وأن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي دائم التجاوب مع خطة وزارة المالية في هذا الشأن وغيره من الشئون وأن المبادرات هي ملك للولاية ومن بنات أفكاره في إطار سعيها لتحسين الأداء المالي وإكساب العاملين المهارات والخبرات في هذه المجالات الهامة. لقد كان حضور الورشة مميزاً من تأمين العدد الذي قارب الخمسين ومن بينهم قيادات عليا ووسطى وبعض العاملين من درجات أقل وكذلك حضورهم كان منضبطاً بشكل لم نعهده في الدورات التي نقيمها بالعاصمة هنا إذ أن حضور الإخوة والإخوان المتدربين حضور ممتاز يبدأ من الانضباط في موعد بداية اليوم عند التاسعة صباحاً إلى الثالثة والنصف ظهراً، ثم المشاركة الإيجابية والمداخلات القيمة التي تعكس التفاعل مع ما يطرح من أفكار والتعليق عليها. ولقد سرني أيضاً حسن التنظيم للورشة في القاعة الجميلة والحديثة في دار الشرطة وهي قاعة مجهزة بكل أدوات التدريب الحديث من صوتيات ومرئيات وأدوات توضيح الخ.. والتعاون بين الأجهزة في الولايات سواء أكانت تلك الأجهزة ولائية أو اتحادية، ولذلك برز اهتمام إدارات التنمية والتخطيط الإستراتيجي بالولايات وإدارات البحوث بمتابعة مخرجات المؤتمرات والورش التي تقام مما أكسبهم خبرات جيدة في مسألة التدوين وصياغة التوصيات والملاحظات بشكل جيد ومتابعة أداء المتدربين وإعداد سجلات الحضور وتجهيز مطلوبات الحضور فيما يخص المعينات المختلفة في لحظات الاستراحة وفي ذلك جهد خلاق وملفت للنظر ومحل إشادة وتقدير بل إن الإخوة ظلوا في رفقة المدربين "الضيوف" من لحظة استقبالهم وأثناء إقامتهم في كسلا والطواف بهم في أرجاء المدينة وحولها مما جعل إقامة المدربين سهلة وممتعة.. وفي طوافنا على جنبات المدينة مروراً بكبري القاش وغرب القاش والسواقي الجنوبية وامتدادات المدنية لاحظنا ما يتم من عمل جبار في تحديث المرافق الحكومية وبناء القاعات والدور المشيدة على خزان حديث يواكب ما يتم من تطور مأمول وكان أن زرنا مناطق توسع المدنيين في الخدمات ودور الإيواء والمطاعم السياحية حول السوق الشعبي ووجبات "المندي" في رحابة وتوسعة في المرافق التي يؤمها القادمون من العاصمة والعرسان وعدد من الأجانب اليابانيين الذين يعملون في تحديث مياه كسلا.. ومرافق أخرى كذلك زرنا وشربنا مياه توتيل التي تجمعت حولها في الجبل عدد من المقاهي الصغيرة المتنوعة وباعة مخرجات الصناعات اليدوية من الصلصال والمواد الأخرى وغيرهم وهناك مالا يقل عن خمسين محلا صغيرا لبيع القهوة "شاي لا يوجد" ربما لطبيعة العادات الاستهلاكية بالمنطقة حيث لاحظنا بل تأكد لنا عدم وجود شاي- فقط "قهوة وفشار" ورغم وجود بوابة جميلة في مدخل المكان فإن المقاهي بسيطة وقابلة للتطور كمعلم سياحي يمكن أن يدر دخلاً أكبر لكل هؤلاء العاملين في مرفق توتيل؛ فقط بحاجة إلى رؤية وخطة كلية لتطوير المنطقة وقد اقترحت على الإخوة في التنمية الاجتماعية إمكانية إعداد دراسة مفصلة يتم من خلاله تسويق الفكرة لأحد بنوك التمويل الأصغر "الأسرة أو الادخار مثالاً" وهي فكرة سهلة يمكن إذا وجدت الاهتمام أن تحسن من دخل مئات الأسر التي تعمل في المكان. أختم إلى اختفاء لمسة فنية على مكوناته وبناء هذه المرافق من مواد محلية مثل بيوت الشعر والإضافات الجمالية قليلة التكلفة إضافة إلى أن مثل هذا التطور السياحي يزيد من حركة السياح لكسلا وتحقق دخلاً إضافياً لاقتصاد المدينة الكلي. لقد شرف ختام الورشة الأخ حسن الشريف الطيب معتمد كسلا وأكد اهتمام الولاية بمنجزات الورشة وتوصياتها ووزع الشهادات للدارسين. لقد كانت ورشة البرنامج الثلاثي لإعادة الاستقرار الاقتصادي ودور الولاية في تحقيق أهدافه أحد أهم الورش التي أقيمت خارج العاصمة والتي أكدت ضرورة تعميم مثل هذه الورشة على الولايات كافة فهل نأمل في جهد من وزارة المالية "الاتحادية" في تعميم هذه الورش على كافة الولايات. *نائب رئيس اللجنة الاقتصادية.