ارتبط نشوء المدن العظيمة التي عرفتها البشرية بعاملين مهمين هما الموارد الطبيعية وأهمها التربة الزراعية الخصبة والموقع الإستراتيجي المطل على خطوط التجارة أو مناطق التماس والتي دائماً ماتحدث نقطة تحول في حياة السكان الذين يجاورون الحدود ولاشك أن مدينة كسلا إحدى المدن الحدودية والتي تجاور دولة إرتريا الأمر الذي يميزها عن باقي الولايات ، ومع هذا التميز الجغرافي نجد أن هناك الكثير من الأحياء العريقة التي ساهمت في انتعاش اقتصاد الولاية ومن بين هذه الأحياء التاريخية حي مكرام الذي يقع في الاتجاه الشرقي الشمالي لمدينة كسلا ورغم أن هذا الحي عريق وتاريخي ويحسب من أحياء محلية الرئاسة في كسلا إلا أن حياة الريف لازالت تؤانسه وقد اشتهر سكان هذا الحي بحرفة الزراعة والرعي كما يتواجد فيهم عدد من تجار السوق ميسوري الحال، ويتمتع سكان هذه المنطقة والتي بها عدد من الأحياء الكبيرة والمكتظة بالسكان بوازع ديني كبير حيث تجد فيهم الشباب الملتزم والنساء المحجبات وعدد كبير من رجالات الدين، ونجد أن هذه المنطقة بها تجمعات بشرية كبيرة مؤيدة لحزب المؤتمر الوطني وهذا على خلفيتهم الدينية والشاهد على ذلك الانتخابات التي مضت وذلك الفوز الكبير الذي حظي به مرشحو المؤتمر الوطني من مراكز أحياء مكرام وهذه سانحة طيبة نذكر بها الأخ مرشح الدائرة لتفقد عضويته والموالين وهم الغالبية العظمى من السكان ، لكن ومع هذا التطور الملحوظ في محلية كسلا من حيث الخدمات من طرق مسفلتة ومراكز صحية متطورة وثورة الكباري الضخمة وكثير من أساليب التطور والنماء هناك العديد من التساؤلات وجدتها البارحة أثناء زيارتي الاستجمامية لمنطقة مكرام وقد قمت بها رغبة مني في الكف عن التفكير في موضوع أرهق ذاكرتي وبحمد الله نجح الأمر ولكن للحظات فقط!! لأن دماغي المتسخ بأفكار الوطنية وقضايا المجتمع لم يطاوعني للخروج من دائرة التفكير وبدأ عقلي وبسرعة شديدة يفكر في منطقة مكرام وما أصابها من تأخر ورغم مفارقتي لهذا الحي لأكثرمن( 9 ) أعوام عدت مره أخرى أجوب شوارعها وتكاد الصورة مطابقة لما شهدته أيام كنت أدرس بمدرسة مكرام الأساسية ووقتها كنت في الصف الثالث أساس فالمدرسة كما هي بنفس الخارطة السابقة وألوان الجدران كماهي باهتة وكذلك الأبواب ومنافذ الفصول والأغنام التي تنبعث من زوايا المدرسة رغم السور الذي شيد ولم يكتمل والكبري في مدخل الحي كما هو خرب وتعرجات الأرض وكثرة الخيران التي تهدد أمن المواطن في فصل الخريف ومع هذا الأسى كله تذكرت أن هذه المدرسة العريقة خرج منها أول الشهادة بمرحلة الأساس على مستوى الولاية وكذلك الخامس على مستوى الولاية وزمرة من المتفوقين في الولاية جلهم من مدرسة مكرام الأساسية ثم إن هذه المنطقة قدمت رجال خلص محسنين وطنيين أمثال الشهيد / محمد صالح حامد حسين كرجو... وهو من زعماء الإدارة الأهلية والجماعات الدينية بولاية كسلا ولازالت المنطقة تبخ بالوطنيين والعظماء أمثال الشرطي المكافح عبد السلام صديق الذي أشرف على تشييد سور المدرستين البنات والبنين ومعه الشاب النشيط عبد الحميد الشيخ نوري ويخرج من الأسر التي أسست هذه المنطقة وكثيرون هم لا تسعفني الذاكرة لذكرهم. المهم في الأمر وبعد هذه الجولة والمذاكرة في أعيان وقيادات المنطقة تمنيت لو وجدت أمامي مرشح الدائرة أو معتمد المحلية عله يجيب على تساؤلاتي المنجرفة كالسيل في مسائل تأخر الخدمات الأساسية عن هذا الحي من طرق معبدة مسفلتة ومصارف حية ومراكز صحية متكاملة مع العلم أن بهذه المنطقة المكتظة بالسكان مركز صحي واحد غير متكامل وأن الطريق معاق بالحفر والخيران لا يمكن المواطن من إسعاف حالته المتأخرة الى أقرب مستشفى خاصة في موسم الخريف وبعد هذه المواجع التي دفعتني للسؤال تذكرت أنني لست من سكان منطقة مكرام وهناك مؤسسية في مثل هذه الأمور تبدأ من أهالي الحي لكن فضلت التعبير بمداد قلمي عل ذلك يوقظ النيام من جهات الاختصاص مع علمي التام بأن هناك تطورا قد حدث حيث أدخلت الكهرباء والمياه وشيدت المدارس وتوفر الأمن لكن لا يتناسب مع حي عريق سكانه يجددون العهد مع الوالي وحكومته في كل عام وأظن أن غالبية سكان المنطقة لهم ولاء كبير للحزب الحاكم بيد أنهم يتمتعون بروح وطنية عالية ظهرت من خلال الأزمات التي مرت بها البلاد، أذكر مراراً وتكرارا على الحكومة أن تعير مزيدا من الاهتمام للمنطقة خاصة في طريق المواصلات.