بحكم الواقع السياسي في شمال وجنوب السودان الذي تشوبه الكثير من التعقيدات فإن خياري الحرب والسلام يلوحان في الأفق باستمرار مما له أثر سالب على كلا الدولتين وكلا الشعبين أيضاً لذلك لا يختلف اثنان يتمتعان بعقل سليم على أن تأمين استقرار العلاقات السياسية وتحقيق جو من الوئام السياسي بين كل من السودان ودولة جنوب السودان هي مسألة يجب أن تكون على رأس قائمة أولويات حكومتي البلدين ومؤسسات المجتمع المدني في كل منهما لأن شبح الحرب حينما يظل قريباً من أي بلد فهو يتسبب في الكثير من الأضرار ويهدد الاستقرار الاقتصادي لهذا البلد كما يجعل رأس المال الأجنبي الموصوف دائما ً بأنه جبان يضع يديه على قلبه و (جلابيته في خشمو) استعداداً للهروب في أي لحظة !!! لذلك الحكمة السياسية مطلوبة جداً في إدارة خلافاتنا مع دولة الجنوب فالمعركة سياسية وفيها الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية بالتالي يجب أن تعمل وزارة الخارجية بالطاقة القصوى في هذا الشأن وهو ما نبهنا له سابقا ً ونحن نشد على يد وزارة الخارجية وهي تمضي قدماً في هذا الملف الشائك والحساس فوزير الخارجية سلم قبل يومين وثائق قانونية وتاريخية إلى مندوبي أعضاء مجلس الأمن الدولي كما عقد اجتماعاً مطولاً مع المندوب الفرنسي الذي من المنتظر أن يكون رئيساً لمجلس الأمن في أغسطس المقبل وهذه ومضات مضيئة في طريق الوصول لحماية البلاد من أي قرارات دولية لها أثر سالب على البلاد حال صدورها ومن شأنها بالتأكيد زيادة معاناة المواطنين كذلك. في الوقت الذي وصلت فيه هذه البشريات بخصوص الحراك السياسي السوداني في أروقة الأممالمتحدة ومجلس الأمن هناك تطورات إيجابية ملحوظة بخصوص المفاوضات الجارية بين البلدين في أديس أبابا حيث تضيق الهوة بين طرفي التفاوض وتبدأ المياه المضطربة في الانحسار تدريجياً فمسألة الخلاف حول رسوم خدمات النفط التي تشكل عقبة كبيرة في طريق تحقيق السلام والاستقرار السياسي الشامل في علاقات البلدين انخفضت مؤشرات التوتر بشأنها كثيراً وما يدل على ارتياح وفد التفاوض السوداني بشأن المفاوضات هو تأكيد المتحدث باسم وفد الحكومة السودانية على أنه يمكن تقديم تنازلات بخصوص الخلاف على رسوم النفط من كلا الجانبين وهذا تصريح إيجابي جداً ومؤشر إيجابي على مسار التفاوض. وبما أن هناك تقدم ملحوظ بشأن التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها الخارجية وكذلك انطلاق إشارات إيجابية من داخل غرف التفاوض نتمنى أن تواصل الحكومة في المسير بهذا الشأن وأن يصل إلى فهم قادة حكومة جنوب السودان فكرة أن السلام هو الذي من شأنه تحقيق مصلحة الشعبين اللذين يتأثران ويتضرران بالشكل الأكبر من أي حرب كما يعيشان أجواء التوتر في حالة اللا حرب واللا سلم أيضاً. لذلك يجب أن ترفع كلا الحكومتين راية السلام ومحاولة استخدام كل قنوات الحوار المتاحة كي ترفرف راية السلام بينهما فالسلام هو كلمة السر التي يمكن من خلالها تخفيف المعاناة الاقتصادية على كلا الشعبين وهي الخيار الاستراتيجي الأمثل لكلا البلدين. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته