انتهى الوضع الشاذ (في ان يقدم وزير مكلف موازنة دولة)، باعادة تعيين علي محمود عبدالرسول وزيراً للمالية، من منصة حزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم لا من منصة رئاسة الجمهورية، وأدى القسم امام رئيس الجمهورية أمس السبت، وبهذه الصفة الرسمية يحق للسيد الوزير ان يدافع عن موازنته وباستماتة، غير ان يقول له أحد (بغم أو والله نشيلك) بل بامكانه (جدع مفتاح العربة والوزارة امام البرلمانيين) ويذهب مرفوع الرأس في اطار الدفاع عن موازنته كما فعلها من قبل وزير المالية الاسبق د.عبدالوهاب عثمان عندما دخل في مدافعة قوية مع البرلمان بخصوص الامتيازات التي تتمتع بها بعض المنظمات ذات العلاقة بالحزب الحاكم وقتها، وما اشبه اليوم بالبارحة حيث تكاثرت الشركات الحكومية رغم القرارات المتتالية لخصخصتها وتصفية الاخرى. رشح من المناقشات المغلقة للموازنة عبر لجانها المختلفة ان النواب تمسكوا على عدم تمرير الزيادة المرتقبة لاسعار البنزين، وعبر أحد الناقمين ان كل المبالغ المتحصلة من هذه الزيادة ان اشتروا بها بمبان لما تكفي لاحتواء نتائج هذه الزيادة من انفراط امني، في تقريبه معنى ان الزيادة في الوقت الراهن غير موفقة من الناحية الامنية والاقتصادية معاً، وهو محق في ما ذهب اليه، ولكن تمترس النواب في قضية واحدة وتضخيمها باعتبارهم فعلوا شيئا كبيراً، قد يمرر بنودا أخرى في الموازنة أكثر ضرراً للمواطن من التي يتداول الحديث عنها كثيراً. ذكرت في العمود السابق ان من بين المقترحات زيادة رسوم المغادرة لسفريات الطيران الداخلية والخارجية، وانا في رأيي ان زيادة الرسوم المغادرة ليست هي المشكلة، ولكن المشكلة الكبرى التي يجب ان يتصدى لها البرلمان خاصة نواب ولايات دارفور هي قيمة تذاكر السفريات الداخلية العالية خاصة الى ولايات دارفور، والتي لا يوجد بها طريق مسفلت يربطها بالعاصمة الى يومنا هذا، ولا خط سكة حديد يعتمد عليه، حيث يسير القطار خمسة كيلومترات فقط في الساعة، وهي مسافة يمكن تسير بها الدواب، فيما تعادل تذكرة الطيران الى مدن ولايات دافور أكثر من تذكرة طيران لأبعد عاصمة عربية، وافريقية مجاورة، وبعد كل هذا لا تتوفر الطائرات الكافية لتلبية الطلب الامر الذي جعل التزاحم في المطار هو سيد الموقف وعلامة مشوهة لواجهة المطار. فعلى نواب البرلمان النظر للموازنة بصورة متكاملة وأخذ قضايا المواطنين الاولوية، حتى لا يضار أكثر مما يعانيه من غلاء في المعيشة، وانفلات في الاوضاع الامنية في بعض اجزاء الوطن الحبيب. ونواصل