نتعلم من التجارب.. لكننا نعلق أمانينا، نُكابر ونُصبّر مآسينا. ظللنا نمني آهالينا في دارفور بمؤتمرات المانحين؛ لنبني لهم مساكناً تليق بالبشرية، كما كنا نعلق آمالنا عندما كنا دولة موحدة، ننتظر المانحين الذين وعدونا بإعمار الجنوب بمليارات الدولارات. ولمّا ذهب الجنوب على سوقه فلا مانحون سألوا ولا كففنا أحلامنا، المانحون ترون نماذجاً لهم، حينما أوشك الاقتصاد اليوناني والإسباني وحتى الإيطالي على الانهيار تسابقوا بالمنح بمئات المليارات، ولكننا نحن في مقدمة صف طالبي المنح نكسب الخيبات...!. الحكومة تدرك أن للمنح والتبرعات الدولية لها أثماناً ومقابلاً، إذا خرجت اليونان من منطقة اليورو فإن الأثر سيمتد إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي، ويرتبك اقتصاد السوق الأوروبي. وإذا كان العالم الغني سيرفع فقر الدول الفقيرة لوجه الله، لما مات الملايين من البشر في آسيا وإفريقيا.. للمعونات والمنح من الدول لها مسوغات سياسية لا علاقة لها بالآصرة الإنسانية. فهذه مسوغات رومانسية. التمويل والمنح الخارجية لا تتم جزافاً.. فابحثوا عن مقابل لم تدفعه هذه الدول. ولا يظنن أحدٌ أن دولاً ستمنحنا لنبني دارفور بدون مقابل. الآن ربطوا مؤتمر مانحي الدوحة بتوفير الاستقرار في دارفور، واستقرار دار فور ربطناه بمنح تأتينا من الخارج!!، لا ما هكذا تورد الإبل.. إذ لم يتأكد المجتمع المانح أن الحركات المسلحة دخلت إلى السِلم طائعةً مختارةً، فلن نكسب من هذه الدول إلا الوعود تلو الوعود. الطريق لاستقرار دارفور يبدأ من حكومتنا، فإن هي عجزت لن تقوم دول أخرى بهذا الدور.. لنواجه مصيرنا بأنفسنا، وما ذاك على الجادين ببعيد.. وبعد أن نُسكّن النازحين في قراهم بما يتوفر لنا من آليات، وقتها دعونا نطلب من الأشقاء والأصدقاء أن يطوروا المساكن والمرافق العامة. الحق أقول لكم ما لم تنته الأزمة في دارفور، والتي هي أزمتنا نحن لن يساعدنا الآخرون، مهما حصدنا من وعودٍ، ومهما بذلوا لنا من أمانٍ. كيف يدبر لنا الأغيار لبناء السلام، ونحن نجلس القرفصاء في انتظار من يأتينا بسلام اجتماعي في بلدنا، هذا غير ممكن ومستحيل، ووفروا أموال التسفار لدول العالم، فالعالم لن يساعد ما لم يتحمل مسئوليته.. أقول هذا واستغفر الله لكم ولنا !!!.