منذ عدة سنوات أدمنت مشاهدة القنوات الفضائية لا لمشاهدة ما كتبته من أقلام (منتقاة) روائع الدراما التي يقدمها المبدعون محمد صبحي وعادل إمام. وهي دراما تخاطب العقل والوجدان وتجذب المشاهد الذي يكاد بنفجر من الضحك الراقي الذي يحترم عقل المشاهد ولازالت أسترجع قفشات مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» التي أكدت رقي الدراما العربية تمثيلاً وإخراجاً وتصويراً عبر أبطال المسرحية وعلى رأسهم أستاذ فن الكوميديا عادل إمام وعمر الحريري الفنان الشامل القدير حيث شاهدتها بمسرح الفنانين المتحدين بباب اللوق وهي تعرض للسنة الحادية عشرة ورغما عن ذلك يمتلئ المسرح بالرواد وبعضهم شاهدها لأكثر من مرة ليكتشف الروائع والإجادة وتقمص الشخصيات عبر كل مشهد ويا للروعة وبالنسبة لنا في السودان كاد الكثيرون أن ينصرفوا عن مشاهدة قنواتنا الفضائية برغم عن الجهود التي تبذلها بعض القنوات للنهوض بأدائها تقنياً وإخراجياً وبرؤية فنية جديدة ومنها قناة الجنرال حسن فضل المولي النيل الأزرق والتي أعجبني ما تثيره بعض برامج الحوارات من التي تتسم بالجرأة نسبة لإعداداها الجيد بواسطة بعض مقدمي البرامج ولا ننسب أيضا التطور الذي يشهده تلفزيون أم درمان. أما بالنسبة للمذيعات وما يقدمن من حوارات ولقاءات فإنها تؤكد عدم تحضيرهن لمادة البرنامج وعدم مذاكرتهن لمضمون وأهداف البرنامج، حيث يطرحن عبر الحوار سواء كان سياسياً أو فنياً أو منوعات أو يتناول قضايا الرأي أوالقضايا العامة فإن الأسئلة غاية في والسذاجة وتؤكد عدم تعمقهن في أصل الموضوع المطروح أوعدم إلمامهن بمحتواه ولا تكاد تطرح السؤال بطريقة مقنعة يدل على مستواها الإعلامي ولا خبرتها وليس لها معين منه بل وتصاب «باللعثة» و«التأتأة» بينما المستمع المستنير يتابع الحوار في حالة من الملل والاستخفاف ويتحسر على ضياع وقته فيما لا طائل منه سواء بزيادة معارف أو معلومات أو مضامين أو مفاهيم جديدة يصيغها لقاموسه اللغوي مما يدفعه أخيراً لقفل التلفاز وبغضب ثم يراجع نفسه بالتحول الى قنوات أخرى لمشاهدة المذيعات المصريات النوابغ حيث يحاورن ضيوفهن لمقدمات برامج بإمتاع وفهم وإلمام بالمادة والموضوع الذي سيتم بثه ويكون حوار الند للند فهما بكافة العلوم والفنون بغضب في أعماق كتب الأدب والثقافة ويقار عن الضيوف الحجة بالحجة ومنهن منى الشاذلي عملاقة الحوارت التلفزيونية التي تدهش العمالقة والقامات السامقة ومقدمة حوارها عبارة عن معلقة، أما الأستاذ وائل الأبراش مذيع قناة دريم فهو بحق ملك البرامج التلفزيونية الحوارية، ففي حواره إمتاع ويظل يهطل معلومات مضيئة مدرارة وكثيراً ما يربك ضيوفة باطلاعه الواسع وثقافته الغنية وإلمامه الواسع ختاماً نعود لسوداننا ونقول إنه لا يشترط في المذيعة ارتداء الثياب آخر موضة ولا لبس أزياء أسواق دبي أو التزين بذهب الصين أو حتى الذهب الملك أو الأحذية صناعة ميلانو أو الإيطالية أو أسواق فرانكفورت ألمانيا المطلوب استنارة وثقافة العقول والاطلاع المستمر، فالمستمع لا يشاهد أناقة الموضة وإنما أناقة العقول، وبالرغم من ذلك نعتز ببعض المذيعات كهبة المهندس تسابيح مبارك رشا الرشيد نسرين النمر وأخريات لا ننقصهن حقهن لأنهن رائعات حقاً فالمطلوب ليس الشكل النسائي الأنثوي، بل العقل المثقف الجاذب الذي يتميز بالثقافة كما أن المكياج مطلوب لإكمال زينتهن لكن بدون المبالغة التي تغير الملامح واللون نسبة لكثرة الأصباغ.