المتابعون لبرنامج الزميل الأستاذ حسين خوجلي في ساعته عبر قناة أم درمان لا شك استمتعوا بحلقة السبت والتي تركزت على الحميات التي بدأت بالإنتشار مؤخراً أو قل تكاثرت معدلاتها في الآونة الأخيرة في أوساط فئات من المجتمع، وقد استمعنا إلى تحليل منطقي للأمر عاد في بعض مواضعه باللوم على ستات الشاي أو قل بائعات الشاي اللائي تحدثنا عنهن كثيراً في هذا العمود وقلنا إن هذه الظاهرة بها من الايجابيات والسلبيات ما بها وهذا لا يعني أن بيع الشاي في حد ذاته مشكلة، ولكن الممارسات المصاحبة من بعضهن تؤثر سلباً ، وهذا بدوره يستوجب أن نركز على السلبيات بغية معالجتها أو الحد منها إلى أدنى درجة ممكنة. على الجانب الآخر قامت قبل بضعة ايام مبادرة من بعض الإعلاميات لدعم ستات الشاي في مواجهة ما يقابلنه من هجوم شرس من السلطات، وقد فاتنا أن نتذوق الشاي من ايدي الإعلاميات لنرى ما إذا كان (فنجان جبنة بي شماله يسوى الدنيا بي حالها) أم لا ، الحملة كانت ذات طابع انساني بلا شك ولكنها استهدفت النصرة في مواجهة الحملات الرسمية القاسية والتي ربما كانت تستهدف التنظيم أكثر من المنع بحد ذاته، ولكن يعيب الجانب الرسمي انه يطبق الإجراءات دون النظر للظروف الخاصة بكل بائعة شاي والخلفيات الإجتماعية التي دفعتها لامتهان هذه المهنة التي لا غبار عليها (والنية زاملة سيدها). ولكن بعض الممارسات المصاحبة تخرج بها من مهنة في حد ذاتها إلى وسيلة لبلوغ مآرب أخرى. من بين بائعان الشاي نماذج باذخة الشرف والمثال الرفيع في الكد والسعي بعفة من أجل تأمين لقمة العيش ، حرام علينا أن تضيع سيرتهن العطرة في وسط هذا الموج المتلاطم من بائعات الشاي الأجنبيات اللائي أدخلن الشاي السياحي ولوازمه الشيطانية إلى حياتنا وأفسدن أمزجة شبابنا والكثير من الرجال ، وكان لهن أثراً سالباً على المهنة التي أصبحت لها صورة كثيرة ( الغباش ) ولم تعد النوايا الحسنة تصلح ما أفسدته العطارة المستوردة بكل قيمها الغريبة ، حتى كاد الخمر أن يحل محل الشاي والفجور محل البخور الذي كان هدفه الأساسي تعطير الجو وتوفير المزاج الرائق وجذب الزبائن بطريقة ناعمة لغرض شريف في إطار التنافس في حدود المهنة إلى تكالب يخاطب الغرائز قبل أن يلامس حدود (الكيف). لعل الأستاذ حسين خوجلي يتحفنا بحلقة أخرى تعالج الأمر من منظور آخر لا يطعن المهنة في مقتل ويستثنى الشريفات العفيفات اللائي أجبرتهن الظروف الإقتصادية على تلك الجلسات التي بذل الشيطان جهده لتحقيق أكبر قدر من الإغواء الذي هو وظيفته الإساسية التي إختارها بعد أن طرد من رحمة الله ، مطلوب إذن أن نسعى جميعاً لمحاربة ومحاصرة السلبيات التي تعتر تلك المهنة ومحاولة ايجاد الحلول الناجعة ، وأعتقد اننا جميعاً على اتفاق انه ليست هناك حرباً معلنة ضد مهنة بيع الشاي في حد ذاتها ولا ضد ممتهناتها ولكن ضد الممارسات السالبة المصاحبة لهذه المهنة من قبل ذوات الهوى والغرض ، وتبقى النظافة من الإيمان ولا ينالها إلا مؤمن يفعلها ويستحقها ، مؤمن نظيف البدن وقبلها نظيف النفس وعفيف اللسان وعادة ما يكون الجزاء من نفس العمل ونسأل الله اللطف بنا جميعاً.