اتحاد المخابز يضج بالشكوى ويتذمر ويطالب السلطات بالتدخل لإنهاء أزمة الدقيق. المواطن لا يعرف شيء اسمه أزمة الدقيق، يعلم ولا يرغب في معرفة بقية التفاصيل، يعلم أن هناك أزمة خبز، وأن هناك مخابز مُصدق بها، وأن هناك اتحاد لأصحاب المخابز، بالتالي، يلزم أن يكون الخبز متوفراً بأوزانه المعتبرة، وأسعاره المحددة، وخالٍ من المواد المسرطنة التي سبق وربما لا يزال يذوق منها الأمرين. حتى الآن المواطن مع توفر الخبز، يعاني من ذات المشكلة خبز ناقص الوزن، سيء الإعداد والصُنع، مخابز قذرة، وعاملين لا يعرفون ولا يتقيدون بأبسط القواعد الصحية منهم من يرتدي ملابس متسخة ومنهم من يتعاطى الدخان، والصعوط ولا يغسل يديه حتى عندما يقضي حاجته في بيت الأدب ويقوم آخرون من ذات الشاكلة بالتعبئة في الأكياس بنفس الأيدي المتسخة، مستخدمين اللعاب في فك التصاق الأكياس بأصابعهم ثم من بعد ذلك يعبئون بنفس الأيدي الخبز داخل الأكياس والمواطن لايبالي ولاينصح، ولا يحجم عن الشراء ولا يبلغ الجهات المختصة، بل يتناول الكيس وهو يشهد كل هذه الممارسات المقززة ويلتهم ويطعم أُسرته خُبزاً ملوثاً وبعيداً عن المواصفات. ماذا تفعل السُلطات تجاه أصحاب مخابز ومواطنين كأنهم توافقوا على تناول الخُبز بهذه الكيفية!. نعم على السلطات واجب الرقابة والمتابعة ولكنها تفاقم من المشكلة وهي تسجل غياباً كاملاً عن الأسواق والمحليات لا هم لها غير الجباية وحثو المال وغض الطرف عن المُخالفات لأجل التحصيل غير مبالية بصحة المواطن ولا باستحقاقاته في خبز نظيف ومطابق للمواصفات مقابل ما يدفعه من مال. اتحاد المخابز يشكو الآن من أزمة في الدقيق وبعض الناس يعلمون أن من أصحاب المخابز من يغلق مخبزه في مثل هذه الظروف ويبيع حصته من الدقيق في السوق السوداء لأن ذلك يعود عليه بالربح الأوفر والأسرع ويريحه من تبعات العمالة ومستلزمات صناعة الخبز. اللعب على الحبلين بين بعض أصحاب المخابز والسلطات مكشوف لدى كل مُراقب حذِق. الحكومة تروغ وتحجم عن زيادة سعر الرغيف ولكنها ترفع سعر القمح بالتالي يرفع صاحب المخبز سعر الرغيف ويتلاعب في أوزانه، الحكومة تريد من صاحب المخبز أن يشيل «وجه القباحة» أمام المستهلك جمعية حماية المستهلك تؤذن في مالطا، وليس لها القدرة على التصدي على عصابات السوق. نيابة حماية المستهلك هي الأُخرى تعاني من ضعف في الرقابة والأداء لأسباب تعلمها هي، المواطن عليه أن يشكل عنصر ضغط فاعل، بفتح بلاغات ضد المخالفين من أصحاب المخابز، والتبليغ عنهم، وأن يمتنع عن شراء الخبز السيء الإعداد والقذر والناقص الوزن. وأضعف الإيمان أن يبلغ الجهات المسؤولة على علاتها وضعفها وقلة حيلتها. التشهير عند الغش التجاري والتلاعب بحياة الناس من قبل عصابات السوق في الصحف واجهزة الإعلام ليس بدعة، شهدتهم يفعلون ذلك في السعودية وغير السعودية، الجهر بالسوء من القول لا يحبه الله تعالى إلا من ظُلم، فهل وقفتم على ظلم اكثر من هذا التلاعب بمعايش المواطن وصحته؟.