[email protected] هجليج عادت هجليج إلى حضن الوطن، وانتصرت قواتنا المسلحة، وفي ذلك دروس وعبر، فما أخذ بالقوة استرد بالقوة. لم تكن الحرب نزهة، تم دحر قوات الحركة الشعبية، ومهما قيل عن انسحاب، فالهزيمة واحدة، ارهاصاتها بدأت منذ أن فكر رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت وأعوانه - الذين زاروا الخرطوم - في الخداع وانتهاك العهود. فبينما لسان حالهم يلح على التفاوض، كانوا يضمرون شراً باللجوء إلى القوة والعدوان، الذي تم دحره، فأصبحت خسارتهم فادحة، ليس في أرض المعركة، وإنما خسروا المستقبل، وحسن الجوار، والمصالح التي هم في أمس الحاجة إليها، ونسفوا أي امل في حوار أو تفاوض، لأن المعاملة بالمثل مبدأ عادل، والبادئ أظلم. لم يحسب سلفاكير العواقب الوخيمة، ولم يفكر للحظة في الخسائر المترتبة على دولته الناشئة، وعلى شعبه الذي هو في أمس الحاجة لعون إخوانه، لأن الأمر لم يعد «شمال وجنوب»، وإنما «قصة بلدين» في فصلها الأخير، وهو بذلك يرد مورد التهلكة، حساباته خاطئة، ولا يزال يفكر بمنطق الغابة، ويخضع إلى دعاة الحرب، التي من تداعياتها الوخيمة إيقاف تصدير نفط الجنوب، وهو الذي يعتمد عليه كلياً في دولة تفتقر إلى البنيات الأساسية والموارد المالية، وانسياب السلع، وحركة البشر من جارته الشمالية. لم استغرب أن تفكر إسرائيل في إرسال قوة شرطية إلى جنوب السودان، فالعلاقة بين تل أبيب وجوبا قديمة، ورباطها مقدس، ويكفي أن سلفاكير زار تل أبيب، والتقى قادتها نتنياهو وبيريز، الذي أهداه «الشمعدان» رمز الدولة اليهودية، وحينها قال سلفاكير لقادة اسرائيل:(لولا أنتم، لما كانت دولة الجنوب»، لن تجرؤ إسرائيل على إرسال أي فرد، وإلا لما طالبت بضمانات من الأممالمتحدة، وفي ذات السياق قالت أوغندا إنها ستقف مع جوبا ضد الخرطوم في حال اندلاع حرب، فضلاً عن استضافة كمبالا لاجتماع إقليمي. دخول أطراف أخرى خطر على الجنوب ذاته، ووجود جنود إسرائيليين دافع لتحرك خلايا القاعدة إلى الدولة الوليدة، والتجارب ماثلة في الصومال وكينيا وأوغندا، وهذا كله لم يحسبه قادة الجنوب، وهم يعتدون على جار منحهم واعترف بحق تقرير مصيرهم وإقامة ودولتهم. يوماً سيعيدون حساباتهم، ويكتشفون فداحة خطائهم، والآن يواجهون شعبهم، الذي يحتاج إلى الاستقرار والتنمية، والغذاء والكساء، والصحة والتعليم، وكل هذه الموارد في حالة أقرب إلى «الصفر». تبدي الولاياتالمتحدة حرصاً على الاستقرار وعدم اندلاع حرب شاملة، وينبغي أن تدرس مقترحات مبعوث الرئيس الأمريكي، السفير برنستون ليمان: وقف الحرب بالوكالة بين البلدين، وقف الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق، وإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بين البلدين بعمق «20» كيلو متراً، فالحل يبدأ أولا بالأمن وترسيم الحدود، التي اتفق على ما نسبته 80% من خلال لجنة الترسيم، ولكن إذا لم تتغير العقول، فستندلع حروب مرة أخرى.