الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    عيساوي: حركة الأفعى    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالون الراحل سيدأحمد خليفة بفاشر السلطان«2»
عثمان كبر: التنمية والسلام متلازمان.. والحركات أكبر مهدد للاستقرار عبد الله آدم خاطر: وثيقة الدوحة حلت المشكلة من جذورها.. والحل أصبح في يد أهل دارفور رصد ومتابعة: عصام عباس/ تصوير: عبد الله محمد
نشر في الوطن يوم 11 - 06 - 2012

داخل قاعة فخيمة بمنزل والي شمال دارفور، دشن صالون الراحل سيدأحمد خليفة أولى جلساته الولائية التي تميزت بالتركيز العالي حيال القضية التي طرحت، وأحسب أن إدارة الصالون قد وفقت في اختيار العنوان الذي يجمع بين أهل دارفور، ويشغل أذهانهم، السلام، الأمل المنشود بعد معاناة الحرب وآلامها، والتنمية التي انتظرها إنسان الولاية طويلاً وما بين قوسي السلام والتنمية. دار الحديث داخل الصالون بسلاسة، القيادة السياسية والمعارضة والسلطة الانتقالية وممثلو مجتمع دارفور .. جميعهم اتفقوا على أن السلام والتنمية متلازمان، لا يمكن أن يسبق أحدهما الآخر. في هذه الحلقة نقدم رصداً لما دار في الصالون.
الوالي عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور ابتدر حديثه في الصالون قائلا :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه ومن والاه ، والشكر والتقدير والتحية لكم جميعا لحضوركم ومشاركتكم لنا في هذه الجلسة التي نتشرف كثيرا أن تكون هنا في مدينة الفاشر في فاشر السلطان ، التي أنشئت في العام 1892م قبل 220 سنة من الآن ، ومؤكدا أنها جديرة باستضافة مثل هذه المنابر ، ونبدئ شكرنا وتقديرنا الكبير لأسرة الراحل سيدأحمد خليفة ، وهي أسرة عريقة معلومة لكافة الناس ، وأنا على صلة وعلاقة بالراحل سيدأحمد خليفة ، وآخر عهدي به واتصالاتي المباشرة والمتكررة التي كانت نشطة جدا من خلال صفحة صباح الخير التي كان يحررها بالصفحة الأخيرة ، وكان آخرها حوار ساخن جدا أجراه معي حول محاولة الاغتيال التي تعرضت لها.. وهي قضية سوق المواسير التي حاولوا اغتيالي سياسيا بها.. والأخ سيدأحمد كان على اتصال ونقاش معي حول هذه القضية ، وتحدثنا حولها وقدمت الكثير من المرافعات من خلال صفحته الأخيرة ، وللأمانة وهو الآن في الدار الآخرة أقول إن سيدأحمد خليفة من أميز الناس وأصدق الناس ، وحواره معي من أفضل الحوارات التي دارت معي في الفترة الأخيرة ، فقد كان أمينا ومنصفا ونسأل الله له الرحمة .
فكرة الصالون فكرة ممتازة ومقبولة جدا ، والشاهد على قبول هذه الفكرة ؛ التنامي والاتساع وانتظار الناس لمخرجاته كل يوم أحد من الأسبوع ، وقد ناقش العديد من القضايا المهمة ليس الهدف منها الإثارة ، ولكن الهدف تقديم لقضايا مهمة من زوايا مختلفة وآراء مختلفة لتسهم في الحل .
وانتقال أسرة الصالون للفاشر فيه تكريم لأهل دارفور، وفيه اهتمام بالقضية ، ونشكرهم على ذلك . أما عنوان الصالون ( دارفور وآفاق السلام والتنمية ) ، فهذا موضوع مهم طرحنا أمس سؤال هل السلام يقود التنمية أم أن التنمية تقود السلام ؟ وهذا سؤال مهم إلى حد كبير، يشرح القضية ويجعل لدينا قاسم مشترك في كثير من النقاط التي تطرح ، ومن الملاحظات المهمة في هذا الصالون أنه منبر حر غير محزب ولا مقيد ، والشاهد أنه حدد للوالي زمن محدد لحديث وهو عضو عادي مثله مثل الآخرين ، وهذه واحدة من دلائل عظمة هذا الصالون ، وأنا كمعلم سأستفيد من خبرتي كمعلم سابق ، وأقسم هذا الزمن للحديث في الموضوع .
أريد أن أقول : أيهما يقود السلام أم التنمية ؟ وهذه جدلية تنطبق على الوضع في دارفور الكثير من الناس يقولون كيف نقدم لكم التنمية وأنتم محتربون ولا تمنحون الفرصة للعمل ؟ وآخرين يقولون إن التنمية نفسها مدعاة وممكن أن تقود للاستقرار ؛ لأن هناك من يرفعون شعارات الظلم إذا لم تتحقق التنمية . وهذا الحديث من الوجهين إذا نظرت له تجد فيه منطق وموضوعية ، المنطق الأول أن السلام يقود للتنمية بدارفور أفتكر أنه صحيح وحتى تجد الدولة فرصة لخلق التنمية ؛ يجب أن توجد لها البيئة والمناخ المناسب الذي من خلاله تقدم التنمية بالنسبة للناس ، وهذا تؤيده الممارسات التي تمت منذ بداية الحركات المسلحة في العام 2002م والعام 2003م ، والشعارات التي كانت مرفوعة من هذه الحركات المسلحة أن دارفور مهمشة ومظلومة ، وبهذا الشعار استقطبوا عددا كبيرا من أهل دارفور إلى صفهم . وهذا الاستقطاب جاء نتيجة لأن إحساس الناس بأن هناك تقصير من الدولة تجاه أهل دارفور ، مما جعل أبناءهم يرفعون هذه الشعارات . وهذا الحديث من حيث النظر مقبول وموضوعي إلى حد كبير، ولكن أيضا في هذا الأمر ينشأ سؤال : هل دارفور كانت وضعيتها أسوأ من باقي السودان أم أن السودان في باقي أجزائه المختلفة كانت أوضاعه شبيهة بدارفور ؟ والهدف من الإجابة على هذا السؤال حتى نعطي المقارنة لماذا ثار أهل دارفور دون الآخرين ؟ وأريد أن أقول إن ممارسة الحركات المسلحة على الأرض وهي ترفع شعار التنمية والخدمات بدارفور؛ هزمت هذا الشعار ونحن شهود عيان على ما حدث .
الحركات التي ترفع شعار التنمية والسلام تعوق عمل التنمية ؛ لأنها تختطف آليات وتهدد حياة فنيين ومهندسين يعملون في مشاريع التنمية الهدف منها المعالجة .
إذن إذا قلنا إن التنمية لا تحتاج إلى سلام نكون قد هزمنا كلامنا إذا لم نقل إن السلام جزء أساسي من التنمية . لكن بالمقابل نقول إن الدوافع التي جعلت الأخوان والناس
أن يرفعوا شعارات التمرد والتهميش في دارفور كان مدعاة إلى أن هناك قصور ونقص في الخدمات والتنمية في دارفور ، هذا يؤكده اعتراف الحكومة وانحيازه للتفاوض ، وهو اعتراف ضمني بأن لهذه الحركات قضية، وطالما جلست معهم فإنها تكون قد ثبتت قضية دارفور والأوضاع الموجودة وحاجة الناس للخدمات .
أنا أقول إن دارفور ما كانت أسوأ من باقي السودان على الاطلاق ، ولكنني أؤكد أيضا أن دارفور في حاجة للتنمية والخدمات ، وهناك نقص توارث من حكومات عديدة . وأنا اذكر أننا تحت هذه الشجرة جلست مع الأبناء والوفد الذي كان يقوده نهار ومسار للتفاوض مع الحركات ، وجلست مع أحد قادة الحركات وسألني ما هي هديتك ووصيتك لأخوانك في ا لحركات المسلحة في الخارج ؟ فقلت له : إن وصيتي لهم « أن القضية الآن وصلت والعالم كله عرف أن هناك قضية في دارفور ، وهناك حركات يمكن أن تهدد أمن الدولة واستقرار الناس ، وطالما أن القضية وصلت بالضرورة أن يعطونا فرصة لأن منهجنا ليس منهج سلاح وإنما منهج منطق وحوار ، ونريد أن نأخذ هذا ونحقق مكاسب لأهلنا من خلال المنبر الساسي ، وهم اتخذوا المنبر العسكري ونقول إن رسالتهم وصلت وهي ستح// //في منبرنا السياسي وليحتفظوا هم بقوتهم وسلاحهم ونحن من خلال هذه الرسالة يمكننا أن نحقق لهم الكثير » ، وأخذ مني الرسالة وذهب . فكانت النتيجة أنهم نهبوا عربات الوفد الذي أرسلناه لهم للتفاوض ، وهي عربة وزير الصحة ووزير التخطيط العمراني .
وحقيقة لو قلنا نقفز ونقول إن السلام ليس مهم من خلاله نخدم التنمية وإذا قلنا إن التنمية يمكن أن تهزم كثير من المشاكل ، فالشاهد الآن ونحن في دارفور ولم نخرج منها أصلا ، وفي ظل كل الحكومات فأي شخص يقول إنه ليست هناك تنمية وتقدم ؛ يهزم الوقائع والشواهد ، ولا نقول إننا حققنا تنمية ؛ ولكنه عمل متوارث من عدد من الحكومات ، وحدثت تنمية نعم هو قدر أقل من طموحات الناس ولكنه تحقق ، ونقدم هنا شواهد بسيطة جدا: لو قارنا مثلا مسار التعليم في عام 2003 حينما بدأت الحركات المسلحة التمرد كان عدد المدارس 840 مدرسة أساس ، والتلاميذ كانوا 9 ألف تلميذ ، اليوم مدارس الاساس في ولاية شمال دارفور 1136 مدرسة ، رغم الظروف الموجودة ،وعدد التلاميذ 480 ألف تلميذا ، والناس يتحدثون عن نازحين وهجرة لدارفور، وهذا حديث يهزمه تنامي عدد التلاميذ و2000 تلميذا امتحنوا هذا العام في محليات أمبرو وكرنوي والطينة ، وهي ثلاث محليات مهجورة تماما ، الطينة امتحنوا منها 300 تلميذا وجميعهم ناجحون ، وكرنوي الخالية من السكان امتحن منها 1084 تلميذا ، ونجح منهم قرابة الألف ، وسنفتح لهم مدارس ثانوية في كرنوي ، وكذلك أمبرو حوالي 500 تلميذ ناجحين ، إذن لدينا 2000 تلميذا ستفتح مدارسهم الثانوية هذا العام في محليات أمبرو وكرنوي والطينة .
والنتائج إذا قارنتها منذ 2003 حتي الآن في الشهادة السودانية ؛ ستجد أن هناك تراجع في المساق العلمي ، ولكن ستجد أن نسب النجاح لم تقل عن 75% فما فوق في الشهادة السودانية ، والعدد متزايد عام 2003 امتحن للشهادة السودانية في شمال دارفور 9000 تلميذ ، هذا العام امتحن أكثر من 20 ألف تلميذا ، وهذا يعكس التنامي الذي حدث .
أنا أريد أن أقول إن التنمية والسلام أمران متلازمان يستند كل منهم على الآخر ،ولا نستطيع ان نفصل بينهما . وكل منهما يكمل الآخر ، وحتي نحقق السلام والتنمية أنا في رأيي أن مقومات السلام والتنمية موجودة في دارفور ومن أكبر هذه المقومات هو الرأي الموجود في دارفور، والطاغي هو أن الناس مع السلام وضد الحرب ، والبيئة صالحة لتزرع شجرة السلام تماما ، والمجتمع وصل كله إلى قناعة تامة بأن لا مناص من السلام إلا السلام.. يمكن في بواكير 2003 البيئة لم تكن صالحة ؛ ولكن البيئة الآن صالحة للسلام .
ودارفور بها موارد بيئية وإنسانية وأرض ، ومن خلالها يمكن أن نبني السلام ونؤسس لتنمية ممتازة جدا، والسؤال الذي يأتي ما هو شكل التنمية ؟ أنا في رأيي أننا قطعنا شوطا في التنمية الخدمية وركزنا عليها ، وهذه منقصة وهي يمكن أن تخلق كثيرا من الإشكالات لأنها تخرج عددا من الكوادر من خلال التعليم والمدارس ويتحولوا إلى عطالة يحتاجون إلى استيعابهم في مشروعات انتاجية . إذن التنمية الخدمية مهمة ولابد منها ولكن يجب الاهتمام بالتنمية الانتاجية ، وأنا أعترف بأنها تحتاج إلى دفعة كبيرة وبها قصور.. ومقومات الانتاج هي الطرق الرئيسة ، فنحن ليس لدينا طرق ، وهذه أكبر عقبة لدينا ، وطريق الإنقاذ الغربي بالنسبة لنا مهم جدا ومقوم أساس ، وما لم يكتمل هذا الطريق لن تكون هنالك إمكانية لإقامة مشروعات تنموية وإنتاجية كبيرة ، بدارفور لأننا نحتاج إلى الطرق المرتبطة بالموانئ والأسواق الكبيرة .
وكذلك من المقومات المهمة الكهرباء ودخول الشبكة القومية، ولن تستطيع إدارة مشاريع كبيرة بالمحطات التي تعمل بالجازولين أن تنافس الأسواق إذا ارتفعت التكلفة، مثلاً مشروع ساق النعام في شمال دارفور من أعظم المشروعات، به مخزون كبير من الماء، وأرض خصبة وقريبة من الفاشر على بعد «40» كيلومتر، ولكن العقبة الرئيسة - غير الأمن - عدم وجود طريق يربط بساق النعام، أين تذهب المنتجات وليس هناك كهرباء لتشغيل المشروع الا عن طريق الجازولين؟، مما يزيد التكلفة وعدم القدرة على المنافسة.
إذن يجب أن تكون هناك طاقة كهربائية محركة بشكل أساسي، والسؤال: أين تكمن المشكلة؟، هل في الموارد أم في السياسات أم في القيادات؟.
أنا اعتقد أن الإنسان ليس لدينا فيه مشكلة، والموارد ليس لدينا فيها مشكلة، ولكن هل لدينا مشكلة في السياسات ونحتاج الي ترشيد..؟!، وما هي التحديات التي أمامنا؟.
وأقول إن الحركات المسلحة مهدد، صحيح إن هناك قدر من السلام تحقق، وهو جيد، ودائرة السلام اتسعت، ولكن طالما هناك من يحمل السلاح، يظل التهديد قائماً على السلام بدارفور، وبالضرورة أن نزيل هذا المهدد.
أما العامل الآخر المهم، هو دورنا السياسي. وحدة صف القيادات والقاعدة في دارفور ليست فيها مشكلة، والمجتمع في دارفور متماسك تماماً، ولكننا للأمانة مشكلتنا الكبرى في أننا غير قادرين على أن نوحد رأينا وصفنا كأبناء دارفور وقيادات، ويجب أن يعي الإخوة في القيادات في دارفور أن الأوان قد آن لنتجاوز ونقفز على كل المرارات، وتصبح دارفور همنا الأساسي، ونوحد صفنا، وهو تحدٍ داخلي لنا جميعا كأبناء دارفور وقيادات، نسبة لتعاظم طموحات المواطنين فينا كقيادات، فينا نائب رئيس، وولاة، ووزراء، والناس يتحدثون عن أهل دارفور من خلال قضيتهم، أخذوا كل شيئ، فماذا سيفعلون .. وهذه الروح بدأت تتناقص عند أهل السودان الباقين، الذين بدأوا يحسون بأن أهل دارفور - من خلال التمرد وما حدث - أخذوا مناصب كثيرة جداً سياسية وتنفيذية، وهذا الشعور إذا تركناه وتنامى، سيخلق لنا مشكلة مع باقي أهل السودان .. وهذا الشعور أيضا سيخلق لنا مشكلة مع أهل دارفور، فنحن أخذنا هذه المناصب، ولاة، ووزراء، فما هي النتيجة التي قدمناها لهم؟ .. إذن التحدي أمامنا - كقيادات - أن ندرك هذين الأمرين، ونسعى لتحقيق سلام وتنمية في دارفور واستقرار في كل السودان. وأنا أختم كلامي بحكمة تقول:(ليست الغاية أن نتفق في كل شيئ، ولكن الغاية أن لا نخلتف)، وشكراً.
ثم اتيحت الفرصة الثانية للأستاذ عبدالله آدم خاطر، المثقف الدارفوري، واحد أبناء الولاية، ليقدم مداخلته حيال موضوع الصالون، فقال وهو يبتدر حديثه:
أنا سعيد غاية السعادة أن أكون في موطني وبين أهلي وعشيرتي، وسعيد تماماً لكل الجهود التي تمت في دارفور وخارج دارفور حيال العملية السلمية. سيكون الحديث في هذا الصالون بمثابة تقييم لكل ما بذل من جهود، وهي فرصة أتاحها لنا صالون الراحل سيدأحمد خليفة للتقييم، واتفق مع الأخ عادل في أن أهل دارفور من أعظم أهل السودان، واتفق معه في أننا يجب أن نتعهد تعهداً وثيقاً، بأن نعمل جميعاً على تجاوز الصعوبات التي مرت بها دارفور ومساعدتها، لتكون منتجة فكرياً وسياسياً واقتصادياً وتنموياً لصالح السودان ككل، ودارفور، حتى قبل النزاع الذي بدأ عام 2003م، كانت معروفة لدى الأكاديميين بأنها محل اهتمام وثقة، وبناء جديد للسودان بعد الاستقلال، أما بخصوص السؤال الذي طرح بشكل عام في هذا الصالون، أيهما أسبق، التنمية أم السلام؟ فهو سؤال أكاديمي يجب أن نتجاوزه، والسيد الوالي قدم أطروحة قابلة للنقاش، وأنا اتفق معه في أن دارفور ليست هي الأسوأ في السودان بالنسبة للتنمية .. ولكن من الصعب أن تتساوى الأصابع، فدارفور لديها تاريخ، إذ كانت الفاشر إحدى العواصم الدارفورية، وقامت عام 1892م، ودارفور ظلت ترفد هذه البلاد بكل إمكانات التنمية وعائد الصادر القادم من دارفور، وهو أساس الاقتصاد السوداني، إذن من الصعب أن نقول بأننا متاسوون في كل الظروف.
النقطة الأخرى، أنا سعدت بحديث السيد الوالي عن الحس الإيجابي تجاه العملية السلمية، وأنا - من أول قيام النزاع - كنت من ضمن الرواد في هذه العملية السلمية، وواجهنا كل الإخوان بالوقائع، وأؤكد بأن كل الجهود التي تمت من بعد أبوجا 2005م، وحتى الآن، إن لم أكن جزء منها، كنت من ضمنها، كنت متابعاً لها، وتمت بمعرفتنا، سواء أكانت في إفريقيا، أو العالم العربي .. ووجدنا الأثر الإيجابي للجهود التي قمنا بها جميعاً في الجهات المختلفة، الآن لدينا وثيقة الدوحة، وربما كثير من الناس لم يطلعوا عليها، ومن قبل الدوحة، الحوار الذي تم في منزل الوالي على مدي «3» سنوات، من حسن الحظ أن الإخوة المفاوضين في الدوحة من حركة التحرير والعدالة أخذوا بوثيقة الدوحة كموقف تفاوضي، وأنا أقول بأن وجود الأخ آدم النحلة في شمال دارفور - وهو من حضور ومساهمي هذا البيت - كان له دور مهم في تعريف الناس بوثيقة الدوحة.
المهم الآن أن وثيقة الدوحة حلت المشكلة من جذورها في اتجاهين أساسيين، الاتجاه الأول ضمنت لأهل دارفور أن يتحاوروا لحل مشكلة التشتت، ووحدة أهل دارفور الآن مضمونة لهم في أنفسهم، ويمكن أن يكون هذا واحد من التحديات التي أشار إليها السيد الوالي .. والعالم أصبح يختلف، الحقوق يمكن أن تجمع الإنسان، الديمقراطية يمكن أن تجمع الناس، والعلاقات الخارجية الطبيعية تلم الناس، وكل هذه الحقوق مضمنة في وثيقة الدوحة، وتفتح الباب لمزيد من فرص التلاقي .. ووثيقة الدوحة هي الوثيقة المعترف بها دوليا الآن، وسنكون الأكثر مساهمة، ويمكن أن يضاف إليها، ولا يمكن أن يكون هناك شيئ خارج إطارها، وأمريكا كانت مترددة في قبول الدوحة كشكل من أشكال الحل، ولكنها الآن الأكثر حماساً، وهي التي ستدعم مؤتمر المانحين.
هذه المسألة في غاية الأهمية، لأن القضية أصبحت في يد أهل دارفور من خلال هذه الوثيقة.
النقطة الثانية التي حلتها الوثيقة بشكل أساسي، هي علاقة دارفور بالمركز الاتحادي، وهي أتاحت لدارفور إما أن تكون إقليم أو تكون ولايات في إطار إقليم، ومعلوم لديكم بأن قبول الحكومة بهذه الفكرة سواء أكان عن طريق استفتاء أو إجماع أو أي طريق آخر سيكون أساس الحكم في السودان مستقبلاً، وهذه المسألة جعلت لدارفور حق التأثير المباشر في إعادة ترتيب السودان مستقبلاً.
النقطة الأخيرة، مساهمة أهل دارفور في مستقبل السودان، وتغيير اتجاه السياسات التي يمكن أن يطول النقاش بشأنها، وظللنا من خلال العملية السلمية ننبه لتغيير السياسات تجاه دارفور أمنياً وسياساً واقتصادياً، والآن تكونت مجموعة عمل لإعادة توفيق العلاقات الاستثمارية مع دارفور .
الأمر الثاني، أمر العلاقات الخارجية، ربما الكثيرون لا يعرفون أن كل العلاقات الخارجية للسودان من صنع دارفور، سواء أكان عبر البحر الأحمر «الحجاز، تركيا، إيران»، وكل الدول العربية، مصر، وغيرها، وأوربا، وكل إفريقيا. والفاشر شاهد على أن أفريقيا موجودة بالفاشر، وهذه المسائل الجوهرية تستدعى أن تساهم دارفور في تغيير العلاقات الخارجية لضمان استقرار السودان، والمساهمة في تنميته.
نواصل
--
من شرفة الصالون
٭الوفد الصحفي زار معسكر أبوشوك وتفقد أحوال النازحين الذين رحبوا بالوفد وأعلنوا تضامنهم مع جميع السودانيين ومشاركتهم في نفرة دعم القوات المسلحة، وقالوا إن هجليج خط أحمر.. رئيس تحرير الوطن عادل سيدأحمد تفاعل مع النازحين بالمعسكر وشاركهم في رقصاتهم ، وتبرع نيابة عن أسرة الراحل سيدأحمد خليفة بمبلغ مالي دعما للمعسكر.. وقوبلت بادرته بالزغاريد من النساء والتصفيق الحار من الحضور.
٭ عضو الصالون الملتزم حضورا ومشاركة أبوبكر الزومة يبدو أنه لم يسمع بوجهة السفر جيدا فكان حتى لحظة ركوبه الطائرة يعتقد أن الصالون في طريقه إلى جنوب «كردفان كادقلي» ، واندهش حينما علم بأن الرحلة في طريقها للفاشر ، وقال إنه تهيأ نفسيا لزيارة كادقلي. فضحك الجميع وفعلا «الزومة ضايقي» ومزنوقة جدا كمان.
٭ والي شمال دارفور استجاب لحماس الحديث في صالون الراحل سيدأحمد خليفة ، وارتفاع حرارة الأسئلة ، قال للحاضرين ما تشيلو هم للسفر الطيارة طيارتنا والمطار حقنا كان ما قلنا ليها طيري ما بتطير. واندمج في الرد على الأسئلة بسعة صدر وترتيب نادر في الأفكار.
٭ من المعالم البارزة في المنزل الرئاسي لوالي ولاية شمال دارفور كثرة الغزلان والطيور النادرة ، وهي تجوب أرجاء المنزل ، الذي ظل مفتوحا على مصراعيه لكل مواطني الولاية بدون استثناء ، مع مظاهر الحراسة الخفية التي لا تبدو ماثلة أمام أعين الشخص العادي.
٭إبراهيم موسى مادبو- وزير الاعلام بالسلطة الانتقالية- قدم مداخلة متميزة حول موضوع الصالون ، وأشاد بانتقاله إلى الفاشر ، مذكرا بأن الصالون كان قد استضاف رئيس السلطة الانتقالية في إحدى جلساته .
٭ وفد الصالون زار عصر الجمعة الماضية عددا من معالم المدينة ، من بينها مجمع السلطان علي دينار بمسجد السلطان علي دينار، الذي أُسس في العام 1898 وتمت إضافة بعض المباني إليه ، كما قام الوفد بافتتاح المعرض التشكيلي الذي شارك فيه عدد من الفنانين بمركز راشد دياب ، بالإضافة إلى فنانة الفاشر التشكيلية سيدة موسى التي عرضت في المعرض عددا من اللوحات التي تعبر عن المرأة الدارفورية وطموحها ومجاهداتها ، وعبرت من خلال لوحاتها عن اعتزازها بأنها ابنة الفاشر ، وتدعو للسلام كما شارك معها التشكيليان.
٭ وزيرة الاعلام بولاية شمال دارفور زبيدة سليمان ظلت ملازمة للوفد منذ وصوله ، ووقفت على كل صغيرة وكبير وافتتحت الصالون بكلمة ترحيبية من أهل دارفور.
٭ عوض أحمدان تولى فواصل التقديم في الليلة الثقافية وشارك بفاعلية في التعريف بالفن الدارفوري ، عوض كان قد عمل بإذاعة نيالا ، وأجرى عددا من اللقاءات مع والي شمال دارفور عبر الإذاعة.
٭ تاج الدين نيام - كبير المفاوضين من حركة التحرير والعدالة ووزير التنمية بالسلطة الانتقالية شارك في الصالون ، وقدم مداخلة قيمة حول الحركة وتحويلها إلى حزب ، والعلاقة مع الوالي كبر ، وقال إن كبر - نائب رئيس السلطة الانتقالية - وأن العمل يسير في تناغم تام من أجل دارفور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة