سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خطاب رئيس الجمهورية أمام البرلمان بعيون الاقتصاديين محمد الناير: معظم ما جاء في حزمة الإجراءات لا خلاف عليه
كمال كرار: رفع الزيادة عن المحروقات عبء تتحمله الشرائح الفقيرة
تباينت آراء الاقتصاديين حيال خطاب رئيس الجمهورية أمام البرلمان، والذي رفع فيه بحزمة إجراءات لوضع معالجات اقتصادية، فبينما رأى اقتصاديون أن حزمة الإجراءات فيها حلول، رأى آخرون أن الخطوة لا تمثل حلاً. ولمعرفة ما قاله الاقتصاديون تابع: يرى الاقتصادي كمال كرار أن المعالجات الاقتصادية التي صرح بها رئيس الجمهورية المشير البشير، والتدابير الاقتصادية، والمعالجات التي صرح بها، هي مجرد محاولة لتدميغ القرارات المرتقبة والمتعلقة بزيادة رفع الدعم عن المحروقات، وجعل المواطن البسيط يصدق أن الأعباء يتحملها الجهاز التنفيذي والمواطن معاً، بينما الحقيقة عكس ذلك. فقرار الزيادة برفع الدعم عن المحروقات عبء تتحمله الفئات الصغيرة والمحدودة الدعم، فحديث البشير لا يشكل حلاً أو يحل الأزمة، حتى إن قلل الجهاز التشريعي، ستظل الميزانية كبيرة جداً بسبب الصرف البذخي على الأمن والدفاع والقطاع السيادي، وإلى جانب المناطق التي يسافروا ويتنقلوا بينها طوال العام، وإذا لم تخفض الميزانية على الدفاع والأمن، خاصة في شمال كردفان والنيل الأزرق ومناطق النزاع مع الجنوب، فالحكومة لن تستطيع عمل المطلوب، ولا أن تفي بما وعدت به المواطن، فالقرار لا يضيف أي جديد في الأزمة التي يمر بها السودان. إذا أراد أن يعتدل الاقتصاد وأراد النهوض من الخلل الاقتصادي والفجوة التي نعاني منها الآن، عليه بدء صفحة جديدة وطي صفحة الاقتصاد القديمة، والذهاب بها إلى مزبلة التاريخ، وأن يتم التوفيق بين الذهب والبترول والموارد غير البترولية بصورة جديدة، لتعزيز الإنتاج والإنتاجية فأي حديث عن الإنتاج الاقتصادي مربوط بالإصلاحات والحلول المناسبة يجب أن يكون بعيداً عن ضرر المواطن. وأكد كرار أن الحلول الموضوعة لا تأتي بجديد، بل تفاقم الأزمة بصورة كبيرة، وقال:(جزء من الحل يكون تقليدي، فأحد المشاكل أن القرارات السياسية لا ينظر إليها في إطار ما يعينه الاقتصاد، مثلاً لولايات دارفور تم إضافة «3» ولايات جديدة، فإذا لم تقلص الولايات إلى ولايات محدودة يتم زيادة عبء على البلاد، بنوع من الصرف غير المبرر). مؤكداً عدم زيادة الإنتاج، مع استمرار عمليات الخصخصة، والمعروف أن أموال الخصخصة تأتي إلى الميزانية، وهذه أحد المشاكل التي تواجه الموازنة، مع نهب الأموال وسرقتها، فإذا لم تتوقف، لن يكون هناك إصلاح اقتصادي، ووصف جميع القرارات الموضوعة بالعشوائية وغير المدروسة ويتحملها المواطن، فالحكومة لم تكن في يوم من الأيام حريصة على المواطن. وأضاف:(إذا أريد للموازنة الحقيقية أن تنفذ، يجب النظر إلى جانب الإنفاق ليتوازن مع الإيرادات، وللأسف لا يوجد حل لذلك، لأن الحكومة تنظر إلى جانب الإيرادات وكم العائد من الصرف على المحروقات، بالإضافة إلى القروض من الخارج، ومن رأيي يجب التقليل من الإنفاق العام، شريطة عدم الإضرار بالمواطن البسيط والفئات محدودة الدخل، فقرابة 75% من الشعب فقراء، ولا يمكنهم تحمل أي أعباء جديدة). بينما أكد الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير بأن خطاب رئيس الجمهورية أمام منضدة البرلمان يغلب عليه الطابع الاقتصادي بنسبة تفوق «95%»، وقال إن ذلك بسبب التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني. وإضاف:(حزمة الإجراءات المعلنة من الرئيس معظمها لا خلاف عليها، بتقليل مستوى الحكم على المستوى التشريعي أو الولائي «المركز والولايات»، خاصة الإنفاق العام، وزيادة إيرادات الدولة. هناك بعض النقاط تشكل صعوبة للشرائح الضعيفة محدودة الدخل، متمثلة في رفع الدعم عن المحروقات، حيث أن ذلك من شأنه التأثير على مجمل الاقتصاد بالبلاد، حيث يتفاقم معدل التضخم في الارتفاع، بجانب زيادة ضريبة القيمة المضافة، حيث لم يعلن عن النسبة في خطابه، وحتى إن كانت نصف بالمائة، فمن شأنها أن تستغل بطريقة غير جيدة من قبل التجار.ومن الأفضل - في توسيع المظلة الضريبية أفقيا - تخفيض القيمة المضافة «15%» في جميع السلع والخدمات، وفي الاتصالات 30%. ومن الضروري جداً إعلان القيمة المضافة، فهي تعتبر قيمة إضافية لأسعار السلع والخدمات، فضلاً عن استخدامها بصورة غير جيدة، ولا تستخدم بالطريقة المطلوبة، فزيادة التنمية على الاستيراد قد يبدو الهدف منها خفض حجم الاستيراد وترشيد الطلب من الدولار وحماية الصناعة الوطنية، ولكن هذه السياسة تؤثر أيضاً على أسعار السلع المستوردة، وتؤدي بدورها إلى ارتفاع السلع المستوردة، بالإضافة إلى أن كل ما جاء في الخطاب الرئاسي يصب في مصلحة الاقتصاد السوداني، بتوسيع السلع، وحفظ الاقتصاد برفع الدعم عن المحروقات، وزيادة الضرائب رأسياً، إلى جانب إعلان سعر الدولار في الموازنة 4.40 ج، هذا من شأنه خلق لبس للمتعاملين بالنقد الأجنبي، لأنهم لا يعرفون ماذا يعني ذلك، ويؤدي ذلك إلى خلل كبير. وضف إلى ذلك أنه يجب مراقبة الحركة التجارية والسلع التي تباع، حتى لا تختلط السلع الضرورية بغيرها، لاستمرار السلع الرسمية. من جانبه أكد الخبير الاقتصادي حسين جبريل القوني أن هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية تجاوبت مع قرارات الاقتصاديين، مؤمناً على أهمية تغيير النهج الاقتصادي السائد، مع الإحاطة بكل المسائل. آملاً أن تكون نتيجة لدراسة وبرامج لمدة زمانية قصيرة ومتوسطة، وضرورة التأكد من وجود برامج إستراتيجية لمعالجة الاقتصاد السوداني ككل، ليس بمعالجة قضايا اليوم باليوم، مؤكداً بأن يكون هنالك التزام بتنفيذ الحزم الصادرة، وإنزالها على أرض الواقع، وتصحيح المسار باستمرار، مشيداً بخطوة تقليص المناصب الدستورية والوزارات الاتحادية بنسبة 50%، ووضع آلية لمحاربة الفساد، مشيراً إلى أن خفض الإنفاق قد تم التصريح به من قبل المسؤولين، إلا أنه على أرض الواقع لا يوجد. مرة أخرى نأمل الالتزام بالحزم التي تلاها الرئيس، والتصحيح إذا لم يحدث، ستظل المشكلة قائمة اليوم وغداً وبعده، ووضع حوافز للمغتربين بواسطة وزارة المالية لاستقطابهم، لأن ذلك من شأنه إيجاد مصدر دائم للنقد الأجنبي، وتوفير مئات الدولارات، ويحقق المكاسب لهزيمة السوق الأسود، ويؤدي إلى الاستقرار في سعر الصرف، ويشجع الاستثمار، قائلاً إن استجلاب القروض لا يحل المشكلة، إنما يزيد الديون المستقبلية، ويضاعف الأعباء على كاهل الاقتصاد المترنح، مؤمّناً على خطوة زيادة الإنتاج والإنتاجية، خاصة في مجال الزراعة التي أهملت، واعتمادنا على البترول بدلاً عنها، ولقد نادينا - نحن كاقتصاديين - بأهمية إنعاش القطاع الزراعي، لأنه مستمر، ولا ينفذ كالبترول، ولقد أفاقت الحكومة بعد أن انهارت البنية التحتية لها، نسبة لأن الزراعة تستوعب كميات كبيرة من القوى العاملة، وذلك يصحح الأوضاع الأسرية لمجموعات كبيرة. وقال مصدر مطلع فضل حجب اسمه: إن خروج إيرادات النفط من الموازنة، التي كانت معلومة للحكومة منذ نيفاشا، ونكرانها لذلك، لم تضع الاحتياطات اللازمة للمشكلة، وكانت تؤكد للشعب السوداني عدم تأثر الاقتصاد بالانفصال، أما أمس بقبة البرلمان، فقد تم الاعتراف رسمياً بأن الانفصال أثر سلباً بنسبة كبيرة على الاقتصاد، وأصبحت الدولة تستورد البترول، قائلاً إن رفع الدعم لو تم تدريجياً فسوف يؤثر سلباً على قطاعات الشعب، نسبة لأن الأسواق لا توجد بها ضوابط للتسعيرة. مشيراً إلى أن هذا الإجراء سوف يدخل الاقتصاد في غرفة الانعاش، ونحن في انتظار البيان التفصيلي لوزير المالية يوم الأربعاء القادم، لنعرف ما يحوي من إجراءات لترشيد الإنفاق ومراجعات الميزانيات، وأن يحدد الأولويات للصرف، كما نأمل أن يأتي بجديد، لأن الإجراءات التي تم عرضها في البرلمان حوت كل ما قيل من قبل الخبراء الاقتصاديين بالبلاد، داعياً باهمية الدراسات الإستراتيجية في آلية تنفيذ الإجراءات على أرض الواقع، وأشار إلى أن السبب الرئيس لهذه الفجوة واختلال السوق ورفع الدعم عن المحروقات هو انفصال الجنوب، إلى جانب السياسات الخاطئة التي تنفذها الدولة عبر جهات محددة، فالموازنة لم تورد أرقام حقيقية، واعتمدت على موارد منتظرة. هناك الكثير من الموارد المختلفة التي يمكن أن تكون بديلة للنفط، لكن للأسف لم تلتفت الدولة إليها إلا بعد خروج النفط من دائرة الإنتاج، والتي تسببت بدورها في هذه الأزمة التي نعاني وسنعاني منها خلال الفترة المقبلة.