دائماً نتناقش أنا وأخي جمال عنقرة مستشار التحرير، في شتى المواضيع المتعلقة بالسياسة التحريرية لهذه الصحيفة التي عاهدنا الله أن تكون منبراً حراً للجميع، منحازون فيها إلى مصلحة الوطن والمواطن الذي نضعه في حدقات عيوننا. الأستاذ جمال عنقرة تحدث عن خيبة الأمل التي أصابت الموالين للإنقاذ وكل الوطنيين جراء «سك» الحكومة واستجدائها لما أسماها«أحزاب الغفلة» للتنازل عن كيكة السلطة التي يشاركون فيها تحت مسمى القاعدة العريضة. وانتقد الحكومة بقبولها شرط بعض الأحزاب التي رفضت التنازل عن أي مقعد وزاري حتى وزراء الدولة أو المستشارين. وهنا أقول للأستاذ جمال عنقرة: إن المؤتمر الوطني أيضاً جزء لا يتجزأ من «أحزاب الغفلة» لاستفراده بهذه «الكيكة» وإدمانه لها طوال الفترات السابقة من حكم الإنقاذ، وما قبول الحكومة بشروط بعض الأحزاب إلا ضعفاً ونوعاً من التراجع بعدما «سوست» هذه الكيكة وأصابت خيبة الأمل الجميع، وطالت حتى بعض الموالين للمؤتمر الوطني. ويذهب أستاذنا عنقرة إلى أبعد ويصف الموقف الحكومي بالضعيف وأنه يفضل أحزاب وقوى وهمية على جماهير الشعب وعلى محسوبيها ومواليها الصادقين المخلصين، واصفاً هذه الأحزاب بأن حال الشعب لا يهمها، وأنهم لا يتواضعون له، ولا خير فيهم ولا كفاية شرهم، وأنهم «أي الأحزاب» لايزيدوننا الا خبالا وذهابهم افضل من بقائهم، وفي «الحتة دي» أقول لأخونا عنقرة: إن المؤتمر الوطني وحكومته أصلاً فضلت الحكم والكرسي والكيكة على الشعب السوداني، وهي تريد إشراك هذه الأحزاب ليس من أجل عيون أبناء الشعب السوداني، ولا محبة في هذه الأحزاب، ولكنها وبكل أسف «لعبة السياسة» التي تحاول إطالة عمر الحكومة على حساب الشعب. أما حديثك عن أن هذه الأحزاب حال الشعب لا يهمها، وأنهم لا يتواضعون له فهذه حقيقة والمؤسف فيها أن المؤتمر الوطني جزء لا يتجزأ من التهمة، وهنا نعتبره المتهم الأول لأنه حاكم وفي يده القلم. ثم يذكر الأستاذ جمال عنقرة أن الحال التي تمر بها البلاد لا ينفع فيها الأشباه ولا يصمد فيها الأمن، خبروا ميادين البلاء والابتلاء ووصفهم ب «أصلب العناصر لأصعب المواقف» ثم يتحدث عن الشهداء الذين خرجوا من الحكومة وتوجهوا إلى ميادين الجهاد دفاعاً عن العقيدة والوطن، وعرج على الذين تقدموا الصفوف لتحرير هجليج أمثال الزبير بشير طه والي الجزيرة، والصادق محمد علي وزير الدولة بالكهرباء والسدود، ويزيد: أين هؤلاء من أولئك الذين يرفضون التنازل عن السلطة من أجل الشعب . أخي جمال عنقرة حديثك عن الحال الذي تمر به البلاد الذي لا ينفع فيه الاشباه غير دقيق لسبب بسيط وهو من الذي أوصل البلاد إلى هذه الحال، إنه حزب المؤتمر الوطني والذي كما تفضلت وذكرت أن هذه المواقف لا يصمد فيها إلا من خبروا ميادين البلاء والابتلاء والذين وصفهم بأصلب العناصر لأصعب المواقف، وهذه الأخيرة كانت شعاراً من شعارات الإتجاه الإسلامي في الثمانينات. وأما حكاية البلاد والابتلاء فهذه عاناها الشعب السوداني جراء سياسات الأحزاب جميعها بدون فرز، وعلى رأسها حزب المؤتمر الوطني. وأما تحرير هجليج فلقد كان على يد قواتنا المسلحة الباسلة وجموع الشعب السوداني الهادرة، وهنا المؤتمر الوطني والذي ذكرتهم من ضمن هؤلاء الذين ذهبوا إلى هجليج ومستعدون للدفاع عن السودان وترك أسرهم بدون مأوى وعربات وبيوت وأرصدة بالبنوك. والآن فإن المتمسك بالسلطة أخي جمال ليس الأحزاب التي تريد المشاركة، وإنما المتمسك رقم واحد هو المؤتمر الوطني الذي اعتمد أسلوب «الكنكشة» للبقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة. وأخيراً يحكي جمال عنقرة قصة سلاطين باشا الذي ادعى الإسلام لينال مقعداً في حكم المهدية، فابتلاه الخليفة عبد الله بالختان، وهنا نحمد الله كثيراً أن جمال عنقرة ذاكرته خصبة ويتذكر المهدية التي تدرس ثورتها ويتحدث العالم عن قائدها ومجاهديها، وهؤلاء أيضاً «أصلب العناصر لأصعب المواقف» وهؤلاء أيضاً شهداء من أجل الوطن أخي جمال، وأما حكاية الختان فالمؤتمر الوطني يوجد فيه من لا يدافعون عن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، وفيه من لا يؤديها ولا يساندها.. فأين يذهب هؤلاء بعد الختان..؟!