الدنيا كلها تتشكل من جديد... ومحيطنا العربي يتغير بسرعة.. لقد هبّ عالم الشعوب، وعادت أمانة السلطة إلى أهلها.. وما عاد هناك مكان للمغامرين .. وليس من سبيل أمام النُخب، غير الإحتكام لصندوق الإقتراع.. فقد ولى زمن مصادرة الرأي، والوصايا والإحتكار..!. لقد كان مفهوماً، وبحسب الأمر الواقع.. وتحت مظلة أواخر الأنظمة الأُحادية ، أنْ يسطو حزب على السلطة. والسودان ما كان إستثناء ، فقد جاء الإنقاذيون وفق تقديراتهم وحساباتهم ل «إنقاذ السودان»..!. بيد أن هذا القطر الشاسع والكبير، والمتعدد الأعراق والطوائف والأحزاب .. من المستحيل أنْ يحكمه حزب أو فئة.. فضلاً عن أن المحيط من حولنا يشهد ربيعاً عربياً هادراً..!. المطلوب من السودانيين، وأعني بهم النُخب ، أنْ يرتفعوا لمستوى التطورات على مستوى العالم والاقليم..!. وبالأخص، المؤتمر الوطني.. فيكفيه أكثر من عشرين عاماً مكث فيها بالسلطة، وفق النمط الشمولي محتكراً أدواتها، ووصياً على فكرها الإسلامي..!. ليس بالإمكان الإستمرار بذات النهج، ووفق ذات الأداة..!. كما يتحتم على المعارضين أنْ يرتفعوا بذلك، لمستوى التحديات ، بعيداً عن فهم الإقصاء «والإقتلاع»..!. الإحتكار والإقصاء، يعتبران أكبر مهدد، وهما جسران للإحتراب والتمزق..!. يا مؤتمر يا وطني، لئن رسمت الدستور لوحدك، ومعك الدائرون في فلكك.. فإن الاستقطاب سيستفحل، والأزمة ستستمر. ويا أيُها المعارضون، لئن لم تضعوا صيغة متفق عليها، لصياغة الدستور.. فإنه الخسران الوطني الكبير.!. ولا يظنن الحاكمون والمعارضون أنَّ الشعب سيظل متفرجاً وساكناً..!. وقد شاهدنا بأُمهات عيوننا، أنّ الشعوب قهرت المستحيل وفرضت أجنداتها لصالح الحرية وضد الإستبداد والفساد..!. والأحزاب كانت في مؤخرة التعبير الشامل، وفجر الربيع العربي المبين..!. الدستور المرتقب يجب ان يقوم على الإجماع أو التراضي، على أقل تقدير.. يحتكم إليه الكل في حد مقبول للجميع ،وفق قواعد منصفة ومعاني متكافئة.. لقد انتهت فكرة «الحزب الطليعي».. بيد أن بعث العراق قضى.. وبعث سوريا ينتظر.. واللجان الثورية ذُبِحت ، وحزب بن علي الدستوري انهار وهرب. ووطني حسني مبارك يرقد بالمستشفي..!. رئيس التحرير [email protected] 0912364904