* أوردت صحيفة الجريدة في عددها 637 صباح الأحد التاسع من ديسمبر الجاري نبأ بالصفحة الأولى عن التنصير بالجامعات، ولا أدري أي السلطات أفاقت من ثباتها العميق، وقد نقرنا ناقوس هذا الخطر قبل أكثر من عشر سنوات خلت. * بدأت الحركة في جامعة جوبا والآن شملت معظم الجامعات وبلغ سيل التنصير الزبى، وها هم النصاري يهاجمونكم في عقر داركم وأنتم عنهم غافلون، وقد أغرى الله بينكم العداوة والبغضاء في صراع من أجل دنياكم الفانية التي سوف يكون حصادها الندم، ولات حين ساعة مندم. * كنت مغترباً في جمهورية نيجيريا الاتحادية بالولايات الشمالية المسلمة وعندما عملت بجامعة صكتو حصلت على وثيقة سرية للغاية مصدرها ((الفاتكان)) تحتوي على خطة تنصير واسعة ومبرمجة لخمسة وخمسين سنة لتنصير أكبر قدر من المسلمين في الأجزاء الشمالية من دول غرب إفريقيا وشرقها ، تشمل دولة النيجر وشمال نيجريا وشمال تشاد وغرب دارفور وإلى القرن الإفريقي . * ولما كنت واهماً أو مخدوعاً في الإخوة الذين كانوا ومازالوا على رأس الحركة الإسلامية بالسودان، جادون في أمر الإسلام أرسلت نسخة من تلك الوثيقة إلى الذين كنت أظن فيهم خيراً ليتفاكروا في أمرها لعمل مضاد في مواجهة تلك الهجمة الشرسة التي قصدوا بها مواطن المسلمين بالدول المذكورة. * ولكن يبدو أن تلك الوثيقة لم تر النور، وربما ألقي بها في سلة المهملات لأن الأخوة الذين كنا نعوِّل عليهم قد انشغلوا عن الجادة بأمور الدنيا. * بمرور أقل من ستة أشهر من اكتشاف الوثيقة قرأت بصحيفة New Nigerian اليومية بأن حاكم ولاية جوص المتاخمة لولايتي كادونا وكنو، والمعروف بتطرفه المسيحي ، قد دشن مشروعاً كبيراً في احتفال موسع أمه كثير من المسيحيين من الدول المجاورة ودول غرب أوربا وكان اسم ذلك المشروع Fulani Education Program أي برنامج تعليم الفلاتة الرحل. * هذا المشروع ممول من الفاتكان بمشاركة ومساهمة معظم دول غرب أوربا ، وكان سلومون لار حاكم ولاية جوص، راعياً له باعتباره خبير بنقاط الضعف عند الفلاتة الرحل في الناحية الدينية وفي إسلامهم الهش، أضف إلى ذلك ارتباطهم لغوياً بفلاتة ((أمبررو)) الذين معظمهم مازالوا وثنيين ، ويمكن أن يقبلوا أي توجيه في سبيل تنمية قطعانهم من بقر وضأن وماعز التي يعتمدون عليها في حياتهم. * فاختاروا بياطرة مسيحيين ومتشددين من دول أوربا المختلفة وجاءوا بهم لتنفيذ برامج التنصير المخطط والمضمن بالخطة في المائة وخمسين سنة ، فكانوا يتجولون معهم في الغابات ويتعلمون اللغة الفلانية ويعالجون القطعان والبشر ، ولما كان ليس للفلاتة حدود دولية يمكنهم تنصير الآخرين في أي دولة يدخلونها بالدول المذكورة. * مصداقاً لهذا فقد تم حتى عام 2000م تنصير سبعة من الشبان المسلمين في منطقة ودَّاي شمال تشاد ، كان أحد هؤلاء الشباب أمير من أسرة سلطان المسلمين بتشاد، ولا ندري حتى الآن كيف تسير حركة التنصير هذه في كلا الدولتين السودان وتشاد ، وحكام المنطقة مشغولون بمشاكلهم السياسية ولم يلتفتوا في أمر دينهم والمؤامرات تحاك ضد شعوبهم من الفاتكان. * قبل أكثر من عشر سنوات وعن طريق الصدفة اكتشفت أن بجامعة جوبا شاب جنوبي اسمه مصطفى يتزعم خلية للتنصير ، نصَّر من خلالها طالبات مسلمات شماليات جذورهن موغلة في الإسلام، حتى وأن إحداهن تنصرت تماماً وانتظمت بالكنيسة وصارت تمارس الطقوس الكنسية وتحضر الصلوات يوم الأحد Sunday Service ، أما الفتاة الأخرى فكانت على وشك أن تنتظم في الصلوات، وهي كطالبة جامعية شُبِّعت بالفكر التنصيري وبدأت تناقش المسلمين وتدخل معهم في جدل صريح عن تناقض القرآن الكريم حسب ما أملي لها. * ذكرت لي الفتاة أنها من أبوين مسلمين شماليين ودرست القرآن الكريم ووجدت فيه تناقضات كثيرة ، لذلك قررت أن تعتنق المسيحية بأنه أفضل من الإسلام وأنه واضح وضوح الشمس، فتعجبت من كلامها عجباً شديداً، بل زهلت في أن أجد مثل هذه الفتاة من أسرة مسلمة!! . * كان لقائي بها لأول مرة بالسوق الأفرنجي بالخرطوم في دكان صائغ عندما جاءت تسأل عن صليب من الذهب الخالص، فكنت أجلس مع صاحب الدكان، ولما لاحظت أن الفتاة سودانية وسؤالها لفت نظري بصورة عاجلة لأن النبرة كانت نبرة سودانية أصيلة ، فدفعني فضولي إلى سؤالها فيما إذا كانت اريترية أم أثيوبية ولدت بالسودان وتربت فيه واكتسبت هذه الفصاحة والمهارة الكلامية. * أجابتني بأنها سودانية مية المية وشمالية، أبوها من الشمالية وأمها من الحمر من كردفان، فسألتها عن أبيها، أحي أم ميت، فعلمت أنه ميت، ثم سألتها عن عملها فقالت هي طالبة بجامعة جوبا، فقلت لها كلامك هذا حيرني يا بتي، أنت طالبة ويتيمة وتسألي عن صليب من الذهب الخالص، ومثل هذا السؤال لا يصدر إلا من إنسان وضعه المالي مريح جداً. * فلو سمحت لي يا بتي ممكن أتدخل في خصوصياتك ؟ فقالت : تفضل فقلت لها : إنك شمالية مية المية ومن البديهي إنك مسلمة فماذا تصنعين بالصليب ومن الذهب الخالص؟ ثم أردفت قائلاً أخشى أن يكون غرك مسيحي بالزواج وهو ذو مال؟ * لا والله يا أبوي لا مخدوعة بزواج ولا حاجة، والأمر ليس كما تظن، ولكني أريد أن أغير ديني عن قناعة، فقلت لها وأي قناعة هذه؟. * اهتديت لهذا الطريق بقناعة تامة بأن القرآن فيه تناقض وهذا ما دفعني لأفكر في مفارقة الدين الإسلامي!! . * ثم سألتها مرة ثانية بأن تقول لي الحقيقة من وراء الصليب الذهبي، فأصرت على نفي الأغواء بالزواج من رجل مسيحي. * بعد ذلك سألتني الفتاة عن مستوى تعليمي ، فأظهرت لها بأني لم أنل قدراً من التعليم في مؤسسة تعليمية نظامية، درست في خلوة أبي ولم أحفظ القرآن كله ولكني تعلمت شيئاً يسيراً عن الدين الإسلامي من خلال حياتي العملية من هنا وهناك، والحمد لله، لم ألاحظ هذا التناقض الذي تقولينه في القرآن الكريم . * هنا اطمأنت الفتاة عن ضحالة معلوماتي فأخرجت من محفظة كبيرة كانت تحملها ثلاثة كتيبات ودفعت بهن إليّ ، وقالت اطلع على هذه الكتيبات على أن ألتقي بك يوم الاثنين في هذا المكان. * لحسن حظي وجدت نفسي قد اطلعت على تلك الكتيبات من قبل باللغة الإنجليزية في نيجيريا، واحد منهم يحتوي على تفسير خاطئ من الأب أحمدو تولا المسؤول عن كنيسة كوفينا كلج Cofina College بمدينة زاريا بولاية كادونا ، حيث فسر الآية الكريمة من سورة آل عمران « إذا قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم أحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون» الآية 54» من سورة آل عمران. * فسر قول الله، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة بأن المسيحي فوق المسلم إلى يوم القيامة، وغير ذلك من الفهم الخاطئ للقرآن الكريم . * التقيت بالفتاة في نفس الدكان يوم الاثنين، وسألتني عن رأيي في الكُتيبات، فأظهرت لها بأن المعلومات مدهشة فالمعلومات التي وجدتها عن التناقض في القرآن الكريم، وهذه معلومات ما كنا نعرفها من قبل ، وطلبت منها المزيد من الكُتيبات وأوعدتني بأن تأتي إلي بالكثير المثير في هذا الجانب . * ثم طلبت منها أن تجمعني بالشاب مصطفى فتحفظت، ولكنها قالت سوف أجمعك به في الوقت المناسب ولا داعي للعجلة وقالت لي بالحرف.. بالمناسبة أنت أول من استجاب لي، وهذه ظاهرة صحية، نأمل أن نتعاون لإظهار الحقيقة لأخوتنا المخدوعين في الإسلام، ثم طلبت منها أن تعطيني سيرتها الذاتية وعنوان منزلها فأوعدتني بذلك في اللقاء الثالث ليوم الاثنين . نواصل