[email protected] اتفاقية الدوحة ..العقدة والمنشار اتفاقية الدوحة التي وقعت بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة التي تجمع في بين ضفتيها شتيت حركات وفصائل أقبلت على السلام وارتضته وسيلة للحل بدلاً عن السلاح وتفاوضت على هذا الأساس وتوصل الطرفان برعاية قطرية الى اتفاقية الدوحة التي نستطيع القول انها قد احدثت اختراقاً ايجابياً في قضية دارفور وفي مسيرة الوضع الأمني حيث عاش الإقليم هدوءاً لم يسبق له مثيل منذ العام 2003م خصوصاً ان الإتفاقية وجدت دعم اممي لأن الوساطة القطرية كانت تعمل تحت غطاء واشراف الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ما اضفى عليها شرعية دولية واعطاها مساحة للتطور ولعل هناك عوامل اخرى ساعدت على هدوء الوضع في دارفور منها سقوط الأنظمة المعادية للسودان والتي كانت تأوي الحركات المسلحة وتقدم لها الدعم وهي نظام مبارك في مصر والقذافي في ليبيا فضلاً عن الإتفاقيات الثنائية بين السودان وافريقيا الوسطى والسودان وتشاد وكانت نتاج هذه الإتفاقيات ان تم نشر قوات مشتركة بين السودان وتشاد لحماية حدود البلدين ونجحت بنسبة مائة في المائة في تحقيق الإستقرار على طول الشريط الحدودي وكلها كانت عوامل مساعدة في وجود ارضية صالحة لتطوير الإتفاقية وإستمرارها لصالح السلام والإستقرار والتنمية في الإقليم المضطرب وهو مطلب كل الأطراف ,على ان الإتفاقية واجهت متاريس وصعوبات في مسارات اخرى منها بطبيعة الحال السلطة وتضارب وضعية السلطة الإقليمية ورئيسها السيسي وتنفيذييها الأخرين مع الجهاز التنفيذي القائم في الولايات الثلاث سابقاً والخمس لاحقاً بعد إضافة ولايتي وسط وشرق دارفور وهو تضارب لاتزال اثاره قائمة لأن الإتفاقية في الأساس لم توجد له توصيف ومعالجة واضحة بالتالي الحل يكمن في الجلوس على مائدة حوار بين الطرفين السلطة الإقليمية والمركز وولاة المؤتمر الوطني في هذه الولايات للوصول لصيغة مثلى تضع حدوداً لمساحات التحرك في السلطة لكل طرف لأن المعالجة الحالية يبدو انها يلفها الكثير من الغموض وعدم الوضوح في التفاصيل والا ماكنا سنشهد هذا الخلاف الواضح الأن بين الوالي بشمال دارفور محمد يوسف كبر وبين السيسي والذي بدأ واضحاً وان تكتم عليه البعض وحاولوا نفيه او التقليل منه لايعني هذا انه غير موجود ووضح في عدد من المواقف الظاهرة ولعل اخرها المواجهة العسكرية بين قوات تابعة للتحرير والعدالة وقيادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر التي تتبع للقوات المسلحة ومسؤل عنها بالطبع بإعتباره الوالي ورئيس لجنة الأمن بالولاية التي تحتضن في ذات الوقت مبنى رئاسة السلطة الإقليمية وحملت هذه الحادثة الكثير من المغالطات ,قوات التحرير والعدالة تتحدث عن ان هذه القوات تابعة لهم وانها جاءت الى الفاشر كحراسة لأحد قيادات الحركة وكبر والقوات المسلحة يقولون ان هذه القوات كانت تستعد لمهاجمة الفاشر بصواريخ كاتيوشا وحسبوها تتبع للجبهة الثورية وصدتها القوات المسلحة ودحرتها وكل طرف يتمسك برأيه هذه المغالطات لن تقود الى حل فقد تكون التحرير والعدالة محقة في انها لم تكن تنوي مهاجمة الفاشر والقوات المسلحة ايضاً قد تكون محقة بإعتبار ان التحرير والعدالة نفسها مجموعة حركات وفصائل من المحتمل أن تشذ فرقة أو فصيل عن اجماع السلام او ان تكون غاضبة من شئ ما وقد شهد جسم التحرير والعدالة الكثير من التشققات في اعقاب العودة الى الداخل بعد توقيع اتفاق الدوحة والدليل وجود أحمد عبد الشافع خارج المنظومة على أن كل ذلك لايقدح في تصميم التحرير والعدالة بالسلام وتمسكها بإتفاق الدوحة ولذلك يبقى دائماً الحوار ووضع النقاط على الحروف هو المخرج ,هناك ايضاً قضية لاتقل أهمية عن ماسبق ذكره وهي التمويل الذي تكفل به المانحون والرعاة والحكومة لإتفاق الدوحة وللسلطة الإقليمية والذي يمكنها من تسيير دولاب عملها وتمويل المحاور الأساسية للسلام بالإقليم والذي بنيت عليه الإتفاقية من الأساس وهي محاور التنمية واعادة التوطين والعودة الطوعية للنازحين وهي محاور مهمة حقيقة وتحتاج الى تمويل لازم وسريع حتى يمضي السلام والتنمية الى المستوى المرسوم له في الإتفاق رغم ان هناك عمل من الحكومة والمنظمات المحلية والسلطة الإقليمية الا انه قطرة في بحر المشكلة ولم يقدم الا النذر اليسير بجهود وشراكات ومنح مثل القرى النموذجية ومشاريع المياه التي قام بها الأتراك الكويتيون والقطريون وغيرهم وبعض الجهد المحلي ,الشاهد ان المانحين دائماً لايوفون بوعودهم والنماذج شاخصة عندنا والأمثلة كثيرة منذ اتفاق السلام الشامل في الجنوب واتفاق ابوجا والشرق واخيراً الدوحة والحكومة التي التزمت في اتفاق الدوحة بدفع مائتين مليون دولار تعاني الأن من اوضاع اقتصادية حرجة ومعلومة للجميع اسبابها ولكن هذه قطعاً لايعفيها من مسئوليتها تجاه اتفاق الدوحة وبالتالي عليها البحث عن سبيل لدفع التزاماتها وحث المانحين على الوفاء ولو بجزء من التزامهم وهي مسألة تحتاج الى تحركات سياسية دولية بتنسيق بين الحكومة والسيسي لأننا نعلم ان اشتراطات المانحين قائمة على دوافع سياسية والسيسي لديه علاقات بالمؤسسات والمنظمات الدولية القادرة على الضغط على المانحين والحكومة تمتلك علاقات جيدة مع قطر وتركيا وعلاقات لابأس بها مع الإتحاد الأوروبي المطلوب توظيف هذه العلاقات لأقصى درجة ممكنة للعبور بالإتفاقية الى الأمام حتى لانعود الى المربع الأول وتذهب الإتفاقية الى الفشل مثلما حدث لإتفاقية ابوجا خصوصاً وان الحكومة والمجتمع الدولي وضعوا وثيقة الدوحة اطاراً للتفاوض الحاق المتخلفين عن ركب السلام بها ولذلك فشلها لاقدر الله يضعف محاولات الحل السلمي وعلى قطر التي رعت هذه الإتفاقية وحسنت بها موقعها ودورها الإقليمي والدولي أن تعي هذه النقطة جيداً. -- العنف الطلابي ..التعبير عن الأزمة الجامعات السودانية أضحت تشهد عنفاً متزايداً بين الطلاب فيما بينهم وبتدخلات حزبية وسياسية من خارج الجامعة كما شهدنا في العديد من الحالات في الجامعة الإسلامية والخرطوم والنيلين وغيرها كرد فعل على حادثة غرق طلاب جامعة الجزيرة او مقتلهم كما تقول بعض الإتهامات وكلها خيارات متاحة وشائعات تخرج في الفضاء المفتوح ومواقع التواصل الإجتماعي على ان الكلمة الفصل في رأيي هي ماسيصدر عن لجنة التحقيق التي كونتها وزارة العدل وبناءاً عليها ستتضح الحقيقة هل قتلوا ام غرقوا بالرغم من ان تقرير المشرحة يقول ان الموت كان غرقاً ولكننا سننتظر نتيجة لجنة التحقيق العدلية بإعتبارها لجنة قانونية محايدة ونطالبها في ذات الوقت بسرعة الإجراءات وكشف الحقائق للرأي العام لأن القضية باتت قضية رأي عام ولايجدي دمدمتها واخفاء الحقائق حولها مهما كانت مرة ,فإن كانت بفعل فاعل يحاسب الجاني بالقانون ,فمقتل طلاب او مواطنين ليس بالأمر الهين ولايجب السكوت عليه مهما كان جرمهم لأن هناك قانون يتحاكم به واليه الجميع ,ولعل مسألة الشبهة في هذه القضية قائمة الى ان يثبت العكس لأن موت هؤلاء الطلاب يجئ في ذات الوقت الذي كانوا يحتجون فيه وتشهد فيه جامعتهم -جامعة الجزيرة - احداثاً ساخنة بسبب مطالبة طلاب دارفور بإعفائهم من الرسوم الجامعية تنفيذاً للقرار السياسي المركزي واسوة بما تم لزملائهم في الجامعات السودانية الأخرى وبغض النظر عن ماتم لاحقاً من احداث فإن قرار جامعة الجزيرة ابتداءاً لم يحالفه التوفيق وجانب الحكمة لجهة ان القرار السياسي وان كان غير صحيح على إطلاقه ويحتاج الى مراجعة وتمحيص وغربلة مع الجهات ذات الصلة فإنه كان ينبغي على ادارة جامعة الجزيرة التعامل بحكمة واحالةالطلاب هؤلاء الى لجنة للجلوس او ابتدار معالجات تجنب الغضب مثلما فعلت بعض الجامعات جامعة الخرطوم نموذجاً ,إدارة جامعة الجزيرة تقول ان المستهدفين بالقرار هم الطلاب الذين جلسوا من معسكرات النازحين وهذه حقيقة فهم القرار بصورة صحيحة لأن كل ابناء دارفور ليسوا فقراء ولايعانون بل فيهم من هم مليارديرات وتطبيق القرار لصالحهم كلهم بلا استثناء يصبح نوع من الظلم لبقية أقاليم السودان التي فيها من يعاني بذات القدر واكثر هذا يفتح الباب لمراجعة القرار وتوصيفه وتحديد المستفيدين بالتنسيق بين الحكومة والسلطة الاقليمية لدارفور,الجانب الأخر المتعلق بالعنف الطلابي هو مايجب ان يرفضه الجميع ويعملوا على محاربته لأن لم يكن في يوم من الأيام وسيلة لتحقيق المطالب المشروعة منها وغير المشروعة ولأن استشرى في الجامعات وانتشر كالنار في الهشيم فإن الأمر يستوجب وقفة متأنية لدراسته وبحث مسبباته وسبل علاجه وعلى الأحزاب ان تتأكد ان ماتفعله من تغذية لهذا السلوك يدمرالبيئة والمجتمع الجامعي ولاتقتصر أثاره على مجرد ايصال صوت وارسال رسالة سياسية بل ستمتد للإضرار بمنشآت الجامعات من اصول ومكتبات ووسائل تحصيل أكاديمي وهو ماينعكس وينسحب على مستقبل الطلاب أنفسهم من كافة التيارات السياسية بل وحتى الطلاب غير المنتمين يتضررون دون ذنب او جرم من فعال هذه العناصر غير المنضبطة وبالأمس اصيب العشرات من الطلاب في جامعة ام دردمان الاسلامية وتم نقلهم الى المستشفيات ومعظمهم كما قال رئيس اتحاد الطلاب انهم غير منتمين لجهة سياسية فقط حظهم العاثر اوقعهم في مواجهة فئة متظاهرة وتقذف كل من يواجهها بالطوب والحجارة والسيخ لتوظيف حادثة موت طلاب جامعة الجزيرة في اشاعة اكبر قدر من الفوضى وتحقيق مكاسب سياسية وحزبية ضيقة ورئيس اتحاد الطلاب اتهم احزاب المؤتمر الشعبي وطلاب الجبهة الديمقراطية وحركة عبد الواحد بإثارة الفوضى ولكننا لانعفي حتى طلاب المؤتمر الوطني من الفوضى لأنه يوجد من بينهم متفلتين ومن بينهم من يستقوى بالسلطة بدلاً عن ادارة حوار مع الطلاب حول الاختلاف الفكري ونقاط الالتقاء ,نقول ان التظاهر السلمي اي كانت مبرراته فهو حق مكفول للجميع ولكن التخريب والعنف لايخدم قضية وضرره يطال الجميع ويصنع الأزمات عوضاً عن حلها لذا نعتبر ان هذا الوضع تعبير عن ازمة حقيقية تعيشها الأحزاب تتمثل في عدم وجود برامج وافكار لإدارة الخلاف سواء التي هي في الحكومة او المعارضة وهو مانعيشه في الأجواء الطلابية المحتقنة بالعنف والفوضى غير الخلاقة.