(ان تأتي متأخراً خير من ان تأتي مبكراً)، ليس هذا وحسب وإنما خير لك ان لا تأتي اطلاقاً اذا كان اتيانك على حواف الاستحياء لا يحتفي به الاخرون كأسبقية تستحق ان يؤرخ لها وان يحتفي بها ويسير بها الركبان. انسان بلاد العجائب انطوائي بطبعه مهزوم من الداخل لا يحب الاضواء يقفز في الظلام وما ان تلتقط قرناء استشعاره ما يدل على عموم الصوت والصورة حتي تختلط عنده المشاعر ويتدفق الادرينالين انهاراً وتضيع الكلمات وتكثر العثرات. اسبقية بلاد العجائب كانت في شتى المجالات وكثيراً ما سمعنا لدي الرياضيين اننا من اسس الاتحاد الافريقي وأيضاً من الاطباء ان اول عملية في التخصص الفلاني كانت في ستينيات القرن الماضي في بلاد العجائب والبريد والبرق والسكة الحديد والزراعة المروية والخدمة المدنية وريادة التعليم والفن والموسيقى والسينما. وكبير هذا الذي تولى عظم امره ووزر بذره وتربية اهله هو الاستقلال وما ادراك ما هو , كانت الاحتفالات في الشهر السابق تحمل الرقم السادس والخمسين وبلاد العجائب لاتزال تستعمرها الامراض والجهل والجوع . غالباً ما يكون الاعتراف جهراً اننا ثاني دولة بعد مصر قمنا بكذا وكذا أو في بعض الاحيان نأتي متقدمين على الشقيقة مصر في كثير من الأشياء والسؤال هو ماذا بعد كل هذا السبق ؟ هل نكتفي بتنسم عبق التاريخ وتفئ ظلال الماضي في كل حركاتنا وسكناتنا ام ان هنالك شئ اخر لا علاقة له بالتركيبة الانطوائية لإفراد بلاد العجائب . كثيراً ما يسارع رجال الأعلام وكبراء بلاد العجائب بكيل الاتهامات تلو الاخرى لآلة الاعلام الغربي والعربي التي غالباً ما تروج لأسبقية الأشياء مهما كانت حقيرة وتعيد ترتيب الاشياء كما يحلو لها مثال على ذلك كثيراً من معلقي الجزيرة الرياضية يتفاخرون بمعلومة مغلوطة وهي انطلاقة اول بطولة للأمم الافريقية في مصر وهذا هضم للحقوق الادبية والتاريخية لبلاد العجائب في وضح النهار . لكن من ناحية اخرى نحن لم نفعل في هذه البطولة ما يشفع لنا في حاضر الايام ومستقبلها وصرنا اول من تركله البطولة الافريقية خارج المنافسة من ابواب متفرقة قبل النهائيات أو بعدها بقليل ولا يعبأ بنا أي فريق نلاقيه بل وحين ننتصر على الجابون أو بوركينا فاسو أو جزر القمر لا تطلع علينا شمس الغد في البطولة إلا ونحن نرتدي ذي الحصان الاسود الكامل الذي اتى بالمعجزات والخوارق. هل الاسبقية هدف في حد ذاتها وهل هي شئ جميل دائماً مثلاً افاخر بأنني اول مطرود أو اول متشرد أو اول قاتل بالطبع لا. يبقي السؤال قائماً وإجابته انني افاخر بأن اكون سباقاً لما هو جميل بشرط ان اكون وأظل من رواده بل ومن المطورين له والمتطورين فيه. يقول علماء الاجتماع ان الاسبقية التاريخية دائماً ما تصاحبها لعنة الانبهار بمستحدثات الموضوع محل السبق والوقوف عند ذكريات التأسيس فمثلاً غالباً ما تجد السكان الأصليين في أي منطقة هم افقر الناس وأقبحهم سكنى ومباني ولا ينفكون يرددون ان هذه الابراج العالية والعمارات الشاهقة والمولات الحديثة كانت في السابق عبارة خلاء وفلاة وبرية تعوي فيها الكلاب ومكب للنفايات وانا واحد من هؤلاء . دائماً ما نسمع ان السينما في بلاد العجائب كانت من ضمن الرائدات في المنطقة العربية والأفريقية وتقام الاحتفالات باليوبيل الماسي والفضي والبرونزي والنحاسي بمناسبة مرور عشرومية سنة على تأسيسها ونحن لم نتعدى بعد مرحلة الأفلام الصامتة التي تسبب لمن يشاهدها التهابات الاذن الوسطى وقشعريرة مفضية للإسهال الذي من الممكن ان يؤدي بحياة الفرد. ويطلق علينا القائمون بأمرها ان الفلم بعنوان (اخطار الاجرام في ثقافة الامم السابقة وعلاقته بحاضر الجريمة في مجتمعات العرب الرحل ) قد فاز بجائزة احسن اخراج وأفضل ايه مش عارف وفي الواقع لم نشاهده ولم نسمع به . عندما تقف خلف المنتظرين للمركبات العامة فأعلم انك اخر من يركب اذا كان في المركبة متسع للمتسكعين. نحن نعيش في عالم اخذ من السرعة اقصاها لن يتوقف لالتقاط قفازات التاريخ المتساقطة ولن يستمع لسخافات السبق المتلاحقة في بلاد العجائب , المشكلة فينا نحن وليس صحيحاً ان الاخرين دائماً هم السبب. لكم ودي,,,,,,,,,,,,