مع التطورات الحتمية التي تحدث الآن في المجتمع أصبحت بعض المألوفات السابقة في ذمة التاريخ بفعل هذا التطور وإذا تحسسنا ما حولنا نجده بالبرهان والدليل القاطع، نتيجة لهذا التغير، ولعل المستحدثات التي تطرأ بين الحين والآخر نتاج طبيعي لمساهمة الانسان في هذه التنمية التشاركية. قديماً كنا نحمل المفكرات الصغيرة المجلدة لندون عليها بعض الأرقام التلفونية والعناوين العامة أو اللحظات الجميلة وأشياء أخرى تحمل عبق الذكري عن السفر والتلاقي والمعلومات التي قد نحتاجها بين الحين والأخر وقد تبدلت الآن بعض هذه النشاطات الانسانية السابقة والتي حل محلها الجوال أو اللاب توب والفلاش... الخ يحل محل كل ذلك ولكنه يتطلب المعرفة التامة بكيفية التشغيل والتخزين والاسترجاع والتغيير في المعلومة من وقت لآخر وقس علي ذلك. ونتيجة لذلك اختفت ساعات اليد الجميلة (الجوفيال) وساعات الجيب والتي أصبحت هي في ذمة التاريخ ونادراً ما تري ذلك فتلاشت وكسدت أسواقها إلا من له الرغبة في أن يكون الزمن الجميل رفيقاً له طوال اليوم، وهكذا. كذلك في البريد والتراسل الورقي والتواصل قد تبدل الحال وأيضاً كان الناس يحملون القروش الورقية والحديدية في الجزلان (خزنة صغيرة متحركة تدس بداخل الجلابية أو العراقي الداخلي خوفاً من السرقة) وبفضل هذا التطور التكنولوجي والتقني أصبحت الأموال محفوظة في البنوك وفي سرية تامة وبارقام شخصية لا تتكرر وبسهولة ويسر عبر البطاقة المصرفية يمكنك صرف ما تشاء من نقود ودس المتبقي من عيون الجماعة اياهم.. وفي الطريق أيضاً سوف تتلاشي مساحات التخزين وغيرها عبر الفلاشات والسي دي والتي كانت حدثاً عظيماً أدركنا به العولمة (الأمركة) حيث تنوعت فنون الاتصال والتلاقي والحفظ والاسترجاع بوسائل سهلة ومريحة ذات سعات عالية، وحتي الأغاني تندثر طريقة حفظها واسترجاعها عبر مواعين عالية السعة وأكثر تقنية وأكثر حفظاً لتصبح الأن تلك الاسطوانات مجرد ذكريات جميلة لزمنِ نأمل أن يعود بتغيرات تفيد البشرية. والعولمة لها محاسنها وسوالبها وأصبحنا لا نجتهد كثيراً ولا نفكر كثيراً وكل ما نحتاجه نجده بسهولة ويسر ونكون قد عطلنا التفكير والابداع وتلاشت عنا لحظات ميلاد الكلام والارق والمعاناة الجميلة والتي تبرز المواهب. والبحوث العلمية والمواد الدراسة ومناهج البحث عن المشكلات وايجاد الحلول لها بين يديك وبنقره خفيفة يساعدك عمك قوقول (Google) بكل ما تريد دون عناء أو كد أو تفكير وهذه المساعدة القيمة هي نتاج لافكار ومعلومات آخرين اجتهدوا فيها وسعوا في التنقيب والبحث عنها بشتئ الطرق فكانت هذه النتائج، ولكن هل الذاكرة البشرية تستطيع أن تستوعب هذا الكم الهائل من الانفجار المعلوماتي بين ثانية وأخرى وهل بمقدور الانسان أن يواكب هذا الحشد الهائل من استقبال واستيعاب ثم تبادل لكل هذه المعلومات في ظل ظروف بيئية قد تكون معقدة؟ تتجلي قدرة الانسان دوماً في تفهمه للعديد من المتغيرات ولكن بطرق وأدوات مختلفة، وهل كل ما نتلقي من معلومات يومياً تكون في موقع الاستحسان والتوافق؟ أم أتكون الاضافة والحذف والتعديل أو الرفض؟ كل المؤشرات تدل علي أن العولمة قد أصبحت ضرورية بالرغم من بعض سلبياتها ومخرجاتها واقعاً لا مفر منه واماكنية التجاهل أو التساهل أو التقوقع يكون غير محتملاً. وفي الاخبار والانباء بأن هنالك متغيرات سوف يشهدها العام المقبل باذن الله تتعلق بأجهزة الاتصال بمواصفات عالية التقنية تسعي لها بعض الشركات تبسيطاً وتجويداً وتطويراً وحمولةً ميسرة بين أصابع اليد وليس الجيب والذي كان في السابق مخزناً للعديد من المقتنيات الهامة كالنوته الصغيرة والقلم والفلوس، وللحفاظ علي الجيوب وسلامتها من التلف والفراغ نأمل من الجهات المعنية أن تسعي بكل جد واجتهاد واخلاص لاعادة الجنيه السوداني لسيرته الاولي .. ونأمل أن تمتلئ الجيوب والخازنات الالكترونية بالمال الوفير والذي يعني الرخاء والصحة والعافية والتعليم والأمن والأمان والطمأنينة.. اللهم آمين يا رب العالمين وإلي أن نلتقي... ويبقي الود بيننا [email protected]