يقطن الناس فى البادية والحضر والمدن وسكان البادية يختلفون عن نظرائهم سكان المدن والحضر فى التقاليد والعادات والنشاطات اليومية ، ولعل المدائن أصلها من القرى والبوادى توسعت وكثر سكانهاوإمتزجت عاداتهم مع بعض ،فصاروا أقرب للمدينة فى الطباع من سكان الفرقان والقرى الذين يمثلون البادية اصلاً . جمال القرية فى وداعتها وهدوئها وبساطتها وتميزها بالتعامل السهل دون تعقيدات والتواصل والتلاقى وتشابه المعيشة قرب العديد من المعاملات وأصبحت لا تحتاج الى عناء وأمور تسير بالوضع اليسير ،والقرية تحفها الاشجار والشجيرات الظليلة نوعاً ما ويغلب على سكانها ممارسة حرفة الزراعة والرعى وقليل من التجارة اليومية التى توفى الإحتياج أو الاسبوعية التى تسمى سوقاً فى يومٍ محدد يؤمه جمع من السكان المجاورين لهم ، ويوم السوق يوم إجتماع كبير لسكان تلك المناطق حيث يتبادلون السلع النقدية والإنتفاع من المنتوجات المحلية ، فالقرية يكتفى أهلها بالبن واللحوم والعيوش المختلفة ، ولهم فى تربية الحيوان مدارس وفنون وفى جلودها نعم كثيرة لا تحصى .فالخضرة والجداول وصوت السواقى النائحات ليلاً وهى تسقى الزروع وكأنها تسأل الناس عن الأحبة الغائبين أو الذين ذهبوا الى الديار الأخرى بغية المنافع فى التعليم أو الصحة او البقاء جوار الابناء بعد أن خلت البيوتات من الونسة والتلاقى لاسباب كثيرة ، وللقمر بوح وللشمس مدار وللغناء عند ليلة الرابع عشر من كل شهر مناسبة ،يلتقى عندها الصبية والأطفال للتسامر فى منتديات عمروها بالشدو والدوبيت بالدارج والفصحى والفكاهة وأناشيد سمعوها ولحنوها على اغانٍ فى المدارس و تسمى محفوظات .ونشاط القرية يبدأ عند الصباح ، فذلك المزارع الذى يسقى محصوله وذلك الذى يعمل بدلوه وهو البعيدعن منابع المياه لإرواء جيرانه وماشيته من غنم وحمير وأبقار وتلك التى تحمل الماء على رأسها جلبته من المورد ، وفى العام فإن جلب الماء من العيون تتبارى له الفتيات ولهن فيه مغنى وسمر وحكايات قد تكون وليدة اليوم أو النشاط الترابطى للقرية ، أما سوق القرية الإسبوعى المحدد فهو نشاط جمعى يعج بالزوار والسلع بغرض التبادل أو البيع المباشر لمنتوجات يجلبها التجار ويسمونهم الجلابة ومن خارج القرية تلك هناك أنواع ست للخضار البلدى متنوع فى أشكاله وفوائده ويتفاوت فى سعره وهو مفروش على أرض منبسطة ، وذلك الذى ينادى على جديد إنتاجه المستورد من البندر والمدن تلك التى تجيد صناعة الشاى والقهوة والمأكولات الشعبية والمشروبات البلدية كالكردى والليمون والشعير والحلو مر ، وقد إلتف حولها الزبائن الذين تعرفهم ويعرفونها عن قرب بحكم التلاقى والتقارب .وللسوق ايضاً شبح مسئول عنه وهو مسئول الحكومة وجامع الدقنية أو الضريبة أو الرسوم أو العوائد فسمها كما تشاء فى نهاية الأمر مبالغ تسدد للحكومة بغرض تقديم خدمات الأمن والصحة والتعليم للمواطنين في الريف والحضرويعلو صوت من ذلك التسجيل الذى عرف حديثاً وأدخلت عليه أسطوانات الأغانى والمدائح النبوية والدوبيت والمساجلات الشعبية من مدن وأرياف مختلفة اطلق عليها من ربوع السودان ، وتشكل اللوحة الاخاذة عند الظهيرة وذلك الشخص المشهور الذي ينادي على الناس بالصوت الجهور والطروب عند مناسبة عامة تخص الناس في ميقات معلوم او أن يبلغ عن وفاة لأحد السكان المجاورين . فاليوم المحدد هو السوق الإسبوعي حيث ترى أنواع المواشي للبيع اتخذت لها مكاناً واعلافاً بجوارها ، والى الجوانب الأخرى ترى صناعي الأحذية البلدية وبائعي البروش والمراتب والعناقريب وكذلك الإسرة من الحديد ، دع نظرك يتجول بدون مقابل ، فأنت أمام مشاهد حية تحكي عن التسوق الشعبي، والكل ينتظر هذا اليوم حتى طلاب المدارس والمعلمين والذين يعملون على إنهاء الدروس مبكرا لإتاحة الفرص للتلاميذ لمقابلة أهلهم أو معارفهم أو لهم فيه مأرب أخرى ، فتلك القرية تنتظر عرسها وفارس أحلامها في ليلة تجمع فيها الأماني الطيبات الموعدة بالخير الوفير والعافية وكان ذلك حلما قد طواه الزمان ودفنت معالمه حواضر التطوير والتحديث ولكن مازال المذاق يذاق والذلك الطعم الذي لا يمحوه الزمان ... وعن تلك القرى نحكي أيام زمان .. وحليل زمان فهل من رجوع .. الى ذلك الزمان ... إلي أن نلتقي .... يبقي الود بيننا [email protected]