دعاني أخوة كرام للحديث عن ذكرياتي مع التعليم بل بعضهم أخذ علىّ أنني تنكرت لمهنة الرسالة والمعاناة ، وقد أقنعت الكثيرين بأنني في واحدة من أهم حلقات مقالات الديامة وصلوا تناولت التعليم من هذا المحيط الضيق وتجددت الدعوة من الأخ الصديق والرفيق الأستاذ محمد الحسن وداعة عمر، والذي زاملته في مكتب التعليم أيام عبدالوهاب رستم ومساعدته الفنية فاطمة الأزهري أيام قطع شك سأرجع إليها بالتفصيل «لأنها أيام الشباب والألق»، والتعليم في نظرنا كان مسؤولية وطنية تربوية وذكريات إثنان وأربعون عاماً ليست بالسهلة جوبنا فيها أغلب اقاليم السودان ولنا فيها آثار وشاركنا في التدريب في كلية المعلمين الوسطى وفي المناشط الرياضية في الدورات المدرسية وفي النقابات والإنتخابات والعمل العام بصورة كبيرة دفعنا فيها سنوات عمرنا ولكننا خرجنا راضين أن أنفسنا الذي كان من رضاء المواطنين. وكثيرون من معلمي هذا الزمان لا يفرحهم نزول المعاش الإجباري وهؤلاء هم الذين تلاعبوا في شهادات ميلادهم وللأسف أي مدة قضوها بالاوانطة خربوا أكثر مما أصلحوا وقديماً قيل «كان الشىء فات حدو انقلب إلى ضدو». والعبد الفقير دخل التعليم بشهادة ميلاد أصلية تاريخ ميلادها 51/مارس 4491م ونزلت المعاش الإجباري 51 مارس 5002م، راضياً مرضياً وقد تمنيت أن تكتمل سنوات خدمتي مع نهاية المرحلة المتوسطة 5991م وصدقوني أسوأ سنوات التعليم التي عشتها في أيام مرحلة الأساس، وقد اختتم أيام المرحلة المتوسطة بمدرسة العمارات بنين في تجربة لسنة واحدة ولكنه بما تبقى من عمري المعاشي سنة معاناة ومطالبة وصبر على المكاره وتحمل الأذى من أبناء جلدتك الذين ما عرفوا قدر التعليم والتربية، وقد ركبوا حصان الثراء المهم هي سنة لأول مرة في حياتي أكون ناظراً لسنة واحدة في مدرسة وقد جئت هذه العمارات التي يحسبها الكثيرون من أبناء جلدتنا أنها «الإمارات !!» لذا يحبون أن يخلدوا فيها لسنوات أما نحن رضينا وعشنا بين الأقاليم وتزوجنا من التعليم وربينا أبنائنا من حلاله، ولم يجلس أمامنا تلميذ لتدريسه درساً خصوصياً لقد عشنا ايام المرحوم جابر دهب الأستاذ الوحيد في السودان الذي كان مسؤولاً عن تنقلات المعلمين داخل السودان رحمه الله رحمة واسعة لا يعرف المراهنة أو الجهوية أو الخصوصية يعامل كل المعلمين بمعايير مخافة الله ومصلحة التعليم وتوازنه في السودان ولم يرفض له طلباً نقلها بموجبه من أطراف الأستوائية في رمبيك «الزاندي» إلى دارفور عد الغنم الذي أصبحت محلية عد الفرسان سأحكي عن هذه المحطات ونوادرها وربنا يقوي الذاكرة حتى لا تقع من حمل السنون ذكرى. فقد تم تعيننا في مجلس بلدية الخرطوم بمرتب ابتدائي وقدره 84،61 «ستة عشر جنيه وثمانية واربعون قرشاً » وكنا قد تنقلنا مع مكاتب التعليم والبلدية في عدة أماكن نشهد أن البلدية كانت تجمع تحصيل زرائب الحمير المتعددة وتصرف لنا المرتبات. قبل الدخول للحكومة عملنا سنة واحدة في المدارس الأهلية وأول مدرسة عملت بها في العام 2691م مدرسة الحلة الجديدة عبد المنعم يونس مع أساتذة أجلاء حمدي بولاد حمدي بدر الدين ضياء الدين العباس صالح مكوار وبشار وفتحي عبدالمنعم ومصطفى محمد صالح رحمة الله وعبد النبي حمدان وعباس بنك وثلة عظيمة من أوائل المعلمين ثم تعينا بمصلحة الشؤون الدينية «مدرسة علوم حديثة وسافرنا إلى الجزيرة «معهد ود شمعة» ثم ود الشافعي وعدنا إلى الخرطوم وأسسنا مدرسة النيل الأهلية بنين وبنات في منزل بشارع الحرية ثم انتقلنا الى حراث بالديوم شرق المجلس التشريعي عملنا فيه مع زمرة من كرام الأخوة «أحمد عبد الرحيم محمد صالح والأستاذ فتحي خليل رحمه الله والأستاذ عبدالله حسب النبي الان محاضر بجامعة الخرطوم وعبدالله نصر وادريس عبدالله وحسن مصطفى، عبدالمنعم سعيد، عبدالرحيم. ومن المعلمات طيبة الصافي نور الخديوي، فوزية عوض الكريم نفيسة محمد حسن، نادية محمد فضل. وقد بدأنا نشيد في مباني المدرسة للبنين بإمتداد الدرجة الثالثة «معهد صلاح حالياً» في العام 7691م تركتها متجهاً إلى كلية المعلمين الوسطى ببخت الرضا بالديوم التي كان عميدها المخضرم الأستاذ لمرحوم مندور المهدي ومن الأساتذة عبد الفتاح محمد عيسى وبشير، مستر بيرد ونمر سليمان وادموا الجغرافيا وحسن رضا التربية البدنية وشيخ الجيلي، وقد عشنا في كنف بخت الرضا التي تبهرك بكل شىء وكما قال قائل: البخت مافي واويها فيها باعوضة عينة ودبابيب وثعابين أنواع وفيها امطار عينة، ولكن في ربوعها مدارس التدريب النيل الأبيض وناظرها القامة التلب والدويم شمال ومبروكة المهم خليط من المتناقضات نحتار في أن الخواجة مؤسس هذا المعهد مستر قريفث الذي اختار هذا المنطقة التي تلائم كل أجواء السودان وميزة بخت الرضا انها تجمع شتات أخوة من جميع أنحاء السودان بكل أعرافهم وثقافاتهم لكل نصيب تجاربه في هذا الوعاء الجامع واستقر بنا المقام في داخلية السوباط في غرفة سكنتها عامان مع الأخ الكريم الأستاذ عبدالنبي حمدان رحه الله حياً أو ميتاً فهو نعم الأخ والصديق. وسأواصل الحديث عن التغيرات التي أصابت بخت الرضا ورحل العميد «مندور» وورث الأرض من بعده العميد عصام حسون الذي صادفت فترة تهانينا يوم ثورة مايو 9691م نواصل