[email protected] وأنا أقلب مؤشر التلفزيون وجدت القناة التركية، التي تبث إرسالها من مدينة استانبول العريقة،حيث كان هنالك برنامج يستضيف القائد التركي الكبير رجب طيب أردغان - رئيس وزراء تركيا،وزعيم حزب العدالة والتنمية التركي ، هذا الحزب الذي قفز بالمستويات السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية والفكرية التركية إلي درجات عُليا ، يُحسب لها ألف حساب في كل دول العالم ، بعد أن كانت الدول الغربية تسمي تركيا» رجل أوربا المريض « فاصبحت الآن تركيا « رجل العالم العزيز» - وهو يتحدث عن المشهد المصري وتداعياته علي النسيج السياسي الداخلي ، وتأثيراته علي المنطقة العربية والإسلامية ، ووتناول الحديث إجراءات فض الإعتصامات التي قامت بها الفعاليات المصرية المطالبة بعودة الشرعية ، ورفض الإنقلاب العسكري الذي قام به الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، وبعض الأحزاب والتيارات التي فشلت في الإنتخابات التي جرت في مصر عقب ثورة 25 يناير «هذه الثورة التي أصبحت بين مطرقة الدولة العميقة وزبانية مبارك-الفلول - وسندان الحقد الغربي الذي لا يقبل بالإسلام السياسي قائداً للمجتماعات والدول العربية والإسلامية .. زرف أردغان دمعاً ثخيناً عندما كان الحديث عن شهداء « رابعة العدوية، والنهضة، والحرس الجمهوري ورمسيس ...» وبالأخص عندما أتي الحديث عن الشابة « الشهيدة أسماء البلتاجي « كريمة القيادي البارز بحزب الحرية والعدالة المصري - أكبر الأحزاب المصرية وأقواها ، وأكثرها ثأثيراً في الشارع المصري بعد الثورة علي نظام « مبارك « - الدكتور محمد البلتاجي عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة ... والشهيدة أسماء تُعتبر رمزيةٌ فقط لقطاعات الشباب والمواطنين المصريين ،الرافضين للإنقلاب العسكري الذي أطاح بالشرعية يوم 3/يوليو والذي بلغ عددهم آلاف الشهداء و الجرجي والمعتقلين... والمشهد المصري يكتنفة التحدي والتصميم ، علي المضي قدماً في رفض الإنقلاب ، والإستعداد لدفع الغالي والرخيص في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل، بالوسائل السلمية ، ولعل الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ردد، وردد معه وبعده، وما زال يردد العديد من قيادات الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة أنه :» ثورتنا سلميه وستظل سلمية وسلميتنا هذه أقوي من الرصاص « والأيام القليلة الماضية أثبتت هذا الأمر رغم أن قيادات الإخوان تعرضت للقتل والإعتقال والتعذيب والحبس الإنفرادي ، حتي طال هذا الأمر المرشد العام - أعلي سلطة تنظيمية في الجماعة - حيث تم تعذيبه من قبل الشرطة والأجهزة الأمنية- وهو شيخ في السبعين من عمر - « حسب رواية العديد من الوسائط الإعلامية « وكل هذا التنكيل والقتل لم ولن يفت من عضد « التحالف الوطني منى أجل دعم الشرعية « فتواصلت المظاهرات السلمية رغم القتل الوحشي والحرق البشع ، وقانون الطوارئ ، وحظر التجوال ... وغيرها من وسائل القمع السياسي، والإرهاب المنظم من السلطة المُغتصِبة في مصر ، ولم يفت من عضد الثوار... ولعل كلمات الدكتور البلتاجي لروح إبنته الشهيدة أسماء ..» لا أقول وداعاً ولكن إلا اللقاء ..» هي كلماتٌ لأبٍ مفجوع ، وقائدٍ أخذت قوي الظلم والإرهاب ، والبغي والعدوان أعز ما عنده – فلذة كبده وغرة عينه - إبنته ذات السبعة عشر ربيعا ؛ ولكنه واجه هذه الفجيعة بالصبر والثبات والتصميم علي المضي قدماً في تحقيق الأهداف السامية التي جاهد من أجلها ، ونافح في سبيلها عقود من الزمان ، ويعلم علم اليقين ... أن الحرية مفروشٌ طريقها بالدماء والعرق والدموع ، ولن ينال طلابها برها وشهدها ،إلا بالإنفاق مما يحبون ..فدونها أقرب الأقربين ... فهل تذهب هذه الدماء هدرا....؟؟؟ دموع «أردوغان « تُعبر عن أخووة وحميمية الجسد الإسلامي الواحد - الذي إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي ، وهذا دليل عافيه في هذا الجسم الإسلامي الكبير ، الذي أثخنته جراح الشقاق والخلاف والنفاق، واستهان به العدو ، واستباح بيضته تقتيلاً وتعذيبا ...وسلط عملاءه لتفعل فعلها في بني جلدتها ... وأضحت الأمة كما وصفها الرسول صلي الله علية وسلم «كغثاء السيل»، ينزع الله المهابة من صدور أعدائها ، ويقذف في قلبها الوهن ... والوهن كما وصفه الرسول الكريم صلي الله علية وسلم هو :» حب الدنيا وكراهية الموت « ...بوادر النصر الآن هو عدم الخوف من الموت ..» أنك ميتٌ وأنهم ميتون...» فالموت حتماً هو مصير كل شخص مهما بلغ من العمر والقوة والسلطان ... فكتب بعض الإخوة الصحفيين في حادثة إستشهاد « كريمة البلتاجي « ..أن والدها يبجل الموت !! ولماذا نبجل الموت ولا نبجل الحياة؟! .. ووجهوا العديد من الإنتقادات للتيارات الإسلامية التي تتحدث عن الشهادة !! ... فالقتال لدرء الفتنة ، وصد المعتدين .. المدافعةٌ بين الحق والباطل ، والخير والشر ، والظلم والعدل حتمية مهما تفلسف المتفيقهون ...» ويتخذ منكم شهداء «... والتيارات الإسلامية في الغالب مُعتدي عليها ... وهذا لا ينفي أن هنالك أهل غلو وتطرف محسوبون علي التيار الإسلامي ، ولكنهم لا يشكلون نسبة 5%.. الإسلاميون في مصر وصلوا إلي السلطة عبر الديموقراطية التي يتغني بها الغرب ، واللبراليون من أبناءالأمة في سابقةٍ سياسية فريدة شهد علي نزاهتها القاصي والداني... ولا أشك أن دموع أردغان ، وعرق الأبرار من أبناء الأمة ، ودماء أسماء البلتاجي ، وكل الشهداء الذين سقطوا في ميادين الشرف من أجل الحرية والعدالة ستغسل أرض المنطقة من دنس الظالمين، وتُعيد الحق إلي أهله ، وتبسط العدل مهما تكاثف دخان الباطل ...