يجد التأمين الصحي إهتماماً كبيراً من كافة دول العالم وتجيء أهميته من تعميمه على كافة المواطنين وبالمجان، ويتبع في ذلك أسهل الإجراءات وأيسرها بحيث يتم حصر كافة السكان وتمكينهم من الحصول على الخدمات الطبية ومنحهم بطاقات علاج بدون رسوم، وأذكر عند زيارتنا في الثمانينيات لألمانيا الغربية (بون) كان من أهم الشروط لمنح التأشيرة الحصول على بطاقة التأمين الصحي التي تمكننا من العلاج المجاني إبان تواجدنا، أما بالنسبة لحالات الأمراض المزمنة (ضغط - سكري .. الخ) فإن لها معاملة خاصة إذ (اعتورت) الزائرة وأصابته نوباتها هناك وكما كان برنامجناً قاصراً على زيارة جنوبألمانيا (بافاريا) زاد حرصنا على استخراج بطاقة التأمين بإعتبار أنها مقاطعة ريفية إلا أننا بعد المكوث فيها وجدنا أنها من أهم المقاطعات الألمانية لوجود العديد من الصناعات الاستراتيجية بها كصناعة العربات الفلوكس كما تشتهر بصناعة (السجوك) وتحتفل به سنوياً وتمتلئ بمراكز العلاج (المتطورة). نعود إلى موضوع التأمين الصحي حيث شهد السودان مؤخراً عقد أول ورشة عمل نظمتها إحدى الهيئات التأمينية العالمية وتتناول تحديداً أهمية (التأمين الصحي) وخطتها لافتتاح فرع بالسودان، وكمثال تطرقت مندوبة الشركة إلى التجربة الفرنسية في التأمين الصحي التي تعتبر مثالية ورائدة، حيث يتحصل الفرد الفرنسي على العلاج مجاناً 001% لكافة الحالات وبإجراءات بسيطة وسريعة بعيدة عن الروتين ويستطيع إجراء العمليات الجراحية الكبيرة في أكبر المستشفيات وبواسطة أشهر الإختصاصيين حتى لو استدعى الأمر الإستعانة باختصاصيين من خارج فرنسا يقف الأمر عند هذا الحد حيث شملت نصوص الدستور الفرنسي فقرات كاملة تدعم علاج المواطن بواسطة الدولة والتأمين الصحي ويلزم كافة الجهات بالعلاج المجاني. أما منظمة الصحة العالمية فلها نظرية مفادها أن تكلفة العلاج أو الصرف على المريض يجب أن لا تتعدى مرتب اليوم الواحد، وإذا حدث العكس وتجاوزت مرتب اليوم الواحد فإن الصرف يعتبر كارثياً كما أن البحث عن العناية الطبية (المكلفة) والتي يعجز المواطن عن الإيفاء بها والإلتزام بسدادها وكثيراً (ماتفوق) دخله وموارده مما يقوده لحافة الفقر وتدفعه إلى الحصول على قرض أو الإستدانة من المعارف أو الإضطرار لبيع الممتلكات (منزل - عربة أثاثات). أما بالنسبة لنا في السودان فإن خدمات التأمين الصحي أمتدت لكافة الولايات واتسعت مظلتها وساهمت في علاج قطاعات كبيرة وشرائح من المواطنين الذين كانوا يعانون من الحصول على العلاج، إلا أنهم يتحصلون عليه برسوم زهيدة بعد حصولهم على البطاقة التأمينية، وهناك مساعي مستمرة لتطويره والتوسع في خدماته وتعميمها لتشمل كافة المواطنين خاصة بعد دخول خدمات بعض شركات التأمين وحسب الاحصائيات، فإن مشروع التأمين الصحي الإجتماعي الذي تشرف عليه الدولة غطى 33% من المواطنين على مستوى القطر آملين أن يعود العلاج المجاني ليشمل الجميع، والمطلوب الآن تبسيط إجراءات التأمين الصحي خاصة التي تشرف عليها اللجان الشعبية بالأحياء والتي تعاني من بطء الإجراءات، وكان من المفترض عدم إقحامها في هذا المجال الحيوي وقصر دورها على إقرار المعلومات الموجودة بالأرانيك والتي ترتبط بالمواطن ومكان سكنه وتاريخ ميلاده وعمله وحالته الإجتماعية على أن يسلم الأورنيك لإدارة التأمين الصحي.