سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخبير الإعلامي حسن أحمد حسن يقدم رؤية محايدة لقضايا السودان الغرب يتعاطف مع «الإنساني» أكثر من تعاطفه مع «السياسي» ولهذا السبب تغيرت نظرته لقضية دارفور
الحكومة والمعارضة يعانيان من خلل تنظيمي وخلافات ظاهرة أقعدت البلاد
ٌإعلامي سوداني بدأ حياته ناشطاً في حزب الأمة.. عمل مديراً للتحرير بصحيفة(صوت الأمة)، ومن ثم تفرغ للتدريس بالجامعات حتى أخذته الغربة على أجنحتها واستقر به المقام في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وظلّ ناشطاً في مجال الإعلام هناك وعمل في العديد من المؤسسات الإعلامية.. إنه الخبير الإعلامي حسن أحمد الحسن الذي عاد في إجازة قصيرة للسودان ووجد أن مياه كثيرة قد جرت تحت جسر البلاد.. التقيناه في هذه الدردشة القصيرة ليشخص لنا الحالة الراهنة على ضوء ما عاشه في الماضي.. ويقدم لنا رؤية الإعلاميين السودانيين في المهجر وكيف ينظرون إلى قضايا السودان.. وتفاصيل رؤية الغرب لقضايانا الملحة التي تجاوز بعضها المحلية.. والإعلاميون في المهاجر مهمومون دائماً بعكس الوجه المشرق للسودان فيرتدون الثوب القومي وتصبح نظرتهم أكثر حيادية وشمولية وموضوعية.. فإلى تفاصيل اللقاء العابر:- ٭ السودان كان مليون ميل مربع والآن تقلصت المساحة بانفصال الجنوب كيف تنظر لهذا الواقع؟ - كنت أتساءل دائماً طالما نحن يمكن أن نتفق مع الإخوة الجنوبيين على الحريات الأربع فلماذا أصلاً كان الانفصال.. وأعتقد أن معالجة الحكومة لازمتها مع الجنوب لم تكن بالمستوى المطلوب وكان يمكن أن تكون هناك خيارات أخرى غير الانفصال.. بدليل أن الجنوب الآن وبعد الانفصال يعاني من العديد من المشاكل ويبحث عن حلولها مع السودان الشمالي والسودان أيضاً لا يستطيع أن ينعم بالإستقرار إلا إذا تحسنت علاقته مع الجنوب. ٭ ما المطلوب إذن في هذه المرحلة؟ - المطلوب من الطرفين الوصول إلى حالة من التوازن بين متطلبات كل دولة واحترام الآخر لتحقيق نوع من التعاون المشترك لمصلحة الشعبين الذين تربط بينهما أواصر إجتماعية والعلاقة بينهما علاقة حتمية تفرض علينا جميعاً الإبتعاد من كل ما من شأنه أن يؤثر في هذه العلاقة. ٭ زيارة سلفاكير هل يمكن أن تحقق هذا التوازن في العلاقة؟ - من المهم بعد زيارة سلفاكير التي وضعت أساساً لهذه العلاقة أن لا تتخذ الحكومة قراراً أو خطوة يمكن أن تعيد الأمر إلى المربع الأول، وأنا إلتقيت أحد المسؤولين الجنوبيين قال لي: إن الوطن الجنوبي لا يستصيغ البضائع القادمة من كينيا ويوغندا ويتعلق وجدانياً بالبضائع القادمة من الشمال ويعتبرون هذا الأمر جزءاً من ثقافتهم، وهذا الأمر كان يمكن أن يستغله السياسيون بتنظيم التجارة بين البلدين ويمكن من خلالها تحقيق المطلوب وهو علاقة اخوية مميزة بين البلدين. ٭ الحكومة بدأت خطوة لتطبيع علاقتها مع الأحزاب كيف تنظر لهذه الخطوات؟ - أنا كمراقب أفتكر أن الأحزاب المعارضة لديها قضية ومطالبها مطالب موضوعية.. ولكن المشكلة أنها كأحزاب تفتقر إلى المؤسسية وتعاني من مشاكل تنظيمية. أما الأمر الثاني أنا كنت أعتقد دوماً أن نظام الإنقاذ قد وجد فرصة كبيرة لتحقيق الكثير من الايجابيات من خلال حكمه للبلاد.. ولكن هناك الكثير من الأخطاء التي ظهرت مؤخراً وأشارت بوضوح إلى أن هناك خللاً ما في أمور الدولة ظهرت خلافات في أروقة الحكم أو داخل أروقة الحزب وللأسف هذه الخلافات انعكست على الأداء العام. فكلا من الحكومة والمعارضة يعانيان ويحتاجان إلى وقفة لتحديد المطلوب وكيفية تحقيقه، وإذا كانت هناك جدية سيتم وضع الحلول المناسبة لكل القضايا.. والقضايا واضحة وليس هناك ما يمنع الوصول إلى حلول فيها. ٭ الجبهة الثورية أصبحت مصدراً للتوتر وزعزعة الإستقرار ما هي رؤيتك لما يحدث؟ - أفتكر أن الخطأ في ما يتعلق بالجبهة الثورية أنهم لن يستطيعوا أن يفرضوا واقع معين من وجهة نظرهم على السودان والسودانيين رغم إحترام الجميع لمطالبهم وليس هناك أي مبرر يجعلهم يحملون السلاح.. والحكومة أيضاً ليس لها أي مبرر لإيقاف التفاوض مع أي شخص يحمل السلاح ويجب على الطرفين الوصول إلى حل ولكن السؤال هل الحكومة مستعدة لتقديم تنازلات إذا كانت الإجابة بأنها مستعدة فإن كل مشاكل السودان ستحل. ٭ قضية دارفور هل تراجع الإهتمام بها في الإعلام الغربي؟ - قضية دارفور وجدت زخماً في الإعلام الغربي، وهذا الأهتمام تراجع لاعتبارات كثيرة.. أولها أن القضية تحولت من قضية دارفور إلى قضية السودان كله وهذا يجعل التعاطف يقل لأن القضية أصبحت سياسية أكثر من كونها إنسانية والغرب دائماً يحركه الإنساني أكثر من السياسي، وقضية دارفور الآن أصبح الجميع يفضلون الحل السياسي لها وطالما أن القضية أصبحت قضية السودان ككل فلماذا لا يفكر الجميع في حل قضايا السودان من خلال مؤتمر قومي دستوري.. ولكن السؤال أيضاً هل هناك جدية من الحكومة لحل هذه القضايا؟!. ٭ ما مطلوبات هذه الجدية خاصة وأن هناك تحركات داخل الحكومة وأحزابها للاتجاه نحو الآخر والانفتاح نحو القضايا؟ - نعم أنا لاحظت أن هناك تحركات إيجابية داخل المؤتمر الوطني تدعو لتوسيع إطار الحوار وتوسيع هامش الحريات وهذا يتماشى مع ما تريده المعارضة، وإذا كانت هناك جدية في بناء دولة ديمقراطية على الأقل بالحد الأدنى خاصة وأن المعارضة السودانية متوازنة في معارضتها ولا تجنح إلى العنف فإن الامور يمكن أن تصل إلى مراحل متقدمة في الحلول خاصة وأن القوى السياسية في السودان أصبحت ناضجة وهي أقرب لتفهم متطلبات الحوار، والسودانيون عموماً أقرب للحوار لحل المشاكل ويتميزون بخاصية النسيان وما حدث خلال ال 24 سنة الماضية كافٍ جداً للجلوس ووضع حلول ترضي الجميع. ً٭ بعد 52 عاماً غبتها عن الخرطوم كيف وجدتها بعد كل هذه السنوات؟ - نعم هناك تغيير كبير في مستوى البنية العمرانية يجعلك تصاب بالدهشة.. ولكن هناك مشكلتين: الأولى: أنك إذا نظرت الى مشاكل العاصمة هناك تطور عمراني وتطور في الأسواق وطرق العرض.. ولكن هناك إهمال في أمور صغيرة مثل النفايات في الشوارع وخاصة الشوارع الرئيسية وهناك عدم إهتمام بوضع أماكن خاصة بالنفايات. الثانية: أن ثقافة المجتمع الريفي غلبت على الحضري وناس الريف كلهم جاءوا إلى المدينة وهذا حقهم.. ولكن كان على الدولة العمل على توعية الناس وتطوير ثقافتهم حتى لا يغلب السلوك الريفي على السلوك الحضري. ٭ وكيف ترى الصحافة السودانية بعد كل هذه السنوات؟ - الصحافة في عام 1988م كانت تتميز بقدر عالٍ من الموضوعية وكانت صحافة خبرية يستند فيها المقال على خلفيات ثقافية وفكرية، والصحفيون في ذلك الوقت كانوا من أميز الصحفيين وكانت هناك مشاكل فنية مثل ضعف في الإخراج ونوع الورق والطباعة.. ولكن الآن الصحافة تشهد تطوراً كبيراً على مستوى التقنية الحديثة واستفادت من دخول التقنية الحديثة ولكنها تعاني من خلل في القدرة على التنوع ولا يتم بذل جهد في تحرير المادة الصحفية. والجيل الجديد من الصحفيين يحتاج إلى تدريب متواصل، والصحافة الآن أصبحت صحافة رأي وزمان الصحفي لا يكتب المقال إلا حينما يصل سن التقاعد الآن الصحفي يبدأ حياته المهنية بكتابة المقال. وتستطيع ضبط العمل الصحفي بقدر من المصداقية والخبرة والمعلومات والحقائق.. وهناك الكثير من الصحفيين الجيدين واتوقع مزيداً من الجهد حتى يتوارث الجيل الحالي المهنة كما توارثناها نحن من عمالقة قبلنا أثروا العمل الصحفي وقدموا جهداً صحفياً إبداعياً خالصاً. ٭ وكيف ترى مواقف الإمام الصادق المهدي بعد كل هذه السنوات؟ - الإمام الصادق المهدي أنا كنت قريباً منه لفترة طويلة، وأقول إن الصادق المهدي من انزه السودانيين وأكثرهم حرصاً على الوطن وهو ظلم كثيراً من خلال النقد الذي وجه له، وأنا لست ضد النقد من حق أي شخص أن ينتقد بشرط أن يكون النقد موضوعي وهذه مشكلة من تغلب عليهم مشاعرهم وانتماءاتهم لذلك حينما ينتقد هؤلاء الصادق المهدي حينما يقدم مبادرة فإنهم إنما يستهدفون شخصية الرجل وليس مبادرته. والإمام الصادق المهدي قدّم الكثير للبلاد فكرياً ورسم صورة ناصعة للسودان من خلال مشاركته في العديد من المنتديات في المحيط العربي والأفريقي والعالمي ولازال يقدم جهده وهو من الشخصيات التي سيكتشف الجميع يوماً ما أنها ظلمت ظلماً بيناً بغض النظر عن تقييم البعض لمواقفه السياسية التي قد تتعارض مع رؤاهم وأفكارهم وأمزجتهم.