سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البروفيسور ناصر السيد في حوار الخفايا والأسرار ل(الوطن) بابكر كرار هو مؤسس الحركة الإسلامية والترابي لم يكن شيئاً مذكوراً
الطيب صالح كان من جيل الإسلاميين الأوائل ولكنه ابتعد لهذا السبب
هذه تفاصيل أول لقاء مع القذافي وبابكر كرار مزق الشيك غضباً
البروفيسور ناصر السيد الأمين العام لجبهة الدستور الإسلامي من القيادات التاريخية بالحركة الإسلامية، حيث جايل القيادة التاريخية بقيادة بابكر كرار ومحمد يوسف محمد وانشق من التنظيم مرافقاً بابكر كرار قبل أن ينشيء ما سمي بالحزب الاشتراكي الإسلامي.. التقيناه في هذا الحوار والذي توقفنا فيه عند المحطات التاريخية للحركة الإسلامية وتأسيسها وخلافات الرعيل الأول حول تبعية الحركة للتنظيم العالمي وأسباب الانشقاقات إضافة الى مغامراتها في المعارضة والمواجهة مع نميري وحكاياته مع القذافي والراحل بابكر النور، وقد أجاب ناصرالسيد بجرأة كبيرة على تساؤلاتنا وألقى بالاتهامات على قادة الحركة الإسلامية واتهمهم بالعمالة للمخابرات الأمريكية وكشف عن الكثير من الأسرار التي صاحبت مخاض التأسيس للتنظيم وأسباب تحولاته الى الإشتراكية التي حاول ايجاد مفهوم تأصيلي لها طالعوا معنا: ٭٭ من هو ناصر السيد الذين لا يعرفونه؟ - أنا ناصر السيد نشأت وترعرت بالمديرية الشمالية سابقاً في منطقة بالقرب من شندي، وهي منطقة مويس، وكان والدي يعمل في الشرطة مثل الأغلبية من أبناء منطقته وجيله والى وقت قريب كانت الشرطة حتى هنا في الخرطوم معظم أفرادها من منطقة شندي وهذه أفادتني في عمليات الاعتقالات التي تعرضت لها زمن نميري نحن وبقية الاخوة الإسلاميين. ٭٭ المراحل الدراسية؟ - بدأت الدراسة بالخلوة خلوة الفزعاب ناس ود فزع في مويس وبعد ذلك ذهبت مع والدي الى المسيكتاب وبقيت مع خالة والدي هناك في خلوة المسيكتاب وجدتي لأبي علمت لي الشلوخ الموجودة الآن على وجهي. ٭ الشلوخ دي شنو عادات يعني ولا ناحية جمالية؟ - نعم، كانت بالنسبة للنساء ناحية جمالية، وبالنسبة للرجال في السابق كانت هناك حروب قبلية ولذلك الشلوخ تميز القبيلة عن الأخرى في المعركة والحرابة. ٭٭ بقية المراحل الدراسة؟ - كما ذكرت لك بسبب عمل الوالد تنقلت من المسيكتاب الى شرق السودان في سنكات وطوكر وجبيت وغيرها، وأخيراً أكملت الأولية والمتوسطة في مدني ثم حنتوب، وأذكر في مدني التقيت مع مولانا خلف الله الرشيد رحمه الله وهو طالب، وكنا نقرأ مع بعض في بيت أخيه حامد الرشيد، وكان خلف الله الرشيد يقتني كتب ومجلات مثل مجلة الرسالة، واستفدت من هذه الكتب والمجلات كثيراً في توسيع مداركي في ذلك الوقت الباكر، وافتكر خلف الله أثر في حياتي بصورة كبيرة وكان بمثابة الأخ الأكبر لي. ٭٭ ثم ماذا؟ - شكلت لي فترة وجودي في مدني تحولات كبيرة، فهي كانت المدينة الثانية بعد العاصمة الخرطوم، وفيها حركة ثقافية كبيرة وكان بيت خالي قريب من نادي الخريجين وبيت ناس أحمد خير وأكملت المدرسة الوسطى ودخلت حنتوب الثانوية. ٭ حنتوب كانت من المدارس الشهيرة من زاملت فيها من المشاهير؟ - كثير من الرموز والمشاهير، وبالأمس القريب كان عندنا احتفال لرابطة خريجي مدرسة حنتوب، ومن الذين زاملتهم الأخ المرحوم البروفيسور محمد عوض الله صالح صديق حميم، وعبدالرحمن محمد موسى عميد الطب السابق، وأستاذ الباطنية في جامعة الخرطوم، والدفعة الأمامنا حسن الترابي ومرغني النصري وجعفر نميري، وفي حنتوب انضممت للحركة الإسلامية. ٭ من جندك للحركة الإسلامية ؟ - جندني الأخ هاشم الجمري رحمه الله، وأنا كنت حينها متردداً هل انضم للشيوعيين لانو كانت الوقت داك العقلية النضالية والنقابية متفشية، وحاول الشيوعيون أن يضموني بالفعل وأحدهم أعطاني كتباً هو الآن أستاذ جامعي.. ولكن لقيت قصة الدين عندهم فيها مشكلة، وهذه أصبحت حاجزاً، ولذلك لم انضم اليهم فأنا كنت معبأ بالعقلية النضالية في مدني.. لكن وجدت قصة الدين قصة صعبة جداً وهذه المشكلة واجهت كثيرين ٭٭ والمرحلة الجامعية؟ دخلت الجامعة في العام 4591م جامعة الخرطوم وكنت متردد بين القانون والاقتصاد والآداب، والطلاب عموماً كانوا بيقروا سنة أو أكثر وبعد ذلك يوزعوهم على الكليات وبدأت في كلية القانون ولحسن الحظ في الحركة الإسلامية تعرفت على بعض المحامين ولقيت أنهم ما عندهم مساحة زمنية للقراءة في الصباح بالمحاكم والمساء للمكاتب يقابلون الزبائن والاطلاع الذي لازمني في المرحلة الباكرة أصبح مهم جداً بالنسبة لي، وكنت بفتكر انو ممكن الزول يبقى مدرس في الجامعة ويكون معيد، وفكرت في الاقتصاد ولقيت البروفيسور سعد الدين فوزي متحمس للاقتصاد وعمل كتب في التخصص.. لكن لقيت الاقتصاد ما استهواني لانو كنت عايزو مع السياسة وليس اقتصاد أرقام جامدة كما وجدته وكان البروف سعد الدين صعب المراس. ٭٭ ثم ماذا؟ - ذهبت الى البروف مكي شبيكة وكان عميد كلية الآداب وقلت له أريد الانضمام للآداب وترك الاقتصاد، قال لي وجدت سعد الدين صعب ولا شنو فقلت له نعم وضحك ثم أشار اليّ بقراءة لغات وقد كان أخذت لغتين عربية وانجليزية والى أن تخرجت الدفعة الاولى كنت الوحيد الذي تخرج في هذا التخصص وأفادني هذا كثير في الاصلاح وتوسيع المدارك واتجهت الى التدريس. ٭ هل كان لديك تكليف بعمل تنظيمي أو موقع بعينه في الحركة الإسلامية في ذلك الوقت ؟ - نعم، كثير مثلاً حينما جئت حنتوب كانت قلعة شيوعية وأنا توليت قيادة الحركة الإسلامية في حنتوب وقلبتها رأساً على عقب، وأذكر انو الشيوعيين كانوا يروجوا بانو الاسلاميين جواسيس الناظر، وقلت ليهم الحل نصطدم بالناظر وبالفعل اصطدمنا به وأفشلنا مخططهم. وأنا أول من حول التجنيد للحركة الإسلامية من المدارس الثانوية الى الوسطى وكان هذا تحولاً كبيراً. ٭٭ من الذي كان يقود الحركة الإسلامية وقتها؟ - كان بابكر كرار مؤسس ولأنه من مدني فقد ظلت علاقتي به كبيرة ومعه ميرغني النصري وحتى عندما حدثت انقسامات في الحركة الإسلامية انضميت لبابكر كرار. ٭٭ ما هو دور الحركة الإسلامية في ذلك الوقت وسط المجتمع؟ - كان دور كبير وأذكر انو عندما جئنا للجامعة كان الجو مفعماً بالحراك والتحضير للاستقلال، وكيف يكون مستقبل السودان وعلاقاته الخارجية وحكومته بعد الاستقلال، وفي ذلك الوقت كانت هناك اضرابات النقابات وأنا طالب في الاتجاه الإسلامي بالجامعة انضميت للجنة حل مشكلة إضراب الممرضين السودانيين لأول مرة وكانت اللجنة مشكلة من كل الأحزاب لكن من الإسلاميين كنا أنا ويس عمر الإمام، ومن الأشياء التي أذكرها هنا أنا ويس أسسنا أول خلية للحركة الإسلامية في عطبرة وسط العمال لانو نقابة العمال وقتها كانوا مسيطرين عليها الشيوعيين، ومشيت هناك ولقيت يس ومعه طه وواحد جزار اسمه إدريس الى الآن موجود وكان هذا بداية العمل وسط الخلايا النقابية، وأذكر أجرنا مكتب في عطبرة في عمارة قابل قريب من مكتب نقابات عمال السودان والذي كان فيه الشفيع وحمد السيد سلام وحمزة الجاك وبقية النقابات الشيوعية وأصبحنا نقتسم الساحة معهم ومكاتبنا متقابلة معهم، وفي الآخر سيطرنا على كل اتحاد العمال وانتزعناه من الشيوعيين واسميناه اتحاد العمال العرب. ٭٭ ثم بعد ذلك ؟ - في الفترة التي بعدها كان في ذلك الوقت سطع اسم الزعيم جمال عبدالناصر وأعجبنا به ونحن كنا في حنتوب غاضبين علي عبدالناصر لقتل الاخوان المسلمين.. ولكن في العام 6591م حدث تحول وأصبح عبدالناصر رمز التحرر ضد الاستعمار وبطل الأمة العربية والتحرر العربي والأفريقي، وأصبحت همومنا واهتماماتنا مرتبطة به، وأذكر سافرت الى القاهرة وشقيت طريقي حتى مبنى الرئاسة المصرية مكتب عبدالناصر وكتبت له مذكرة حول تفجير البعد الإسلامي في الثورات العربية وأصبحت كل سنة أسافر لمصر وأكتب مذكرات لعبد الناصر عن طريق صديقي محمد فايق الذي كان مديراً لمكتب عبد الناصر للشؤون الأفريقية والذي أصبح بعدها وزير الإعلام وهو صديقي حتى اليوم، وهو الآن يرأس اللجنة العربية لحقوق الإنسان وحصل بعدها ارتباط التضامن الآسيوي والأفريقي وجمعنا كل الأحزاب وجعلنا منها منظمة قومية كان رئيسها شيخ علي عبدالرحمن وأمينها العام ميرغني النصري ثم أصبح فيما بعد ميرغني النصري الرئيس، وأنا الأمين العام لمنظمة التضامن الآسيوي والأفريقي السودانية، وكنا حلقة وصل بين حركات التحرير الأفريقي.. ولكن هنا في السودان كان في ناس ما عايزين التحرك في الثورات التحررية الأفريقية، كانوا عايزين سياسة خارجية هادئة مع الغرب. ٭ من الذي كان يري بهذا الرأي؟ - مثلاً أمين التوم وحتى لاحقاً أحمد خير، كان يرى ذلك التوجه الخارجي الذي يمكن المالية من استجلاب أموال استثمار خارجية بهدوء، بعيداً عن دعم التحرر الأفريقي، وأذكر في الخرطوم كنا نستضيف قادة الثورات الأفريقية ومنها الثورة الاريترية وجاءنا أول شخص منهم اسمه محمد حاج حسن نزل في فندق بشارع الجمهورية، وهذه بداية الثورة الاريترية وبعدها التقينا بعثمان سبي واسياس افورقي، واستضفنا قادة ثورة تشاد وثوار الكاميرون وغيرهم. ٭ يلاحظ أنكم غفرتم لعبد الناصر قتل الأخوان بسهولة رغم أنكم حركة إسلامية جزء من الاخوان؟ - نحن لم نغفر لكن بنفتكر انو جاءت تحولات سياسية حدثت في الفترة التي اصطدم فيها الاخوان المسلمين بعبد الناصر الذي كان يمثل نمط من انماط الدكتاتوريات العسكرية الموجودة في العالم وامريكا اللاتينية.. ولكن بعد 6591م تحول عبدالناصر الى بطل تحرر عربي وأفريقي.. لكن نحن لم نغفر له وأنا قدت مظاهرة في حنتوب ضد عبدالناصر لقتله الاخوان وجلدنا وكدت أن أفصل من المدرسة ولا زلت أرى من الأخطاء الكبيرة لعبدالناصر قتل الاخوان... ولكن عندنا رأي أيضاً بأن الاخوان في مصر كان لهم أخطاء ولذلك رأينا بأن الحركة الاسلامية السودانية لا تكون تابعاً للأخوان في مصر وقلنا حركة التحرير الإسلامي في السودان تكون منفصلة.. لكن جاءت ظروف كثيرة منها عدد كبير من الطلاب السودانيين الذين ذهبوا للدراسة في مصر وأصروا على أن تكون في السودان أيضاً حركة الاخوان ولهذا السبب نحن انسحبنا ولا أقول انقسمنا أو انشقينا وانما انسحبنا، وأن المفاتيح كلها كانت في أيدينا وأنا أفتكر هذه كانت من أخطائنا يعني الانسحاب كان خطأ وكان ممكن ننحني للعاصفة سنة وسنتين وفيما بعد فعلاً الاسم تغير وجاءوا ناس الترابي وأحمد عبدالرحمن واسموها جبهة الميثاق والاخوان في كل العالم غيروا أسماء تنظيماتهم في فلسطين سميت حركة المقاومة الإسلامية حماس، وكذلك في الأردن حركة العمل الإسلامي ولكن الناس يتحركوا في إطار أسماء مستقلة ويكون التنظيم عالمي من حيث التوجه وكل لهم خصوصية وسمات محلية ووطنية خاصة بهم. ٭٭ الخلافات بين الترابي وبابكر كرار كانت حول ماذا؟ - أبداً بابكر كرار هو المؤسس، والترابي حينها لم يكن شيئاً مذكوراً لغاية 4691م، الترابي ما كان عنده وجود في التنظيم والقيادة ولا كان من المؤسسين الأوائل، وهم بابكر كرار ومحمد يوسف محمد المحامي ويوسف حسن سعيد والأديب الطيب صالح وبابكر كرار سار في خط، والترابي فيما بعد مضى في خط آخر. الطيب صالح ما عرف عنه أنه مؤسس للتنظيم وكان بعيداً عنه نعم لانو الطيب صالح خرج من الجامعة في السنة الثانية من كلية العلوم ومشى عمل مدرس في رفاعة وقدّم للبي بي سي، وكان مهتماً بالأدب الانجليزي، وهو كان مفتاح دراسات الأدب الانجليزي بالنسبة لبابكر كرار، وكان يقرأ قصص وروايات الأدب الانجليزي كلها ويهديها لبابكر كرار، وحدثني بذلك بابكر وأضاف لها بابكر الدراسات الأخرى من القانون والتراجم وغيرها وكانت بينهم علاقة حميمة لدرجة انو الطيب صالح قال لبابكر كرار أنا التنظيم ده ما بقعد فيه إذا كان فيه يوسف حسن سعيد فهو كلامو كتير وقال ليه ارح هسه نرفت يوسف الآن، ويوسف حتى اليوم بفتكر انو رفتو بابكر كرار، وأنا قلت ليهو رفتك الطيب صالح، والطيب ما قعد كثير في السودان وذهب الى البي بي سي في لندن وبعدها ظهرت اسهاماته الأدبية وحدثت الفجوة لأنه أصبح مهتماً بالأدب أكثر من السياسة. ٭ انت ذكرت إفادة من قبل انو الحركة الإسلامية مخترقة من المخابرات الامريكية الحديث ده براهينه ومنطقه شنو؟ - والله بعد التعمق في دراسة هذا الأمر جيداً ومعرفة خفايا الحرب الباردة الامريكان كانوا حريصين على إغلاق جميع الأبواب أمام الشيوعية العالمية وهذه من الأشياء التي دعت الحركة الإسلامية في السودان الى وقت طويل جداً تكون توجهها كله ضد الشيوعية. ٭ مقاطعاً: ولكن هذا من الطبيعي إذا كانت الحركة توجهاتها إسلامية تكون ضد الشيوعيين هذا لا يعني أنها تعمل لصالح امريكا؟ - توجهك الإسلامي ضد الشيوعية هذا شيء لكن المغالاة في هذا الأمر شيء تاني. ٭ يعني ده تفسيرك لخدمة الأجندة الامريكية ؟ - طبعاً وأنا بقول ليك الكلام ده ما تحليل بل توثيق وأنا بقولو في الأول كنظرية.. ولكن في كل مرة تثبت الأدلة والاحداث الارتباطات الوثيقة جداً التي كانت تربط السياسة الامريكية في المنطقة والانظمة الموالية لها، والحركة الإسلامية كانت ترتبط بها بصورة من الصور. ٭ هل هناك أشخاص بعينهم كانت لهم صلات مباشرة بالمخابرات الامريكية ؟ - ليس بأشخاص بل التنظيم بأكلمه ارتبط بالسياسة الامريكية المناهضة للشيوعية والتمويل تم عن طريق دول بعينها مثل الكتب التي جاءت من السعودية والدعم الذي جاء للترابي من السعودية. ٭ هل يعني أن السعودية في ذلك الوقت حولت أموال للترابي وللتنطيم كوسيط بينهم وامريكا ؟ - هم الامريكان لا يفعلوا ذلك، بل يضعوا المخطط والاستراتيجية ويبحثوا عن جهة تمولها، وهذه طبعاً شطارة الرأسماليين، واستمرت المسألة، وهناك شهود واعترافات كثيرة على ذلك والحركة الإسلامية التي كان يقودها حسن الترابي هي التي تملك بنك فيصل الإسلامي بتمويل سعودي ماكان في حزب في السودان عنده بنك، إذن هي الحزب الذي يملك مصرف وأسسوه ناس موجودين على رأسهم علي عبدالله يعقوب والجماعة ديل كانوا في السعودية، بعدين أنظر للذين ذهبوا الى امريكا ونالوا الدكتوراة من منسوبي الحركة الإسلامية ما كان في الوقت داك ممكن واحد من الاقاليم يمشي امريكا يعمل دكتوراة على حسابه الخاص ولكن لماذا وقفت امريكا والدول الداعمة التي ذكرتها ضد الحركة الإسلامية عندما حكمت؟ - لأن تلك كانت مرحلة وانتهت، فالتحالفات السياسية تتغير والشيوعية التي كانوا يدعموا الإسلاميين ضدها انتهت في كل العالم، في السابق كان الدعم الإعلامي والتمويل والسلاح يأتي من السعودية الى الجزيرة ابا نسبة لخطورة الشيوعيين الحاكمين في السودان آنذاك على المصالح الامريكية والسعودية وخطرهم في أفريقيا وفي منابع النفط.. لكن عندما انقلب نميري على الشيوعيين وذبحهم طلبت السعودية وجهات أخرى من المعارضة بقيادة الإسلاميين والشريف حسين الهندي وغيرهم المصالحة مع نميري أو المغادرة، ونحن ذهبنا الى هناك واصطحبنا المعارضة لليبيا وكان شرطنا معهم أن لا يقوموا بعمل مسلح ضد نميري.. لكن عملوها تاني في 6791م. ٭ يعني انتو كنتو ضد الغزو الذي تم من ليبيا للمعارضة في 67؟ - نعم، وبسبب ذلك خسرنا الليبيين مثلما كنا ضد عمليات الجزيرة أبا. ٭ هل كان لمصر دور في ضرب الجزيرة أبا كما يشاع؟ - نعم، وحسني مبارك كان هنا وهو من قاد الطائرات التي قصفت الجزيرة أبا، وهو كان قائد سلاح الطيران في أيام السادات وعبدالسلام جلود شارك في ذلك، وهو الرجل الثاني في النظام الليبي، ونحن أخذنا على الليبيين مشاركتهم في ضرب الجزيرة أبا والقذافي اعتذر للصادق المهدي في حضورنا وكذلك عاتبناهم على تسليم بابكر النور وفاروق حمدالله، وقلنا لهم هذا خطأ، وقلنا لهم ما كان يجب أن تسلموهم ليقتلوا وهم اعترفوا بذلك وأبوبكر يونس قال هذا ليس من أخطائنا بل من جرائمنا. ٭ قصتكم مع القذافي شنو وأعرف أنك التقيته عدة مرات ؟ - طبعاً عند ظهور القذافي في الوقت ده اسمنا كان الحزب الاشتراكي الإسلامي ورافعين شعارات الإسلام والاشتراكية والقومية والعربية.. ٭ مقاطعة: سنعود للقذافي.. لكن الاشتراكية والإسلام ديل يتلموا كيف؟ - الغريبة الاشتركية إسلامية أكثر من المصطلح الغربي، والاشتراكية لغوياً في الإسلام الناس شركاء في ثلاثة الماء والكلا والنار.. ٭ ولكن المفهوم عند الغرب وأوروبا الشرقية يختلف عن هذا التفسير ؟ - ممكن ذلك صحيح.. لكن الموارد العامة هذه ملك لكل الناس وسيد نا عمر بن الخطاب قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول الأموال من الأغنياء ورددتها على الفقراء، والعدل الاجتماعي قيمة إسلامية والله يأمر بالعدل والإحسان، والشرح الإسلامي في هذا الأمر فيه استفاضة كثيرة، من الذين كتبوا في ذلك الدكتور يوسف السباعي الذي كان مراقب الاخوان المسلمين في سوريا ألف كتاب عن اشتراكية الإسلام وبعضهم زعم أنه تراجع عن أفكاره.. لكن لم اطلع على كتاب تراجع فيه.. ٭ طيب نعود للقائك مع القذافي ؟ - القذافي وجدنا شعاراته التي رفعها هي شعارات الحزب الاشتراكي الإسلامي، وهي القرآن شريعة المجتمع، ثم قضية الاشتراكية ووحدة الأمة العربية والعالم الإسلامي، وهذه نفس الأشياء التي قربتنا الى عبدالناصر.. ولكن عبدالناصر ماقدر يحولها الى سياسات معلنة مثل القذافي. أول لقاء كان في العام 4791م ونحن كنا طالعين من السجن بعد أحداث شعبان بعد تحويل المعارضة الى ليبيا بعد أن ضيق عليها في السعودية وبعدها في العام 5791م أرسل لي بابكر كرار خطاب بأن أحضر عاجلاً الى ليبيا وكنت رافضاً لمبدأ مغادرة السودان، وكان رأيي أن نعمل على تغيير النظام من الداخل، وقال لي تجي عشان في غموض في الموقف وأنا ماعدت أثق بعبد الله زكريا، ولما ذهبت حدد لنا أبوبكر يونس اجتماع مع القذافي وكانت تربطه علاقة حميمة مع بابكر كرار، وحضره صالح الدروقي. ٭ محور اللقاء مع القذافي كان طبيعته عن شنو ؟ - محور اللقاء كان حول موضوعين وقتها كان المحيشي هرب وهو من قادة الثورة الليبية، وكان القذافي يريد تنوير الأطراف المختلفة بموقفهم من ذلك، والناحية الأخرى طرح موضوع نظرية عالمية ثالثة. ٭ ما كان فيه بند يتعلق بالمعارضة السودانية؟ - لا، المعارضة السودانية كانت على هامش الاجتماع ويبدو أنهم اتفقوا مع المعارضين على عملية 6791م في الظل وتحاوروا معنا نحن في الضوء أخفوا عننا العملية العكسرية، ونحن كنا مقيمين في طرابلس وقريبين من القذافي رغم ذلك رفضنا غزو 6791م. ٭ ماهي قصة شيك القذافي الذي مزقه بابكر كرار؟ - بابكر كرار كان طاهراً متطهراً، ويقول دائماً انو الناس ما مفروض تهتم بمسألة المال، وكان عنده مواقف وبفتكر انو العمل السياسي الإسلامي فوق المال، وكان يقول السياسي المفلس هو الذي يحتاج لفلوس، وقال هذا الحديث في اجتماع الليبيين والصادق المهدي والشريف حسين الهندي، وبابكر كان غاضباً على القذافي لانو يرى أن القذافي أصبح لا يعمل بالشعارات التي كان يرفعها بل أصبح مرواغاً وأصبحت الفجوة واسعة بين الشعارت والمبادئ التي رفعها وبين ممارساته ولذلك عندما سافر تفاجأوا بذلك. ٭ لماذا تشرذمت جبهة الدستور الإسلامي وخرج منها الطيب مصطفى وآخرون ؟ - هذا الحديث دار قبل فترة، وهذه مجموعة صغيرة رعاها الطيب مصطفى وخرجت معه، والطيب مصطفى كان طموحه كبير حتى رئيس الجمهورية يريد أن يبلغ موقعه، والسبب الاساسي في ذلك عدم الخبرة السياسية وهو دخل جبهة الدستور وأنا كنت رافض من البداية الاجتماعات في منبر السلام لانو أصبح عقبة في وحدة السودان، ولذلك الناس يقولون الإسلاميين عايزين يفصلوا الجنوب عشان يقيموا الشريعة في الشمال وهدفنا كان تصحيح هذا المفهموم. ٭ ما هو الهدف الأساسي من تأسيس الجبهة؟ - أنشئت لأننا رأينا النظام بعد نيفاشا أصبح يتنازل عن الكثير من المباديء ودغمس الشريعة لذلك أنشأناها للضغط على النظام في هذا المنحى.