أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رد سليمان أركو مناوي على جلسة (علي وعلي) كان ردا صائبا

لم تعد للأنظمة الإسلامية، التي في الحكم أو كمشروع حكم، مشروعية بعد أن انكشفت عورة الإسلامويين أمام الشعوب العربية على المذبح الليبي أولا، وثم جرائمهم وهزيمتهم على صخرة بشار الأسد السورية.
فبينما انكشفت عمالة على عبد الله صالح ونظامه للأمريكان ولآل سعود، انكشفت في تونس عمالة الغنوشي وحزبه للنظام القطري الأمريكي المتصهين، بل الغنوشي نفسه سلم في زيارته لواشنطون زمامه وقياده إلى اللوبي الصهيوني.
وبينما الشعب اليمني مستمر في ثورته لتنظيف نظام علي عبد الله صالح العميل للسعودية، يناضل الشعب البحريني بضراوة ضد حكم المليك الفاسد المستبد الذي يستعين بالأسطول الأمريكي الخامس وبطغمة آل سعود، ثم يهب الشعب المصري بقوة لاقتلاع نظام محمد مرسي العميل لأمريكا وآل سعود وقطر وتل أبيب. وبينما يزرع التكفيريون العراق بالمتفجرات التي تذبح أبنائه، يتأهب عملاء أمريكا الإسلامويين لخلع مليك الأردن وجعل بلده بديلا للشعب الفلسطيني، بينما لبنان ينتظر إمارة إسلامية سعودية تقاتل حزب الله على يد أحمد الأسير بدعم قطري.
باستثناء دولة الإمارات التي أعلنت جهرة جهادها ضد الأخوان المسلمين والسلفيين، أصبحت عمالة الأخوان المسلمين والمنظمات الإسلامية الحربية للدولة السعودية ومؤخرا لدولة قطر لا يحتاج إلى إثبات. وأصبح ارتباط الإسلامويين بمخططات هاتين الدولتين المتصهينتين مكشوفا. بل انكشفت أيضا عمالة الأخوان المسلمين مباشرة بالولايات المتحدة الأمريكية وبإسرائيل. حتى مشروعهم الحمساوي سقط ولم يك سوى مشروعا صهيونيا خفيا، ما عدا بقية من حماس تمردت على خالد مشعل ولم ترمي السلاح.
السعودية هي التي تصنع تاريخ المنطقة منذ أن تربع آل سعود على زيت الجزيرة العربية فأخذوا يروجون بأموال النفط المذهب الوهابي والسلفية الدموية في الأقطار العربية لزعزعة أنظمتها الوطنية. والسودان زبون قديم للسعودية على يد المقبور فيصل منذ 1965م، وربما قبل ذلك بكثير.
ومع سقوط المشروع الإسلامي الإقليمي شعبيا أحتار الشيخ الترابي – لم يعد هنالك شيء يمكن أن يقوله الرجل عن إسلامهم المزعوم – ولا حتى عن تلك الذبابة التعيسة. لعلها يقنعوها تقاتل في سورية!! إقليميا، فكافة الإسلامويين والمتأسلمين المدنيين تحولوا إلى لصوص للمال العام، بينما الذين حملوا السلاح تحولوا إلى قتلة سفاحين ولصوص سلابين. ولم تعد هنالك كما في السابق ظلال أو هوامش إقليمية رمادية أو زخارف يتخفى خلفها الشيخ حسن الترابي أو كافة الإسلامويين، لقد سقط السروال بكامله وبانت أعجازهم التي تنبيك عن طبيعة إسلامهم الذي بشروا به خمسة عقود – وقد انتهى كأن يتبلور إلى فكر إسلامي حروري خارجي (من الخوارج).
فالشيخ الترابي أجاد لزمن طويل .. طويل جدا إخفاء ارتباطه الوثيق بالملوك السعوديين وبأموال الخليج، وبشكل خاص بدءا بالملك فيصل وانتهاء بالحمدين القطريين. لكن الرجل العجوز الآن يصمت صمت القبور. ولن بنفع الشيخ الترابي هذه المرة صمته أو ألاعيبه السابقة بإجادة أساليب التخفي، وكما قال علي إسماعيل العتباني يوما ما في صحيفته التي كانت: (الترابي يدخل عصا ويخرج عصا)، ولا يستطيع حتى المتحدث باسم الترابي كمال عمر أن يقنعنا بمعارضته اللفظية بمصداقية حزبه، بل كمال عمر يخدعنا، فالذي يحكم فعلا السودان هو شيخه الترابي وليس عمر البشير!!
كلما أتذكر تبريرات الشيخ حسن الترابي أن جورج بوش الأب لا يرغب في حكمهم – أتحسر على حال السودان واضحك لتبريرات الرجل الخيالي، فهل يا ترى ونحن لا ندري فلقت الجبهة الإسلامية السودانية الذرة، أم رفعت قمرا في السماء، أو صنعت صاروخا عابرا للقارات، أو طائرة بلا طيار الخ القائمة طويلة مقارنة بإيران وثورتها التي بعمر "ثورة" الترابي. ما يدهش المراقب، تُخَرِّج الجامعات السودانية على مدار ربع قرن من حكمهم الفاشل فاقدا تربويا، وما يسمون أنفسهم بروفيسورات ليسوا سوى "مواسير" مربوطة بإحكام بقلاووظ جامعات المهلكة السعودية أو بأكاديمية نايف الأمنية – عمالة للأجنبي بقوة عين غريبة. هكذا يستعبطنا الترابي بأنه مجدد!!
هل فعلا يكاد نظام الخرطوم أن يسقط كما بشرنا الأستاذ كمال عمر؟
الجواب كلا، يجب ألا تنخدع المعارضة السودانية بمثل هذه الألفاظ الديماجويجية التي يطلقها كمال عمر بقصد وبهدف تخدير الشعب السوداني وحرف نظره عن الذي يجري تحت الطاولة. واقع حال النظام القائم الآن إنه يعترف في داخله وفي قرارة نفسه بأنه فاشل ولكنه يخدع الشعب ويخفي أزمته، ولكن الأهم، ليس فقط هذا النظام في أزمة بل "قضيتهم الإسلامية" نفسها التي طرحوها قبل نصف قرن في أزمة عميقة غير قابلة للعلاج. لأن قضيتهم الإسلامية قامت بفضل الرشاوى السعودية وعلى مقولات ومصطلحات ومسوغات كاذبة وخادعة وزائفة. فخذ مصطلح العلمانية كمثال – فهو من أكذب المصطلحات التي أخترعها كلاب آل سعود، وأصبحت جميع الحركات الإسلامية المتسعودة تروج له في الإقليم كنقيض للإسلام. ولأن آل سعود يرغبون في امتصاص أنابيب البترول حتى الثمالة، إي حتى آخر حفيد لآل سعود إلى ما لانهاية، فمن مصلحة العرش السعودي وحليفهم آل عبد الوهاب تفتيت المجتمعات العربية المسلمة في الجوار، بزعمهم أن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تحتكم لحكم الشعب غير إسلامية. بتعبير آخر يزعمون أن الإسلام غير "علماني".
لقد فند الدكتور محمد سعيد الدواليبي في مقالة عام 1994م الافتراء على العلمانية وتحوير مدلولها، وأثبت أن الإسلام علماني. رغم أن السعودية وكلابها منذ منتصف القرن الماضي يروجون أضاليلهم بزعم العلمانية هي فصل الدين عن الدولة بينما أكد الدواليبي بما لا يقبل الشك صراحة أن الإسلام علماني. فكلمة علمانية ويقابلها secularism في دلالتها في فترتها التاريخية الأوروبية وحتى اليوم تعني حكم الشعب وليس الإلحاد بالدين، وما يقابلها إسلاميا تعني بيعة الشعب. ولقد قلد الأوروبيون المسلمين في الحاكمية بدءا من عام 1789م وكان ثمار هذا التقليد الثورة الفرنسية التي أطلقت على هذا التقليد secularism؛ فقبل الثورة الفرنسية كانت محكومية الحاكم الأوروبي (الملك، القيصر الخ) تستمد مشروعيتها من بابا الفاتيكان الذي يمثل شرعية الرب divine legitimacy.
كلنا يعرف إن آل سعود أكبر كَذَبَة وأكبر فَجَرَة في العالم العربي ومجرمون ومزورون للكتب وللمصادر وللتاريخ!! فهل يعقل سوربوني مثل الشيخ حسن الترابي لا يعرف هذه الحقيقة التي أعرفها.. ويحق لي أن اسخر من سوربونيته – لأن الثورة الفرنسية حدثت في فرنسا وليس في الجزيرة العربية أو في قطر!! لقد كتبت عدة مقالات تتناول مصطلح العلمانية ولكن مع الأسف لم يجُّر الخيط الكتاب السودانيون!!
لماذا نتحدث عن العلمانية – أي قضية الدولة المدنية؟ لماذا؟ لعدة أسباب، فمن ناحية هنالك الدكتور غازي صلاح الدين يغازل بمقالة مدفوعة الثمن من قناة الجزيرة معتبرا نموذج النظام التركي أفضل مشروع للحاكمية.
ألم نقل لكم بعد أن آل سعود (مردخاي) وأنبياء آل الثاني (بني تميم) هم من يُخِّرجون لنا الموضات لكي نلبسها؟
فيا سيدي غازي، يا دكتورنا، يجب أن تعلم أن النظام التركي الحالي هو صيرورة سقوط السلطنة العثمانية على يد التاج البريطاني ويهود بريطانيا في الحرب العالمية الأولى. فبينما أبتلع البلشفيك اليهود بدعم من "الحركة الثورية الصهيونية" (هكذا كان أسمها الحقيقي في بداية تأسيسها في نيويورك) روسيا القيصرية، سلمت بريطانيا عقب سقوط السلطنة العثمانية يهود الدونمة الأتراك كل شيء مفصلي في تركيا أتاتورك، الاقتصاد والإعلام والجيش. والأخير هو محور النموذج!! فالقيادة العليا الأولى والثانية في الجيش التركي هي حكر لعائلات معينة يهودية – يهود الدونمة، وهذه الوضعية قائمة إلى اليوم، يستحيل أن يتصعد ضابط تركي غير يهودي إلى علياء الجيش. وبالمثل الإعلام التركي هو في قبضة يهود الدونمة، وجزء كبير من الاقتصاد التركي هو في قبضتهم ويمد حباله إلى أمريكا، وما الطيب أردوخان إلا حارسا صغيرا في خدمة الاستثمارات اليهودية-الأمريكية. النموذج السياسي التركي الحالي – هو ابن هذه الوضعية منذ عام 1918م، ومفاده ألا يصل الحكم السياسي المدني إلى نقطة مشروع إسلامي تركي عربي على وزن وحجم الخلافة التي أسقطوها، وكذلك في نظر الجيش التركي ليس للنظام السياسي المدني صلاحية حل الإشكالية الكردية التي يجب أن تكون قائمة كأسفين حدودي مع الجيران العرب إلى الأبد.
وفي الحق، حتى لو افترضنا عدم وجود اليهود على رأس الجيش التركي الذي يلعب دور كلب الحراسة على اللعبة السياسية المدنية التركية، فما هو الذي يمكن أن تصل له أية حركة إسلامية تركية بصدد الحاكمية؟ فالخلافة العثمانية هي نفسها تقليد أعمى للخلافة الأموية والعباسية الخ هل يمكن لحزب إسلامي تركي تجاوز المأزق العربي حين وجد كل الإسلامويين العرب أنفسهم بلا استثناء يركبون مركب الخوارج الذي صنعه آل سعود؟
إذن النموذج التركي الذي تروج له قطر وتلوح به للعرب الفقراء، ويروج له خاصة راسبوتين قطر القردضاوي، مشروع فطير ومشوه، صنيعة اليهود وبريطانيا. فهل فهم دكتور غازي النكتة؟
النقطة الثانية كسبب في ذكرنا موضوع العلمانية، هي مراقبتنا للشيخ الترابي كيف سيخرج من المأزق الذي صنعه في السودان للسودانيين بعد الانهيارات بالجملة التي زلزلت المشروع الإسلامي – فمثلا كما قال وكتب ضاحي خلفان في تغريدته أن الأخوان المسلمين في مصر يواجهون الشعب المصري وليس حكومة – فسقوطهم حتمي!! السؤال هو كيف سيغير الشيخ الترابي جلده للمرحلة القادمة؟
وبصريح العبارة، لم أهتم بمذكرة ما تسمى الفجر الجديد وماذا يكون محتواها، ولم أعرف حتى أن هنالك من كتب مذكرة مضادة سموها مذكرة الفجر الإسلامي!! وأول ملاحظاتي هي سفرة علي عثمان لبرلين وجلوسه مع علي الحاج في السفارة السودانية. ثم إدعاء كمال عمر أن اللقاء اجتماعي وليس في الشأن العام. وتتالت الأخبار تكذب كمال عمر، فعلي عثمان ذهب لألمانيا خصيصا لعلي الحاج – هذه لا مراء فيها، ومضمون أو محصلة اللقاء موافقتهما أن ينتقل السودان إلى الديمقراطية بشكل سلس .. وهذه "السلاسة" هي بيت القصيد، هي لون الخدعة، ولكنها ليست الجلد نفسه الذي سيتلبسه الترابي.
وحين تفهم أن مذكرة "الفجر الإسلامي" المضادة صاغتها جبهة الدستور الإسلامي وعلى رأسها الدكتور ناصر السيد – ثم محاولة المنافقين الطيب مصطفى وكمال رزق، وكلاهما مشارك في هذه الجبهة، الانقلاب على د. ناصر السيد والإطاحة به – تعرفنا في تقصينا في حنايا جبهة الدستور بالدكتور ناصر السيد - من هو وماذا يكون. وأكاد أجزم أن العديد من السودانيين لا يعلمون بهذه الشخصية الفريدة كثيرا.
جبهة الدستور الإسلامي تغص لأخمصها بالسلفيين وبالمأجورين للدولة السعودية، أمثال الطيب مصطفى وعبد الحي يوسف، وسعد أحمد سعد، ومحمد عثمان صالح، وعبد الله حسن أحمد الخ، وكانت هذه الجبهة مهملة من جانب رئاسة الجمهورية لفترة طويلة، وقد تستعجب كيف وضع هؤلاء الصقور الدكتور ناصر السيد رئيسا لهذه الجبهة الدستورية. وبعد كثير من اللغط حول دستور هذه الجبهة، فجأة كتبت الجبهة مذكرة الفجر الجديد، وأصبح الدكتور ناصر السيد فجأة محط الإعلام ومرمى السهام!!
عندما تقرأ المقابلة مع د. ناصر السيد ستفهم أن القضية أبعد من قضية دستور وديمقراطية.
الرجل بالرغم أن حزبه يسمى "الحزب الاشتراكي الإسلامي" لم يمنع هذا أن يكون على رأس جبهة وضع الدستور الإسلامي!! عجيبة أليس كذلك؟ ويكمن السر في أن د. ناصر السيد مع المرحوم بابكر كرار أول المؤسسين للحركة الإسلامية في عام 1949م قبل أن يكون هنالك مسمى مثل الأخوان المسلمين ولا حتى الشيخ الترابي الذي كان وقتها في السابعة عشرة من عمره. بل عبد الله محمد أحمد هو من جند الترابي في خط المؤسس بابكر كرار!! هل تصدق ذلك؟
هذه الحقيقة التاريخية أبتلعها كل من الترابي، والصادق عبد الله عبد الماجد الذي ظهر على استحياء عام 1954م وكل مؤهلاته أنه صافح حسن البنا قادما من مصر. فما الذي حدث حقا حتى تبدلت الأدوار؟ ستجد السبب العمالة للريال السعودي – وبشكل مباشر للولايات المتحدة عبر آل سعود. أكثر ما يميز حركة بابكر كرار وناصر السيد الإسلامية - وإلى اليوم - هو رفضها الارتباط بمشاريع خارجية، وهنا ليست هذه المشاريع سوى السلفية الوهابية والأخوان المسلمين الطابور الخامس لعبد العزيز آل سعود.
الدكتور ناصر السيد يتهم الحركة الإسلامية التي يقودها الشيخ حسن الترابي كونها مخترقة استخباراتيا بشكل مبكر، وأن الشيخ الترابي وتلاميذه سقطوا في العمالة الخارجية لآل سعود ثم للولايات المتحدة الأمريكية هذا ما ستجده في المقابلة التالية مع رئيس الحزب الاشتراكي الإسلامي د. ناصر السيد في مقابلة أجرتها صحيفة السوداني بعنوان: هذه شواهدي على اختراق المخابرات الأمريكية الحركة الإسلامية. بتاريخ الأحد, 17 مارس 2013
ملحوظة: هذه المقابلة تدعم أطروحتي التي بحثت فيها في مقالات سابقة حول رشوة الملك فيصل عام 1965م للهادي عبد الرحمن المهدي ومحمد أحمد محجوب وعلي الميرغني، والهدية وقطعا الشيخ الترابي ولفيف من الإسلاميين أمثال علي عبد الله يعقوب.
* (...) هذه شواهدي على اختراق المخابرات الأمريكية للحركة الإسلامية!
* انضمام الترابي قاد لأزمة كبيرة في التنظيم
* الطيب مصطفى عندما كان في جبهة الدستور لم يعلن كفره بالوحدة.
استضاف برنامج (مراجعات) بقناة النيل الأزرق في حلقته الأخيرة رئيس الحزب الاشتراكي الإسلامي د. ناصر السيد، الحزب المؤسس منذ ستينيات القرن المنصرم ومن أبرز رموزه بجانب ضيفنا السادة بابكر كرار وميرغني النصري. يحمل كذلك د. ناصر في جيبه الخلفي بطاقة الأمين العام لجبهة الدستور الإسلامي المكونة حديثاً والمنتجة لما يعرف حالياً في الساحة السياسية ببيان جماعة الفجر الإسلامي في قبالة ما عُرف بالفجر الجديد الموقع في العاصمة اليوغندية كمبالا، (السوداني) في هذه المساحة تعرض ملخصا للحوار.
حوار – الطاهر حسن التوم
* ما الذي يخول لناصر السيد تسنم الأمانة العامة لجبهة الدستور الإسلامي، التي توصف بأنها منغلقة ومتطرفة ولا تشبه تاريخكم السياسي ولا سعة الأفكار التي كان الحزب الاشتراكي الإسلامي يتحرك في فضاءاتها؟ فما الذي جعلكم تنضمون لتلك المجموعة؟
تاريخنا السياسي جزء منها، فمنذ الاستقلال كونت لجنة سميت باللجنة القومية للدستور برئاسة بابكر عوض الله ونائبه محمد صالح الشنقيطي، وفي اللجنة ظهر التيار الإسلامي وكان من أبرز قادته ممثلين لحزبنا وقتها "الجماعة الإسلامية" وكان ينوب عن بابكر كرار، ميرغني النصري وكان الإخوان المسلمين ممثلين بالأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد، وحين اجتمعنا مؤخراً في الجبهة الإسلامية للدستور، أحدثنا حراكا كبيرا جدا، وقلنا بأن "نيفاشا" أدت إلى فصل الجنوب ولم يعد في السودان من دستور كون دستور 2005م وضع لجعل الوحدة جاذبة، بيد أن الوحدة لم تعدْ جاذبة وانتهى الأمر بأن انفصل الجنوب.
مقاطعة: ايعقل أن تعمل الجبهة بمعزل عن المؤتمر الوطني رغم أنه تيار إسلامي؟
المؤتمر الوطني جزء من جبهة الدستور الإسلامي.
* والمؤتمر الشعبي أهو جزء من جبهة التيار الإسلامي؟
تمت دعوته.
* ولم يحضر؟
لا المؤتمر الشعبي حضر.
* لكن السيد الصادق المهدي، والحزب الاتحادي الديمقراطي ليسا جزءا من جبهة الدستور الإسلامي؟
حين انعقد المؤتمر حضره الشيخ عمر حضرة، والشيخ أبو سبيب تمت دعوته، وعبد الله حسن أحمد نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حضر ووقع ثم انتفض عليه كمال عمر الذي يعتبر دخيلا على الحركة الإسلامية ودخيلا على المؤتمر الشعبي نفسه وظهر بعد أن اعتقلوا الترابي كمحام ومن ثم تلبس صوت (الشعبي).
* ولماذا لم تتوجهوا للترابي مباشرة؟
اظن أن الترابي وقتها كان معتقلاً"، وعبد الله حسن أحمد هو الرجل الثاني في أروقة الشعبي وحضر، ونحن وجهنا الدعوة لكل التيارات الإسلامية الحزب الاتحادي الديمقراطي حضر، ومن المؤتمر الوطني حضر كمال رزق وعائشة الغبشاوي.
* أين صقور المؤتمر الوطني؟
لو عايز الحمائم والصقور نحن ما عاملين مطبخ.
الانتخابات الأخيرة واستفتاء تقرير المصير، تمت برقابة دولية وأقرت نتائجها وشفافيتها، وحتى في الخرطوم التي كان يمكن أن تزور، شهدت أعلى نسبة تصويت للانفصال. أوليس ذلك شاهدا أن الانفصال تم بإرادة جنوبية؟
وحدة الوطن ليست لعبة لتقرها صناديق الاقتراع.
* ولا حتى باختيارات الناس؟
اختيارات الناس الموجودين الآن لا تحدد مصير القادمين في المستقبل، ولا تحدد مصلحة البلاد العليا. البترول مثلا استخرج للسودان برمته، وبالتالي فإن تسليم البترول لحكومة جنوب السودان فهذا خطأ فادح ولا يغتفر، وكانت نتيجته الغلاء الطاحن الذي يعيشه الناس حالياً.
* أتبكون الجنوب –فقط- لأجل البترول؟
باكون على الجنوب لأنه ومنذ استقل يعيش محنة كبيرة جداً، الجنوب يعاني حاليا من حروب واقتتال داخلي لم يعانه حين كان ضمن البلاد الموحدة.
* في حال كانت نتيجة الاستفتاء نزيهة وحقيقة فهل من اعتراضات عندكم؟
طبعاً لدينا مانع كبير جداً.
* حتى إن كانت النتيجة طبيعية وحقيقية؟
انفصال الجنوب مخطط استعماري منذ القرن التاسع عشر، ومنذ مخطط تمزيق الخلافة الإسلامية والتكالب نحو إفريقيا بين القوى الاستعمارية الأوربية على أحباس النيل العليا، التي حدثت فيها صراعات كادت أن تؤدي إلى حروب أوربية.
* وما هي رؤيتكم للحل؟
حلنا أنه ابتداء يجب أن يوحد السودان، وليس السودان وحسب نحن نريد أن نوحد السودان ومصر وليبيا.
السودان الشمالي إن جاز التعبير موحد ولا مشاكل فما هي حكايتكم مع جنوب السودان؟
في شمال السودان توجد مشكلات، مشكلات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بل ولديك اضرابات في الخرطوم.
تنادون بعلاقة مع جنوب السودان ومن جهة مجموعة من داخل الفجر الإسلامي مشروعها الأساسي أن ينفصل جنوب السودان فكيف لكم أن توحدوا دولتي السودان؟
لو تابعت لعرفت أن رئيس حزب منبر السلام العادل دخل معي في مساجلة خلال هذا الأسبوع وأصدر بيانا أعلن فيه استقالته من جبهة الدستور الإسلامي.
* هذا دليل على هلامية الجسم؟
أبداً، فالأمر مبدئي.
* يستقيل بعد فترة بسيطة كونه لا يعرف امتلاككم فكرة مركزية وأساسية بكل ذلك الوضوح ومضادة لمشروعه الرئيسي المتمثل في فصل جنوب السودان؟
ولذلك منذ البداية كان هنالك خلاف شديد، ورفضت انعقاد الاجتماعات في دار منبر السلام العادل في بدايات الجبهة بحسبان أن المنبر يدعو لفصل جنوب السودان ولكن بعد انفصال الجنوب بتنا أمام وضع جديد ولا يمكن أن تحاكم الناس وتقول هذا كان يدعو للانفصال.
* هل تقول بأنه كان يدعو للانفصال وبعد أن تم الانفصال بات من داخل جبهة الدستور الإسلامي يدعو للوحدة؟
هذا أمر يسأل عنه الطيب مصطفى، نحن كنا ندعو للوحدة حتى قبل أن نقيم الجبهة وندعو للوحدة اثناءها وبعدها، وإن كان هنالك طرف متأخر فهو من انضم إلينا ولم ننضم نحن إليه "في ناس كتار كانوا كفار وأسلموا" فهل قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كنت تعبد آلهاً مصنوعا من العجوة؟!
هل جاءكم الطيب مصطفى وقال أنا مؤمن بوحدة السودان والتقاء السودانين مجددا؟ هل أعلن الشهادة؟
حين كان معنا لم يعلن كفره، لكنه حين حاول أن يهيمن أوقفناه عند حده فأعلن استقالته والآن لدينا برنامج ومشروع دستور مطروحان وعندنا موقف سياسي وطني مطروح هذا الموقف من يؤيده لا نحاسبه على ماضيه.
الدراسة التي طالعتها عن بابكر كرار تقول إنه بسيطرة الحزب الشيوعي على جامعة الخرطوم إبان دخوله لها، وفي كتابه "تخليد ذكرى المفكر العربي الإسلامي بابكر كرار" ذكر محمد يوسف ذلك وذكر بأن كرار كون الحركة كرد فعل لما وجده، بل ذهب إلى أنه وكرار كانا شيوعيين لمدة من الزمن وحين اكتشفا الفروقات الجوهرية للفكر الشيوعي تركاه، وفكرا في تكوين حزب التحرير الإسلامي!
هذه كلمات ذكرت في الذكرى ال (26) ولكن هنالك أشياء يمكن أن تضاف فقد لازمت كرار أكثر من أي شخص، وأعرف أن كرار ومحمد يوسف درسا سويا في مدني وفي حنتوب وبجامعة الخرطوم وأسسا سويا المجموعة والطيب صالح كان ضمن المجموعة التي أسست الحركة الإسلامية.
* هذه معلومة لا يعرفها الكثير من الناس..
نعم. والطيب صالح كان أكثر تأثيرا في كرار من محمد يوسف، وكرار الأكثر تأثيرا على محمد يوسف.
لكم من الزمن امتدت علاقة الطيب صالح بالحركة الإسلامية؟
علاقة الطيب صالح بالحركة بدأت في مدرسة حنتوب الثانوية، وكان مقرها مدرسة التجارة بأم درمان جوار (البوسطة)، حيث حوت فصولها طلاب حنتوب ووادي سيدنا لحين ابتناء المدرستين، وفي ذلك الوقت التقى الطيب صالح وبابكر كرار، والطيب صالح كان مولعا بالأدب الإنجليزي، واستطاع أن يجذب بابكر كرار لقراءة الأدب الإنجليزي والصداقة بينهما نشأت من باب الاهتمام بالأدب الإنجليزي الذي اهتم به الطيب صالح إلى أن أصبح قاصا. وجذبت كرار قراءات في الأدب الإنجليزي وفي السياسية الإنجليزية بجانب اهتماماته الدينية منذ النشأة.
هل يمكن أن نقول إن بابكر كرار هو مؤسس الحركة الإسلامية؟
الحركة الإسلامية الحديثة مؤسسها بابكر كرار بلا منازع ولا يستطيع أن يكابر في ذلك مكابر وإن كان كل حركة تنسب إلى رجل فبابكر كرار المؤسس لهذه الحركة وهو الذي وضع لها الأسماء، وكان دوما ما يقول إن للحركة الإسلامية في السودان خصوصيتها، ولذا لا بد من محليتها ولذلك كان يقول بأنه لا داع لأن تسمى حركة الإخوان المسلمين في السودان.
* الناس تعتقد أن الحركة الإسلامية من بنات أفكار الترابي!!
لا لا لا هذا كلام فارغ.. الترابي نفسه لا يقول ذلك، ومن كتبوا عن الحركة الإسلامية لا يقولونه.
* هل تأثر الترابي ببابكر كرار؟
تأثر إلى حد كبير جداً، ولا يزال يحاول أن يكون ظلا من ظلال بابكر كرار في صورة من الصور.
* ظل؟!
لا يمكن أن يكون أصلا، فالأصل بابكر كرار، والترابي ظهر قريبا في العام 1964م وتحديدا في أكتوبر وتم تجنيده لصالح الحركة الإسلامية بواسطة عبد الله محمد أحمد وهذا أمر معروف والأخير كان من وسائل التجنيد عند بابكر كرار إذ يذهب بالمعنى لكرار والأخير يتكفل بإقناعه وتجنيده، ودخول الترابي قاد لأزمة كبيرة وكاد أن يودي بالتنظيم نفسه، حيث جوبه انضمامه باعتراضات كبيرة على رأسها ميرغني النصري وأحمد الشيخ البشير وحدثت اجتماعات في ذلك الخصوص، واحترام المذكورين لبابكر كرار وقوله (ما أنا بطارد المؤمنين، وما يدريني ما كانوا يفعلون) حسما أمر قبول الترابي، الذي أسكنه كرار في غرفته وظل ملازما له في الصلوات وقراءة القرآن والتفاسير، ومن أحاديث الترابي المشهورة أنه ما رأى شخصا يستطيع أن يركز طاقاته الذهنية في فهم القرآن كما يفعل بابكر كرار، والترابي كان واحدا من مئات الداخلين للحركة الإسلامية ولكن ظروفا معينة أبرزته وهذه أمور تاريخية يمكن أن يتحاور الناس حولها.
لماذا ترك بابكر كرار الحركة الإسلامية؟
بابكر كرار رجل زاهد، ووقتها أثيرت نغمة أنه يريد الزعامة وهو لا يريد أن تلصق به هذه التهمة وعلم بسهولة قتل الحركة في مهدها، ممن أبعد في ذلك الاجتماع كنت شخصياً، رغم أني من أبرز الشخصيات في المدارس الثانوية، وحنتوب برمتها كانت في يدي وحولتها من قلعة شيوعية إلى قلعة إسلامية وهذا أمر معروف وقابلت مؤخراً بروفيسور محمد الأمين التوم وهو رجل ماركسي قال لي: ذهبنا إلى حنتوب ووجدنا كل الحديث عنك. ولم أحضر كذلك العيد الذهبي لحنتوب.
* لماذا؟
لأنه يعتقدون بقدرتي في التأثير على المؤتمر، وكان رأيي ألا ننسحب وأعتقد أن من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبناها انسحابنا من مؤتمر العيد. لا تريد اسم الإخوان المسلمين إذاً انتظر عامين ليعقد مؤتمر وتغير الاسم كما فعل الترابي وأحمد عبد الرحمن إذ أنهما في أول مؤتمر بعد مؤتمر العيد أسقطا اسم الإخوان المسلمين، وفي نفس الوقت أخذا الحركة إلى مسار آخر -في رأيي- مسار الحرب الباردة.
* كيف؟
الحركة الإسلامية كغيرها من الحركات في السودان تخترق، وكانت الحرب الباردة على أشدها، وكان من نتاج ذلك الصراع اخترقت كل الأحزاب والقوى السياسية.
* مقاطعة: الحركة الإسلامية اخترقت؟
نعم، وبشكل واضح.
* هذا على أيامكم في الحركة؟
لا كنا حركة طلبة ومثقفين ولكن الحركة بعد الاستقلال أخذت أبعادا كثيرة خاصة بعد صراع عبد الناصر والإخوان المسلمين. وحين تقرأ تاريخ أجهزة المخابرات في العالم تعلم باختراقها لكل الأحزاب السياسية يمينا ويسارا ووسطا بل اختراقها حتى للجيوش والانقلابات وللأسف هذا البعد لم يدرس بعد على أهميته.
* تعتقد أن أجهزة المخابرات اخترقت الحركة الإسلامية؟
مؤكد.
* فما هي شواهدك؟ فدون شواهد يمكنني القول بذات النسق الحزب الاشتراكي الإسلامي اخترق بواسطة المخابرات الأمريكية، وناصر السيد يعمل لصالح المخابرات الأمريكية؟
كتبت بياناً سيخرج للصحف عن تشافيز ولا يمكن أن تمجد شافيز وتكون مع المخابرات الأمريكية.
* ذلك عمل المخابرات بعينه!
من أكثر خصومي السياسيين د.منصور خالد، ومعترف بأن منصور أكبر عميل أمريكي في الشرق الأوسط وليس في السودان، وبالتالي لا يعقل نكون نعمل في جهاز واحد وفي وقت فركشت اجتماعا لأن منصور جاب قرنق وختاه على يمينه.
* حين تتهم شخصا بالعمالة أو تتهم تنظيما بأنه مخترق بواسطة المخابرات تكون بحاجة إلى شواهد تحول دون مقاضاتك ود. منصور بهذه التهم ساق أناسا للمحاكم!
هنالك فرق بين أن تكون عميلا وأن تكون مخترقا.
* ما هو الشاهد على أن الحركة الإسلامية مخترقة؟
الشاهد الارتباط الوثيق جدا بين الدول البترولية وبين التنظيم الذي نهض بمعزل عن الحركة الإسلامية المؤسسة، حيث لا يمكن أن تجد ذلك الدعم والبعثات إلى الولايات المتحدة إلا لو كان في رضا على ذلك التيار. الآن أين السودان الذي يشتم الأمريكان ويستجيب لكل ضغوطهم في أديس ابابا؟ نافع يوميا يشتم الأمريكان لكن هل الحكومة ضد أمريكا؟ أجيب وأقول الحكومة راضخة للمخططات الأمريكية. أ.ه.
هذه الإجابة الأخيرة هي خلاصة القول، ولكنك في سياق صلب المقابلة ستفهم أن الحركة الإسلامية التي أسسها بابكر كرار وناصر السيد ومحمد يوسف كأن تكون سودانية بحتة تم سرقتها بخفية في فترة الخمسينات وقطعا من تكون سوى السعودية، وفي منتصف الستينيات زار فيصل السودان عام 1965م وتم رشوة جميع الأحزاب وهكذا تم تشميع السودان والسودانيين على أنهم ممتلكات سعودية!!
وإذا فتشت عمن تنعم بتلك البعثات الأمريكية على نفقة السعودية، ستجدهم أمين حسن عمر، سيد الخطيب، مالك حسين، إدريس عبد القادر، عوض الجاز، نافع علي نافع، جعفر شيخ إدريس، أحمد علي الإمام (أدنبرة)، صابر محمد حسن والقائمة طويلة. يقال أن علي عثمان محمد طه متسعود!!
إذن لماذا يحتج المؤتمر الوطني أو بالأحرى صحيفة "التفاهة"حين يضع عبد الواحد محمد نور علم إسرائيل على مكتبه؟
أعتقد أن رد سليمان أركو مناوي على جلسة (علي وعلي) كان ردا صائبا، ويمكن اعتبار زيارة علي عثمان لألمانيا ولقاء علي الحاج في السفارة (لقاء رسمي وليس اجتماعي يا كمال عمر!!) فهي أولا رد الاعتبار لشخص علي الحاج واسترضاء لغروره الذي عانى من صقيع ألمانيا وربما أصيب بالألزهايمر بفضل الجمود والضجر، ولكن بالتأكيد سجلت الزيارة هدفا في مرمى دارفور. جوهر لقاء علي وعلي فهو في صالح أن يغير الشيخ حسن الترابي وحركته الإسلامية جلودهم (أنسى شعبي ووطني!!)، فهذه "الديمقراطية السلسة" التي يرغبون في تطبيقها والتي صاحبها طبل الصحف اليومية "الحكومية" بمحاربة الفساد وإقالة اللجان الفاسدة، واعتقال لصوص المال، ومطاردة حرامية خط هيثرو – كلها أكاذيب صحفية بخط عريض لدغدغة مشاعر الشعب السوداني. حتى تلميع د. ناصر السيد إعلاميا يدخل في لعبة تغير الجلود، ويستخدمون الرجل واجهة لإعادة الثقة فيهم. ويبقى السؤال: وماذا يعمل الشعب السوداني ب "ديمقراطية سلسة" و80% من الدخل القومي يمر بماسورة المؤتمر الوطني، ينفقها ببذخ على الشرطة، والجيش، والشركات الحكومية وشبه الحكومية، والاتحادات الطلابية والمنظمات المدنية الخ. حذر، فهنالك حكومة عميقة صنعها د. نافع علي نافع!! لا يمكن إزالتها إلا بزوال هذا النظام.
وماذا يعمل الشعب السوداني ب "ديمقراطية سلسة" إذا كانت نفس الوجوه ستظل هي نفس الوجوه تحكم السودان؟ وما الضمان إلا يخج نافع علي نافع أو غيره صناديق الانتخابات مرة أخرى؟ ومن الذي يستطيع فصل السلطات الثلاث بعد أنأصبحت جميعها في إصبع "أمير المؤمنين"؟ وكيف يمكن إصلاح الخدمة المدنية بعد خرابها؟ ومن الذي سيستعيد المليارات المنهوبة من الشعب السوداني؟ ومن الذي يستطيع قطع الحبال مع السعودية وقطر؟ ومن الذي سيحاكم لصوص المال العام؟ إذا كان العبيد فضل المولى إلى اليوم حر طليق لا حاجة للشعب السوداني إلى ديمقراطية سلسة!! هل سيتركون أمثال العبيد فضل المولى يفرون بجلودهم بسلاسة؟ وقائمة الأسئلة طويلة.
ولقد صدق د. ناصر السيد في عمالة الحركة الإسلامية السودانية لدول الخليج وهي عمالة لم يدرك الشعب السوداني آثارها في العمق، فما الذي يجبر عمر البشير أن يجلس مع معاذ الخطيب في الدوحة لولا سقوط الحركة الإسلامية السودانية في العمالة لدول الخليج ولأمريكا بالحسبة؟ وبالرغم من ذلك نقول لرئيس جمهورية السودان عمر البشير إن بشار الأسد باقي رغم أنف قطر والسعودية والسودان. وسيأتي يوما ما إسلاميون من نوع آخر لا يتوضأون بالكاز والمازوت بل بمياه النيل، ولا يصلون نحو البيت الأبيض بل نحو البيت الأسود القابع في الحجاز، ولكن ليتأكد الترابي وغيره أن الحركة الإسلامية الإقليمية التي بنيتوها بالأموال االمنهوبة من شعب الحرمين في خمس عقود هي إلى زوال عبر إرادة الشعوب. ولقد بدأ حقا العد التنازلي في مصر، مصر في ثورة. حقا مصر أم الدنيا .. مصر جمال عبد الناصر..
شوقي إبراهيم عثمان
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.