الحرب التي اندلعت خلال الأسابيع القليلة الماضية في جمهورية جنوب السودان الوليدة التي انفصلت عن الدولة الأم الخاسر سيكون فيها هو شعب جمهورية جنوب السودان والذي شهدت فيه خمسة أجيال هذه الحروب وآثارها، حيث خاض شعبه بدون إرادته حرب أغسطس 1955م والتي امتدت حتى العام 1972م حيث تم التوقيع على اتفاقية أديس أبابا للسلام والتي ما لبثت أن انهارت بعد مضي إحدى عشرة سنة عليها ودخل شعب جنوب السودان مرة أخرى في حرب جديدة في العام 1983م والتي انتهت في العام 2005م حيث تم التوقيع على اتفاقية السلام الشامل في نيروبي وهي الاتفاقية المعروفة ب (نيفاشا) والتي أعطت جنوب السودان خيار تكوين دولته الجديدة التي لازمت المشاكل والخلافات السياسية والتي انتهت بمواجهات مسلحة بين فرقاء السياسة، والذين طالبهم المجتمع الدولي والمؤسسات الإقليمية بضرورة الاحتكام إلى صوت العقل وتغليب المصلحة العامة لشعب جنوب السودان على المصلحة الخاصة لهؤلاء الفرقاء... فشعب جنوب السودان وقبل أن ينفصل عن الدولة الأم عانى ما عانى من الحروب سنوات طويلة أفقدته الأرواح العزيزة والأنفس الغالية وتعطلت مسيرة تنمية أرضه البكر الواعدة التي تهطل عليها الأمطار بشكل مستمر طوال أيام السنة، علاوة على ثرواته المخبوءة المكتشفة وغير المشغلة وغير المكتشفة... فضلاً عن تأخر الخدمات الأساسية في الصحة والرعاية الاجتماعية والتعليم والطرق والمواصلات أما آثار الحرب الطويلة فقد كانت مدمرة للإنسان وللحيوان وللبيئة، فالإنسان لاحقه القتل والإعاقة والترشيد في معسكرات النزوح واللجوء إلى دولة الجوار، والحيوان قلت معدلاته تكاثره وتراجعت إحصائيات صادر اللحوم وتوقفت مصانع تعليب وتجفيف الألبان والفواكه وانتهت مصانع النسيج وسكر ملوط والمحالج والمصانع التحويلية إلى زوال وهربت الحيوانات الوحشية كالأسود والأفيال والذئاب والتي كانت تشكل محمياتها مزارات سياحية للسواح الذين كانوا يأتون إليها من أنحاء العالم وكانت تشكل مناطق سياحية ومورداً من موارد الدخل القومي، أما البيئة فقد أهدرت مواردها سنوات الحرب فلحقت بالخضرة كل مظاهر الموت والاصفرار وقلت المحميات الغابية واستمر القطع الجائر والقاتل للغابات وضمرت المراعي وتقلصت مساحتها، كل ذلك آثاره لحقت بالشعب الجنوب سوداني... وحتى وبعد أن اختار خيار الانفصال لم ينعم بدفء الدولة والتي لم تزل في مرحلة التأسيس والتشكل، وقبل أن ينطلق نحو الأفضل لتحقيق الغايات والمقاصد الكلية من خيار الانفصال قامت هذه الحرب الجنوبية الجنوبية والتي من آثارها الظاهرة الآتي: - ازدياد ضحايا الحرب من القتلى والجرحى والمصابين. - فرار أعداد مقدرة من المواطنين من الولايات والمناطق التي شملتها الحرب ونزوحهم إلى المدن الآمنة. - التذبذب في إنتاج النفط وتصديره والذي يعتمد عليه اقتصاد الدولة الوليدة بأكثر من 90% في ميزانيتها العامة. - ازدياد معدلات الفقر والبطالة في عدد من المدن وتدني الخدمات الصحية وتوقف المدارس في أجزاء واسعة من الدولة. - توجيه كل موارد الدولة المتاحة نحو تأمين البلاد ورد التمرد مما يضاعف من معاناة المواطنين. - لجوء أعداد من المواطنين إلى الدول المجاورة كالسودان ويوغندا وكينيا والكنغو وهذه الأخيرة أيضاً تعاني من اضطرابات داخلية مما يعني أن اللاجئين إليها اضطراراً قد استجاروا من الرمضاء بالنار. - نزوح أعداد من المواطنين إلى المناطق الآمنة ومقرات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. يأيها الفرقاء في جنوب السودان الحبيب توصلوا إلى الحلول فشعبكم تطاولت عليه سنوات الحروب والدمار والأسى يأيها الفرقاء تنازلوا لبعضكم حتى لا تتعرض ثروات بلادكم المهولة للنهب والإهدار والتعطل . تفطنوا للمخطط الذي يحدث لدولتكم الوليدة فالمتربصون بها أرادوا لها أن تولد فقيرة فأشاروا إلى بعضكم بإدارة حرب بالوكالة عنهم لينهبوا ثرواتكم... فالمؤامرة بدأت منذ لحظة الانفصال من الدولة الأم... أيها الفرقاء انتبهوا، انتبهوا لهذا النصح قبل فوات الآوان.