سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التعليم التقني.. ما بين النظرة الدونية وإهمال الدولة نواب تشريعي الخرطوم مستاؤون من تردي بيئة التعليم ويبحثون عن حلول
رئيس المجلس يصف التعليم التقني ب «التعبان تعب الموت»!
معلم: نوفر الخبرات والمهارات الضرورية التي يحتاجها سوق العمل
بالرغم من أهميته، واهتمام معظم دول العالم به، إلا أن التعليم التقني في الوقت الحالي يعاني الإهمال في السودان خلاف الماضي.. غالبية الأسر السودانية باتت لا تدعم فكرة دخول أبنائها المدارس التقنية بسبب ضيق فرص التوظيف, علاوة على أن معظمها يحلم بدخول أحد أبنائها المساق العلمي خطوة مهمة تسبق قبولهم في إحدى الكليات العلمية مثل الطب والصيدلة والهندسة.. على الرغم من ازدياد أعداد خريجي هذه التخصصات.. ارتبط التعليم التقني في أذهان الكثيرين بالحرف اليدوية مثل الميكانيكا وكهرباء السيارات وأعمال البناء.. والنقاشة.. الخ ما ساهم في خفض أعداد المنتمين إليه. مدخل الحقيقة التي لا مناص من مواجهتها والتعامل معها بواقعية هي أن طلاب التعليم التقني والصناعي يواجهون ظروفاً صعبة بكل المقاييس في المدارس التي يتلقون فيها تعليمهم، لا تقل بؤساً عن البؤس الذي يعيشون فيه.. وضح تماماً.. أن جل اهتمام الدولة أصبح موجهاً نحو التعليم الأكاديمي وتطويره، وما نشاهده من ازدياد في أعداد المدارس الأكاديمية الحكومية والخاصة يدعم هذه الفرضية.. على إن القطاع الخاص دخل هو الآخر وبقوة لدعم الفرضية أعلاه، فبالرغم من أن النظرة الغالبة هي تحقيق أرباح طائلة عبر الدخول في مجال التعليم إلا إن أحداً منهم لم يفكر في استثمار أمواله في مدرسة تقنية أو صناعية.! فرص عمل أقر الأستاذ عباس الضو المعلم بمعهد «الفنية» الصناعي بأم درمان بأن التعليم التقني يضم في بعض الأحيان عددا من «الفاشلين» لكنه بالمقابل أكد أن التعليم التقني والصناعي مدخل مهم لتوفير فرص عمل في كل الصناعات الموجودة في السوق، وأنه يمنح الطلاب الخبرات الفنية المطلوبة لدخول سوق العمل، أو إكمال تعليمهم عبر الالتحاق بالجامعات والكليات والمعاهد العليا.. وقال الأستاذ عباس إن التعليم التقني مهم جداً لجهة أنه جزء أصيل في تطور ونمو الدول، وأعاب على الأسر الحرص على إدخال أبنائهم المدارس الأكاديمية دون الاهتمام بمهاراتهم ورغباتهم.. الرغبة مهمة وطالب الأستاذ عبد الله هاشم المعلم في ذات المعهد- طالب الدولة بالاهتمام بالمعاهد والمدارس التقنية والصناعية وقال إنهم يخرجون سنوياً مئات الطلاب، وعدّهم عناصر مهمة جداً في سوق العمل، وتغني الدولة عن جلب عمالة أجنبية.. وأصرّ على أن التعليم التقني لا يقل أهمية عن التعليم الأكاديمي، لكنه أوضح أهمية أن يختار الطالب التخصص الذي يريده، وقال إن كل الطلاب الذين فشلوا في التعليم التقني اتضح أنهم دخلوا هذا التخصص دون رغبة..! ميكانيكي سيارات منذ صغره كان يحلم الطالب عماد سبت بأن يصبح في يوم ما «فنانا» في مجال السيارات، وبعد إنهائه تعليم مرحلة الأساس لم يتردد أبداً في التسجيل في معهد القرش الصناعي وعن ذلك قال عماد: حققت حلمي.. دخلت معهد القرش الصناعي أود أن أصبح ميكانيكي سيارات شاطر». وأكد عماد أن طلاب التعليم التقني والصناعي لا يقلون ذكاء عن طلاب التعليم الأكاديمي وتابع «العامل المهم هنا هو رغبة الطالب»..! تدني التحصيل على عكس عماد، فإن الطالب زين العابدين- معهد القرش- لم يتمكن من مواصلة تعليمه الأكاديمي بسبب تدني تحصيله الأكاديمي، في البداية لم يستسلم بل جلس للإعادة عدة مرات في النهاية لم تمكنه ظروف الأسرة المادية من مواصلة تعليمه الأكاديمي وهو من استعاض عنه بالتعليم الصناعي، يقول زين العابدين «لا توجد رغبة ولا أعتقد أنني أمتلك الموهبة، وجدت نفسي مجبراً على دراسة الميكانيكا.. في النهاية أريد أن أكتسب الخبرة الضرورية التي تعينني على دخول سوق العمل»..! تشجيع الأسرة وجد الطالب عمر بلال - المدرسة الفنية الصناعية - دعماً كبيراً من أسرته وأصدقائه وشجعوه على دخول المدرسة الفنية حتى يدعم موهبته في مجال كهرباء السيارات، وقال إنه اختار تنمية موهبته عبر الدراسة لأنه يحتاج إلى اكتساب بعض الخبرات.. لكن زميله الطالب عبد الكريم حسن قال إن فشله في الدراسة الأكاديمية دفع أسرته إلى إلحاقه بالمدرسة الفنية «رسبت عدة مرات في شهادة مرحلة الأساس»، يتمنى عبد الكريم أن يتمكن من مواصلة تعليمه التقني وقال إنه يود دخول جامعة السودان.. سعد عوض الطالب في مدرسة محمد حسين الفنية بأم درمان ذكر أنه التحق بالمدرسة الفنية بعد أن فشل في تخطي عقبة مرحلة الأساس، وأشار إلى أنه كان يحلم منذ صغره بدخول كلية الشرطة «وددت دخول كلية الشرطة حتى أدافع عن كل المظلومين» وأكد أن وضعه المادي ساهم أيضاً في دخوله المجال التقني.. سعد قال إنه لم يكن يرغب في دراسة الميكانيكا وإنما الظروف هي التي دفعته لدراستها « المهم الآن هو أن أركز في مجال تخصصي.. أتمنى الحصول على الخبرات والمهارات التي ستساعدني في أن أشق طريقي»..! مهارات وهوايات أحست أسرة الطالبة ست البنات أشرف أن ابنتهم تهوى منذ صغرها النحت على الحجارة، لذلك كانت حريصة على تنمية وتطوير مهارات ابنتهم.. تدرس ست البنات في المدرسة الفنية للبنات بأم درمان «فنون نحت» وقالت إنها تحب النحت على الحجارة منذ صغرها لذلك اتجهت لاختيار التعليم التقني والفني وهي ترى أن التعليم التقني لا يقل أهمية عن التعليم الأكاديمي..! في حين أن زميلتها الطالبة سعدية محمود فضلت التسجيل في المدرسة الفنية لتنمية مواهبها مثل رسم اللوحات الفنية والنحت بجانب الرسم على الحوائط وعمل تشكيلات على البيض والأواني، وقالت إن أمنيتها هي دخول كلية الفنون.. في منتصف الأسبوع الماضي عقد مجلس تشريعي الخرطوم جلسة لمناقشة قضايا التعليم وانتقدوا محدودية الميزانية المرصودة للتعليم في الولاية.. وقال رئيس المجلس محمد الشيخ مدني إن كل القضايا التي ناقشها مؤتمر التعليم في العام 1990 قطعت شوطاً بعيداً باستثناء قضية التعليم التقني والتقاني، وقال «التعليم التقني تعبان تعب الموت»..!