السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الوطني في السودان سهولة الإقلاع صعوبة الهبوط
الرئيس البشير يقود مركبة الحوار و الترابي «كابتن كرو» حكومة كاملة الدسم وتقاسم الكعكة يشمل المحليات والولايات ملامح تقاسم الكعكة والجزرة الامريكية
نشر في الوطن يوم 05 - 11 - 2014

ملامح مشهد سياسي جديد باتت تلوح في الأفق ، لتشكل حقبة جديدة من الحقب السياسية بالدولة السودانية وذلك لما تشهده الساحة السودانية حاليًا من حراك سياسي غير مسبوغ منذ عشرات السنين، بعد أن أطلق الرئيس عمر البشير مبادرته للحوار الوطني الشامل ودعوته لكافة الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة في هذا الحوار من خلال الإتفاق على الثوابت الوطنية للبلاد.
وقد تباينت واختلفت ردود أفعال الأحزاب والقوى السياسية السودانية من تلك المبادرة ما بين مؤيد ومعارض لها، حيث استبشرت الأوساط السياسية خيرًا في بداية الإعلان عن المبادرة والتقت بعض القوي الساسية حول المبادرة ، واخرى ظلت تقف على الضفة الاخرى من النهر تترقب وصول وعبور مركب الحوار الوطني وما بين هذه وتلك اجتمعت معظم الأحزاب في لقاء شهير بقاعة الصداقة بالخرطوم بحضور الرئيس السوداني في محاولة لتقريب وجهات النظر بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وبقية الأحزاب والقوى السياسية، وخاصة حزبي الأمة القومي "المعارض" برئاسة الصادق المهدي، والمؤتمر الشعبي برئاسة حسن الترابي، بغية الخروج من الأزمات التي تعانيها البلاد، خاصة وأن المنطقة تعج بالحروب والتوترات بعد التداعيات السلبية لما أطلق عليه "ثورات الربيع العربي".
واصطدمت مبادرة البشير للحوار الوطني بأزمة كادت أن تعصف بها وذلك بعد اعتقال أجهزة الأمن والمخابرات السودانية للصادق المهدي لمدة شهر كامل بأحد سجون ولاية الخرطوم، وكانت تلك الحادثة عاملا مؤثرًا في تعطيل مسيرة الحوار الوطني وأدت إلى تراجع العديد من الأحزاب عن المضي في تلك المبادرة ومنهم حركة "الإصلاح الآن" بزعامة صلاح الدين العتباني ومجموعة الإصلاحيين المنتمية لتلك الحركة، في حين ظلت بعض الأحزاب المتوافقة مع حكومة الخرطوم والحزب الحاكم على نهجها في المضي قدما في الحوار باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من المشاكل والتحديات التي تواجهه ، وخاصة المشكلات الاقتصادية التي تفاقمت خاصة بعد نشوب الحرب بدولة جنوب السودان وتوقف ضخ النفط فضلا عن استمرار العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على البلاد منذ فترة طويلة.
مدخل :
وعلى الرغم من تلك الصعوبات والعثرات التي تواجه مسيرة الحوار الوطني بالسودان فقد أعلنت لجنة الحوار الوطني السوداني المعروفة باسم (7+7) خارطة طريق لتنفيذ الترتيبات العملية لمسيرة الحوار الوطني الشامل.
على خلفية هذا المشهد برمته اصبحت عملياً هناك قوى سياسية بالداخل يقودها المؤتمر الوطني والشعبي نحو بوابة الخروج الى سلم طائرة الحوار الوطني بغية الإقلاع الى محطة الحوار الوطني ، والقوى الاخرى يقودها الامام الصادق المهدي وهي تعتبر القوى المسلحة الوحيدة التي تقاتل النظام في الخرطوم من اجل اسقاطه عنوة واقامة دولة علمانية على انقاضه ، وهي تنتظر وصول طائرة الحوار وعلى متنها المؤتمر الوطني والأحزاب التي توافقت معه وحجزت مقاعد لها بتلك الطائرة المتجهة الى محطة الحوار الوطني المفضي الى خارطة وتسوية سياسية شاملة .
وبين تكملة اجراءات الرحلة واقلاع الطائرة ثمة مطبات جوية يتحسب اليها الربان (كابتن كرو) ، المؤتمر الوطني والقوى السياسية التي اتفقت معه خاصة عراب الاتفاق الشيخ حسن الترابي الذي يجلس يمين الرئيس عمر البشير كابتن الرحلة في قمرة قيادة الطائرة ويضع علي اذنيه السماعة التي يتلقى عبرها معلومات الرحلة وهو يقوم بعملية التواصل مع برج المراقبة المكون من لجنة صغيرة تشمل بروف غندور نائب رئيس المؤتمر الوطني والفاتح عزالدين رئيس المجلس الوطني والزبير احمد الحسن امين الحركة الاسلامية ، بينما جماهير المؤتمر الوطني وباقي قياداته في صالة المغادرة لوداع الطائرة.
صالة المغادرة والحديث الجانبي
بينما تستعد الطائرة للإقلاع ، و حيث تجري مراجعة معداتها بغرض التأكد من سلامتها عبر مطار الوطنية الدولي ، فإن قاعة المغادرة مكتظة بالمودعين وهم يتجاذبون اطراف الحديث والنقاشات الجانبية تدور حول خارطة الطريق، وغايات وأهداف الحوار في التأسيس الدستوري والمجتمعي في إطار توافقي بين السودانيين لإنشاء دولة راشدة ونظاماً سياسياً فاعلاً والتعاون بين السودانيين والتوافق على تشريعات دستورية قانونية تكفل ، والحقوق. والعدالة بجانب التوافق علي التشريعات والإجراءات الضرورية لقيام انتخابات عادلة و نزيهة وفقاً لخارطة معينة بها مطلوبات تهيئة المناخ ، وإجراءات بناء الثقة والتي تتمثل في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وكفالة الحريات السياسية وتجنب خطاب الكراهية ووضع الضمانات اللآزمة لمشاركة حاملي السلاح في الحوار وأن يكون القضاء هو الجهة المعنية بقضايا النشر والتعبير.
الجمعية العمومية للحوار تشكلت من صالة المغادرة ،اثناء وداع الطائرة وقبل اقلاعها حيث تكونت لجنة من المؤتمر العام، ولجان المؤتمر، واللجنة التنسيقية العليا والأمانة العامة وتتكون عضويتها من الأحزاب السياسية المسجلة والحركات الموقعة، والحركات التي تحمل السلاح، والتي وتوافق على المشاركة وشخصين من كل حزب أو حركة أحدهما مشارك والآخر مناوب فضلا عن (50) من الشخصيات الوطنية وإعلام وقيادات المجتمع .
حول آليات تنفيذ الحوار أوضحت اللجنة إنه عند الإتفاق على مخرجات الحوار، يتم الاتفاق على آلية تنفيذية وآليات أخرى يتفق عليها لإنفاذ مخرجات الحوار.
ودعت اللجنة إلى تسخير الإعلام الرسمي للدولة لدعم الحوار عبر إنشاء موقع الكتروني، واصدار نشرات دورية ، وبيانات ، وتحديد ناطق رسمي باسم المؤتمر وتم الاتفاق على دعوة الاتحاد الأفريقي ، وجامعة الدول العربية، ولجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، وجهات أو أشخاص يتفق عليهم لمراقبة أعمال المؤتمر، بجانب عدد لا يتجاوز الخمسة من الموفقين من الشخصيات الوطنية تكون مهمتهم التوفيق بين أطراف الحوار .
وفي السياق كشف الرئيس السوداني عمر البشير ، عن اتصالات مكثفة تجري بين الحكومة في الخرطوم والحركات الدارفورية المسلحة والتي لم يسمها حيث أبدت رغبتها بالمشاركة في الحوار الوطني ، مشيرًا إلى أن تلك الإتصالات شاركت فيها الحكومة التشادية وأحزاب معارضة بجانب رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور محمد بن شمباس ، عبر الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي، بغية إقناعهم المشاركة في الحوار.
المشهد داخل الطائرة
المؤتمر الوطني عقد مؤتمره العام وتوافدت جموع الناس من كل فج عميق وهم يدفعون بعضهم بعض ، وكل قبيلة ما تحمل والياً على اعناقها حيث تعالت الأصوات في الشرق والغرب وكردفان ودارفور حيث سمع اهل الشرق يهتفون لمحمد طاهر ايلا ، وشمال دارفور تهتف لمحمد يوسف كبر ، بات الهتاف داخل قاعة كبيرة بينما الصوت يتضخم ويطالب بعدم تكريس مزيد من مراكز القوى في الولايات، حيث اصبح كل والي له جمهورية مصغرة يجلس على عرشها ، منهم من يهدد بالتصفية الجسدية ومنهم من يدفع ويبدد مال هذا الشعب من اجل تمجيده ، المشهد اصبح مهدداً حقيقاً لأمن وسلامة البلد . وهذا ما اشار اليه السيد/ رئيس الجمهورية في فاتحة اعمال المؤتمر حيث اشتكي من مراكز القوى وهو يقصد الجمهوريات المصغرة للولاة ، حيث وعد بدك حصونها ودعا عضوية الحزب الى الإلتفاف حول التعديلات المرتقبة في الدستور .
فهلوة هرون تسقط في امتحان الشورى
انعقدت الكلية الشورية القومية بعد البناء الذي انتظم كافة مستويات الحكم وتم تأسيس هيئة شورية جديدة ، تم تجديد بعض الدماء فيها حيث استلم مقاليد القيادة فيها الدكتور كبشور قمبيل وجاء عبد الحميد موسى كاشا الوالي السابق والأسبق لجنوب دارفور نائباً للرئيس ، في اشارة لها اكثر من مدلول وتحمل من وراء سطورها معاني مختلفة ، كان انعقاد هذه الهيئة بهدف اختيار المكتب القيادي الذي يتولى ويشرف على ما تبقى من مراحل المرحلة الانتقالية المتوقعة ، فكان الرئيس يعمل على ترقية مساعدين له ليترك لهم قمرة القيادة ويغادرها بكل يسر دون أن تتعرض الطائرة الى خطر .
بدأت الشورى بلجنة فنية برئاسة محمد مختار ضابط المهام الصعبة مقرر المؤتمر العام وفي فاتحة الإجتماع أبو الفهلوة صاحب نظرية الف كتمة وكتمة يفتتح الإجتماع بمقترح يريد عبره أن يشكل واقع جديد ، حيث اقترح تكوين المكتب القيادي من النائب الأول السابق والنائب الأول الحالي ، النائب السابق والحالي ، نائب رئيس الحزب الحالي والسابق ، رئيس الشورى الحالي والسابق ، امين الحركة الإسلامية الحالي والسابق ، ويتم تفويضهم بتكملة المكتب القيادي ، هذا حسب ما يقوم به في جمهوريته المصغرة ، لكن الزبير احمد الحسن امين الحركة الإسلامية عارضه بشدة وضجت القاعة بالمقترحات ما بين موالي ومعارض ، وتم حسمها بإنتخابات حيث سقط هو وفهلوته الى الابد ، مما يؤكد سقوط عهد الفهلوة في المؤتمر الوطني وباتت مرحلة جديدة تتشكل دون التفات لأصحاب النظريات البائدة والكلمنجية .
لم يكتف رئيس الدولة السودانية بذلك لكنه تقدم خطوة في اتجاه الحوار وأودع قبة البرلمان خطاب مفصل لكن الجديد الذي يحمله إنه طلب تعديلات دستورية عاجلة ، وطالب في فاتحة الدورة الأخيرة للهيئة التشريعية القومية التي تضم البرلمان ومجلس الولايات، يوم الخميس، بتقويم تجربة الحكم اللامركزي بصورة شاملة، وقال إن الممارسات الخاطئة في تطبيقها أدت إلى تفشي الجهوية واستخدام العصبية القبلية سلماً للوصول إلى مواقع السلطة على حساب الكفاءة والمواطنة
وأضاف أن ذلك ينذر بتأثير سالب على السلام والأمن الاجتماعي بين مكونات المجتمع، ويهدد بازدياد وتيرة الصراعات القبلية التي باتت واحدةً من مهددات الأمن القومي.
وأكد إن التعديلات الضرورية والعاجلة على بعض مواد الدستور لن تشكل قيداً على شمول الدراسة التي ستجريها الهيئة القومية على تجربة الحكم اللامركزي، والتي قال إنها يمكن أن تكون مادةً للحوار السياسي والمجتمعي الأوسع لتقويم المسار، وتطوير آفاقه بما يُمكِّن المواطن من المساهمة في إدارة شأنه الولائي والمحلي بصورة موضوعية، تُعلي من قيم المواطنة والكفاية وتُخفِضْ من النزعات الجهوية والقبلية.
وتوقع أن يشهد شهر نوفمبر المقبل خطوات إيجابية في ملف الحوار الوطني والوفاق والسلام ، داعياً المتمردين والمعارضين للانضمام للحوار من أجل تحقيق السلام وبناء الوطن.
ركاب تخلفوا عن الرحلة
على خلفية هذه المرحلة التي اصبحت قاب قوسين أو ادنى من ان تتشكل والطائرة على وشك الاقلاع هناك من يريد ان يتخلف من الرحلة ، وبدأ البعض منهم يعترض كابتن الطائرة ان يقود الرحلة ، وهؤلاء كثيرين لكنهم لا يستطيعون مقابلة جهة الاختصاص وتقديم اعتراضهم على كابتن الرحلة الذي اخذ مكانه بالطائرة إيذاناً بالاقلاع رغم معارضتهم له ، هذا التيار يقوده الدكتور امين حسن عمر صاحب نظرية المواجهة ، وهو يعتقد كل شيء يمكن مواجهته ، ويروي - قدرات الرئيس ليست محل شك، وهي معلومة للجميع، والاتجاه الذي أمثله هو أن نتبني التغيير الشامل ، ونحن نعتقد إن التغيير بصورة فاعلة لن يتم إلا إذا شمل الرئاسة ، لأن رئاسة الحزب هي رئاسة الدولة، ورئاسة الدولة ليست شخصاً، وإنما بنية وهيكل، ومهما قيل إن هناك مؤسسات رسمية تطرح فيها القضايا، فإنني أقول إن هناك مؤسسة غير رسمية مخفية لها فعالية المؤسسات الرسمية في التأثير ، ولا يوجد إنسان يأتي ليملي على الرئيس، لكن الرئيس بشر يؤثر عليه الناس الذين يقربهم ، أو الذين يقتربون منه. وهؤلاء لن يتم تغييرهم إلا إذا تم تغيير الرئاسة ، لأنه معلوم أن البنية القيادية غير الرسمية لا يمكن تفكيكها إلا بتغيير القيادة ، وهذا هو رأيي بصراحة ودون مواربة ، ولكن إذا خالفني غالبية الناس في هذا الرأي فسوف أقبل برأي الأغلبية ، ليس من باب التسليم ، بل من باب إعادة فحص رأيي ، وأقولها بصدق إنني أعدت فحص رأيي مرارًا وتكراراً ولم أتيقن بأنني مخطيء فيما قدرّت، ولا أزال أقدّر أنه لابد من الإصلاح ، ليس فقط في الحزب ، بل في الحياة السياسية كلها .
بالرغم من هذه الافكار الجريئة لكن الحسنة فيها إن صاحبها يعترف ويتراجع متى ما كان رأيه غير صائب في نظرية التجديد ، والذي لا يعلمه دكتور امين حسن عمر ان الذين يخالفونه الرأي ليس عضوية المؤتمر الوطني ، بل كابتن كرو الطائرة والاحزاب الاخرى التي على متن هذه الطائرة والتي لا تطمئن الى قيادة البشير لهذه الطائرة ، لأنهم يعلمون ان الطائرة سوف تواجه مطبات هوائية ربما تعاكس الطائرة بقوة.
ملامح تقاسم الكعكة والجزرة الامريكية
ظل المؤتمر الوطني في السلطة منذ ميلاد فجر الانقاذ عام 1989 ، واصبح الإسلاميون يتقلبوا في المواقع مثل توزيعة الكوشتينة ، مما جعل الفكر المتجدد يغور في بواطن العقول وهذا ما جعل ربان الطائرة يبحث عن تجديد بطريقته لا بطريقة امين حسن عمر ، التي يبحث فيها عن اقصاء طاقم الطائرة قبل ان تصل الى وجهتها.
على خلفية تذويب مراكز القوى بالمؤتمر الوطني خاصة الجمهوريات المصغرة لولاة بعض الولايات شرع رئيس الجمهورية ولجنته المصغرة بالمضي قدماً في تذويب الفواصل الجهوية والقبلية بين الولايات وتمكين القومية السودانية ودعمها بمزيد من القوانين التي تزاوج بين الفدرالية وتقصير الظل الاداري والمشاركة العادلة في السلطة وتوزيع الثروة وفقاً لمنظومة عادلة بين ولايات السودان ، وتكتمل هذه اللوحة عقب مشاركة بعض الاحزاب في تقاسم كعكة السلطة وتولي القوى السياسية مواقع في الحكومات الولائية والمركزية من لدن المعتمد والوالي والوزير الإتحادي ، وهذا أ برمته يصب في خانة المشاركة السياسية ويدعم ويعزز الحوار الوطني ويقود البلاد الى تسوية سياسية شاملة ، وبالمقابل يقلل من الفساد ويجعل المنافسة الشريفة في تقديم الخدمات هي الفيصل بين المسؤولين على مستوى اركان الدولة المختلفة.
حسب المعلومات التي رشحت من بعض الدوائر إن رئيس الجمهورية ولجنته المصغرة تعمل على اختيار مجموعة من الولاة
تشمل حصة المؤتمر الوطني في الكعكة المراد تقسيمها ، وسوف يكون التعين من بين الخمسة الذين تم ترشيحهم من كل ولاية ، وربما يتم اختيار آخرين رؤساء للمؤتمر الوطني في ولاياتهم ووزراء مع حكومات يرأسها ولاة من خارج منظومة المؤتمر الوطني ، وتقول ذات المصادر ان تجربة ولاية غرب دارفور بقيادة الوالي حيدر جالو كوما وابوالقاسم الامين بركة نائب الوالي ورئيس المؤتمر الوطني ، لها قبول خاص عند قيادة الدولة لما وجدته من انسجام .
بهذا تكون الحكومة السودانية قد اكملت استعداداتها لتقديم جزرة للقوى السياسية كضمان ترشيح الرئيس البشير والعمل معه من أجل اعادة انتخابه كطلب القوى السياسية ، وذلك للمضي قدماً من اجل تنفيذ مقررات الحوار الوطني وممسكاته.
لم تجد الإدارة الأميركية غير الوعود لدعم الحوار الوطني والانتقال الديمقراطي في السودان، ويأتي في مقدمتها إمكانية إعفاء ديون السودان الخارجية وبعض الحوافز الأخرى، أهمها شطب السودان من "قائمة الدول الراعية للإرهاب"، ووقف المقاطعة الاقتصادية المفروضة عليه من طرف واحد، وتفاوتت المواقف السودانية من تلك الوعود وتنوعت بين التفاءل والشك ، وكان وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان قد كشف عن وعود تلقاها رئيس الآلية الأفريقية، تابو أمبيكي، من نائب الرئيس الأميركي وشخصيات أميركية "مؤثرة" بتقديم جملة حوافز للسودان من أجل دفع الحوار بين الخرطوم ومعارضيها السياسيين ، وقال أن الحوافز الأميركية -وفق أمبيكي- تشمل إعفاء ديون السودان الخارجية ورفع اسمه من قائمة الدول التي تصنفها أميركا "راعية للإرهاب".
الحوار الوطني بين الرفض والقبول
المعسكر الحكومي يؤمه عدد من الأحزاب التي لا تؤمن إلا بمدأ المشاركة والتوالي مع الحزب الكبير ، ربما تمد هذه الشجرة فروعها لستظل بها قوى سياسية أخرى تشاركها وتقاسمها الافراح والاتراح وهناك معسكر آخر يحمل السلاح يرى بعين أخرى وهؤلاء اصبح يؤمهم الامام الصادق المهدي وما بين هذا وذاك نغوص في رؤية كل واحد لوحده لنرى بعيون وزويا اكثر دقة حتى يكتمل المشهد وتبان الصورة ، فماذا قال المهندس عبدالله علي مسار- الحوار الوطني مهم وله استحقاقات مطلوب دفعها وهو يناقش قضايا إنسانية أهمها كيف يحكم السودان، السودان منذ العام 1956م يحكم إما بانقلابات ، أو حزبية مؤدلجة ، وأما ديمقراطية ذات طائفية . ولذلك كل هذا ينعكس على استقرار السودان و يتولد عنه صراع من كافة أهل السودان حول قضية حكم السودان ، كل إنسان يرى حكم السودان بزاوية ، فمنهم من يرى أنه محكوم بنخبة والبعض ليس لديهم شيء، وآخرون يرون أنه لابد من حكم السودان من كل أهل السودان ويتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات. ولكن لتوفير العدالة في أجهزة الحكم والخدمة المدنية بجانب وسائل الحكم فضلاً عن توزيع العدالة في الدخل القومي والثروة وتوزيعه ... لكي تتم هذه المتطلبات لابد من اتمام عملية الحوار الوطني في أقرب وقت. حتى نخرج من الصراع حول كيف يحكم السودان.
واعتقد أنه بقيام هذا الحوار سوف نصل إلى مفوضية خدمة مدنية توزع وظائف السودان بعدالة حسب التعداد السكاني، وكذلك نصل إلى توزيع الدخل قومي والموارد لكل أهل السودان حسب التعداد، ومناطق التخلف والتي هي أقل نمواً.. وكذلك الوصول إلى محكمة دستورية مستقلة تحافظ على الدستور وقضايا الوطن. ونصل إلى حكم فيدرالي يجعل السلطة لأهل الولاية والإشراف للمركز. ولكي نصل إلى هذا الحوار تكونت آلية له قامت بعمل أجندة خاصة، وان المطلوب منا تحديد مكان الحوار والمتحاورين وتاريخ الحوار، وهذا الحوار سياسي يجب ان تشترك فيه جهات لا علاقة لها بالسياسة بجانب الأحزاب السياسية.. الآن هناك حوار مجتمعي على أرض الواقع المطلوب منه ان يكمل الحوار السياسي لحل أزمات السودان المركبة، وهذا يؤدي إلى وضع مستقر ينهي الحروب والصراع حول السلطة.
ونري بالزاويا الاخرى فماذا قال الامام الصادق في اخر ندوة له بلندن الاتفاقية التي وقعها مع الحبهة الثورية المسمى باعلان باريس - جذب إعلان باريس منذ توقيعه تأييداً وطنياً وإقليمياً ودولياً كبيراً، إننا نعمل على تكوين جبهة وطنية ضخمة لتأييد خريطة طريق السلام والتحول الديمقراطي المجدي ، هذا الفعل سيمضي لنهاية الشوط حتى العصيان المدني وحتى الانتفاضة الوطنية حينما تنضج الظروف ، وعلى كل حال فقد يثمر الضغط نتائج إيجابية قبل ذلك، بحل على غرار مؤتمر الكوديسا بجنوب إفريقيا والمؤتمرات الشبيهة بأمريكا اللاتينية.
مخرج:
الرئيس رئيسنا والشيخ شيخنا ، هذا ما يتوقعه الإسلاميون اذا كانت التجارة رابحة ، وعلى اقل تقدير فإن الشيخ الترابي هو المفكر والمخطط الاساسي لهذه الوثبة في الحوار الوطني ، وهو كابتن كرو على متن الرحلة المتجهة الي محطة التسوية السياسية الشاملة ، هذا وظهرت بعض التناقضات التي اضافت مزيد من التلبد والغيوم على الطقس المصاحب لعمليات التسوية السياسية والطائرة تعبر هذه المطبات ، خاصة ظهور الشيخ في جلسة المجلس الوطني التي خصصت لتعديل الدستور خاصة مواد تتعلق بتعيين الوالي بدلاً من انتخابه ، وذاكرة التاريخ تسجل وتستحضر ان واحد من اسباب المفاصلة بين الاسلاميين هو الخلاف حول مبدأ تعيين او انتخاب الولاة ، وكان الشيخ الترابي مع مبدأ انتخاب الولاة واليوم يظهر في جلسة لمناصرة تعديلات تعيين الولاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.