تعهدت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، بعدم تشريد أي عامل من المستشفيات التي آلت إليها أخيراً، لكنها كشفت عن تنقلات لاحقة لجميع الكوادر الصحية، فيما أكد اختصاصيون أن قرار الأيلولة لا يقل خطورة عن انفصال جنوب السودان. وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، اتخذ قراراً هذا الأسبوع بأيلولة تسع مستشفيات اتحادية في الخرطوم لحكومة الولاية. وحذرت مجموعة من الاختصاصيين في برنامج "المحطة الوسطى"، بالشروق، من أن القرار سيلقي بظلال قاتمة على المواطن وسيرفع تكاليف العلاج بشكل لافت، كما سيحرم سكان الولايات الأخرى من تلقي العلاج في الخرطوم. وصب كبير الجراحين بمستشفى الخرطوم، د. محمد عبدالرازق، جام غضبه على قرار رئاسة الجمهورية، واعتبره امتداداً لسلسلة الفساد في الدولة، وأن الولاية قصدت تحويل المرافق الخدمية إلى أرض خصبة للجبايات. تعديل مواقف وأكد كبير الجراحين، أن والي الخرطوم رفض في بداية الأمر إدارة هذه المستشفيات، مشبهاً إياها أمام مجلس الوزراء بأنها "كبة"، لكنه عدل عن رأيه بعد أن وصلته معلومات بأن مستشفى الخرطوم يحقق أرباحاً عالية، بالإضافة إلى مستشفى الأنف والأذن والحنجرة. وأفاد بأن الحكومة تنصرف عن تعريف المواطن بما يدور، مؤكداً أن هذا القرار لا يصب في مصلحة المواطن، كما إنه يمثل فاتورة غلاء إضافية بجانب الأزمة الاقتصادية. وشكك كبير الجراحين في أن تكون ولاية الخرطوم أجرت دراسات للأمر، موضحاً أنها كانت تتخبط في إنزال الفكرة على أرض الواقع، كما أنها تجاوزت الأطباء الذين عقدت معهم عدداً من الاجتماعات. وقال إن جميع الأطباء يرفضون هذا القرار، باعتباره خصخصةً ستطال مستشفيات معروفة ظلت تقدم خدمات كبيرة لسنين عديدة، موضحاً أن المستشفيات التي آلت من قبل للولاية والبالغ عددها 39 مستشفىً تعاني من تردٍ كبير في الصحة، وأن مجموعة منها آل إلى السقوط. خطأ فادح ولخص كبير الجراحين بمستشفى الخرطوم الأمر في أن الولاية لا تستطيع تمويل هذا الكم الهائل من المستشفيات، وأن قرار الأيلولة خاطئ بكل المقاييس. ونفى أن تكون احتجاجات الاختصاصيين على القرار تقديراً لمصالحهم الشخصية، مؤكدا عدم تضررهم البتة منه، لأن المرضى مواجهون بتكاليف كبيرة في المستشفيات العامة لذلك سيلجأون لتلقي العلاج بالعيادات الخارجية. وعلى النقيض، بث مدير وزارة الصحة بالخرطوم، عمار حامد سليمان، تطمينات للمواطنين ودافع عن القرار، قائلاً: "لن يتضرر المواطن منه، ولن تعمد الولاية لتشريد أي عامل بالمستشفيات المعنية". وأكد حامد أن هناك خطةً في الأيام القادمة لتوزيع الكوادر الصحية الناجحة إلى جميع المستشفيات التابعة للولاية بالشكل المناسب، حتى يتم تخفيف الضغط على مستشفيي الخرطوم، وبحري، مؤكداً أنه سيتم علاج جميع المواطنين، وأن المالية ستظل تدفع الميزانية المرصودة للمستشفيات. دراسة متأنية وقال مدير وزارة الصحة بالخرطوم، إن قرار أيلولة تسع مستشفيات تم بعد دراسة متأنية وبموافقة جميع مديري المستشفيات، متسائلاً "إن ولاية الخرطوم ظلت تدير 39 مستشفىً، هل يستعصي عليها إدارة تسع إضافية"، مؤكداً عدم منع أي مواطن من الولايات الأخرى تلقي العلاج في الخرطوم. من جهة ثانية، تواصلت انتقادات القرار في استطلاع للشروق، وقال الاختصاصي، د. إبراهيم الشرعي، بمستشفى الخرطوم، إن القرار ينذر بتدهور وشيك في العلاج بهذه المستشفيات الخدمية لارتفاع تكاليف العلاج بجانب تقليص عدد الكوادر الصحية. ولفت د. أسامة أرو في المستشفى الأكاديمي، إلى أن الوضع الصحي سيتدهور في البلد باتخاذ هذا القرار، خاصة وأن ولاية الخرطوم فشلت فشلاً ذريع في إدارة المستشفيات السابقة. وفي الأثناء، اتهم إداري بوزارة الصحة، حافظ صديق، الاختصاصيين بأنهم يخافون من تأثير القرار على مصالحهم الشخصية وعلى العائد المجزي في العيادات الخارجية، مؤكداً أن المستشفيات الاتحادية تشهد أكبر حالات للأخطاء الطبية بسبب انشغال الاختصاصيين بمستشفيات أخرى. وقال إن جميع الوحدات في هذه المستشفيات تظل فارغة ويتم طلب الاختصاصي، وفي حالات كثيرة يكون غير متاح.