قال محللون إن الإصلاح الاقتصادي في مصر أغفل قطاع الغزل والنسيج الذي كان يحظى بشهرة كبيرة يوماً ما، ويواجه القطاع الموت البطيء بدون تدخل الدولة باستثمارات تعزز الجودة وتشجع المزارعين على الاستمرار في زراعة القطن. ويطلب مزارعو القطن المصريون من الدولة حظر الاستيراد وتقديم ضمانات للأسعار، ويشيرون إلى أن أميركا ودولاً أخرى تقدم دعماً لمزارعيها، ولكن مثل تلك الإجراءات تلقى معارضة من التجار والمصنعين المصريين. ورأى مينا صادق محلل السلع الاستهلاكية لدى بنك الاستثمار بلتون فايننشال، أنه ليس من السهل إزالة آثار سنوات من الإهمال، مشدداً على أنه "لن ينجح أي شيء من دون إعادة هيكلة القطاع". وقال رئيس معهد بحوث القطن المصري محمد عبدالعزيز، إن هناك خللاً لن يزول إذا لم تتم خصخصة القطاع بشكل كامل وظل تابعاً للقطاع العام. وحذر من أن واردات القطن إلى مصر تشكل خطراً على إنتاج القطن في البلد وتهدد مصدر رزق نصف مليون أسرة على الأقل تعمل بزراعة وحلج القطن. الذهب الأبيض سابقاً " اتباع سياسة تحرير السوق في 1994 جعل المزارعين عرضة للتأثر بالأسعار العالمية المتقلبة وتكاليف الأسمدة المرتفعة، بجانب ضعف الطلب الداخلي على القطن طويل التيلة "ويقول بعض التجار المصريين، إن مصانع الغزل لا يمكنها تحمل ثمن القطن طويل التيلة ولا تحتاجه. ويضيفون أن مصر تفرض قيوداً، غير التعرفة الجمركية، على واردات القطن، منها شرط التطهير المزدوج للقطن، وليس هناك ما يدعو لمزيد منها. يشار إلى أن تحرير السوق في 1994 جعل المزارعين عرضة للتأثر بالأسعار العالمية المتقلبة وتكاليف الأسمدة المرتفعة، كما أن ضعف الطلب الداخلي على القطن طويل التيلة مرتفع السعر كان له دور، إذ تحولت مصانع الغزل إلى واردات أقل سعراً وجودة. وكان القطن المصري المسمى بالذهب الأبيض، أيام مجده في الستينيات، يحظى بطلب كبير من جانب من يسعون للحصول على ملاءات أسرة فاخرة ومناشف ناعمة كثيفة وملابس فخمة. لكن واردات القطن الخام الرخيص بدأت تسيطر على الصناعة إذ ركزت شركات المنسوجات المتهالكة التي عانت من ضعف الاستثمارات لعقود على صناعة منتجات منخفضة الجودة، كما بدأ المزارعون في التحول من زراعة القطن إلى زراعة محاصيل تدر ربحاً أكبر مثل الذرة. الخضروات بدل القطن وقال فضل الشريف الذي يزرع القطن في مدينة كفر الزيات المصرية إنه "يمكنني زراعة خضروات أجني من ورائها ربحاً فلماذا استمر في زراعة محصول خاسر". وتراجعت المساحة المزروعة بالقطن بشكل كبير وبلغت 285 ألف فدان فقط في 2009 تنتج مائة ألف طن تقريباً من القطن، بينما زادت الواردات لتصل إلى نفس الحجم تقريباً. وتعهدت الدولة لفترة طويلة بأن تولي القطاع مزيداً من الاهتمام، لكن صناعة الغزل والنسيج عاجزة عن التقدم بسبب الآلات العتيقة وافتقادها للتصميمات الجيدة والعمالة ذات الخبرة التكنولوجية، وهي أمور ضرورية لإغراء المؤسسات الأجنبية للاستثمار في مصر. يذكر أنه في ستينيات القرن الماضي كانت المساحة المزروعة قطناً في مصر تصل إلى 2,2 مليون فدان مدعومة بشراء الدولة المحصول بسعر ثابت.