قدم الطفل السوداني عدلان يوسف من مدينة الفاشر حاضرة شمال دارفور، لوحات ورسومات صورة الحرب التي يعيشها الإقليم من جوانب مختلفة أظهرت موهبة وإبداع مبكرين للصغير الذي بدأ متأثراً بحياة المعسكرات والوجود الأجنبي الكثيف هناك. وسيطرت شعارات قوات حفظ السلام المشتركة "يوناميد" وما تمتكله تلك القوة من معدات لوجستية على ذهنية الطفل ليحول كل ذلك إلى مجسمات عن طريق النحت وصناعة لعب في شكل طائرات وسيارات عليها شعار الأممالمتحدة وعمره لم يتجاوز عشرة أعوام. وعرضت الشروق اليوم نماذج لطائرات عدلان التي يحتفظ بها في منزل أسرته، بجانب لوحات فنية نقلت جوانب من واقع دارفور أثناء الحرب. وتركز لوحات الطفل الموهوب التي يقوم بإعدادها على شكل حلقات، على القرى والطبيعة وتظهر بعضها نساء يفرَّن من نيران الحرب وأمامهن أطفال تقفز الدموع عن أعينهم في مشهد يعكس حالة الرعب التي عاشها الصغار. اهتمام من الأسرة والمدرسة وتحظى لوحات عدلان باهتمام متعاظم من أسرته الصغيرة إلى جانب معلميه في المدرسة. ويملك الصغير خيالاً واسعاً ساعده في التفاعل مع الأحداث التي تبث من خلال أجهزة الإعلام عن دارفور ليقوم بترجمتها إلى لوحات فنية. ويحتفظ الطفل بموهبة فطرية أخرى في الخط العربي تضاهي الدارسين لهذا العمل في حين أنه لم يتلق أي كورسات من هذا النوع. ويصنع الطفل عدلان لوحات فنية بها آيات قرانية بجميع أنواع الخطوط ويقوم بضبط وتشكيل مفرداتها لتظهر ثقافته الدينية واطلاعه الواسع في المجال. وما يميز الموهوب عدلان أنه متفوق في دروسه ويتقدم الطلاب عند التحصيل النهائي في الامتحانات، كما يصنفه معلموه في المدرسة كطالب مثالي وطفل واع وهادئ بالنسبة لسكان الحي الذي يقطنه في الفاشر. الطفل يقدم خدماته للجميع وأصبح الموهوب عدلان مقصداً لجميع أهل دارفور لتقديم الخدمات، حيث يقوم بإعداد لوحات يدرس من خلالها التلاميذ، كما يقوم بترقيم الملابس للفرق الرياضية الموجودة هناك. وتساعد مجسماته التي يصنعها من الطباشير في تعليم الأطفال في الصفوف الأولية، كما يقوم بكتابة لافتات الأعياد والمحافل الرسمية بشمال دارفور. وتقول عنه والدته إن نشأته كانت مختلفة عن بقية أبنائها لأنه يتميز بالهدوء. وتؤكد أنه لم يرهقها في التربية، وكان مطيعاً ومنذ صغره يهوى صناعة المجسمات وهو مستمتع بالموهبة النادرة التي حباها له الله. وتضيف أن أسرتها تقوم بتوفير الجو المناسب له وتطمح في أن يكون له مستقبل باهر في المجال. وتابعت قائلة: "دارفور ليست مخبأ للسلاح ولكنها تعج بمواهب مدفونة تؤكد أنها منطقة معطاء".