تداعب بأزميلها الصخر ويطاوعها الصخر بقدر رقة أناملها لتخرج لوحة تسرد جمال دواخلها الفنانة الصغيرة أماني زين العابدين ذات ال(27) ربيعاً جلسنا إليها في حوار تطرقنا خلاله لجملة قضايا الفن التشكيلي وفن النحت على وجه الخصوص فإلى مضابط الحوار: النحت لا يتوافق مع طبيعة المرأة لأنه فن شاق؟ حقيقة لا يمكن نكرانها نسبة للتكوين الجسماني للمرأة، ولكن الإبداع يتطلب المهارات الفنية والعقلية التي من شأنها خلق الفكرة وتجسيدها ومن ثم إخراجها بأبعادها الثلاثة، فميلاد الفكرة أصعب من ميلاد العمل الفني أو المجسم المنحوت هنالك طاقات كثيرة جداً يمكن استخدامها في النحت ولا توجد بها مشقة كالنحت على الطين و الخشب و الجبص، النحت باستخدام خامات مختلفة في المجسم الواحد. أما صعوبة النحت الحقيقية في استخدام الخامات الصلبة، كالحجر والرخام و الاسمنت، ولكن المتعة في النحت تطغى على كل المصاعب والعناء في سبيل إخراج تحفة فنية لها قيمتها المعنوية والجمالية وتحمل قيمة روحية وإنسانية. ü هل تتفقين معي أن الفنان السوداني يهدر ماله ووقته هباء لأنه لا يجد من يهتم بأعماله؟ لا أتفق معك كلياً، لأنه لو لا إيمان الفنان بقيمة الفن وأهمية تأدية رسالته التي خلق من أجلها لما تكبد العناء وسخر ماله ووقته لتوصيل أحاسيسه والتعبير عن قضاياه وعن رأيه في كل ما يتعلق به وبمجتمعه بالرغم من الإهمال والسلبية التي يجدها من المجتمع في فهم مضامين رسالته ومن الدولة كمؤسسات من شأنها رعاية الإبداع والمبدعين ودعم مسيرتهم والإسهام في التوعية بأهمية الفنون وعكس الدور العظيم للفنانين والمبدعين ككل، ولكن بالرغم من كل ذلك نجد بعض الاهتمام الذي يوشك أن يكون ضئيلاً من الدولة ولكن كمظهر اجتماعي وليس كواقع ملموس. نجد أيضاً بعض الاهتمام من قبل الوسائل الإعلامية التي بدأت في تسليط الأضواء على الفنانين والفنون التشكيلية، خاصةً مما قد يسهم في التوعية بالفنون. أزمة الفن التشكيلي.. هل لطبيعتها القاسية أم ماذا؟ ازدهار الفن التشكيلي بأتي نتيجة لاتحاد التشكليين ونشاطهم في انتاج اعمال كثيرة ومساهمتهم في كل قضايا المجتمع، ونسبة لوجود الفن التشكيلي في كل بقعة من أرجاء الوطن، الأمر الذي لا يتوافر الا بدعم كبير وملموس من الدولة في توفير المكان والمواد والحرية للفنان إسهاماً منها في تطوير آلياته وأفكاره، ودعماً لمزيد من العطاء مما يوفر اكبر قدر من الانتاج الذي يساعد على فهم الفن التشكيلي كأهم وسيلة للتعبير وكمنحى جمالي مهم في كل ضروب الحياة، وأعزي أزمة الفن التشكيلي وهي ليست أزمة في الفن وإنما أزمة في فهمه إلى مجتمعنا البسيط الذي يهتم بأولويات الحياة وقوت يومه اعتقاداً منه بأن الفن التشكيلي هو فن للصفوة وفن الطبقات الارستقراطية وانما هو وسيلة تعبير صادقة عن المجتمع وإحاسيسه وانفعالاته وقضاياه. ما زالت لدينا أزمة في فن الكاريكاتير؟ هنالك الكثير من فناني الكاريكاتير في السودان الذين يمارسون نشاطهم كما تتطلب رسالتهم وانما الأزمة الحقيقية في كيفية نشر أعمالهم وتوصيل صوتهم ورسومهم ورأيهم للمواطن والمجتمع ككل، وهذه الأزمة نتيجة لسياسات الدولة والصحف التي يجب عليها استيعابهم كمحررين أوائل ضمن طاقم الصحيفة ولأهمية ما يقدم رسام الكاريكاتير من مادة قيمة تعتبر أهم من المقال في الصحيفة ومكافأته مادياً بقدر مجز لعطائه. ولكن نجد أن معظم رسامي الكاريكاتير السودانيين وأنا واحدة منهم لا يعملون حالياً في أية صحيفة وهذا سؤال محير فعلاً، هل رؤساء بعض الصحف لا يؤمنون بقيمة الكاريكاتير أم أنهم لا يريدون إنفاق بعض أموالهم على مادة استثنائية في الصحيفة. بالرغم من المجهود العظيم من قبل رسامي الكاريكاتير على إثبات وجودهم من خلال كيان خاص بهم ويعبر عنهم يسمى (جمعية رسامي الكاريكاتير السودانيين) إلا أنها هي الأخرى لم تجد حظها ولم تجد الاهتمام المطلوب من الدولة من مقر ثابت و تصديق و تمويل أو دعم وهذا صوت لوم للمسؤولين.. ما هو دوركم في المساهمة في جمعية رسامي الكاريكاتير السودانيين، وعلى رأسهم وزارة الثقافة واتحاد الصحافيين. الفن التشكيلي بعيد عن قضايانا الوطنية.. بالرغم من اهتمامه بقضايا الآخرين على سبيل المثال (القضية الفلسطينية)؟ أبداً ليس بعيداً بل له دور فعال في الإسهام في حل القضايا وعكسها للمجتمع من خلال ورش العمل الخاصة ومن ثم إقامة المعارض في الأماكن العامة على سبيل المثال :ختان الإناث وقضية دارفور وحقوق الإنسان و التوعية بأهمية الانتخابات وقضايا أخرى كثيرة. ولكن قضية فلسطين دائماً ما تحظى باعلام كبير لأنها قضية عالمية وتمس الوجدان وتأثيرها دينياً وإنسانياً. متى بدأت أماني فن النحت؟ منذ نعومة أظافري كنت أشكل على الطين كل ما يجول بخاطري فأجد الحصيلة مجسمات لحيوانات بأحجام صغيرة وبعض الأثاثات كحال معظم الأطفال (اللعب بالطين). ولكن الطين هو الخامة المحببة إلي نفسي في عمل منحوتات صغيرة وكنت أجد متعة كبيرة في ذلك خاصة في إجازات المدرسة وبعدها بدأت بالنحت على الطباشير ومن ثم شرعت في عمل قوالب للنحت على الجبص في المرحلة الثانوية حيث شاركت في معرض بالمدرسة بمجسم لوجه منحوت على الجبص وقد وجدت اعمالي قبولاً وإشادة من أساتذتي. متى تضحكين ومتى تبكين؟ أضحك كثيراً عندما أكون وسط أسرتي وأصدقائي في جلسة سمر دائماً ما تأخذ طابعا فكاهيا ومرحا وغالباً ما استوحي منهم بعض افكاري الكاريكاتيرية حيث هم مصدر إلهام كبير لي. أبكي كثيرا ويغمرني الحزن عند فراق عزيز وتبكي ريشتي على حال أهلي في دارفور وفي القدس. هل صحيح أن دموع الفنان لوحاته؟ نعم فالفنان إنسان مرهف الإحساس يمتلك وسيلة خاصة للتعبير عن إحاسيسه وانفعالته فلابد ان تكون هنالك لوحة تعبر عن حزن وأخرى تعبر عن فرحة وهكذا. ماذا يعني لك الزواج؟ حقيقة سؤال صعب!! يعني لي كثيرا إذا توافقت كل معطياته مع متطلباتي الروحية الفكرية ومسيرتي الفنية وهنا يمكن أن أسميه زواجا ناجحا ويمكن أن أقبل به. لانه في رأيي أكبر مشروع إنساني لابد ان يكون فيه الطرفان على مستوى كبير من التفاهم والمسؤولية والحب الذي سيبني مجتمعا صغيرا يمكن أن يضاهي الأفق إذا كان أساسه قويا. ماذا تحبين وماذا تكرهين؟ أحب الخير للآخر والمعرفة والعلاقات الانسانية التي تقوم على حب الآخر والسمو بالمفاهيم من أجل قضية أو معتقد أو مبدأ أحب دائماً أن أكون مصدر إلهام لمن حولي وأكره كل متكبر وأكره الصهيونية. ماذا تأكل أماني؟ فول وأي طعام من صنع أمي حفظها الله وأحب خاصةً ملاح الروب!! أعمالك التي نالت إعجابك ولم تنل إعجاب الجمهور؟ لا توجد على حد علمي.. لم أتعرض لنقد أحد أعمالي من قبل الجمهور حتى أحكم، ولكن كان هنالك نقد جزئي أحياناً من مختصين في المجال.