عرضت وزارة الإعلام بولاية نهر النيل فيلم "آمال وأحلام" وهو أول فيلم روائي سينمائي بالسودان إخراج الرشيد مهدي وإنتاج إبراهيم ملاسي، وقال عدد من النقاد الفنيين إن التجربة كان من شأنها أن تؤسس لصناعة السينما بالبلاد. ويأتي عرض الفيلم امتداداً لمنتديات الفكر والحوار التي يديرها مركز البحوث والإنتاج بوزارة الإعلام بمدينة عطبرة حاضرة ولاية نهر النيل. وشارك بالمنتدى مجموعة من النقاد الفنيين وعدد من الممثلين بالفيلم نفسه وهو جمع أكثر من عشرين ممثلاً هاوياً لكنهم أدوا أدوارهم بصورة لافتة. وانتهز المشاركون عرض الفيلم لمناقشة مشكلات السينما السودانية منتقدين انصراف الحكومة الكامل عن دعمها وعدم محاولة القطاع الخاص لاقتحامها ما جعلها غير موجودة ولا تحوي ساحتها سوى بضع محاولات على مرّ التاريخ السوداني. محاولة أولى ويعتبر فيلم "آمال وأحلام" الذي تسعى الجهات الإعلامية بعطبرة لإذاعة صيته مجدداً أول محاولة لإنتاج فيلم روائي طويل عام 1970، وقام بالمحاولة الثانية أنور هاشم الذي تخرج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة عام 1971 عندما أنتج وأخرج فيلم "شروق" عام 1974. وأنتج قسم السينما في وزارة الثقافة الاتحادية فيلمين فقط خلال السبعينيات، وهما فيلم "دائر على حجر" من إخراج سامي الصَّاوي، ويتناول حرفة يدوية في طريقها إلى الانقراض، وهي صناعة حجر الطاحون. وفيلم "أربع مرات للأطفال" من إخراج الطيب مهدي، ويعالج مشكلة الأطفال المعوقين. ومن الأفلام السودانية التي نالت جوائز في المهرجانات فيلم "ومع ذلك فالأرض تدور" للمخرج سليمان النور. أفلام تسجيلية ونال سليمان النور إحدى جوائز مهرجان موسكو الحادي عشر في مسابقة الأفلام التسجيلية، وللمخرج نفسه فيلم آخر مميز باسم "أفريقيا". واعتبر أمين الرشيد المهدي أن فيلم آمال وأحلام تجربة سينمائية نادرة وقدمت مشاهد متنوعة وشيقة برغم أنه كان نتاج مخاض قاسٍ، مؤكداً أن إعداد الفيلم كلف المخرج والمنتج الكثير إذ أن إمكانياته كانت شحيحة للغاية وتم تصويره بواسطة كاميرا صغيرة. وقال الممثل حسن فتح الرحمن إن الفيلم كان بإمكانه أن يؤسس لصناعة السينما في السودان لكن انصراف الدولة بمهام أخرى شغلها عن إحداث تطور في السينما السودانية ما انعكس سلباً على مسيرتها وظهرت في فترة وجيزة واختفت لفترة قصيرة جداً بسبب عدم التمويل. سابقة نادرة وقدم الفيلم حينها سابقة نادرة من نوعها فأدت البطولة امرأة سودانية هي ليلى حسن التي استطاعت أن تتحلل من قبضة الأسر السودانية التي كانت تنظر حينها للتمثيل والغناء بأنهما أمران معيبان وصفة منبوذة تستحي منها الأسر. وقالت ليلى حسن للشروق إنها بدأت طريقها عبر الغناء وكانت تغني إيقاع التمتم في حفلات الأحياء، وأكدت أنها عشقت دورها ولم تجد حينها اعتراض من أسرتها لأنها كانت تكبر إخوتها ولم يستطيعوا اعتراض طريقها. وأكدت أن الفيلم مثل لها الكثير وقدمها كنموذج نادر في المجتمع ما أدهش الجميع وتبدي حسرتها على عدم انطلاقة السينما السودانية قائلة: "كان بالإمكان أن تلقى قبولاً وصيتاً في المجتمعات العربية والدولية". وأرجع مدير مركز البحوث والإنتاج في وزارة الإعلام بنهر النيل عثمان السيد أن تراجع السينما واندثارها في وقت قصير يعود إلى انشغال الحكومة بالجوانب الأمنية فهي كانت أمام تحديات أخرى لم تنظر معها لتطوير السينما. وقال إن القطاع الخاص كان بإمكانه سد تلك الفجوة لكن تكاليفها الباهظة جعلته ينظر للأمر بأنه مخاطرة أكثر من أداة ربحية. ويتناول فيلم آمال وأحلام حياة السودان إبان استقلاله ويعكس حوار شيق بين الريف والحداثة.