شاهد بالفيديو.. الفنان محمد بشير يرقص بطريقة مثيرة على موسيقى الأغاني الخليجية    الجزائر تهزم السودان بثلاثية في كأس الأمم الأفريقية    حدث لافت في مباراة السودان والجزائر    شاهد بالصورة والفيديو.. "فاتح بطل استهبال" الفنانة فهيمة عبد الله تكشف حيلة قام بها معجب لخداعها بتحويل أموال "النقطة" عبر تطبيق "بنكك"    السودان يردّ على جامعة الدول العربية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    البرهان يزور تركيا بدعوة من أردوغان    المريخ يحقق الرمونتادا أمام موسانزي ويتقدم في الترتيب    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    جنوب إفريقيا ومصر يحققان الفوز    مجلس التسيير يجتمع أمس ويصدر عددا من القرارات    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تفاجئ الجميع وتدافع عن الطالب الذي أهان معلمه بالرقص أمامه: (ما شفت رقصه قلة أدب ولا عدم تربية وانتو خالطين بين الاحترام والخوف وبين التربية والقسوة)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    الإشكالية فوق الهضبة الإثيوبية    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذى ينتظرُ "حكومة تأسيس"؟: مخاوفُ فى أفقِ الاختلاف
نشر في الصيحة يوم 04 - 09 - 2025


ما الذى ينتظرُ "حكومة تأسيس"؟:
مخاوفُ فى أفقِ الاختلاف
عبد الحفيظ مريود
قلتُ، سابقاً، إنَّ حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، تطرحُ أرضيّاتٍ جديدة لممارسة العنف والسياسة فى السُّودان. لجهةِ أنّها أدخلتِ المعارك إلى مناطق لم تكنْ ضمن خارطة الحروب التقليديّة. وسّعتْ نطاق المتأثّرين بالحرب، بشكلٍ مباشر، وأقحمتْ فئات وشرائح لم تكنْ تضعُ فى حسبانها، يوماً، أنْ تحمل السّلاح وتقاتل. ذلك أنَّ الذّاكرة العموميّة للسُّودان، تحفظُ "هوامش للحرب"، جغرافيّاً، منذ الاستقلال. جنوب السُّودان، جبال النُّوبة، دارفور، النّيل الأزرق وتخوم الشّرق. يمكنكَ أنْ تجلسَ فى مقعدٍ وثيرٍ فى القصر الجمهورىّ، كما فعل إبن السيّد محمّد عثمان الميرغنى، غداةَ تعيينه مساعداً للرئيس البشير، وتبشّرَ السُّودانيين بالعمل على وقف الحرب فى (النّيل الأبيض، وشمال كردفان). فليسَ هناك من داعٍ لتتعرّف – بدقّةٍ – على "هوامش الحرب الجغرافيّة". يكفى أنْ تكون هناك معلومةٌ عن حربٍ بعيدةٍ، لا تقتربُ نيرانها من أطراف عباءتك.
الأدبيّات والتقاليد السياسيّة تحفظُ جيّداً : تجرى وساطاتٌ بعد سنواتٍ من الحرب. تتفاوضُ "الحكومةُ" – أيّاً كانتْ – مع "المتمرّدين". يتمُّ التوقيعُ على اتّفاق يضمنُ مشاركة اسميّة فى "السُّلطة"، وجزئيّة فى الموارد، ينتهى كلُّ شيئ.
شايف كيف؟
لكنَّ الحربَ هذه المرّة لم تدعْ بلداً بعيداً عنها. حتّى حين انحسر التمدّد البشرىّ للدّعّامة فى وسط السُّودان وتخوم جنوبه الشّرقى وتخوم ولاية نهر النّيل، فالخرطوم، باتتْ طائراتُه المسيّرة ترصعُ – مثل رعدٍ ناجز، يكادُ سنا برقه يذهبُ بالأبصار – مدناً مثل بورتسودان، دنقلا، مروىّ، كسلا، القضارف..الخ. وهى – حتّى وقوع الرّصع – كانتْ تحسبُ نفسها حصينةً، منيعةَ الحريْم. وهو أمرٌ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يقطعَ بالحدّ منه. أو السّيطرة عليه. هذا إذا لم يكنْ يسارعُ خطواته فى التطوّر.
سياسيّاً:
أقدمتْ القوى المساندة للدعّامة على إنشاء تحالفٍ عريض، هو تحالفُ تأسيس. الذى انبثقتْ عنه حكومة تتخذُ من مدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، عاصمةً لها. التحالف استقطبَ الحركة الشّعبيّة لتحرير السُّودان، جناح الحلو. بل أسهمتْ فى صياغة توجّهاته المستقبليّة. جاء – التحالف – بالحلو نائباً لرئيس المجلس الرّئاسىّ. وهى تجربةٌ جديدةٌ، تماماً، فى سياق الحروب التقليديّة والممارسة السياسيّة فى السُّودان الحديث. ذلك أنَّ أقصى حدّ وصلتْ إليه تجارب المعارضة فى السُّودان، هو أنْ تصلَّ مرحلة التجمّع، تقارب الرؤى، استمرار العمل المسلّح، والمدنىّ، "لإسقاط النّظام". أمّا أنْ تشكّل حكومةً، ولا يكونُ هوسها منازعة الشّرعية أو إسقاط النّظام، فهذه تجربةٌ جديدة.
شايف كيف؟
بعيداً عن السخرية، اللامبالاة، الوجع المكبوت، الخيال المحدود للإسلاميين فى "حرب العودة للحكم"، التى أشعلوها، ما الأفق المختلف الذى تنظرُ إليه حكومةُ تأسيس؟
من الواضحِ جدّاً أنَّ حكومة تأسيس تقعُ تحت سيطرتها حدودٌ واسعة مع دول جوار السُّودان: ليبيا، تشاد، إفريقيا الوسطى، 90% من حدود جنوب السُّودان، نفّاجٌ مع إثيوبيا ونفّاج مع مصر، عبر المثلّث. تقعُ تحت سيطرتها مناطق إنتاج الكثير من السّلع الرئيسة للصّادر (الصّمغ العربىّ، النّفط، الحبوب الزّيتيّة، الثروة الحيوانيّة)، بالإضافة إلى الأراضى الزّراعيّة الخصبة، والمعادن، بما فيها اليورانيوم، فى شمال دارفور. لا تنقصُها الأيدى العاملة، ولا الكفاءات. كما أنّها تقفُ على علاقات إقليميّة ودوليّة قابلةٍ للتوسّع والاعتراف، فى ظلّ حاكمية المصالح المتبادلة والمنافع التى تسيّرُ العلاقات الدّوليّة. هذه اللمحة لا تعنى – بالضّرورة – أنَّ تأسيس منكبّةٌ على مشروع إنفصال، كما يروّجُ له البلابسة، ولا تضمرُه أىٌّ من أوراقها أو ممارساتها أو نواياها. فهى حكومةٌ للسّلام والوحدة، كما طرحتْ نفسها. تعملُ على خارطة سودانٍ موحّد.
لذلك، فإنَّ من أولى أولويّات حكومة تأسيس أنْ تحذر من الوقوع فى فخاخ وأشراك الإسلاميين الذين يديرون البرهان وجيشه. تتمثّلُ الفخاخ فى طرح التنافس على المشروعيّة. ليس الإقليميّة والدوليّة فحسب، وإنّما على الصّعيد الدّاخلىّ. إذْ ستعمدُ حكومة بورتسودان على تصوير الأمر على أنّه زحامٌ من أجل الشّرعيّة. وأنّها – وحدها – التى تملكُ ذلك. متوسّلةً بالوثائق الثبوتيّة، العملة، العمليّة التعليميّة، والأختام. كما ستلعبُ – بورتسودان – كما تفعل دائماً – بالتناقضات الدّاخليّة. اللعب على مستوى القبائل واستحقاقات التمثيل والحكم. علاقات الأرض فى مجتمعات كردفان ودارفور.
سيبدو ذلك سجالاً من أجل الشّرعيّة، وهى عتبةٌ ينبغى أنْ يكون "التأسيسيّون" قد تجاوزوها. ليستْ (الخدمات الأساسيّة) مناطَ الحكم، فقط. سيكونُ إثباتُ الشّرعيّة، وتقديم الخدمات للمواطنين، الفخّ الأكبر. لكنَّ تغيير بنية الوعى هو الأفق الذى يتوجّبُ على تأسيس أنْ تنشغل به.
شايف كيف؟
ماذا يعنى أنْ تركّز حكومةٌ ما، على تغيير "بنية الوعى"؟
هل دا كلام مثقّفاتيّة؟
بالطّبع لا..
ثمّة تصوّرات وحدود اشتغال مفهوميّة للوعى الجمعى للسُّودانيين. تسمحُ، على مرّ تأريخهم، بتمرير المشاريع القاتلة فى ثياب أنيقة. وهى بالضّبط التى جعلته كسيحاً فيما يتعلّقُ بالتعلّم وإنتاج التغيير. خلال البضع وثلاثين عاماً الماضية، لعبت الإنقاذ دوراً بارزاً فى توسيع فراغات الوعى المجتمعىّ ذاك، بحيث صار رتقها، سمكرتها، أهمّ بكثير مِنْ : مَنْ يحكم؟ كيف يحكم؟ ولماذا؟
أعتقدُ أنَّ ذلك أفق جدير بالتطلّع إليه.
أليس كذلك؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.