وزير الداخلية يلتقى سفير جمهورية مصر العربية بالسودان واللقاء يتطرق الى التعاون الشرطى بين الجانبين    ما الذى ينتظرُ "حكومة تأسيس"؟: مخاوفُ فى أفقِ الاختلاف    الدعم السريع تسقط طائرة مُسيَّرة "بيرقدار" في جنوب دارفور (صور وفيديو)    حكاية من جامع الحارة    الأهلي مدني يستهل مشواره في سيكافا بالتعادل السلبي مع كتور    بالصورة.. حسناء الفن أفراح عصام تتغزل في سيدة الغناء السوداني وتطلق عليها لقب "المرعبة": (انتي في مكان بعيد شديد لا يقبل أي مقارنة)    الدقير يجدد دعوته لوضع أسس جديدة لبناء السودان    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار يسخر من إنشاء شارع "زلط" أمام أحد منازل المسؤولين: (أول مرة في حياتي أشوف زلط ربع كيلو)    شاهد بالفيديو.. رفض حتى دخول العريس.. فنان طمبور سوداني يوبخ الجمهور ويمنعه من دخول ساحة الرقص: (خلوا عندكم احترم شوية.. طرب هو ولا فوضى؟ والبجي داخل ما يلوم إلا نفسه)    فرنسا تدعو إلى استئناف المفاوضات فورًا في السودان    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد.. الفنان جمال فرفور يترك "المايك" وينزل من المسرح ليشارك جمهوره الغناء بصورة طبيعية    آبي أحمد : "لم يكن النيل الأزرق يحمل ترابنا فقط بل ذهبنا أيضاً واليوم أصبح رمزاً لتحولنا    اللعب بالأرقام...!    كم يستهلك الذكاء الاصطناعي من الماء في كل محادثة؟    لحسم الجدل في موضوع حميدتي    حي العرب يعزز صفوفه باللاعب معتصم حسن    سِيكَافَا.. مِن أوّل السَّطر    القُرادة والجملْ وابراهيم سرج البغلْ    المطر والسياسة في السودان .. سخاء في الموارد وشح في النفوس    إبراهيم شقلاوي يكتب: المحكمة الدستورية وقضايا العدالة المعطلة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (هذا العالم)    المريخ السوداني يختار مدربه الجديد    ترتيبات في السودان بشأن سوق الذهب والاستيراد    بعثة المنتخب الوطني تغادر كمبالا اليوم الى داكار لمواجهة السنغال    ضياء الدين بلال يكتب: اللعب بالأرقام...!    "مناوي" يزف بشرى ويعلن اكتمال مشروع    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    شاهد بالفيديو.. بشة يعترف: (قررت ترك الهلال في أول ستة أشهر وهذا اللاعب هو من أقنعني بالبقاء)    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    معاناة المواطنين مع جمارك العفش الشخصي    روضة الحاج: ستلعنُكم هذه الأرضُ أحجارُها وستلعنُكُم كلُّ أشجارِها وستلعنُكُم كلُّ أثمارِها    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    لماذا أوقفت شرطة برشلونة أعمال البناء في كامب نو؟    برشلونة يتعثر أمام رايو فايكانو.. و"أزمة الفار" تثير الجدل    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    اتهم أبناء قبيلتين داخل الدعم السريع بالتواطؤ مع "الكيزان".. شاهد الفيديو الذي بسببه تم الاعتداء على القائد الميداني للمليشيا "يأجوج ومأجوج" واعتقاله    عودة المحكمة الدستورية قرار صائب وإن جاء متأخراً    رئيس الوزراء: نهضة مشروع الجزيرة من أولويات حكومة الأمل    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    وزير الثروة الحيوانية: انطلاقة الخطة الاستراتيجية من نهر النيل بإنشاء مدينة للإنتاج الحيواني    من صدمات يوم القيامة    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذى ينتظرُ "حكومة تأسيس"؟: مخاوفُ فى أفقِ الاختلاف
نشر في الصيحة يوم 04 - 09 - 2025


ما الذى ينتظرُ "حكومة تأسيس"؟:
مخاوفُ فى أفقِ الاختلاف
عبد الحفيظ مريود
قلتُ، سابقاً، إنَّ حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، تطرحُ أرضيّاتٍ جديدة لممارسة العنف والسياسة فى السُّودان. لجهةِ أنّها أدخلتِ المعارك إلى مناطق لم تكنْ ضمن خارطة الحروب التقليديّة. وسّعتْ نطاق المتأثّرين بالحرب، بشكلٍ مباشر، وأقحمتْ فئات وشرائح لم تكنْ تضعُ فى حسبانها، يوماً، أنْ تحمل السّلاح وتقاتل. ذلك أنَّ الذّاكرة العموميّة للسُّودان، تحفظُ "هوامش للحرب"، جغرافيّاً، منذ الاستقلال. جنوب السُّودان، جبال النُّوبة، دارفور، النّيل الأزرق وتخوم الشّرق. يمكنكَ أنْ تجلسَ فى مقعدٍ وثيرٍ فى القصر الجمهورىّ، كما فعل إبن السيّد محمّد عثمان الميرغنى، غداةَ تعيينه مساعداً للرئيس البشير، وتبشّرَ السُّودانيين بالعمل على وقف الحرب فى (النّيل الأبيض، وشمال كردفان). فليسَ هناك من داعٍ لتتعرّف – بدقّةٍ – على "هوامش الحرب الجغرافيّة". يكفى أنْ تكون هناك معلومةٌ عن حربٍ بعيدةٍ، لا تقتربُ نيرانها من أطراف عباءتك.
الأدبيّات والتقاليد السياسيّة تحفظُ جيّداً : تجرى وساطاتٌ بعد سنواتٍ من الحرب. تتفاوضُ "الحكومةُ" – أيّاً كانتْ – مع "المتمرّدين". يتمُّ التوقيعُ على اتّفاق يضمنُ مشاركة اسميّة فى "السُّلطة"، وجزئيّة فى الموارد، ينتهى كلُّ شيئ.
شايف كيف؟
لكنَّ الحربَ هذه المرّة لم تدعْ بلداً بعيداً عنها. حتّى حين انحسر التمدّد البشرىّ للدّعّامة فى وسط السُّودان وتخوم جنوبه الشّرقى وتخوم ولاية نهر النّيل، فالخرطوم، باتتْ طائراتُه المسيّرة ترصعُ – مثل رعدٍ ناجز، يكادُ سنا برقه يذهبُ بالأبصار – مدناً مثل بورتسودان، دنقلا، مروىّ، كسلا، القضارف..الخ. وهى – حتّى وقوع الرّصع – كانتْ تحسبُ نفسها حصينةً، منيعةَ الحريْم. وهو أمرٌ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يقطعَ بالحدّ منه. أو السّيطرة عليه. هذا إذا لم يكنْ يسارعُ خطواته فى التطوّر.
سياسيّاً:
أقدمتْ القوى المساندة للدعّامة على إنشاء تحالفٍ عريض، هو تحالفُ تأسيس. الذى انبثقتْ عنه حكومة تتخذُ من مدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، عاصمةً لها. التحالف استقطبَ الحركة الشّعبيّة لتحرير السُّودان، جناح الحلو. بل أسهمتْ فى صياغة توجّهاته المستقبليّة. جاء – التحالف – بالحلو نائباً لرئيس المجلس الرّئاسىّ. وهى تجربةٌ جديدةٌ، تماماً، فى سياق الحروب التقليديّة والممارسة السياسيّة فى السُّودان الحديث. ذلك أنَّ أقصى حدّ وصلتْ إليه تجارب المعارضة فى السُّودان، هو أنْ تصلَّ مرحلة التجمّع، تقارب الرؤى، استمرار العمل المسلّح، والمدنىّ، "لإسقاط النّظام". أمّا أنْ تشكّل حكومةً، ولا يكونُ هوسها منازعة الشّرعية أو إسقاط النّظام، فهذه تجربةٌ جديدة.
شايف كيف؟
بعيداً عن السخرية، اللامبالاة، الوجع المكبوت، الخيال المحدود للإسلاميين فى "حرب العودة للحكم"، التى أشعلوها، ما الأفق المختلف الذى تنظرُ إليه حكومةُ تأسيس؟
من الواضحِ جدّاً أنَّ حكومة تأسيس تقعُ تحت سيطرتها حدودٌ واسعة مع دول جوار السُّودان: ليبيا، تشاد، إفريقيا الوسطى، 90% من حدود جنوب السُّودان، نفّاجٌ مع إثيوبيا ونفّاج مع مصر، عبر المثلّث. تقعُ تحت سيطرتها مناطق إنتاج الكثير من السّلع الرئيسة للصّادر (الصّمغ العربىّ، النّفط، الحبوب الزّيتيّة، الثروة الحيوانيّة)، بالإضافة إلى الأراضى الزّراعيّة الخصبة، والمعادن، بما فيها اليورانيوم، فى شمال دارفور. لا تنقصُها الأيدى العاملة، ولا الكفاءات. كما أنّها تقفُ على علاقات إقليميّة ودوليّة قابلةٍ للتوسّع والاعتراف، فى ظلّ حاكمية المصالح المتبادلة والمنافع التى تسيّرُ العلاقات الدّوليّة. هذه اللمحة لا تعنى – بالضّرورة – أنَّ تأسيس منكبّةٌ على مشروع إنفصال، كما يروّجُ له البلابسة، ولا تضمرُه أىٌّ من أوراقها أو ممارساتها أو نواياها. فهى حكومةٌ للسّلام والوحدة، كما طرحتْ نفسها. تعملُ على خارطة سودانٍ موحّد.
لذلك، فإنَّ من أولى أولويّات حكومة تأسيس أنْ تحذر من الوقوع فى فخاخ وأشراك الإسلاميين الذين يديرون البرهان وجيشه. تتمثّلُ الفخاخ فى طرح التنافس على المشروعيّة. ليس الإقليميّة والدوليّة فحسب، وإنّما على الصّعيد الدّاخلىّ. إذْ ستعمدُ حكومة بورتسودان على تصوير الأمر على أنّه زحامٌ من أجل الشّرعيّة. وأنّها – وحدها – التى تملكُ ذلك. متوسّلةً بالوثائق الثبوتيّة، العملة، العمليّة التعليميّة، والأختام. كما ستلعبُ – بورتسودان – كما تفعل دائماً – بالتناقضات الدّاخليّة. اللعب على مستوى القبائل واستحقاقات التمثيل والحكم. علاقات الأرض فى مجتمعات كردفان ودارفور.
سيبدو ذلك سجالاً من أجل الشّرعيّة، وهى عتبةٌ ينبغى أنْ يكون "التأسيسيّون" قد تجاوزوها. ليستْ (الخدمات الأساسيّة) مناطَ الحكم، فقط. سيكونُ إثباتُ الشّرعيّة، وتقديم الخدمات للمواطنين، الفخّ الأكبر. لكنَّ تغيير بنية الوعى هو الأفق الذى يتوجّبُ على تأسيس أنْ تنشغل به.
شايف كيف؟
ماذا يعنى أنْ تركّز حكومةٌ ما، على تغيير "بنية الوعى"؟
هل دا كلام مثقّفاتيّة؟
بالطّبع لا..
ثمّة تصوّرات وحدود اشتغال مفهوميّة للوعى الجمعى للسُّودانيين. تسمحُ، على مرّ تأريخهم، بتمرير المشاريع القاتلة فى ثياب أنيقة. وهى بالضّبط التى جعلته كسيحاً فيما يتعلّقُ بالتعلّم وإنتاج التغيير. خلال البضع وثلاثين عاماً الماضية، لعبت الإنقاذ دوراً بارزاً فى توسيع فراغات الوعى المجتمعىّ ذاك، بحيث صار رتقها، سمكرتها، أهمّ بكثير مِنْ : مَنْ يحكم؟ كيف يحكم؟ ولماذا؟
أعتقدُ أنَّ ذلك أفق جدير بالتطلّع إليه.
أليس كذلك؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.