في توصيل المساعدات للفاشر ابراهيم مطر وبما أن حبل الكذب قصير، فسرعان ما انفضح زيف ادعاءات الحركة الاسلامية وجيشها، عن عزمهم إسقاط "مساعدات إنسانية" و"مواد إغاثية"، لسكان المدينة المحاصرة من المدنيين، واشتكوا من إعاقة الدعم السريع للعملية. وما إن أبدى الأخير موافقته على إيصال المساعدات "كما جاء على مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس"، حتى أسقطت حكومة بورتسودان "ذخيرة مدفعية وآر بي جي" على الفاشر بدلاً عن الطعام! استولت عليها قوات الدعم السريع، ووثقت الواقعة في فيديو انتشر بكثافة على وسائط التواصل الاجتماعي. بينما أوعزت الحركة الإسلامية لغرفها الإعلامية، بإشاعة أن الجيش تمكن من إسقاط أسلحة لجنود الفرقة السادسة المحاصرين، وأن ذلك تم "عنوة واقتداراً"، ودون أي اتفاق مسبق! فيا ترى كم خسر الجيش في محاولة خداعه البائسة والمكشوفة هذه، وكم ربح؟ وأنت تنظر لما يمكن أن يكون الجيش قد كسبه بهذه المناورة، فتجد أنه لا يمكنك إغفال احتمال أن يكون شيئاً من هذه الذخائر المسقطة هذه، قد وصل بالفعل للقوات المحاصرة في الفرقة. لكنها مع ذلك تظل "خدمة لمرة واحدة"، إذ لا يعقل أن يوافق الدعم السريع وقوات تأسيس "مرة أخرى" على دخول إغاثة، بعد ثبوت استخدام العدو لها لتهريب السلاح والذخائر. أما ما خسره الجيش، فهو مصداقيته أمام المنظمات الاقليمية والدولية المعنية بالإغاثة وتوصيلها، في حين صار الدعم السريع بمنجاة من الاتهام بعرقلة وصول المساعدات الانسانية بعد أن تم القبض على الجيش بالجرم المشهود، وهو يحاول التذاكي على الجميع. حرب السودان ستستمر لفترة أخرى قد تطول، والجيش والحركة الاسلامية أبعد ما يكونون اليوم عن التفكير في التفاوض الجاد. روجت إحدى الغرف الإعلامية للإخوان قبل أيام لفكرة أن تتظاهر الحركة الإسلامية بالقبول بالتفاوض كتكتيك، ومن ثم العمل على إطالة أمده عبر التسويف، لحين توافر الظروف المناسبة للهجوم مرة أخرى على قوات الدعم السريع، والقضاء عليها. واستحسن السامعون الفكرة، ربما لأنها بدت "خبيثة" بما يكفي لإثارة الإعجاب، على الرغم من سذاجتها. وعلى هذا النحو تفكر الحركة الإسلامية، الشيء الذي يعطيك فكرة معقولة عما يمكن أن يكون عليه الحال في الأشهر الثلاثة القادمة، على الرغم من كل ما أثير حول "الرباعية" من اتفاق "وشيك" قد يجبر عليه "البرهان"، يتضمن "إبعاد الحركة الإسلامية"، وهو تحد قد يفوق قدرة البرهان وإن أراد تبنيه، خاصة مع تحفز المليشيات الإخوانية ضده، وتزايد التهديدات التي توجهها له غرفهم الإعلامية. الحركة الإسلامية وقوات الجيش في حاجة لهزيمة عسكرية كبيرة وواضحة، ولانتصارات ميدانية لقوات تحالف السودان التأسيسي تقطع عشم "علي كرتي" بسودان صغير بحيث يجد له متسعاً في جيب جبته العلوي، وطن يرتهن لفتاواه في الطعام والنساء ووجوب القتل تقرباً للسلطة، ونفوذ يشفي غليل تعطشه لدماء السودانيين. أما الجيش ومليشياته فهم في حاجة إلى أن يحاولوا القضاء على الدعم السريع عدة مرات، وأن يفشلوا في كل مرة ،حتى يصل لعدد المرات الكافية لإقناعه بالتفاوض. وبما أن فكرة التفاوض من الأساس "مرفوضة" لدى حلفائه إخوان الشياطين، فمن الواضح أن الزمان زمان ميدان، وأن السلاح هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، في ما نستشرف من أيام. تحرير الفاشر ونقل المعركة للأبيض مسألة ملحة وعاجلة، على الرغم من كل ما يقال عن صعوبة المعركة في الفاشر، والكرة في ملعب قيادة تحالف تأسيس العسكرية لكي تبتدع الحلول، وأن تفعل ما يلزم لكبح جماح الحركة الإسلامية، وإقناعها باستحالة الانتصار. ولن يكون ذلك إلا عبر تحرير المزيد من المدن والولايات. ومن غير ذلك سيظل الجيش السوداني والحركة الاسلامية ينهشون في لحم السودانيين بالمخلب والناب، يعاونهم في ذلك واجهاتهم من بغاث طيور الحزب الشيوعي المغوص، وديدان السياسة الطفيليين، وبعض من "البوم الذي يعجبه ويل الخراب"، تكالبوا على السودان، في حرب التحرير الكبيرة. الطريق إلى التحرر من ربقة الإخوان المسلمين في السودان طويل، وهو يمر بالضرورة عبر "البندقية"، سواءً كانت لإجبار الجيش على الجلوس للتفاوض ووضعه أمام مأزقه التاريخي في التخلص من الإسلاميين، أولإقناع الحركة الإسلامية نفسها بخسران المعركة، بعد أن تصل خسائرها للحد الكافي للإقناع.ألا لعنة الله على إخوان الشياطين.