بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    شاهد بالصور.. "سيدا" و"أمير القلوب" يخطفان الأضواء على مواقع التواصل السودانية والمصرية بلقطة جميلة والجمهور: (أفضل من أنجبتهم الكرة العربية)    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالصورة والفيديو.. ناشطة سودانية حسناء: (بحسب قرار ترامب الجديد قد تُمنع من دخول أمريكا إذا كنت سمين أو ما بتنوم كويس)    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    وقفة احتجاجية في أديلايد ولاية جنوب استراليا تنديداً بالابادة الجماعية والتطهير العرقي في الفاشر    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    وزير المعادن: المرحلة المقبلة تتطلب رؤية استراتيجية شاملة تعزز استغلال الموارد المعدنية    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    إعفاء الأثاثات والأجهزة الكهربائية للعائدين من الخارج من الجمارك    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    صحف عالمية: تشكيل شرق أوسط جديد ليس سوى "أوهام"    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصيحة" تنشر نص تقرير مراقبي فرانس 24 حول استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية
نشر في الصيحة يوم 10 - 10 - 2025

مقاطع فيديو تُظهر إستخدام الجيش السوداني لغاز الكلور كسلاح
في 22 مايو/أيار 2025م، اتهمت الولايات المتحدة الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية في حربه ضد قوات الدعم السريع. الولايات المتحدة لم تقم بتقديم أي دليل يدعم هذه المزاعم، التي نفاها الجيش السوداني بدوره. لكن فريق مراقبي فرانس 24 وثّق حادثتين في سبتمبر/أيلول 2024م، بشمال العاصمة السودانية الخرطوم، حيث تُثبت أدلة (فيديو) إسقاط براميل تحتوي على الكلور من الجو. بطبيعة الحال، القانون الدولي يُحظر استخدام غاز الكلور كسلاح.
تم النشر في: 9\10\2025م
بقلم: مراقبون، فرانس 24 / كوينتين بيشارد
(قام فريق مراقبي فرانس 24 بالتحقق من مقاطع فيديو وصور توثق هجمات بالأسلحة الكيميائية شنها الجيش السوداني. صُوّرت مقاطع الفيديو في سبتمبر/أيلول 2024م في مصفاة الجيلي النفطية شمال الخرطوم، التي كانت تحتلها آنذاك قوات الدعم السريع. © مراقبون)
في 24 أبريل/نيسان 2025م، خلصت الولايات المتحدة إلى أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية في عام 2024م." هكذا افتتحت وزارة الخارجية الأمريكية بيانها الصادر في 22 مايو/أيار 2025م، والذي أعلنت فيه فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السودانية الخاضعة للسيطرة العسكرية. ولم تُقدّم أي تفاصيل إضافية لدعم هذا القرار.
من جانبها، نفت الخرطوم هذه المزاعم في اليوم التالي.
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين في يناير/كانون الثاني تصريحات تدلى بأن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية "يبدو أنها غاز الكلور" ضد قوات الدعم السريع في حادثتين على الأقل خلال عام 2024م. ولم يقدم المسؤولون أي تفاصيل.
عقب إعلان العقوبات الأمريكية، رددت العديد من وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية هذه الاتهامات. وانتشرت بالتالي شائعات ومنشورات غير مؤكدة في السودان، بما في ذلك مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في الخرطوم. ولكن حتى الآن، لم يُنشر أي دليل موثق على استخدام الجيش لغاز الكلور -أو أي سلاح كيميائي آخر.
قام فريق مراقبي فرانس 24 في باريس بإستخدام تقنيات التحقيق مفتوحة المصدر (OSINT) لفحص حادثتين وقعتا في سبتمبر/أيلول 2024م في مصفاة الجيلي النفطية وبالقرب منها، شمال الخرطوم، حيث كان الجيش السوداني يحاول استعادة السيطرة عليها من قبضة قوات الدعم السريع. بعد ان قام الفريق بمراجعة صور الهجمات التي جمعها المراقبون، أكد خمسة خبراء أنها تتفق مع إسقاط براميل الكلور جوًا. الجيش السوداني هو الجهة الوحيدة التى تمتلك الطائرات اللازمة لمثل هذه العمليات.
كما تتبع فريق المراقبين مصدر أحد براميل الكلور المستخدمة في الهجمات. حيث استوردته شركة سودانية تُزوّد الجيش السوداني بالإمدادات من الهند، وكان الكلور، وفقًا للمُصدّر الهندي، مُخصّصًا "لمعالجة مياه الشرب فقط". يُعدّ الكلور مُنتجًا إنسانيًا بالغ الأهمية في السودان، وهو ضروري لتنقية المياه في بلد مُعرّض لتفشي وباء الكوليرا.
الاستخدام العسكري للكلور من شأنه أن يضع السودان فى قائمة الأنظمة -القليلة- التي قامت بإستخدام هذا الغاز البدائي القاتل عسكريا منذ الحرب العالمية الأولى، والتي استُخدم خلالها الأخير على نطاق واسع. وفي الآونة الأخيرة، خلال الحرب الأهلية السورية، وجدت هيئة مراقبة الأسلحة الكيميائية العالمية، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، "أسبابًا معقولة" لكى تستنتج أن نظام بشار الأسد قد استخدم غاز الكلور في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.
بالإضافة إلى ذلك، الهجومان اللذان تم توثيقهما في السودان يشكلان خرقًا لالتزامات البلاد الدولية بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، التي صادقت عليها الدولة عام 1999م. كما يُصنف استخدام "الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها" في ساحات المعارك على أنه جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998م، والذي يحدد الجرائم التي يمكن للمحكمة الجنائية الدولية متابعتها -على الرغم من أن السودان لا يعترف باختصاص المحكمة.
الجيش السوداني و الحكومة السودانية كذلك -حتى وقت نشر المقال- لم يستجيبا لطلبات فرانس 24 لإجراء مقابلات.
مصفاة الجيلي كانت هدفًا لهجمات كيميائية: قوات الدعم السريع
بعد الإعلان عن العقوبات الأمريكية في مايو، تداولت حسابات مؤيدة لقوات الدعم السريع على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا زعمت المصادر أنها تُظهر استخدام الجيش السوداني "للأسلحة الكيميائية".
بعض المنشورات التى سبق الإشارة إليها زعمت أن الهجمات على مصفاة الجيلي وقعت في سبتمبر 2024م. تقع المنشأة، التي تُعالج النفط الخام، على بُعد 60 كيلومترًا شمال الخرطوم. قبل إندلاع الحرب الحالية، كانت شركة مصفاة الخرطوم المملوكة للدولة مسؤولة عن تشغيل المنشأة. مصفاة الجيلي هى أكبر مصفاة في السودان، مما يجعلها ذات أهمية كبري لإمدادات الوقود في البلاد.
(صورة: تقع مصفاة الجيلي على بُعد 60 كيلومترًا شمال الخرطوم، عاصمة السودان. © استوديو فرانس ميدياس موندى للجرافيك)
الحرب الأهلية في البلاد أدت إلى تعطيل التشغيل الطبيعي للمصفاة. حيث احتلتها قوات الدعم السريع بعد وقت قصير من بدء الحرب في أبريل 2023م، وقال اتحاد عمال البترول في مايو 2024م إنها كانت خارج الخدمة منذ يوليو 2023م. تمكن الجيش السوداني من استعادة السيطرة على المنشأة في 25 يناير 2025م، بعد أشهر من الاشتباكات العنيفة.
في 13 سبتمبر 2024م، في ذروة الاشتباكات للسيطرة على المصفاة، أصدرت قوات الدعم السريع بيانًا اتهمت فيه الجيش السوداني باستهداف الموقع "بقصف جوي من طائرات حربية"، باستخدام "صواريخ يشتبه في أنها محملة بغاز سام، مما تسبب في إصابات وضيق تنفس شديد بين عشرات العمال".
في الفترة التى سبقت ذلك، تم تداول مقاطع فيديو على حسابات مؤيدة لقوات الدعم السريع تُظهر برميلين أصفر وأخضر عُثر عليهما بالقرب من المصفاة.
أظهر مقطع فيديو نُشر على إنستغرام في 5 سبتمبر 2024م برميلًا ملقى على الرمال، مع تعليق باللغة العربية: "سلاح الجو التابع للجيش السوداني يستهدف المدنيين بإستخدام أسلحة محظورة بموجب القانون الدولي، محملة بغازات سامة وكيميائية". أظهرت مقاطع فيديو نُشرت في 13 سبتمبر/أيلول 2024م برميلًا مشابهًا تحت شجرة.
وأظهرت منشورات أخرى كذلك -من نفس اليوم- عمالًا يتلقون علاجًا بالأكسجين.
(صورة: تُظهر لقطات من مقاطع فيديو نُشرت في 5 و13 سبتمبر/أيلول 2024م براميل معدنية، استُخدمت، وفقًا لمن نشروا اللقطات، لتنفيذ هجمات كيميائية. © مراقبون)
قام المراقبون بالتحقيق في الصور للتحقق من مزاعم قوات الدعم السريع. وتمكن فريقنا من تحديد الموقع الجغرافي للبرميلين. حيث كان الأول في قاعدة عسكرية كانت تحتلها قوات الدعم السريع، على بُعد خمسة كيلومترات شرق المصفاة. أما الثاني، فكان داخل المصفاة نفسها.
5 سبتمبر/أيلول: برميل وسحابة صفراء في قاعدة تابعة لقوات الدعم السريع
في 5 سبتمبر/أيلول 2024م، نشر حساب مؤيد لقوات الدعم السريع مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة على إنستغرام يُظهر منطقة قاحلة محاطة بالمباني. ويمكن رؤية برميل متضرر بشكل واضح، يحمل ملصقًا أصفر كُتب عليه: "عامل مؤكسد 5.1".
(فيديو: نُشر هذا الفيديو على إنستغرام في 5 سبتمبر/أيلول 2024م، ويُظهر برميلًا أخضر وأصفرًا يحملان ملصقًا كُتب عليه "عامل مؤكسد 5.1". حدد فريق المراقبين موقعه الجغرافي في قاعدة عسكرية على بُعد 5 كيلومترات شرق مصفاة الجيلي).
عقب إعلان العقوبات الأمريكية، فيديو ثانٍ، نُشر في 23 مايو/أيار 2025م، يُظهر البرميل نفسه من زاوية مختلفة. يُصوّر رجلٌ في البداية حفرة صغيرة في الأرض، ثم برميلًا ملقى على بُعد أمتار قليلة. قائلا: "لقد أطلقوا شيئًا لا نستطيع تحديد ماهيته -ربما كان غازًا مسيلًا للدموع، أو ربما هو شيئ آخر… أطلق مادة صفراء اللون. لا نعرف ما هى".
(فيديو: نُشر هذا الفيديو على حساب مؤيد لقوات الدعم السريع بتاريخ 23 مايو/أيار 2025م، ويُظهر البرميل نفسه وحفرة على بُعد أمتار قليلة).
فيديو آخر يوثّق اللحظة التي قيل فيها إن هذا "الشيء الأصفر" قد تسرب من البرميل. حيث تظهر سحابةً من هذا اللون، تم تصوير الفيديو في نفس موقع الحفرة والبرميل. مع أن النسخة الوحيدة المتاحة من الفيديو تعود إلى مايو/أيار 2025م، إلا أنه من المرجح أنه تم تصويره قبل التقاط صور البرميل مباشرةً. يشير وجود شعار على الفيديو إلى أنه نُشر في الأصل من قِبل حساب دعائي مؤيد لقوات الدعم السريع على منصة إكس، وهو الآن محذوف ولكنه لا يزال نشطًا على تيك توك.
(فيديو: في هذا الفيديو المُصوّر في قاعدة قري العسكرية، على بُعد 5 كيلومترات شرق مصفاة الجيلي، يُمكن رؤية سحابة صفراء اللون تنتشر في الهواء.)
تم إلتقاط جميع مقاطع الفيديو الثلاثة داخل قاعدة قري العسكرية، الواقعة على بُعد 5 كيلومترات شرق مصفاة الجيلي.
(صورة: في كلٍّ من الفيديو الذي يُظهر سحابة صفراء (يسار، أعلى، وأسفل) والفيديوهين الآخرين اللذين يُظهران برميلًا أصفر و آخر أخضر مُلقى على الرمال (يمين)، يُمكن مطابقة معالم قاعدة قري مع صور الأقمار الصناعية. وتشمل هذه المعالم مستودعات ذات أشكال مميزة، ومسجدًا ومئذنته، وخط كهرباء. © استوديو فرانس ميدياس موندى للجرافيك).
حصل المراقبون أيضًا على صور للحادث لم تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي. تم إلتقاط هذه الصور من زوايا مختلفة، حيث تُظهر رجالًا يرتدون زي قوات الدعم السريع، مما يؤكد أن القاعدة كانت تحت سيطرتها وقت الحادث، وبالتالي كانت هدفًا استراتيجيًا للجيش. تشير البيانات الوصفية من هاتف المصور إلى أن الصور التُقطت في 5 سبتمبر/أيلول 2024م الساعة 8:07 صباحًا.
(صورة: في هذه الصورة، الملتقطة في 5 سبتمبر/أيلول 2024م والمُقدمة لفريق المراقبين، يُمكن رؤية عدد من الرجال يرتدون الزي البيج لقوات الدعم السريع في المنطقة التي سقط فيها البرميل الأخضر والأصفر. تؤكد البيانات الوصفية من هاتف المصور أن الصورة تم إلتقاطها في الساعة 8:07 صباحًا من ذلك اليوم. © مراقبون)
برميل مُصمم لحمل غاز الكلور
على الرغم من أن من صوّر البرميل زعموا أنه أطلق "نوعًا من الغاز المسيل للدموع"، إلا أن الخبراء يقولون إنه كان يحتوي على مادة أكثر خطورة بكثير: غاز الكلور.
قال دان كازيتا، المتخصص في الدفاع الكيميائي: "من الواضح أن هذه أسطوانات كلور. حيث يُستخدم هذا النوع من الحاويات في جميع أنحاء العالم لمعالجة المياه".
على عكس العديد من الأسلحة الكيميائية الأخرى، يُستخدم الكلور على نطاق واسع في الصناعات. ومع ذلك، عند إطلاقه في الهواء، فإنه يُسبب اختناقًا سريعًا ويمكن أن يكون مميتًا. أوضح ماتيو غيدوتي، الكيميائي وخبير الأسلحة الكيميائية،: "إنها ما نسميه سلعة مزدوجة الاستخدام، فطريقة استخدامها تحدد ما إذا كانت ستصبح سلاحًا".
من جانبه أكد فريدريك كوجي، خبير المقذوفات و الأستاذ في الأكاديمية العسكرية الملكية البلجيكية، أن الصور المأخوذة من قاعدة قرى تُظهر برميل كلور صناعي.
كما تُظهر لقطات البرميل التاريخ "20/5/24″، ولوحة معدنية دائرية تحمل الرقم التسلسلي: "GC-1983-1715".
(صورة: تُظهر هذه اللقطات المركبة من فيديو البرميل الرقم التسلسلي "GC-1983-1715". الرقم الأخير، الذي يصعب قراءته، هو "5" حيث تُظهر الصور انه قد تم محو جزء من شريطه العلوي. © مراقبون)
قام فرق مراقبون بتتبع هذا البرميل "GC-1983-1715" إلى مُصدّر هندي، شركة كيمتريد الدولية. أكدت الشركة أن البرميل خضع للاختبار آخر مرة في 20 مايو 2024م، وهو التاريخ الموضح على البرميل. وتشير وثيقة شحن إلى أنه كان جزءًا من شحنة تتكون من 17 أسطوانة مملوءة بالكلور السائل، حُمّلت على متن سفينة في مومباي في 14 يوليو 2024م ليتم تسليمها إلى بورتسودان. وتشير رسالة إلكترونية تلقتها شركة كيمتريد إلى أن الشحنة تم تسليمها إلى بورتسودان في 17 أغسطس 2024م. وقال المورد الهندي إن المستورد السوداني أكد له أن الأسطوانات ستُستخدم "فقط لمعالجة مياه الشرب".
سحابة صفراء على إرتفاع منخفض – "تتوافق مع إنتشار غاز الكلور"
تقارير شهود عيان عن تسرب غاز أصفر من البرميل، بالاضافة الى لقطات الفيديو التى تُظهر سحابة من هذا اللون تنتشر في المنطقة، تدعم فرضية هجوم بغاز الكلور.
(فيديو: يُظهر هذا الفيديو، الذي نُشر اولا بواسطة حساب دعائي مؤيد لقوات الدعم السريع، سحابة صفراء كثيفة تنتشر داخل قاعدة قرى العسكرية.)
أكد ثلاثة خبراء استشارهم فريق المراقبين أن السحابة تُشير إلى تسرب غاز الكلور. وقال غيدوتي: "لونها مطابق تقريبًا لما لوحظ في العقبة بالأردن". في 27 يونيو/حزيران 2022م، سقطت حاوية كلور من سفينة نقل في ميناء العقبة، مما تسبب في انبعاث كميات هائلة من الغاز، مما أسفر عن مقتل 14 شخصًا على الأقل وإصابة 256 آخرين.
(صورة: لون الغاز الذى تم ملاحظته في قاعدة قري، وطريقة بقائه على إرتفاع منخفض، يُشبه إلى حد كبير لقطات من حادثة غاز الكلور على متن سفينة في العقبة، الأردن عام 2022م. © مراقبون)
من جانبه، أضاف ن. ر. جينزن-جونز، مدير خدمات أبحاث التسلح (ARES)، وهي شركة استشارية تضلع في مجال الاستخبارات التقنية، متخصصة في الأسلحة والذخائر: "يتوافق لون السحابة مع ما نتوقع رؤيته في حال استخدام غاز الكلور، بلون أصفر مخضر يسهل تمييزه". وأضاف: "تُظهر السحابة أيضًا خصائص غاز أكثر كثافة من الهواء، مُعلقًا على ارتفاع منخفض فوق الأرض. وهذا أيضًا يتوافق مع خصائص غاز الكلور".
13 سبتمبر: "مادة سامة" داخل المصفاة
تُظهر مقاطع فيديو أخرى نشرتها حسابات مؤيدة لقوات الدعم السريع في 13 سبتمبر 2024م -بعد ثمانية أيام من الحادثة الأولى- برميلًا مشابهًا، هذه المرة تحت شجرة. صوّر رجال تواجدوا في موقع الحادث الجسم من عدة زوايا. وندد أحدهم بما وصفه بأنه نفس نوع الهجوم الذي وقع في قاعدة قري العسكرية.
"الليلة الماضية قامت طائرات بتنفيذ هجوم.. أسقطوا علينا أسطوانة غاز… الحمد لله، نحن بخير الآن، لم يحدث شيء. لكنها بلا شك كانت غارة جوية."
(فيديو: في هذا الفيديو المنشور بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2024م، يظهر برميل أخضر وأصفر. وفي تعليق على الفيديو، زعم الحساب الذي نشره: "قصفت القوات الجوية منازل الموظفين والعمال في مصفاة الخرطوم ببراميل متفجرة").
وفي فيديو آخر، يُظهر البرميل نفسه، صوّره رجل ثانٍ، زعم أن عواقب الهجوم كانت أشد خطورة: "الليلة الماضية، الجمعة 13 سبتمبر/أيلول، قصفت القوات الجوية مصفاة الجيلي. نحن، العمال والموظفين… تعرضنا للقصف داخل المصفاة من قِبل القوات الجوية. احتوى هذا البرميل على مادة سامة تسربت وانتشرت في الهواء. الآن، العديد منا في المستشفى، فاقدين للوعي، في حالة حرجة للغاية. قد يموت العديد منهم."
تُظهر لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول ما لا يقل عن ستة رجال -بعضهم يرتدي الزي الرسمي للمصفاة- يتلقون العلاج بالأكسجين. ومع ذلك، لا توجد أي مؤشرات على حدوث وفيات أو إصابات خطيرة مرتبطة بالحادث.
(فيديو: في هذا الفيديو، المنشور بتاريخ 13 سبتمبر 2024م، يصور رجل ما لا يقل عن ستة أشخاص يرتدون زي العمل بالمصفاة وهم يتلقون العلاج بالأكسجين. ويقول: "أغمي على أكثر من 20 موظفًا بسبب استخدام هذا الغاز السام… هؤلاء عمال مدنيون لا ينتمون إلى قوات الدعم السريع ولا إلى الجيش السوداني.")
(فيديو: في الفيديوهات، يظهر الزي الرسمي للمصفاة -بيج- يحمل علامة "KRC". و هو الزي الرسمي لموظفي المصفاة، مطابقا لتلك التي ظهرت في صور الأرشيف. يرمز الاختصار إلى شركة مصفاة الخرطوم، التي تدير موقع الجيلي. © مراقبون)
الفيديوهات التي تُظهر رجالًا يرتدون زيًا رسميًا متأثرين بالحادث، تم إلتقاطها في عيادة موظفي المصفاة.
(صورة: المباني الظاهرة في خلفية مقاطع الفيديو التي تُظهر العمال المتضررين من هجوم 13 سبتمبر/أيلول 2024م تتطابق مع تلك التي يمكن رؤيتها بالقرب من العيادة. © مراقبون)
صور أخرى قدمها شهود عيان سمحت للفريق بتحديد موقع لقطات البرميل تحت الشجرة داخل المصفاة نفسها، بين مبانٍ ذات أسقف مميزة تبدو وكأنها مساكن للعمال.
(صورة: مقاطع فيديو تُظهر أن لقطات البرميل تحت الشجرة تحتوي على عناصر ظاهرة في صور الأقمار الصناعية لمصفاة الجيلي. © استوديو فرانس ميدياس موندى للجرافيك)
"العديد من الأشخاص فقدوا وعيهم، أو كانوا يكافحون من أجل التنفس"
تحدث فريق المراقبين مع مهندس سابق كان متواجدا بالمصفاة في 13 سبتمبر/أيلول، إلى جانب العديد من العمال الآخرين. حفاظًا على سلامته، تم حجب اسمه. يعيش الآن في الخارج، وقد قدم أدلة على عمله في مصفاة الجيلي، بالإضافة إلى لقطات شاشة تُظهر أنه أبلغ آخرين عن الحادث صباح يوم 13 سبتمبر. وقال عبر الهاتف: "حدث ذلك فى وقت مبكر، حوالي الساعة الثامنة صباحًا. كنت في غرفتي، حيث كنا نسكن. سمعت صوت طائرة بوضوح، ثم تبع ذلك ضجيج هائل، مثل شيء يسقط. خرجت مع صديقين، ورأيت الكثير من الدخان. لحسن الحظ لم أكن بالقرب من المنطقة. بعد 30 دقيقة، ذهبنا لرؤية المكان الذي سقطت فيه المقذوفات. كان الأشخاص القريبون من مكان الحادث فاقدين للوعي، أو يعانون من صعوبة في التنفس، ويسعلون. ساعدناهم، مع موظفي الأمن، و تم نقلهم إلى عيادة المصفاة."
تتوافق رواية المهندس مع الصور وإفادات الشهود المنشورة على الإنترنت. كما أضاف إن بعض الضحايا لقوا حتفهم بعد الحادث. لم يتمكن فريق المراقبين من تأكيد هذا الادعاء، ولم تذكر أي مصادر أخرى أي وفيات فيما يتعلق بالحادثين.
من جانبه، أعرب دان كازيتا، خبير الأسلحة الكيميائية، عن حذره من هذه الادعاءات والأعراض الظاهرة في لقطات معالجة الأكسجين: "أعراض التعرض لغاز الكلور عامة نسبيًا، مع وجود علامات قليلة يمكن تحديدها بوضوح. في الواقع، من الصعب جدًا قتل شخص بهذا الغاز عند انتشاره في الهواء الطلق بهذه الطريقة. يُستخدم غالبًا كمهيج قوي، لإجبار المعارضين على مغادرة الملاجئ وجعلهم عرضة للقصف التقليدي. هذه هي الطريقة التي استُخدم بها غالبًا في سوريا: خلال هجوم بالكلور في دوما، سقط العديد من القتلى، ولكن ذلك كان بسبب انفجار البرميل أعلى مبنى، مما أدى إلى اختناق من بداخله".
الحالة التى وجدت بها البراميل "تتوافق مع إسقاطها من ارتفاع شاهق"
وتؤكد مقاطع فيديو للحدث روايات الإسقاط الجوي، حيث يشير العديد من الأشخاص إلى "قصف جوي".
من ناحية أخرى، يعتبر جينزن-جونز هذا السيناريو محتملًا أيضًا: "يمكن استخدام طائرة هليكوبتر أو طائرة ثابتة الجناحين لإيصال حمولة الكلور الموجودة في أسطوانة غاز صناعية. تتميز أسطوانات الكلور عمومًا بالثبات والصلابة، مما يسهل نقلها وإيصالها من مؤخرة طائرة بطيئة الحركة نسبيًا من أي نوع. وعادةً ما يكون ارتطامها بالأرض كافيًا لتمزيق أنواع أوعية الضغط الصناعية التي تحتوي على غاز الكلور. ويكمن التحدي الذي يواجهه المستخدم في أن هذا النوع من الإطلاق يجعل من الصعب للغاية استهداف هدف عسكري محدد".
كما تدعم الأدلة البصرية فكرة أن براميل الكلور التي عُثر عليها في قاعدة قري العسكرية في 5 سبتمبر/أيلول وداخل مصفاة الجيلي في 13 سبتمبر/أيلول أُلقيت من الجو. على سبيل المثال، أسقط البرميل في الجيلي أغصانًا من الشجرة التي تعلوه أثناء سقوطه.
(صورة: في هذه الصورة للبرميل الذي عُثر عليه داخل مصفاة الجيلي في 13 سبتمبر/أيلول 2024م، يظهر غصن شجرة مكسور فوق البرميل، غالبًا ما يكون قد سُحق عندما سقط البرميل من السماء. © مراقبون)
يُظهر البرميل الذي عُثر عليه في قاعدة قري تربةً عالقةً في عدة إنبعاجات، مما يشير إلى أنها ناجمة عن اصطدام عنيف بالأرض.
(صورة: هذه الصور الثابتة المأخوذة من مقاطع فيديو تُظهر البرميل الذي عُثر عليه في 5 سبتمبر/أيلول 2024م، في قاعدة قري العسكرية، يمكن رؤية تربة عالقة في طرفي الأسطوانة. © مراقبون)
عرض فريق المراقبين هذه الصور على فريدريك كوجي، خبير المقذوفات و الأستاذ في الأكاديمية العسكرية الملكية في بلجيكا. وكان تقييمه كالآتي: "جميع الحاويات تعرضت لتشوهات وأضرار جسيمة تتوافق مع السقوط من ارتفاع شاهق. أظهرت حاوية واحدة على الأقل تآكلًا جانبيًا كبيرًا، مما يدل على سرعة أفقية عالية لحظة الاصطدام بالأرض. و لكى يحدث هذا النوع من التشوه السابق ذكره، لا بد أن تكون الحاويات تم إسقاطها من على متن طائرة أو مروحية تحلق بسرعة عالية. حيث يكون من السهل تزييف هذه التشوهات."
وقد توصل تريفور بول، وهو فني سابق في الجيش الأمريكي متخصص في التخلص من الذخائر المتفجرة، والذي يدير الآن حساب تحقيق مفتوح المصدر على موقع إكس، إلى إستنتاج مشابه للتحليل الذى سبق، مُعلقًا: "إن الحالة العامة لهذه الأسطوانات تتوافق مع نوع الضرر المتوقع بعد عملية إسقاط جوي. الأسطوانات مشوهة، ولكنها سليمة في الغالب. […] في الحالات التي تنطوي على إسقاط براميل من المواد الكيميائية من الطائرات، يمكن أن يكون حجم الحفرة صغيرًا جدًا اعتمادًا على ارتفاع الإسقاط والتربة وما إذا كانت الأسطوانات قد اصطدمت بالأرض أو أي جسم آخر، مثل شجرة، أولاً."
الجيش السوداني هو القوة الوحيدة في البلاد التي تمتلك القدرة العسكرية الجوية لتنفيذ عمليات إسقاط جوي لبراميل الكلور التي تزن أكثر من طن. حيث لا تمتلك قوات الدعم السريع سوى طائرات بدون طيار للقصف، والتي لا يمكنها حمل حمولات تتجاوز 130 كجم.
مؤخرًا، قام الجيش السوداني باستهداف طائرات شحن في مطار نيالا الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع في جنوب دارفور، فقد استُخدمت هذه الطائرات فقط لنقل القوات والمعدات العسكرية. لم تُوثّق أي أدلة على قيام قوات الدعم السريع بشن غارات جوية باستخدام طائرات أو مروحيات، أو استخدام اى منها لأغراض قتالية.
"انفجار أي عبوة غاز كلور سيقضي عليهم ببطء وصمت"
حسابات مؤيدة لقوات الدعم السريع على مواقع التواصل الاجتماعي قامت بتوثيق عمليات إسقاط هذه البراميل جوًا منذ سبتمبر/أيلول 2024م، كما أفادت بها وسائل إعلام وقنوات موالية للجيش أيضًا.
في 14 سبتمبر/أيلول 2024م، أي في اليوم التالي لسقوط البرميل داخل المصفاة، زعمت إحدى وسائل الإعلام الموالية للجيش أن "طيران الجيش يهاجم مجموعات من مقاتلي الميليشيات في وحدات سكن المهندسين والفنيين في مصفاة الجيلي". كما أفادت قناة تيليجرام، مؤيدة للقوات المسلحة السودانية والتي تضم ما يقارب 300 ألف متابع، بشن غارات جوية على الجيلي في 13 سبتمبر/أيلول. وكانت القناة نفسها قد أعلنت سابقًا عن غارات على المصفاة في 4 سبتمبر/أيلول، قبل ساعات فقط من وقوع الحادث في قاعدة قري العسكرية.
أشارت منشورات أخرى على قناة تيليجرام إلى تسرب غاز سام من المصفاة. وجاء في إحدى الرسائل المنشورة في 10 سبتمبر: "قصف مدفعي كثيف وقصف جوي على مصفاة الجيلي من قبل طائرات أنتونوف وطائرات مقاتلة. ستصبح البيئة هناك لا تُطاق مع تراكم الغازات الناتجة عن احتراق النفط والمواد الكيميائية… انفجار أي عبوة غاز كلور سيقضي عليهم ببطء وصمت".
بعد يومين، عشية حادثة الجيلي، تفاخر الحساب نفسه قائلاً: "نجاح باهر في اختبار "البمبان" الصغير في المنطقة. لم تدم "المخالب" [لقب لمقاتلي قوات الدعم السريع] أكثر من 120 ثانية". يُستخدم مصطلح "البمبان" في السودان لوصف قنابل الغاز المسيل للدموع، ويبدو أنه إشارة غير مباشرة إلى الذخائر التي تستخدم الغاز. استخدم رجال قاعدة قري في 5 سبتمبر المصطلح المحلي نفسه عند الحديث عن برميل الكلور.
(فيديو: مقطع فيديو نشره حساب مؤيد لقوات الدعم السريع في 23 مايو/أيار 2025م، يظهر فيه البرميل الذي سقط على قاعدة قري في 5 سبتمبر/أيلول، ويظهر فيه معلق يقول: "لقد أطلقوا شيئًا لا تعلم ماهيته، ربما كانت قنبلة يدوية، أو ربما هو شيء آخر.")
حادثتان تُطابقان هجمات الكلور، وفقًا لخمسة خبراء
خلص تحقيقنا إلى أن حاويات الكلور الصناعي أُلقيت من الجو في مناسبتين على الأقل بالقرب من مصفاة الجيلي، في 5 و 13 سبتمبر/أيلول 2024م. في ذلك الوقت، كانت المصفاة مسرحًا لإشتباكات عنيفه بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
(صورة: تُظهر هذه الخريطة موقعي الحادثتين حول مجمع الجيلي في سبتمبر/أيلول 2024م، حيث أُلقيت براميل الكلور. © استوديو فرانس ميدياس موندى للجرافيك)
ووفقًا لبيانات صادرة عن قوات الدعم السريع و منشورات مؤيدة للجيش، قام الجيش بقصف المصفاة ومحيطها بانتظام في سبتمبر/أيلول 2024م. تُظهر مقاطع فيديو نُشرت آنذاك حرائق وأضرارًا جسيمة داخل المجمع. وقد نفى الجيش باستمرار شنّ أي هجمات على الجيلي، متهمًا قوات الدعم السريع بتدمير المصفاة أثناء احتلالها من خلال إشعال حرائق متعمدة.
أكد خمسة متخصصين في الأسلحة الكيميائية والباليستية، استشارهم المراقبون، أن الصور المأخوذة من قري في 5 سبتمبر/أيلول 2024م، ومن مصفاة الجيلي في 13 سبتمبر/أيلول، متوافقة مع هجمات بغاز الكلور. إلا أنهم أشاروا إلى أن هذه المؤشرات لا ترقى إلى مستوى الأدلة القاطعة، وأن التحقق النهائي يتطلب الوصول الفوري إلى الموقعين. وأشار غيدوتي إلى أنه "بعد نصف ساعة من القصف، يكون قد فات الأوان لجمع أدلة على وقوع هجوم بالكلور، لأن الغاز يتشتت بشكل طبيعي في غضون دقائق مع وجود أي رياح. عمليًا، ربما يكون هذا أصعب أنواع الأسلحة الكيميائية تحديدًا -وقد شهدنا ذلك خلال الحرب السورية. الحل الحقيقي الوحيد هو إجراء فحوصات دم للأشخاص المعرضين".
كازيتا أعرب عن تحذير مماثل: "هذه الفيديوهات ليست دليلاً قاطعًا. على سبيل المثال، يمكن تقليد سحابة صفراء بقنبلة دخان ملونة. كانت هناك حالة واحدة في الحرب الأهلية السورية لحادثة ملفقة يُزعم أنها تتعلق بالكلور. أظن أن هذين الحدثين [كانا هجمات بالكلور]، ولكن لا يمكنك قول أكثر من ذلك."
تبنى جينزن-جونز نبرة مختلفة قليلاً: "في هذه الحالة، الأدلة مقنعة إلى حد ما وتشير إلى هجمات باستخدام غاز الكلور كسلاح. إن إعادة استخدام المواد الكيميائية الصناعية السامة في المعارك هو اتجاه تمت ملاحظته في العقود الأخيرة. في سوريا، على وجه الخصوص، كانت هناك سلسلة واسعة من الهجمات التي حوّلت الكلور إلى سلاح عن طريق إسقاط حاويات صناعية من الجو. ربما، للأسف، ليس من المستغرب أن نرى هذا الأسلوب خلال الحرب معتمدًا في أماكن أخرى."
الحكومة السودانية: "لا يوجد دليل على تلوث كيميائي أو إشعاعي في ولاية الخرطوم"
قام فريق المراقبين بالاتصال بالجيش والحكومة السودانيين للتعليق. حاولنا أيضًا التواصل مع وزارة الخارجية الأمريكية لمعرفة ما إذا كانت العقوبات التي أُعلن عنها في مايو 2025م تستند إلى أحداث 5 و 13 سبتمبر 2024م في الجيلي. ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية التعليق، قائلاً: "كالمعتاد، لا نعلق على تقارير استخباراتية مزعومة ولا نناقش المداولات الداخلية".
بعد إعلان العقوبات الأمريكية في 22 مايو 2025م، أعلنت الحكومة السودانية التي يسيطر عليها الجيش أنها شكلت لجنة للتحقيق في اتهامات استخدام الأسلحة الكيميائية. إلا أن وزارة الصحة السودانية نشرت تقريرًا في أوائل سبتمبر يفيد بأنه "لا يوجد دليل على تلوث كيميائي أو إشعاعي في ولاية الخرطوم"، حيث تقع مصفاة الجيلي.
من جانبها قالت جوليا غرينيون، المتخصصة في القانون الدولي والمديرة العلمية في معهد البحوث الاستراتيجية للمدرسة العسكرية، وهو معهد أبحاث تابع لوزارة الدفاع الفرنسية: "إذا تم تأكيد استخدام الأسلحة الكيميائية، فإن المسؤولين -الجناة و صناع القرار أيضًا- قد يواجهون المسؤولية الجنائية، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذلك". و أضافت: "لقد تم ذلك من قبل: صدرت مذكرة توقيف في عام 2009م بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير". السودان لا تعترف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية: على الرغم من مذكرة التوقيف، لم يتم تسليم البشير أبدًا ولا يزال محتجزًا في بلاده.
لكن يبقى السؤال: كيف وصلت براميل الكلور الصناعية الهندية المذكورة إلى السودان، لكى يتم إستخدامها كأسلحة كيميائية؟ للإجابة على هذا السؤال، تتبع المراقبون مسارها. و أفضى تحقيقنا إلى أن شركة مرتبطة بالجيش السوداني اشترتها في البداية، مستوردةً منتجاتٍ تُصنّعها شركات متخصصة في المعدات والأسلحة العسكرية.
رابط التقرير:
https://www.france24.com/en/africa/20251009-chemical-weapons-sudan-part-1-investigation-attacks-chlorine-al-jaili-refinery


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.