امتلاك "الدعم السريع" لمروحيات عسكرية وتشغيلها من نيالا    شاهد بالصورة والفيديو.. شباب سودانيون يحولون سيارة "بوكسي" لحوض سباحة وساخرون: (وقت الفارغة الواحد بفكر وينفذ طوالي)    لايف للإغاثة والتنمية: القطاع الصحي في السودان بحاجة لخطط دعم إغاثية عاجلة ومستدامة    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    شاهد بالصور والفيديو.. الهلال يواصل التعثر في سيكافا بتعادل مثير أمام الأهلي مدني    شاهد بالصورة.. بعد هجوم الجمهور عليه.. المذيع حازم حلمي يكتب تدوينة مؤثرة: (ممكن أغلط وأقع في أخطاء، لكن عمري ما كنت بسوء ظن بعض الناس.. كلنا بنحب السودان، لكن ما بنحب بعض)    الهلال والأهلي مدني يتعادلان في سيكافا    مدى الفاتح يكتب: الفاشر رمزاً ومعضلةً في السودان    وزير التربية والتعليم: الخرطوم رمز سيادة السودان    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    السوداني يشكل لجنة تحقيق في شبهات تهريب النفط    المدير العام لقوات الشرطة يتفقد غرفة السيطرة والتحكم بشرطة ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. "عينك فوقو تركب فوقو".. الفريق كباشي يحمس جنود الجيش في محاور القتال بكردفان بإشارة البرهان    شاهد.. الفنانة ميادة قمر الدين تفتح النار على زميلتها المطربة إيمان الشريف: (كفاية تناخيس وخساسة وضرب على الضهر)    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    شاهد بالفيديو.. فنان سوداني يشعل حفل غنائي في مصر وأسطورة نادي الزمالك وساحر الكرة المصرية يتفاعل في الرقص إعجاباً بأغنياته    تأجيل عودة بيلينغهام للملاعب    شاهد بالصورة والفيديو.. في مشهد مؤثر.. فتاة سودانية تعانق والدها وتبكي معه فرحاً بعقد قرانها    انقطاع كابلات البحر الأحمر.. ما أسبابه وكيف أثّر على الإنترنت    الهلال الأحمر يكمل جاهزيته للمشاركة في حملات إصحاح البيئة ومكافحة نواقل الامراض بالخرطوم    فريق التضامن الأبيض يكسب الخماسي    في بريد والي الخرطوم.. أنقذوا شرق النيل    فرنسا تهزم أوكرانيا وكليان يدخل التاريخ    سِيكافا دَخَلَت في (العَضُم)    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    منطقة الخليج.. والحرب المقبلة    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    الإمارات تتوقف عن استيراد النفط السوداني    شاهد.. كروان الطمبور يبعث برسالة قوية للمطرب "الفارس" الذي وبخ الجمهور وحسم الفوضى وفرض النظام داخل حفل غنائي    كسلا تستعد لإقامة ملتقى الاستثمار الثالث    بيان للجمعية السودانية لعلوم الفلك    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    بالصورة.. حسناء الفن أفراح عصام تتغزل في سيدة الغناء السوداني وتطلق عليها لقب "المرعبة": (انتي في مكان بعيد شديد لا يقبل أي مقارنة)    اللعب بالأرقام...!    المطر والسياسة في السودان .. سخاء في الموارد وشح في النفوس    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (هذا العالم)    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    عودة المحكمة الدستورية قرار صائب وإن جاء متأخراً    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    من صدمات يوم القيامة    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصادق الرزيقي يكتب: لماذا أفريقيا أولوية لإيران بعد الحرب؟
نشر في باج نيوز يوم 29 - 06 - 2025

من السابق لأوانه الحديث عن تحولات كبيرة في مسار العلاقات الأفريقية – الإيرانية عقب حرب الاثني عشر يومًا مع إسرائيل، غير أن الحديث عن مؤشرات الحرب وانعكاساتها على علاقة طهران مع القارة الأفريقية يكتسب أهمية بالغة، متسقًا مع ما يدور في القارة من تفاعلات وتحالفات.
فمنذ العام 1979، ظلت علاقة طهران بأفريقيا تتأرجح وفق الوضع الجيوسياسي في المنطقة والبيئة المحيطة بإيران وتطلعاتها في بناء علاقات إستراتيجية مع البلدان الأفريقية.
ساعدت في السابق عوامل عديدة على نسج علاقات جيدة بين الطرفين، خاصة مع دول في الشمال الأفريقي وجنوب القارة وغربها وشرقها، واستفادت طهران من تطورات هذه العلاقات، ومن تقاطعات الأحداث في أقاليم أفريقيا الخمسة خلال الأربعين سنة الماضية، وكان حصادها علاقات دبلوماسية وتعاونًا اقتصاديًا وفنيًا وعسكريًا مع بضع وعشرين دولة أفريقية تغطي كامل القارة، التي صارت سوقًا للمنتجات الإيرانية، من بينها السلاح، وحازت مرتبة متقدمة بعد روسيا والصين وتركيا في مبيعات الأسلحة.
لكن فيما يبدو أنه بعد نهاية الحرب السريعة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وما تمخض عن هذه المواجهات وبقاء إيران كقوة إقليمية بعد الحرب لا يمكن تجاوزها، فإن العلاقات الأفريقية- الإيرانية ستدخل مرحلة جديدة يجدر النظر إليها بعيدًا عن المؤثرات الأخرى، وقريبًا مما خرجت به بعد المواجهة المكلفة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
إذا كانت إيران قد بنت علاقاتها الأفريقية خلال الأربعة عقود الماضية على تحالفات محدودة مع بعض البلدان: الجزائر في شمال أفريقيا ودولة جنوب أفريقيا في جنوب القارة، والتعاون في بعض المجالات المحدودة مع بلدان في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وفي منطقة الساحل الأفريقي مؤخرًا: النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، فضلًا عن علاقات جيدة وتعاون اقتصادي وفني وتبادلات تجارية مع عديد البلدان في غرب ووسط أفريقيا، في مقدمتها: نيجيريا وغانا وليبيريا وسيراليون وغامبيا والسنغال والغابون والكونغو الديمقراطية، فإنها الآن أمام واقع جديد يدفعها بقوة لتعزيز روابطها الأفريقية في أعقاب الحرب ونتائجها، وذلك لسببين أساسيين:
أولًا: خرجت إيران من الحرب، رغم الخراب والدمار، وهي تحمل بطاقة الدخول إلى الملعب الدولي كلاعب إقليمي، فلم تتزحزح مكانتها بعد الحرب مع إسرائيل والضربات الأميركية لمواقعها النووية، ولم تؤثر عليها محاولة إسقاط نظامها الحاكم، وقد لا تتعرض لعزلة دولية كما كان في السابق، وسيكون رهانها انفتاح الأبواب أمامها في المرحلة المقبلة، إذا أحسنت توظيف نتائج الحرب وحافظت على مسافة مقبولة مع الغرب، الذي يتطلع لتفاهمات معها حول برنامجها في المجالين: النووي والصاروخي.
ثانيًا: زالت الكثير من المخاوف الأفريقية التي كانت تمنع بعض بلدانها من مجرد الاقتراب من إيران، فقد كانت الضغوط الأميركية والإسرائيلية على القارة السمراء عقبة تعيق تقدم وتنامي علاقات طهران الأفريقية. وتلاشى الحذر الأفريقي بسبب التقارب الخليجي – الإيراني، خاصة مع المملكة العربية السعودية، بيد أن المغرب في شمال أفريقيا لديه موقف مناهض لإيران لدعم الأخيرة جبهة البوليساريو.
لا خيار أمام طهران اليوم، غير ترميم وتطبيب جراحها ثم الاستفادة من هامش المناورة المتاح الآن، ومواصلة انفتاحها نحو أفريقيا. فيمكنها الآن تطوير تعاونها الموجود أصلًا مع زيمبابوي والنيجر في تبادلية النفط والدعم الفني مقابل اليورانيوم، وهي في حاجة ماسة كما يبدو للتعاون في هذا المجال.
ثم مواصلة تعاونها العسكري والتجاري مع دول غرب أفريقيا وشرقها، والاستثمارات في مجال صناعة السيارات والمعدات الزراعية مع السنغال، وموزمبيق، وتنزانيا، وإثيوبيا، ومتابعة الملفات ذات الطبيعة الإستراتيجية المتعلقة بالوجود الفعلي في باب المندب والبحر الأحمر مع جيبوتي، وإريتريا والسودان، وهو أولوية قصوى تترافق مع الوجود في اليمن.
وتدخل هذه العلاقات في دائرة تدعيم النفوذ في المنطقة، ووضع هذا الوجود في هامش المناورة إذا تواصل الحوار الإيراني – الأوروبي.
وهناك قلق من الدول الأوروبية بسبب التواجد الإيراني في القرن الأفريقي وباب المندب والبحر الأحمر، حيث بموجبه تكون قريبة وقادرة على السيطرة على أهم ممرات التجارة الدولية: مضيق هرمز، الذي تمر عبره خُمس احتياجات العالم من البترول والغاز، وباب المندب، الأهم في الممرات البحرية الدولية.
على صعيد آخر، ليس لدى طهران ما تخسره بعد هذه الحرب، ولكنها بلا جدال تسعى لتعويض ما فقدته، وصناعة أحلافها الإقليمية توطئة للمرحلة المقبلة.
فمحور العلاقات المشتركة مع روسيا والصين في أفريقيا سيكون أكثر نشاطًا، ويشمل دول الساحل الأفريقي: النيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، وغينيا كوناكري، ثم الجزائر وتونس وربما مصر في شمال أفريقيا، والسودان وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وتنزانيا في الشرق الأفريقي، بينما تبدو أكثر اطمئنانًا لعلاقاتها التاريخية مع جنوب أفريقيا وموزمبيق وأنغولا، وستكون جنوب أفريقيا هي رأس الرمح في الانطلاقة نحو علاقات ووجود أمتن في الجنوب الأفريقي.
تستفيد إيران من عدة ميزات وتحولات جارية الآن في البلدان الأفريقية، أهمها الموقف الأفريقي الذي يتكاثف يومًا بعد يوم ضد إسرائيل، خاصة أن جنوب أفريقيا والجزائر تقودان تيارًا قويًا مناوئًا لإسرائيل، وعطلتا وجودها داخل الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب.

وقادت جنوب أفريقيا الحملة الدولية الضخمة والقضية أمام القضاء الدولي ضد الكيان الصهيوني وجرائمه في قطاع غزة، وكلتا الدولتين، الجزائر وجنوب أفريقيا، حليفتان لإيران.
ويساعد التراجع الفرنسي والأميركي في القارة، وزيادة النفوذ الروسي، ومع رسوخ القدم الصينية في القارة، إيران في التواجد في كثير من هذه البلدان التي تتحالف مع حلفائها الدوليين، وهذا بارز في علاقات إيران الحالية في أفريقيا.
ويعتقد عدد من المراقبين ومتابعي العلاقات الأفريقية – الإيرانية في شرق أفريقيا وغربها، أن الحرب الأخيرة وضعت إيران في الواجهة بما يتوافق مع المزاج الأفريقي الراهن.
بجانب ذلك، لا بد من الإشارة إلى استثمار إيران عبر العقود الماضية قواها الناعمة في القارة، وحصدت منها الكثير، وتوجد الآن مجموعات تتبع المذهب الشيعي بأعداد ضخمة (نيجيريا وحدها يوجد بها ما يقارب خمسة ملايين من أتباع المذهب الشيعي. السنغال، وسيراليون، وغانا، وليبيريا، وساحل العاج، ومالي، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري)، وفي شرق القارة وجنوبها (كينيا، وتنزانيا، وموريشيوس، وجزر القمر، وزامبيا، ومدغشقر، وموزمبيق، وملاوي)، بينما يعج وسط أفريقيا بمجموعات شيعية من الأفارقة (تشاد، والكونغو الديمقراطية، والغابون، والكاميرون).
ويمثل الوجود الشيعي بالقارة، وعمل المراكز الثقافية والحوزات العلمية والمناسبات الدينية والمؤسسات الإعلامية والثقافية، والتغلغل الاجتماعي، والبعثات والمنح الدراسية التي تقدمها طهران سنويًا لآلاف الطلاب الأفارقة، أهم أدوات التأثير والنفوذ وسط المجتمعات المسلمة في القارة، التي باتت تنظر لطهران بعد الحرب والضربات الصاروخية الموجعة التي وجهتها لإسرائيل، بأنها قادرة على المواجهة، وزادت قيمة إضافية على صورتها لدى هذه الشعوب الكارهة لأميركا وإسرائيل.
قد لا تتاح لإيران بعد الحرب الموارد المالية كما في السابق لتمويل أنشطتها السياسية والثقافية وتقديم المعونات للدول وبناء النسخ الأفريقية من أذرعها الفاعلة، لكنها قطعًا لن تتخلى عن إستراتيجيتها تجاه القارة السمراء، وستسعى بسرعة لتكثيف مبادراتها السياسية والاقتصادية وكسب أصدقاء، والتعامل بجدية مع الأسواق الأفريقية الصاعدة، وترتيب البدائل لمجالات حيوية قد تراها ضرورية لعودتها قوية، وهي تتحسب لحملة شعواء شرسة ستقوم بها إسرائيل في أفريقيا ضد الوجود الإيراني.
مع وجود كل هذه المعطيات، وبنظرة فاحصة للأوضاع الأفريقية التي تصعد فيها قيادات وتضمحل تيارات ورموز قديمة، وتتراجع أنظمة وحكومات وتنهض أخرى، وخفوت الدور الفرنسي والغربي، فإن محور الصين وروسيا وإيران سيجد الفرصة سانحة للتمدد. إذا تمددت روسيا والصين، فإن إيران رغم جراح الحرب ستكون هناك بلا شك، وهي المستفيد الأول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.