ما كتبه التاريخ منذ توليتم الحكم – حتى اليوم – ليس فيه كيلومتر واحد لطريق مسفلت، ولا مصنع، ولا جامعة، ولا مستشفى، ولا مطار، ولا كيلووات كهرباء، ولا بئر بترول، ولا مشروع زراعي، رئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان في حوار مع صحيفة "اسبانيول" الاسبانية قال (أتمنى أن يذكرني التاريخ قائدا انتصر في وجه أكبر مؤامرة دولية ضد السودان..). أن يهتم الرئيس البرهان بما يسطره التاريخ عنه.. وأن يتمنى لنفسه صفحة ناصعة تروي سيرته للأجيال من بعده.. كل هذا جميل ومرغوب و حميد.. ورغم كل شيء هناك فرصة للبرهان ليحقق أمنيته، فهو لا يزال على رأس السلطة ويملك القرار. بامكان البرهان أن يعيد صياغة ما يخطه التاريخ عنه لو تفضل بسماع كلماتنا بعقل مفتوح لا يتوجس من النقد والمراجعة.. و في مثل موقعه الرفيع في رأس الدولة لن يجد نصيحة صادقة غير ملونة بأية رجاءات أو حذر.. فالغالبية إلا من رحم ربي يدركون أن أصحاب السلطة ينتظرون الاطراء لا غيره.. فيبذلون لهم مطايا الكلمات التي لا تكلف مشقة أو عرقا. بالمجمل؛ السيد الرئيس البرهان، ان ما تحقق لسنوات حكمكم منذ أن توليتم المهمة الصعبة بعد انتصار الثورة.. حتى هذه اللحظة هو أقسى فترة عاشها شعب السودان.. طوفان من الدماء والشقاء و الأشلاء بدأ منذ فجر 3 يونيو 2019 بما وقع في ساحة القيادة العامة – بلا أدنى مبرر- وانتهاء بالحرب الضروس التي ندعو الله أن ينصر جيشنا فيها نصرا مؤزرا. ما كتبه التاريخ منذ توليتم الحكم – حتى اليوم – ليس فيه كيلومتر واحد لطريق مسفلت، ولا مصنع، ولا جامعة، ولا مستشفى، ولا مطار، ولا كيلووات كهرباء، ولا بئر بترول، ولا مشروع زراعي، وتستمر ال"لاءات" إلى أدنى مستوى في التنمية لم يتحقق. و على النقيض.. في عهدكم.. لأول مرة في التاريخ؛ طلاب جامعة الخرطوم يقدمون استقالاتهم بحثا عن جامعات أخرى.. جامعة الخرطوم التي ظلت على مدى أكثر من قرن حلم كل شباب السودان. رجال الأعمال يهربون بأموالهم إلى دول أخرى توفر لهم الحد الأدنى من الاستقرار.. والكرامة. حتى المواطن العادي، وقبل الحرب، باع بيته الفقير في "أم بده" ليبحث عن ملاذ كريم في دول الجوار.. الذين هاجروا قبل الحرب أضعاف من لجأوا بعدها. وهذا كله مسجل في صفحات التاريخ التي لا تجامل.. صحيح أنه تحت قيادتكم سطر الجيش السوداني العظيم أروع الانتصارات بلغت حد المعجزات.. لكن هذا لن يمنع التاريخ أن يفتح ملفا حتميا ليجيب على سؤال؛ هل كان ممكنا حذف هذه الصفحة من كتاب التاريخ؟ ومع ذلك كله.. طالما أن زمن المباراة لا يزال فيه فسحة، بامكانكم تحقيق أمنيتكم بأن يذكركم التاريخ.. بالعمل على : انهاء الحرب بأعجل ما تيسر لصالح السلام المستدام. جمع الشتات السوداني بكل أطيافه، على منصة واحدة تتحد فيها الغايات ، ولا حرج أن تختلف الوسائل. تسليم الحكم لقيادة مدنية كاملة، مع بقاء الجيش حارسا للدستور و النظام في مجلس أعلى للقوات المسلحة لا يحكم لكنه يلزم ويفرض على الجميع الامتثال لما يتفق عليه الجميع. حينها سيفتح التاريح صفحة جديدة..