:: قبل أسابيع، أصدر رئيس الوزراء قراراً بتشكيل وحدة ري خاصة بمشروع الجزيرة، أي تتبع للمشروع إدارياً وفنياً ومالياً..ولكن هناك ( رأي آخر)، إذ تتحدث الأخبار عن قرار مضاد أصدره وزير الزراعة والري ألغى به قرار رئيس الوزراء، وشكّل لجنة للوحدة برئاسة وكيل الري ومحافظ المشروع نائباً له، وأعاد سلطات الوحدة لوزارة الري..!! :: إلغاء الوزير لقرار رئيس الوزراء ليس بحدث معيب أو غريب، فالحدث عميق وأكبر من مستوى إدراكم ..كان عمنا حسن مختار يتابع مباراة (هلال/ مريخ)، وكان أبرز ما فيها غبار الملعب ولكمات اللاعبين، فتأسف أحد الزملاء وتساءل بحزن: (بالله ناس أوروبا لو شافوا المباراة دي ح يقولوا علينا شنو؟)، فرد مختار بمنتهى الهدوء: (ح يفتكروها رياضة جديدة)..!! :: وإلغاء الوزير لقرار رئيسه ليس بالحدث الغريب، بل يعكس أن البلاد على موعد مع (إدارة جديدة)، وارد سويسرا..ومن المحن أيضاً، إن كان رئيس الوزراء بصدد إنشاء وحدة ري خاصة لمشروع الجزيرة، فلماذا ألغى وزارة الري بدمجها مع الزراعة؟.. عفواً، ربما ألغاها لينشئ لكل مشروع زراعي وحدة ري خاصة به في إطار (الإدارة الجديدة)..!! :: ولو سأل كامل خبراء الري لحدّثوه ..في العام 1991، عندما كان البروف أحمد علي قنيف وزيراً للزراعة، و الدكتور يعقوب أبو شورة وزيراً للري، أنتجا من القمح – خلال موسم واحد – ما يكفي السودان ويفيض، وكان هذا أول وآخر مُوسم تُحقّق فيه إرادة وطنية الاكتفاء الذاتي من القمح وتصديره لمصر وكينيا (600.000 طن)..!! :: بعد الله، كان لوزارة الري فضلاً عظيماً في نجاح ذاك الموسم.. فالراحل أبو شورة ظل يجوب البلاد طولاً وعرضاً، حتى زاد المساحات المروية من (2 ) مليون فدان إلى ( 2.8) مليون فدان، خلال ثلاث سنوات فقط، ومنها زيادة المساحة المروية بالجزيرة من ( 1.3 ) مليون فدان، إلى (1.7 ) مليون فدان.. هذا تم بوزارة الري، وليست وحدة ري خاصة ..!! :: إلغاء وزارة الري من الأخطاء الكُبرى.. ولو حدّق رئيس الوزراء في هياكل دول حوض النيل الأخرى ( 10 دولة)، لوجد وزارة الري مستقلة تماماً، وليست ملحقة بوزارة آخرى.. كل رؤساء وزراء دول حوض النيل، ما عدا كامل إدريس، يعلمون بأن وزارة الري لم تعد محض وزارة فنية وظيفتها هي فقط فتح القنوات و ري المشاريع و سقاية الناس والأنعام ..!! :: وزارة الري لم تعد كذلك..فالمرحلة مرحلة (حروب المياه)، بأنهارها وبحارها، ولهذا أصبحت وزارة الري – في كل دول حوض النيل – وزارة إستراتيجية ذات أبعاد أمنية، وذات صلة بالعلاقات الخارجية ..وحكومة كامل لا تعلم ذلك وهي تلغي وزارة الري، أو تعلم ولكن ألغتها لتنفيذ فكرة إنشاء وحدة ري خاصة لكل ( حواشة)، في إطار الإدارة الجديدة ..!!