* دخل الاحتراف عندنا كرة القدم وأصبحت الفرق الآن تأتي بالمحترفين من بلاد متعددة حتى أطلق عليهم زميلنا الكبير الأستاذ مأمون أبوشيبة لفظ (يوناميد) قاصداً لاعبي الهلال، وأصبحت ساحة الكرة تضج بالسماسرة الذين يحضرون أحياناً (بضاعة مضروبة) لا تتدخل في فحصها إدارة الجودة والقياس، أعني بذلك لاعبين بعضهم مصاب إصابة قاتلة ولم يتبق لبعضهم إلا أن يحمل عصا يتوكأ عليها، ومنهم آخرون معرفتهم بالكرة كمعرفة العبد لله بأسرار القنبلة الذرية، والأدهى منهم من يأتي بنفسه إلى موقع التسجيل وتردد دواخله ( إن فاتك الميري اتمردغ في ترابو)، ورغم هذا الزخم فهل تطبق أنديتنا معايير الاحتراف بشفافية تبين للاعب الحقوق والواجبات؟ أشك في ذلك كثيراً، لأن تطبيق القانون يضع اللاعب الأجنبي في المحك ويضع حداً للزوغان والغياب، ولا أريد أن أورد أمثلة ولكن الهلال والمريخ قد تذوقا معاً مقالب المحترفين وعدم انضباطهم سلوكياً واحترافياً، وكثير من الجمهور يرى أن الولاء للنادي هو الأهم ولا يؤمن بالاحتراف، خاصة لأبنائنا برغم أن كرة القدم اليوم أصبحت مهنة يؤديها اللاعب بمقابل، وهذا اللاعب إذا وجد عرضاً أفضل ترك فريقه، أما هو فستنهشه السهام على طريقة عجز البيت (وتكسرت النصال على النصال) وعلى اللاعبين في السودان إن تركوا دائرة الكرة (هلاريخ) أن يذهبوا إلى فرق أخرى حتى لايفقد اللاعب الجمهور الذي كان يشجعه سابقاً ويجد سياجاً يصده ويعترض طريقه، كما حدث للاعب هيثم مصطفى فالسودانيون حتى الآن لا يقرون اقراراً كاملاً بحكاية الاحتراف هذه، ومن يلعب في فريق يشابه الآخر كالهلال والمريخ لايجد اللاعب من الجمهور إلا عبارات الاستهجان وعلى طريقة أغنية الراحل زيدان إبراهيم (ياخاين). قبل مايقارب العقدين من الزمان قمت بإجراء (ميني حوار) مع لاعب مخضرم من لاعبي بحري يدعى (كلدونة) كان يلعب في فريق عقرب في الثلاثينات حدثني كيف كانوا يحبون فريقهم، وذكر لي أن ناديي الهلال والمريخ طلبا منه أن يلعبا معهما إلا أنه رفض بشدة ولم يطلب لنفسه الرحيل عن عقرب، ولم يتأبط لسان حال شاعرنا محمد الواثق الذي أحب مغادرة أم درمان فقال: * سألتك الله رب العرش في حرق إني ابتأست وإني مسني الضرر * هل تبلغني حقول الرون ناجية تطوي الفضاء ولا يلقى لها أثر * ومن الأشياء الطريفة التي حكاها لي العم كلدونة ذلك اللاعب الذي يطلق عليه لقب (أبو السراويل) لأنه كان يلبس سروالاً طويلاً يلعب به ويرفض ارتداء (الشورت) وأخبرني بحكاية الليمونة التي تقدم لكل لاعب بعد نهاية الشوط الأول، واكتشف العالم الآن أن الليمون ينتج فيتمامين (ج) الذي يعمل على زيادة (الكولاجين) وهي مادة مهمة جداً لقوة العظام والقضاريف وسلامة الأوعية الدموية، كما يساعد الليمون على نقص الوزن ويساعد على الشعور بالراحة، فتأمل حكمة قدامى مدربي السودان، لقد كان القدماء يقدمون هذه الليمونة لسر يعرفونه بأنفسهم برغم ما أوردناه من دراسات حديثة عن الليمون، أما عن الولاء فنقول: إن الجمهور السوداني لايهمه احتراف اللاعب في كثير شئ وخاصة الوطنيين، ولكنه لايرضى أن يترك الفريق ويذهب للآخر، فمحبة اللاعب عندهم إذا أخلص للفريق (وبس). وتحضرني في الختام عبارة قالها لي الباحث في مجال الحقيبة ابن الكدرو الأستاذ عوض بابكر، في حوار لي معه عن صحة كلمة أوردها في الحوار فقلت له: الكلمة صحيحة، لأن موقعها الإعرابي (مضاف إليه مجرور) فرد بسرعة: شوف بعد الحقيبة أنا لا بعرف ليك مضاف ولا مضاف إليه!!.